طفولة حزينة وشباب جامح.. هكذا كانت حياة الأمير هاري قبل انسحابه من الحياة الملكية

لا يوجد فرد من أفراد العائلة المالكة في بريطانيا، أثار الجدل في حياته أكثر من الأمير هاري، دوق ساسكس، والأمير هاري، (من مواليد 15 سبتمبر 1984، لندن، إنجلترا) الابن الأصغر لتشارلز الثالث وديانا، أميرة ويلز، وحياته مليئة بالمغامرات والأنشطة العديدة التي تجعل الكثير من مشجعي العائلة الملكية يحبونه ويتابعون أخباره.

وقت مبكر من الحياة

وبسبب رغبة الأميرة ديانا في أن يختبر هاري وشقيقه الأكبر الأمير وليام عالمًا يتجاوز الامتيازات الملكية والحياة الرسمية، فقد اصطحبتهما عندما كانا صبيان في وسائل النقل العام ومطاعم الوجبات السريعة ووقفت معهم في عالم ديزني، وعقدت العزم على أن لديهم "فهمًا لمشاعر الناس، وانعدام أمانهم، وضيقهم، وآمالهم وأحلامهم"، كما اصطحبت هاري ووليام معها عندما زارت ملاجئ المشردين ودور الأيتام والمستشفيات، كان لوفاة ديانا عن عمر يناهز 36 عامًا تأثيرًا عميقًا على هاري، حيث إن صورته وهو في الثانية عشرة من عمره وهو يسير بتأثر ووقار مع ويليام خلف نعش ديانا في أثناء نقله في شوارع لندن جعلت هاري محبوبًا لدى الشعب البريطاني.

وفاة الأميرة ديانا تركت طابعا حزينا مريرا على حياة الأمير هاري، وبدا هذا واضحا للغاية في كتابه "البديل" الذي نشره العام الماضي، وتحدث فيه عن حياته ككل، وكيف ينظر إلى نفسه باعتباره مجرد "قطع غيار" أو بديل لوريث العرش شقيقه وليام.

ومثل وليام، التحق هاري بسلسلة من المدارس الخاصة قبل الالتحاق بكلية إيتون المرموقة، وبعد تخرجه من جامعة إيتون عام 2003، زار هاري الأرجنتين وإفريقيا وعمل في محطة للماشية في أستراليا وفي دار للأيتام في ليسوتو، وبدلاً من الالتحاق بالجامعة، دخل هاري ساندهيرست - الأكاديمية العسكرية الرائدة في بريطانيا لتدريب ضباط الجيش - في مايو 2005، وتم تكليفه برتبة ضابط في أبريل 2006.

ونظرًا لكون هاري في خط خلافة العرش البريطاني، فقد كان غالبًا موضع اهتمام وسائل الإعلام، وفي يناير/كانون الثاني 2005، واجه انتقادات شديدة عندما حضر حفلة وهو يرتدي الزي النازي مع شارة الصليب المعقوف، واعتذر الأمير في وقت لاحق عما اعترف بأنه خطأ جسيم في الحكم، وهذه لم تكن المرة الأولى ولا الأخيرة التي تسبب فيها هاري بحرج بالغ للعائلة المالكة، حيث اشتهرت مرحلة شبابه بالجموح وطيش الشباب، حيث سبق وأن التقطت له صورا في الولايات المتحدة، وهو يلعب مع أصدقائه في حمام السباحة وهو عار تماما.

الخدمة العسكرية في أفغانستان

وفي فبراير 2007، أُعلن أنه سيتم نشر فوج جيش هاري في العراق، ولكن بناءً على نصيحة من القوات المسلحة، تقرر ألا يخدم هاري أو وليام مع القوات البريطانية في العراق، خوفًا من أن يصبحوا أهدافًا محددة لـ الهجوم وبالتالي تعريض زملائهم الجنود لخطر مفرط، ومع ذلك، في ديسمبر 2007، بدأ هاري في الخدمة في أفغانستان بعد أن وافقت وسائل الإعلام البريطانية على عدم نشر تفاصيل خدمته؛ انتهت جولته في فبراير 2008 بعد أن أعلنت وسائل الإعلام الأجنبية عن نشره، وفي الفترة 2012-2013، تمركز مرة أخرى في أفغانستان، حيث عمل كطيار مروحية، وترك هاري، الذي وصل إلى رتبة نقيب، الخدمة الفعلية في عام 2015.

النشاط الاجتماعي

وكان هاري نشطًا في قضايا مختلفة، بما في ذلك الحفاظ على الحياة البرية في أفريقيا، وفي عام 2006 ساعد في تأسيس جمعية خيرية للأطفال في ليسوتو، وكانت مخصصة لوالدته التي توفيت عام 1997، وفي عام 2007، أقام هاري ووليام حفل تأبين بمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة ديانا.

وبعد الحضور والإعجاب بألعاب المحاربين للجنود والمحاربين القدامى الأمريكيين المصابين، أسس هاري ألعاب إنفيكتوس، وهي مسابقة رياضية دولية للمحاربين القدامى المصابين والمرضى والجنود، والمسابقة، التي انطلقت لأول مرة في لندن عام 2014، أخذت اسمها من قصيدة وليام إرنستهينلي الملهمة “Invictus”، وتم توفير التمويل الأولي من قبل المؤسسة الملكية التي أنشأها ويليام وزوجته كاثرين، دوقة كامبريدج (أميرة ويلز فيما بعد)، ومن تبرع من الحكومة من صندوق سعر الفائدة بين البنوك في لندن (ليبور)، ومجموعة من الغرامات تم جمعها من البنوك التي تمت معاقبتها بسبب انتهاك القواعد المصرفية مثل التلاعب في سعر الليبور.

