الجرأة ترسم تصور جديد عن شخصيتك...إليكِ أساليبها لتعامل مع الأزمات بهدوء وحكمة
الجرأة مشتقة من جَرُؤ وهي تعني الشجاعة والإقدام على أمر ما في موقف ما. وبما أنها مطلوبة ومحمودة في مواقف معينة لتستطيعي من خلالها مواجهة ما يعتريكِ من أمور ومواقف بحنكة وذكاء، وتجنب مشاكل أنتِ في غنى عنها؛ إلا أن الجرأة قد تُفسّر في بعض المواقف بالتطاول، خصوصًا إذا كان الموضوع يتعلّق بالتعامل مع من هم أكبر منكِ سنًا ومكانَةً وعلمًا.
عمومًا، أكد علماء النفس، أنه يُمكن التحول من شخصية منطوية إلى شخصية جريئة من خلال رسم تصور جديد عن النفس، بحيث يشتمل هذا التصور على جميع عناصر الجرأة وغيرها من العناصر الإيجابية التي يسعى الفرد إلى امتلاكها ليصبح أكثر جرأة، بالإضافة إلى البحث عن عدد من الشخصيات التي ُيمكن الاقتداء بها في هذا المجال، ومحاولة تقليدها والاحتفاء بها، سواءً كان ذلك من خلال لقائها بشكل شخصي أو القراءة عنها عبر الكتب أو الإنترنت.
بناءً على ذلك، نحن معكِ اليوم لنُطلعك على أهم الأساليب العملية المُساهمة في رسم تصور جديد عن شخصيتك والتحلي بالجرأة لتعامل مع الأزمات بهدوء وحكمة، وذلك من خلال أخصائية تعديل سلوك وتربية إيجابية الدكتورة منال بكري من القاهرة.
الجرأة مفتاحها التفكير الإيجابي
وبحسب دكتورة منال، من المعروف أن العقل الباطن والتفكير الداخلي يحدّدان الكثير من شخصية الإنسان؛ وبما أن هذا التفكير لا ينشأمن فراغ، وإنّما يكون نابع غالبًا من خبرات قديمة تركت أثرها في العقل الباطن، لذا فإنّ اكتساب صفة الجرأة تبدأ من تغيير طريقة التفكير وطرد تلك الصورة الذهنيّة السلبيّة عن الذات.
الجرأة سرّها التحلّي بالثقة بالنفس
أوضحت دكتورة منال، أن ثقتك بنفسك سر اكتسابك صفة الجرأة، وإيمانك بقدراتك، والبحث عن ميّزاتك، وبذل مجهودًا لتطويرها، وإزاحة الستار عن جوهركِ، وعدم الخوف من الفشل؛ فمجرد بدئيك بالسعي لتنفيذ فكرة معينة أو عزمك على تحقيق نيّة ما هو بحدّ ذاته نجاح وجرأة إيجابية. لذا هدّئ من روعك، وخذي الفكرة وادرسي الطرق التي اخترتيها لتنفيذ الفكرة بجرأة، وَأْتِ بغيرها، ولا تيأس من تجريب المزيد من الطرق، فلعل الوسيلة التي تقفين عندها يائسة هي نفسها الوسيلة التي ستأخذ بيدكِ للوصول إلى مرادكِ.
الجرأة علاقتها طردية بالأهداف والأولويات
أكدت دكتورة منال، أن تحديد الأهداف والأولويّات في حياتك من الأمور المهمة التي أوصت بها دراسات علم النفس وعلم الطاقة وعلوم تنمية مهارات الذات لتقوية شخصيّتك، وبالتالي جرأتكِ. بصفة عامة، أنتِ عندما تحددين أولويّاتك وأهدافك حسب رغباتك ومعطيات حياتك وحسب مدى إيمانك بهذه الأفكار، وتسعين لتحقيقها فإنك تمشين بتناغم مع سنّة هذا الكون، وهذا يدفعكِ للتقدّم بخُطى ثابتة نحو أهدافك، ممّا يزيد فُرص نجاحك، وهذا كله يتزايد في علاقة طرديّة مع تنمية الذات وبالتالي تطوير الجُرأة عندك.
