نظرة على 7 أعمال من دول عربية خطفت الأنظار في معرض بينالي البندقية 2024.. ابتكار واحتفاء بالإرث
ترسم الإبداعات العربية أفاق جديدة في سماء الفن العالمي حيث يحتضن المعرض الأبرز الملقب بأولمبياد عالم الفن "بينالي البندقية 2024" سبعة أعمال من دول عربية، وتأتي النسخة الـ 60 تحت عنوان "غرباء في كل مكان" في الفترة من 20 أبريل وحتى 24 نوفمبر 2024.
توحد لغة الفن الشعوب وتمنح النفس أبعاد فلسفية جديدة ومختلفة كما تنقل الثقافات والعادات والتقاليد وحتى الإرث التراثي من دولة لأخرى ليتشكل لدى الأفراد الوعي الكافي بأهمية الاختلاف والتنوع وتمنح رؤية شاملة وواسعة لمدى الإبداع والجمال الذي تحتضنه الثقافات والشعوب.
واحتفاءً بهذا التنوع، يأتي معرض بينالي البندقية هذا العام تحت عنوان "غرباء في كل مكان" إحالة إلى الأوضاع التي يشهدها العالم اليوم من حركات الهجرة والنزوح، وينطلق البينالي بنسخته الستين بمشاركة 331 فنان من مختلف دول العالم ومنهم فنانين من دول عربية.
بين الابتكار والطبيعة جاءت الأعمال التي شقت طريقها من الدول العربية إلى البندقية، في معرض "بينالي البندقية 2024" حيث طرح الفنانون اهتماماتهم الفردية ونظرتهم للمجتمع التي شكلت هوياتهم وخلفياتهم الثقافية، فركزت الفنانة المها جارالله على الهندسة المعمارية والحداثة النفطية واختارت الفنانة منال الضويان أن تكون صوت المرأة أما الفنانة لطيفة سعيد فعكس عملها اهتمامها بالظواهر الصحراوية
لكن الفنانة دانا عورتاني جسدت ترابط التراث بالأحرف العربية كما سلط وائل شوقي الضوء على الأحداث التاريخية التي عصفت في دولة وربطت منيرة الصلح الحاضر بالأساطير الخيالية وأخيرًا يأخذنا الفنان سامو شلبي في كرنفال بصري يجمع بين مختلف الحركات الفنية التاريخية، تعرفوا على الفنانين ومفهوم أعمالهم التي شقت طريقها إلى بينالي البندقية.
العمل الفني "نطقت الرمال فتحرك الصوت" للفنانة السعودية منال الضويان
اختارت الفنانة السعودية منال الضويان إلقاء الضوء في عملها الذي شاركت فيه في بينالي البندقية على مسيرة المرأة السعودية في فترات متباينة، حيث جمعت بين الظواهر الطبيعية مثل الضوء والصحراء والأصوات النسائية لتوضح المفاهيم الخاطئة عن المرأة السعودية، وهذا العمل هو العمل الأول للضويان الذي يأتي فيه الصوت كوسيط فني لتوثيق حياة النساء بكل فخر واعتزاز.
دائما ما تترجم منال الثقافة السعودية وتحاول التواصل معها بطريقتها الخاصة حيث تصور في عملها الفني "حالة اختفاء 2013" الطريقة التي يصور بها الإعلام المرأة السعودية كما تخلق في هذا العمل علاقة متوترة بين قوة الكلمة المكتوبة والصورة المرئية. بالرغم من أنها بدأت مسيرتها كمصورة فوتوغرافية إلا أنها قدمت 21 عمال فني، كما حازت على جائزة الفنون البصرية المقدمة من وزارة الثقافة السعودية.
عمل الفنان المصري وائل شوقي تحت عنوان "دراما 1882"
يسلط الفنان المصري وائل شوقي الضوء على الأحداث التاريخية التي عصفت في دولة مصر من خلال الثقافة المعاصرة، من خلال عمله الفني المشارك في بينالي الدرعية "دراما 1882" يحكي قصة الثورة عرابي التي كانت انتفاضة قومية حارب فيها أحمد عرابي لإسقاط الخديوي توفيق باشا قدمها شوقي كمسرحية موسيقية.
احتضنت أعمال الفنان المصري عدد من المعارض في العالمية في الدنمارك ونيويورك ولندن كما شارك شوقي أيضًا في بينالي لاهور والباكستان وديزرت إكس العلا وبينالي اسطنبول الرابع عشر وبينالي الشارقة الحادي عشر. وفي عام 2010، أسس وائل شوقي المساحة التعليمية ماس الإسكندرية.
عمل الفنانة السعودية دانا عورتاني بتكليف من "مؤسسة بينالي الدرعية"
باستلهام من تراث الفن الإسلامي، تأتي مشاركة الفنانة دانا عورتاني في بينالي البندقية، حيث جاء عملها من النسيج، حيث مزجت عورتاني الهندسة الإسلامية بالفن المعاصر ويتمتع العمل الفني بفلسفة فريدة تجسد ترابط التراث بالأحرف العربية، تأتي مشاركة دانا بتكليف من "مؤسسة بينالي الدرعية" التي تسعى لدعم الفنانين السعوديين والدوليين المقيمين بالمملكة.
