ما هو تقليد الولادة الملكي المثير للجدل الذي انتهى تماما مع ولادة الملك تشارلز
في حين أن العائلة المالكة البريطانية، لا تزال تتمسك بالكثير من تقاليدها العريقة، والتي يقدر عمر بعضها بعدة قرون، إلا أنه هناك عدد من التقاليد الملكية الأخرى التي قررت العائلة المالكة البريطانية التخلي، بما في ذلك تقليد خاص بالولادات الملكية، كان قد وضع منذ عدة قرون، بهدف التأكد من شرعية ورثة العرش، وتجنب الخلافات والصراعات الدامية على العرش بسبب التشكيك في شرعية ورثة العرش، وادعاءات استبدال الطفل الملكي لحظة الميلاد، والتي كانت سبب في الكثير من الصراعات في الماضي، أما عن تقليد الولادة الملكي الذي نتحدث عنه، والذي تخلت عنه العائلة المالكة البريطانية، في أربعينات القرن الماضي، هو تقليد حضور مسئول بريطاني لولادة الطفل الملكي ليشهد على ولادة الطفل الملكي، للتأكد أنها حقيقية وليست مزعومة، وللتأكد من ولادة مولود ملكي حي، وتأكيد جنس المولود الملكي، وتأكيد عدم استبداله بآخر.
آخر فرد ملكي يشهد ولادته سياسي بريطاني
أما عن السياسي البريطاني الذي كان لابد وأن يقوم بحضور الولادات الملكية البريطانية، قبل إلغاء ذلك التقليد العتيق، فهو وزير الداخلية البريطاني وكانت آخر الولادات الملكية التي شهدها مراقب سياسي بريطاني رسمي، هي ولادة الأميرة مارينا Princess Marina لطفلتها الأميرة ألكسندرا Princess Alexandra (وهي واحدة من بنات عمومة الملكة إليزابيث الثانية Queen Elizabeth II)، في عام 1934، وحضرها سير جون سايمون Sir John Simon، وزير الدولة الداخلية في حكومة الملك جورج السادس King George VI (والد إليزابيث الثانية)، وبعد ولادة ألكسندرا، اعتبر الملك جورج السادس التقليد غير ضروري، ومنذ ذلك الحين لم يعد هناك حاجة لحضور سياسي للتأكد من شرعية الولادات الملكية.
أول فرد في العائلة المالكة يولد دون حضور مراقب حكومي
قام الملك جورج السادس، بإلغاء قاعدة حضور وزير الداخلية البريطاني أو مراقب حكومي من الحكومة البريطانية، للولادات الملكية، قبل ما يزيد عن العقد من الزمان، من ولادة حفيده الأول، والابن الأكبر لابنته إليزابيث الثانية، وهو تشارلز الثالث King Charles III ملك بريطانيا الحالي، والذي ولد في نوفمبر عام 1948، وكان تشارلز الثالث أول عضو في العائلة المالكة البريطانية يولد بدون حضور مراقب حكومي لعملية ولادته، منذ أن وضع ذلك التقليد، ووفقا للخبراء فإن إلغاء ذلك التقليد، مكن أفراد العائلة المالكة البريطانية من الحصول على درجة أكبر من الخصوصية.
كيف بدأ تقليد حضور مراقبين حكوميين للولادات الملكية البريطانية
إذا ما قصة تقليد حضور المراقبين الحكوميين للولادات الملكية؟ بدأ تقليد حضور المراقبين الحكوميين لولادة أفراد العائلة المالكة البريطانية، بعد ولادة جيمس إدوارد فرانسيس ستيوارت James Edward Francis Stuart عام 1688، وهو ابن الملك جيمس الثاني ملك إنجلترا وإيرلندا King James II of England and Ireland والمعروف أيضا باسم الملك جيمس السابع ملك اسكتلندا King James VII of Scotland، وزوجته الثانية ماري مودينا Mary of Modena.
