جودة النوم.. كيف تنعكس إيجابًا على الصحة والحالة المزاجية
تحدثنا في مقالة سابقة ومنذ وقت ليس ببعيد هذا الشهر، عن ديون النوم التي تحصل جراء تراكم ساعات النوم التي نُحرم منها على مدار أيام وليالي عديدة؛ ما يؤثر وبشكل سلبي على جودة النوم لدينا، وعليه نحتاج لأخذ ما أطلقت عليه مستشارة النوم كيلي موراي "إجازة النوم" لتعويض ذلك النقص في ساعات النوم.
لكن ماذا يعني ذلك؟ يعني وبكل بساطة، أن حرماننا من النوم الجيد لفترة طويلة، يمكن أن ينعكس سلبًا على صحتنا ككل؛ ليس فقط الجسدية، وإنما الفكرية والنفسية أيضًا. وقد أكدت الدراسات والأبحاث والكثير من الباحثين والخبراء، على أهمية الحصول على ساعات كافية كل ليلة (حسب العمر) لضمان الحفاظ على سلامة الجسم والعقل والصحة النفسية.
بحسب مؤسسة النوم الوطنية، فإن معظم الناس يحتاجونبين 7 - 9 ساعات من النوم الجيد ليشعروا بالتجديد والطاقة والنشاط في اليوم التالي. وإذا أردنا معرفة ما إذا كنا بالفعل نحصل على المقدار الكافي من ساعات النوم، كل ما علينا فعله هو مراقبة مستويات الطاقة لدينا وفق موراي؛ فكلما استيقظنا بنشاط وحيوية استمرت معنا طوال اليوم، فهذا معناه أننا نلنا القسط الوافر من النوم في الليلة السابقة. وعلى هذا الأساس، نبني استراتيجيةً محددة وواضحة لساعات النوم التي نحتاجها لتحقيق الإيجابيات من النوم الجيد.
ما هي تلك الإيجابيات؟ هذا ما نتعرف عليه في موضوعنا اليوم.. بشكل مفصل وموسع، يشمل أيضًا ساعات النوم الضرورية لكل فرد حسب سنه، والمقاييس التي نركن إليها لمعرفة ما إذا كان النوم سيئًا أو جيدًا.
البداية مع إيجابيات النوم الجيد...
6 إيجابيات يعكسها "النوم الجيد" على صحتك
نقل موقع صحيفة "سبق" الالكترونية عن المجلس الصحي السعودي، توصياته للحصول على إيجابيات النوم الجيد على الصحة. مشيرًا إلى أن أخذ القسط الكافي من النوم، له تداعياتٌ إيجابية كبيرة على صحة الإنسان، جسديًا ونفسيًا.
وبحسب توصيات المجلس، فإن إيجابيات "النوم الجيد" الست تتلخص في التالي:
- تعزيز صحة القلب.
- تحسين المزاج.
- زيادة القدرات الفكرية والتركيز.
- تقوية المناعة.
- إمداد الجسم بالطاقة.
- الحفاظ على الوزن.
لا شك في أن هذه الإيجابيات للنوم الجيد، هي مطلب الجميع وأمنية الكل. وتحقيقها ليس بالأمر الصعب، كل ما علينا فعله هو تحديد الاستراتيجية المناسبة لتعويض ساعات النوم الناقصة، ووضع جدول مناسب لساعات نوم كافية كل ليلة، لننعم بصحة ونشاط على الدوام.
بدوره، تطرق موقع "الطبي" المعني بالشؤون الطبية والصحية، إلى 9 فوائد للنوم الجيد؛ بعضها يتشارك فيه مع توصيات المجلس الصحي السعودي. إليكِ تفاصيلها..
9 فوائد للنوم الجيد على صحتكِ
قد تتفاوت هذه الفوائد بين شخص وآخر، خصوصًا لجهة التنعم بساعات النوم الكافية كل ليلة ولمدة طويلة. لكن بالإجمال، فإن النوم الجيد يؤمن لنا الفوائد التالية:
-
تحسين الحالة المزاجية
لا شك في أن النوم لساعات كافية كل ليلة، يُسهم في تجديد طاقة الجسم ونشاطه في اليوم التالي؛ وهو ما ينعكس إيجابًا على حالتنا المزاجية، التي لا يعكرها قلة النوم والتعب الذي ينجم عنه. وكلما زادت مدة النوم الجيد، كلما زادت درجة الإيجابية على المزاج، وعدم تعرضنا للاكتئاب والحالة النفسية السيئة.
-
تقليل التوتر
المزاج السيئ بسبب قلة النوم، قد يؤدي أيضًا إلى زيادة التوتر والقلق خلال النهار. خاصةً لجهة ارتباط اضطراب النوم بزيادة إفرازات هرمونات التوتر التي تزيد من صعوبة النوم.