الجرأة تتطلب التوازن في العلاقات
وأضافت دكتورة منال، المحافظة على الحدود والحواجز في جميع التعاملات؛ أحد الأساليب المهمة لاكتساب صفة الجرأة؛ فهناك أمور خاصة يجب عليكِ ألا تتخطّيها حتى وإن كنتِ صديقة مقرّبة. علمًا أن تجاوز الحدود بالأفعال والأقوال لا تعتبر جُرأة بل ممكن أن يعتبرها الآخرون تعدّيُا وتماديًا؛ لذا حافظي على علاقاتك بطريقة متوازنة، وصحيّة، وسليمة فهذا يجنبك الوقوع في المشاكل فيما بعد.
الجرأة تنبّع من تحمّل المسؤولية
أشارت دكتورة منال، أن كل ما تقومين به من أفعال وأقوال هو بإرادتك؛ لذا لا تنسبي أخطائك إلى الآخرين، ولا تلومي الظروف، والأحداث، والأشخاص، ولا تبرمجي عقلكِ على أن حياتك رهن إشارة الآخرين، وأنك لا تستطيعي صنع الحياة التي تحبّينها؛ وإن أخطاتي فلا بأس اعترفي بذلك، وخذي العبرة ممّا أخطات به، وتأكديأنكِ في المرة التالية لن تخطئي ذات الخطأ، وبذلك فأنتِ تجعلين من نفسكِ شخصًا مسؤولًا عمّا يفعل، وبالتالي ستشعرين بجرأتك وقوة شخصيتك للتعامل مع الآخرين بكل بساطة ويسّر.
الجرأة مرتبطة بالتفاعل مع المُقربين
من ناحية أخرى، أكدت دكتورة منال، أن التفاعل مع الأشخاص المقربين يُمكن أن يكون أحد وسائل التدريب علىاكتساب صفة الجرأة، وتنمية الثقة بالنفس؛ سواءً بالحديث عن جذور المشكلة وتداعياتها على الشخصية، أو البدء في الخروج من تلك الحالة عبر تداعي الأفكار، وعلى الرغم من بطء التقدم، إلّا أنّ ذلك التفاعل يعتبر أوّل النقاط العملية للثقة بالذات والتعامل بجرأة مع الآخرين.
الجرأة تشترط عدم توقع الأسوأ
لفتت دكتورة منال، النظر إلى أن البعض يلجأ إلى تخيُل وقوع الأسوأ من أجل الاستعداد له عند وقوعه، ظنًا منهم أن ذلك هو الحل الأمثل لمواجهة الخوف؛ إلا أن الدراسات تشير إلا أن تخيل وقوع الأسوأ يثير مشاعر القلق والتوتر لدى الشخص، ويجعل الجسم والعقل يتصرفان كأن الأسوأ قد وقع بالفعل، مما يتسبب في التعرض لضغوط لا داعي لها والتي تمنع الشخص من التفكير السوي وتعيق قدرته على اتخاذ قرارات سليمة، وبالتالي التعارض مع صفة الجرأة لمواجهة الأزمات بشجاعة وليس العكس.
الجرأة تحتاج التخلي عن السيطرة
وأضافت دكتورة منال، تسعى كل امرأة إلى السيطرة على أمور حياتها والتحكم بها؛ إلا أن التخلي عن السيطرة أمر جيد، حيث يساعد ذلك في تحرير النفس من القيود التي تحيط بها، فتُصبح المرأة قادرة على التعلم والتطور من الأخطاء التي ترتكبها والأمور التي تخفق بها، لاكتساب صفة الجرأة ومواجهة الأزمات بقرارات حاسمة.
وأخيرًا، تأكدي عزيزتي أن تنمية وتطوير مهاراتك الذاتية الاجتماعية، والنفسيّة والفكريّة والعلميّة باتت أمرًا مُلحّاً، حتى تتمكني من تحقيق ذاتك وأهدافك، وبالتالي تعزيز صفة الجرأة لديكِ، والتواصل مع الناس بنجاح واحترام وتكافؤ.
فضلًا عن ذلك، لا تترددي في الارتقاء بفكرك، ولا تدعي يومًا يمرّ في حياتكِمن دون أن تتعلمي فيه شيئًا حتى ولو كان بسيطًا؛ فالاستمراريّة في اكتساب المهاراتتعني الإقدام بشجاعة على مواجهة الصعّاب، والقدرة على إدارة الأزمات بجرأة يسودها الهدوء والحكمة والثقة بنفسكِ مدى الحياة.