أما عن سبب نشأة ذلك التقليد، فهو صراع على العرش، بدأ قبل ميلاد جيمس إدوارد فرانسيس ستيوارت بسنوات، واشتعل بعد مولده، فقبل أن يصبح الملك جيمس الثاني ملكا، وعندما كان لا يزال دوق ليورك، بدأ في استكشاف العقيدة الكاثوليكية بعد قضاء بعض الوقت في فرنسا بصحبة زوجته الأولى، آن هايد Anne Hyde، قبل أن يتحول إلى الكاثوليكية في أواخر سبعينيات القرن السابع عشر، وهو ما أزعج شقيقه الأكبر، والذي كان لا يزال ملكا وقتها، وهو الملك تشارلز الثاني King Charles II، والذي عارض بشدة فكرة تحول وريث عرشه إلى الكاثوليكية، وعندما فشل في إقناعه، اشترط على أخيه، أن تستمر ابنتي أخيه، الصغيرتين، ماري وآن، في النشأة على العقيدة الأنجليكانية.
بعد وفاة الملك تشارلز الثاني عام 1685 دون إنجابه لأي أطفال شرعيين انتقل العرش إلى أخيه جيمس، وفي يونيو 1688، أنجبت زوجة الملك جميس الثانية، ماري مودينا، ابنا يتمتع بصحة جيدة، وهو جيمس فرانسيس إدوارد والذي أصبح بعد مولده وريث لعرش والده إلا أن أنباء ولادة وريث ذكر لعرش الملك جيمس الثاني، قوبلت بالكثير من الرفض والإنكار من قبل أعداء ومعارضي الملك، وبدأ معارضو الملك، والذين كانوا يخشون من وصول سلالة كاثوليكية إلى العرش، في نشر شائعات مفادها أن طفل ماري مودينا، ولد في الحقيقة ميتا، وأنها أحضرت طفل ذكر سليم، ليحل محل طفلها الذي ولد ميتا، وأعلنته وريث للعرش.
حظيت هذه النظرية بقبول كبير وكانت أحد الأسباب التي استخدمها ويليام أمير أورانج William of Orange (والذي كان متزوجا من ماري الابنة الكبرى للملك جيمس الثاني) لغزو إنجلترا، مطالبا بإجراء تحقيق في ولادة وريث العرش الجديد، للتشكيك في شرعيته، حتى يصل العرش في النهاية إلى زوجته ماري، وهو ما حدث في وقت لاحق، ففي النهاية، أجبرت ماري مودينا وابنها الصغير على الهرب إلى فرنسا، حيث ظلا هناك في المنفى لبقية حياتهما، أما الملك جيمس الثاني فلقد أجبر على مغادرة إنجلترا عشية عيد الميلاد عام 1688، وبعد ذلك أعلن البرلمان تنازله عن العرش، وتم تعيين ويليام أمير أورانج وزوجته ماري كملكين مشتركين لإنجلترا، وساهمت هذه الأحداث في قيام ما عرف لاحقا بالثورة البريطانية المجيدة والتي كان لها تأثير دائم على النظام الملكي البريطاني.
بسبب الشكوك التي أحاطت بولادة جيمس فرانسيس إدوارد في عام 1688، تقرر منذ ذلك الحين أن جميع الولادات الملكية المستقبلية لورثة العرش البريطاني يجب أن يشهدها عدد من السياسيين، أو المراقبين الحكوميين، حتى يتم التحقق من حقيقة عملية الولادة، تأكيد مولد طفل ملكي حي، وبحلول الوقت الذي أنجبت فيه الملكة ماري Queen Mary طفلها الأول في عام 1894، قررت الملكة فيكتوريا، ملكة بريطانيا الحاكمة في ذلك الوقت، أن يقتصر الحضور في الولادات الملكية، على وزير الداخلية البريطاني، واعتبرت حضوره أكثر من كافي، ولا يستعدي حضور مراقبين ملكيين آخرين للولادات الملكية، ولذلك وحضر ولادة كل من إليزابيث الثانية وشقيقتها الصغرى الأميرة مارغريت Princess Margaret، وزير الداخلية في ذلك الوقت، قبل أن يتم إلغاء ذلك التقليد الملكي العتيق، لاحقا، ليصبح بذلك الملك تشارلز الثالث هو أول عاهل ملكي منذ قرون لم يشهد ولادته أي سياسي أو مراقب حكومي، بشكل مباشر.