حقيقة توافق الأبراج بين العلم والتنجيم؟!
هل توافق الأبراج حقيقة علمية، أم مجرد صدفة وتنجيم، من أجل الإجابة على هذا السؤال، لا بد من العودة إلى الوراء قليلا، فلا يعيش الإنسان بمعزل عن محيطه يتأثر ويؤثر به. وسواء كان هذا المحيط اجتماعيًا أو جغرافيًا أو بيئيًا ثمة علاقة وثيقة بين الإنسان بذاته وجسده ونفسه مع ما حوله. كما تنعكس الحالة النفسية للأسرة أو للعائلة أو للجوار أو للمجتمع ككل على الشخص، فيشعر بالرضا والسعادة أو الخوف والقلق بحسب ما يشعر الآخرون به من حوله.
وهذا مثبت بالدراسات العلمية التي تؤكد هذه العدوى المجتمعية وانعكاساتها على الشخص. كذلك الحال بالنسبة للطبيعة، فابن الساحل ليس كابن الجبل. وهما ليسا كابن الصحراء. وابن المدينة غير ابن الريف.. هناك فروق تتدخل فيها عوامل البيئة والطبيعة تؤثر على شخصية وأخلاق وتفضيلات كل شخص في العالم عبر التاريخ. وكلها متعلقة بأمور خارجة عن ذاته أو إرادته وتتحكم بها ظروف خارجية سواء كانت ثابتة كتاريخ ومكان الميلاد. أو طارئة كالبئية والتوقيت.
تأثير قمر 14 على توافق الأبراج
والجميع صار اليوم يعرف الحقيقة العلمية المثبتة بتأثير القمر في ليالي اكتماله على توافق الأبراج وحركة المد والجزر. وعلى الحالة النفسية والمزاجية للحيوان والإنسان على السواء. وقد أشار دين الإسلام إلى هذه الحقيقة وطلب من المؤمنين الصيام في "الأيام البيض" التي يكون القمر فيها كاملا. حيث إن هذا الصيام من شأنه أن يهذب النفس البشرية ويكبح جماح غضبها وانفعالاتها التي تحدث بسبب القمر واكتمال قوته وجاذبيته.
ومثل القمرِ الشمسُ وبقيةُ الكواكب، كلها تؤثر وتتأثر بكوكب الأرض خلال حركاتها وسيرها في فلكها وتموضعها في الخريطة الفلكية. وعبر آلاف السنين اكتسب العلماء معلومات مؤكدة وموثوقة حول تأثير هذه الكواكب والأفلاك على البشر. وإلى حد كبير يشبه علم الفلك الذي يتنبأ بالأحداث ويفسرها ويحللها العلومَ الجنائية والنفسية.
وهو علم ممتد عبر آلاف السنين وربما يكون من أقدم العلوم. وكلنا نتذكر إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي عرف أنه مريض، أو سيمرض، حين نظر في النجوم، كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: "فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم فتولوا عنه مدبرين". وقد صدق الناس أنه سيمرض، كما قرأ في الطالع، فابتعدوا عنه وخشوا من العدوى منه.
كذلك هناك قول نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم أن نبي الله إدريس عليه السلام أول من خط بالقلم. أي أول من كتب ونظر في علم الفلك والحساب. والمقصود هو دلالة مواقع الفلك وآثارها على الإنسان في حياته ومعيشته وعواطفه مثلها مثل أي سبب آخر من الأسباب التي تعترض طريقنا فتسهل مسيرنا أو تبطئه أو تحرفه أو توقفه.
علم الطاقة
مسألة أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار هي مسألة علم الطاقة الذي يبحث في الطاقة غير المرئية الإيجابية أو السلبية التي تطلقها أو تستقبلها الأجسام والأشياء والذرات. وعلى سبيل المثال؛ اليوم هناك حمامات الأشجار يأخذها الناس بوقوفهم لساعات تحت شجرة ينهلون من طاقتها لتخفيف آلامهم والتخلص من أحزانهم. كذلك هناك الأحجار الكريمة التي تباع بأغلى الأثمان لأن لها طاقة غير مرئية تساعد على الشفاء أو الوقاية أو الحماية أو تعطي الهيبة والمحبة والقبول.