-
المحافظة على صحة القلب
تعكر المزاج والتوتر، لا يمضيان دون أية آثار سلبية على صحتكِ عزيزتي؛ إذ يجب أن تعلمي أن استمرار هذه التداعيات لوقت طويل، يمكن أن تنعكس سلبًا على صحة القلب لجهة تسارع ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم والإصابة بأمراض القلب الخطيرة. في حين أن النوم الجيد لساعات كافية ومبكرًا كل ليلة، يُعزَز صحة القلب ويؤدي لتباطؤ واستقرار معدل ضرباته، مع تسجيل انخفاض في ضغط الدم.
-
تنظيم مستوى السكر في الدم
يساعد النوم الجيد باكرًا كل ليلة، في تنظيم عملية التمثيل الغذائي ونسبة السكر في الدم؛ إذ ينخفض الجلوكوز في الدم خلال مراحل النوم العميق. لذا حاولي الحصول على قدر الإمكان على ساعات كافية من النوم كل ليلة، لضبط مستوى السكر بالدم وتقليل خطر الإصابة بداء السكري من النوم الثاني. وفي تحليل شمولي نُشر في مجلة مراجعات طب النوم عام 2016 ضمَّ 36 دراسة أجريت على مليون شخص، تبيَن أن النوم أقل من 5 أو 6 ساعات يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 بنسبة 48% و18% على التوالي.
-
تقوية المناعة
لا شيء يُعافي الجسم ويحميه من الأمراض، مثل المناعة التي تزيد قوتها مع زيادة ساعات النوم الكافية. فالنوم والاستيقاظ باكرًا، يُسهمان في تقوية أداء الجهاز المناعي؛ إذ يتيح النوم الفرصة للجسم خلال النوم للإصلاح والتعافي. وأوضحت دراسة أُجريت عام 2015 ونُشرت في مجلة النوم، أن المشاركين الذين ناموا أقل من 5 ساعات أو بين 5 إلى 6 ساعات فقط، كانوا أكثر عرضةً للإصابة بنزلات البرد بمقدار 4.5 و4.24 ضعفًا على التوالي مقارنة بمن ناموا أكثر من 7 ساعات.
-
تحسين الوظائف الإدراكية وتعزيز الذاكرة
كلما شعرتِ بالضعف في التركيز وعدم القدرة على التفكير أو تذكر أي شيء مهم، اعلمي عزيزتي أنكِ تعانين من قلة النوم كأحد المسببات. فالنوم الجيد يتيح للمخ فرصة تقوية الروابط العصبية وتخزين المعلومات التي يتلقاها الإنسان خلال اليوم وتكوين الذكريات، في حين أن حرمان النوم يحرمه من هذه المزايا. كما أن النوم يُحسَن من القدرة على التعلم وسهولة التذكر واستدعاء المعلومات التي سبق تخزينها. والنوم الجيد مهم كذلك في زيادة التركيز والانتباه، وتعزيز القدرة على التفكير بوضوح، وحل المشكلات واتخاذ القرارات السليمة.
-
تحسين الأداء الرياضي
للأشخاص الذين يهدفون لزيادة لياقتهم البدنية وتحسين أدائهم الرياضي، فإن النوم هو أفضل وسيلةٍ لتحقيق ذلك. كون النوم الكافي وكما ذكرنا أعلاه، يمنح الجسم الفرصة للإصلاح والتعافي؛ كما يُعزَز النوم الجيد بناء العضلات، زيادة قدرة التحمل، زيادة السرعة، تحسين الأداء الذهني والتركيز، سرعة ردة الفعل ودقته، تعزيز الدافع والحماس لممارسة الرياضة، وزيادة طاقة الجسم.
-
المحافظة على الوزن الصحي
يرتبط النوم الجيد كثيرًا بقدرتكِ في الحفاظ على وزن صحي ومثالي، تعبتِ للوصول إليه؛ وذلك لأن قلة النوم يمكن أن تُسبَب خللًا في بعض هرمونات الجسم مثل هرمونات الجوع والشبع، وهي هرمون اللبتين الذي يعمل على تثبيط الشهية؛ وهرمون الجريلين الذي يُثير الشعور بالجوع والرغبة في تناول الطعام.
تؤدي قلة النوم إلى انخفاض هرمون اللبتين وارتفاع الجريلين، ما يدفع بالمرء منا لزيادة الرغبة بالأكل والإقبال بشراهة بشكل خاص على الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية والدهون والسكريات. وزيادة مع التعب والإرهاق الناجم عن قلة النوم، ينخفض الدافع لممارسة الرياضة وهو ما يزيد الأمر سوءًا، ليرتفع جراءه خطر الإصابة بالسمنة وداء السكري من النوع الثاني.