والجدير بالذكر أن عورتاني قد شاركت في الدورة الافتتاحية لبينالي الدرعية للفن المعاصر عام 2021، الذي أقيم تحت عنوان "تتبع الحجارة". حصلت دانا على درجة الماجستير في الفنون التقليديّة، من مدرسة الأمير تشارلز للفنون التقليدية في لندن 2011 كما حصلت على تدريب مهني في مجال إضاءة المخطوطات وزخرفتها في إسطنبول كما نالت درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من كلية سنترال سانت مارتينز للفنون والتصميم في لندن 2009.
العمل الفني "ذاكرة خام" للفنانة الإماراتية المها جارالله
من الهندسة المعمارية في فترة السبعينات والحداثة النفطية وما بعد الحداثة، تقدم الفنانة مها جارالله في بينالي البندقية عملها “ذاكرة خام” حيث تعيد من خلاله تشكيل خيال موقع الرويس بالقرب من أبوظبي وآثاره الشبحية في الوقت الحاضر، لتنفض الغبار عن التراث المنسي من خلال السرد القصصي لصناعة النفط وسعيها الاقتصادي، كما تنظر إلى بقايا النباتات والأشجار من خلال الطبيعية المشعة.
أما الفنانة التشكيلية المها جارالله فهي فنانة إماراتية مقيمة في أبوظبي من مواليد عام 1996، تتميز أعمالها بالحنين إلى الذكريات والطفولة وألوان الباستيل الفاتحة والوجوه باهتة، كما تحاكي في اللقطات القديمة من الحياة في الإمارات بالألوان المائلة إلى الأحمر والأزرق.
الفنان سامو شلبي يقدم العمل الفني "عوالم خفية"
من عصر النهضة والفن الباروكي إلى ما قبل الرفائيلية والرمزية يأتي عمل "عوالم خفية" للفنان التشكيلي سامو شلبي حيث يوظف الستائر والنمط الميتافيزيقي ليحفز الخيال عن طريق رؤى سيريالية ليدمج فيها السرديات الشخصية. تم إطلاق عمل الفنان سامو شلبي للمرة الأولى خلال معرض فن أبوظبي في نوفمبر الماضي.
العمل الفني "رقصة من حكايتها" للفنانة اللبنانية منيرة الصلح
تربط الفنانة اللبنانية منيرة الصلح في عملها المشارك "رقصة من حكايتها" في بينالي البندقية، الحاضر بالأسطورة الخيالية حيث يتألف العمل من 41 مكونة من رسومات ولوحات ومنحوتات وتطريز حيث تجمع بين السرد المجازي والنهج الوثائقي تتسلم بالواقعية والشعرية والمعاصرة، يتخذ العمل مكاناً له في مركز الصدارة، في قلب الآرسنالي في البندقية،
درست المسرح والرسم والموسيقى في الجامعة اللبنانية في بيروت 1997 كما كانت عملت كباحثة مقيمة في كلية الفنون الجميلة الحكومية في أمستردام 2003-2006 تعاين الصلح في أعمالها القضايا النسوية والهجرة القسرية الناشئة عن الحروب واللاستقرار.
الفنانة الإماراتية لطيفة سعيد تقدم العمل الفني "شياطين الغبار"
اختارت الفنانة التشكيلية لطيفة أن تعكس ظاهرة طبيعية تتواجد دائمًا بالصحراء الخليجية عن طريق حوار بين الطبيعة والإبداع حيث يجسد عملها "شياطين الغبار" الانسجام الدقيق في الطبيعة بين عناصرها الأربعة وهي الهواء والنار والماء والتراب، لتجعل المتلقي يبحر في رحلة بين التأمل والتساؤل.
تعمل الفنانة التشكيلية والمصممة الإماراتية لطيفة سعيد في مجموعة متنوعة من الوسائط، بعد تخرجها من جامعة زايد، بشهادة بكالوريوس في الفنون والعلوم عام 2007 أبحرت في مجالات متنوعة من الفنون الجميلة والتصميم الجرافيكي وتصميم المنتجات وإلى إمتلاك علامات التجارية وصناعة الإعلانات، أما في منهجها الفني فهي تعتمد على النهج التجريبي وتركز على على المفاهيم واستخدام مواد والتقنيات.
لا يعكس الفن رؤية الفنان وحده بل رؤية مجتمع متكاتف، وهذا ما قدمه الفنانين في أبرز معرض فني في العالم، فولدت من الروابط التي تشكلت أثناء العمل عوالم جديدة، سلط الفنانين فيها الضوء على قضايا أو اهتمامات المجتمعات أو حتى لمحة عن الخيال والجهود الإبداعية التي تحتضنها المنطقة، يمكن اعتبار هذا الفن المجتمعي تشكيل الثقافة الحديثة وحفظ للذاكرة الجماعية من الاندثار.
الصورة الرئيسية من الصفحة الرئيسية الفنان سامو شلبي