وعلى غرار الألعاب البارالمبية، تشمل ألعاب Invictus ألعاب القوى (المضمار والميدان)، والرماية، وكرة السلة على الكراسي المتحركة والرجبي، والكرة الطائرة جالسة، وركوب الدراجات على الطرق، والتجديف الداخلي، والسباحة.

الزواج من ميغان ماركل

وفي مايو/أيار 2018، تزوج هاري من ميغان ماركل - الممثلة الأمريكية المطلقة، وابنة أم أمريكية من أصل أفريقي وأب أبيض - أقيم الحفل في كنيسة القديس جورج التي تعود للقرون الوسطى في قلعة وندسور، لكنه لم يكن مثل أي حفل زفاف ملكي سابق.

وبدا الزوجان، اللذان عكس زواجهما المشهد الاجتماعي المتغير لبريطانيا المتعددة الثقافات بشكل متزايد، مصممين على تحديث النظام الملكي وربطه بحياة البريطانيين اليومية، وكان من بين الضيوف داخل الكنيسة أعضاء من الطبقة الأرستقراطية البريطانية، وأيقونات الثقافة الشعبية البريطانية (السير إلتون جون، وديفيد بيكهام)، وملوك الترفيه الأمريكيين (أوبرا وينفري، وجورج كلوني، وسيرينا ويليامز)، لكن الزوجين قاما أيضًا بدعوة حوالي 1200 شخص، والأفراد الذين عملوا كمتطوعين في المنظمات الخيرية لشغل "مقاعد بجانب الحلبة" على العشب خارج سانت جورج.

وفي 6 مايو 2019، أنجب هاري وميغان طفلهما الأول، وهو صبي يُدعى آرتشي هاريسون ماونتباتن-ويندسور؛ وفي ذلك الوقت، كان الطفل في المركز السابع في ترتيب ولاية العرش، وجاءت الولادة بينما واجه الزوجان صعوبات مختلفة، وعلى الرغم من أن الصحافة احتضنتهم في البداية، إلا أن رغبتهم في الخصوصية أدت إلى تغطية إعلامية سلبية.

وبالإضافة إلى ذلك، يبدو أن هناك توترات متزايدة بين الزوجين وأفراد العائلة المالكة الآخرين، وفي يناير 2020، أعلن هاري وميغان أنهما "سيتراجعان" عن واجباتهما الملكية وسيصبحان "مستقلين ماليًا".

ولقد خططوا لتقسيم وقتهم بين المملكة المتحدة البريطانية وأمريكا الشمالية، وبعد المفاوضات مع القصر، أُعلن أن هاري وميغان "لن يعودا عضوين عاملين في العائلة المالكة" وأنهما لن يستخدما ألقاب صاحب السمو الملكي.

بينما دخلت التغييرات حيز التنفيذ في 31 مارس 2020، وفي العام التالي، أكد الزوجان أنهما لن يعودا كعضوين عاملين في العائلة المالكة، مما يعني أن هاري تخلى عن تعييناته العسكرية الفخرية وكذلك رعايته الملكية، وفي 4 يونيو 2021، أنجب هاري وميغان ليليبت (“ليلي”) ديانا ماونتباتن-ويندسور؛ الاسم تكريمًا لكل من والدة هاري وجدته إليزابيث الثانية، التي كان لقبها "ليليبيت".

وفي سبتمبر 2022، توفيت إليزابيث، وحضر هاري وزوجته مراسم تأبين مختلفة، بما في ذلك الجنازة، بالإضافة إلى ذلك، ظهر الزوجان بشكل مشترك مع وليام وكاثرين في قلعة وندسور وسط أنباء عن توتر بين الأخوين، وعلى الرغم من أنه لم يُسمح إلا لأفراد العائلة المالكة بارتداء الزي العسكري، إلا أن هاري مُنح استثناءً.ولقد كانت نظرة هاري حادة وصريحة تجاه وسائل الإعلام، ويبدوا أن هذا أحد الأمور التي خلفها موت والدته في باريس أثناء هروبها من الصحفيين، وأثرت الصحافة على العلاقة بين الزوجين، وأرخت خطوبتهما وزواجهما وقرارهما بالتخلي عن واجباتهما الملكية، وأشارت المسلسلات الوثائقية أيضًا إلى صراعهم مع وسائل الإعلام المتطفلة، وهو موضوع كان مهمًا بشكل خاص لهاري، الذي طالما اشتكى من ثقافة الصحف الشعبية في إنجلترا.

وفي أوائل عام 2023 أصدر هاري مذكراته"البديل"، وخلق الكتاب الصريح – إلى جانب سلسلة من المقابلات– حالة من الهيجان الإعلامي، وقدم هاري تفاصيل عن علاقاته المتوترة مع والده وشقيقه، ولا سيما زعمه أن وليام اعتدى عليه جسديًا، وبالإضافة إلى ذلك، كشف هاري كيف علم بوفاة والدته وأنه ظل لفترة طويلة يعتقد أنها لا تزال على قيد الحياة.