-
تقليل الالتهاب
قد يغفل الكثيرون عن نقطة مهمة، إلا وهي أن ارتفاع الالتهاب في الجسم قد يُخلَف الكثير من التداعيات والآثار الجانبية السلبية. وتثبت الدراسات والأبحاث أن التمتع بنوم جيد، يسهم في تقليل الالتهاب في الجسم ومنع ارتفاع مستويات البروتينات الالتهابية مثل الإنترلوكين 6 وبروتين سي التفاعلي.
الالتهاب المزمن بسبب هذه البروتينات ومع الوقت، يمكن أن يضاعف خطر إصابتكِ بالعديد من الأمراض والمشاكل الصحية؛ مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية، السُمنة، الخرف أو الألزهايمر، التهاب المفاصل، القُرح، داء السكري، أنواعٌ متعددة من السرطانات، فضلًا عن الشيخوخة المبكرة.
عدد الساعات الكافية لنوم جيد
كما أشرنا في بداية المقالة، فإن ساعات النوم الكافية قد تختلف من شخص لآخر حسب العمر والنشاط البدني الذي يقوم به. لكن إجمالًا، يُحدد الخبراء ساعات النوم الكافية لكل شخص بالآتي:
- حديثي الولادة من الولادة إلى عمر 3 أشهر: من 14 – 17 ساعة.
- الرُضع من عمر 4 إلى 12 شهرًا: من 12 – 16 ساعة.
- الأطفال من عمر سنة إلى سنتين: 11 – 14 ساعة.
- الأطفال من عمر 3 – 5 سنوات: 10 – 13 ساعة.
- الأطفال من عمر 6 - 12 عامًا: 9 – 12 ساعة.
- المراهقين من عمر 13 - 18 عامًا: 8 – 10 ساعات.
- البالغين من 18 – 60 عامًا: 7 ساعات أو أكثر.
- كبار السن من 61 – 64 عامًا: 7 – 9 ساعات.
- كبار السن من عمر 65 فما فوق: 7 – 8 ساعات.
مع الإشارة إلى أن النوم الجيد لا يتحدد فقط بساعات النوم، بل هناك معايير أخرى يجب أخذها في الإعتبار؛ منها جودة النوم وعدم الاستيقاظ خلال الليل، جودة السرير والمرتبة والملاءات، درجة حرارة الغرفة المناسبة حسب الفصل، الضوء والصوت وغيرها من العوامل المهمة الأخرى.
عوامل تُحدَد النوم الجيد من السيء
في العام 2017، أصدر فريقٌ من خبراء النوم عمل على جمعه معًا "المؤسسة الوطنية لدراسة النوم" الأمريكية؛ تقريرًا نُشر في مجلتها لتعريف وتحديد العوامل التي تشير أو تدل على جودة النوم أو قلة النوم.
وبحسب المقاييس التي اعتمدها هؤلاء الخبراء، فإن النوم الجيد يمكن تحديده بالآتي:
- النوم بعد نصف ساعة أو أقل من دخول السرير.
- الاستيقاظ أثناء النوم لمدة لا تتعدى خمس دقائق لمرة واحدة (في الليلة الواحدة).
- النوم لمدة 85% أو أكثر من إجمالي الوقت الذي تقضينه في السرير.
- مجمل وقت الاستيقاظ لا يجب أن يتعدى 20 دقيقة في الليلة الواحدة.
في حين أن النوم سيء النوعية يُحدَد بالتالي:
- النوم بعد أكثر من ساعة من الاستلقاء على الفراش.
- الاستيقاظ أربع مرات أو أكثر في الليلة الواحدة.
- النوم أقل من 74% من إجمالي الوقت الذي تقضينه في السرير.
- مدة الاستيقاظ تصل إلى 41 دقيقة أو أكثر في الليلة الواحدة.
في الختام، فإن النوم الجيد له إيجابياتٌ كبيرة على صحتكِ فلا تهمليه؛ واعتني بجودة النوم وضمان حصولكِ على ساعات كافية منه كل ليلة وضمن أجواء ملائمة ومناسبة. وتذكري، ما أطال السهر يومًا في العمر، بل أنه قد يؤثر سلبًا على صحتكِ الجسدية والنفسية. لذا فليكن سعيكِ للنوم والاستيقاظ باكرًا كل ليلة، والتنعم بنوم جيد وكافي لضمان تقوية جسمكِ وحمايته من الأمراض التي يمكن أن تصيبه، بدنيًا وفكريًا ونفسيًا.