اسأل العلم عن توافق الأبراج
تشير الدراسات إلى أن أكبر نسبة للطلاق والمخاصمات العنيفة تكون في منتصف الشهر عند اكتمال القمر. وكذلك في دراسة فرنسية على 38 مليون حالة ولادة على مدى ربع قرن تبين أن نسبة كبيرة من هذه الولادات تمت في الأيام البيض.
وجاء في كتاب How the Moon Affects You للدكتور Arnold Lieber في تفسيره للظواهر الذي تحدث للإنسان وسببها القمر، أن جسم الإنسان مثل سطح الأرض يتكون من 80% من الماء والباقي مواد صلبة. ومن ثم فهو يعتقد بأن قوة جاذبية القمر التي تسبب المد والجزر في البحار والمحيطات. أيضاً يؤثر هذا المد والجزر في أجسامنا عندما يبلغ القمر: أوج اكتماله في الأيام البيض.
تاريخ ومدارس
ويعتبر أبوريحان البيروني الفلكي أول من فرّق بين حرفة التنجيم وعلم الفلك في القرن الحادي عشر، حين كتب "التفهيم لأوائل صناعة التنجيم". والذي صنفته منظمة اليونسكو ضمن برنامج ذاكرة العالم سنة 2011، باعتباره أقدم المخطوطات الفارسية ذات القيمة العلمية.
وللتنجيم مدارس ومذاهب وأساليب رئيسية وفرعية. فهناك علم التنجيم البابلي الذي يمتد لأكثر من عشرة آلاف سنة. ثم ظهر التنجيم اليوناني الإغريقي ثم الهندي ثم الصيني. وكلها مرتبطة بمفهوم العناصر الأربعة والكواكب السبعة.
وحديثًا ظهرت حركات جديدة مثل الزودياك الفلكي والاستوائي والكوزموبيولوجي أيضا تهتم بتوافق الأبراج وقراءتها. بالإضافة إلى التنجيم النفسي وتنجيم العلامات الشمسية، ومدرسة هامبورغ والتنجيم اليوراني. كذلك هناك بعض التقاليد الصوفية ذات صلة بالتنجيم مثل "الجفر". أيضا هناك الكابالا والتارو وعلم الأعداد وروسكروسن.
موهبة واحترافية في معرفة توافق الأبراج
يعتبر البعض أن التنجيم مجرد حرفة تعتمد على موهبة وثقافة المنجم وخبرته.حيث إنه مع كثرة اطلاعه وتكرار الحوادث يتكون لدى ممارسي هذه الحرفة خلفية واسعة، يستطيعون من خلالها التنبؤ بالأحداث وفقًا لمواقع النجوم. وهذا دليل آخر على أن التنجيم يقوم على خلفية علمية تقووم على السبر والاستقصاء وهما من عناصر البحث العلمي العملي.
فعلى سبيل المثال إذا تكررت أحداث سيئة عند اجتماع القمر مع زحل في مدار الجدي، يتم تسجيل الأمر لدى المنجمين نذير شؤم وتوقعًا لخطر أو مشاكل أو كوارث. ومن هنا يتم إعداد جداول إحصائية للأحداث وعلاقتها بالتشكيل النجمي في السماء، وما يرتبط بذلك من توقعات متشائمة أو متفائلة.
كما يتم جمع كل هذه المعطيات حاليا في برامج محوسبة يتم تحميلها على أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية لمعرفة تموضع الكواكب والنجوم في الخريطة الفلكية يوميًا، وقراءتها قراءة تنجيمية ومعرفة مواضع القوة والضعف والسعد والنحس. مثل برامج Stellarium وTimePassages وCo-Star Personalized Astrology. وغيرها من البرامج التي تلبي جميعها حاجات العلماء والباحثين وقراء الفلك والمنجمين.
أين المشكلة:
هناك مشكلة أزلية في موضوع الفلك وقراءة الطالع وتوافق الأبراج مردها إلى الشخص الذي يقوم بهذه المهمة. حيث إن بعضهم غير كفؤ أو قد يختلط عليه الأمر. كما يخطئ في تقدير الحالة فيقلب النحس سعدًا أو السعد نحسًا. أيضًا قد لا يقرأ المشهد كاملا أو لا يعبر عنه بطريقة صحيحة أو سليمة. لذلك لا يمكن أخذ قراءة الفلك والطالع إلا من علماء متمكنين أصحاب خبرة واسعة وممتدة. لأن هناك بعض الأمور يجب حجبها عن الناس لأنها قد تدفعهم إلى اليأس أو التشاؤم. ويجب على قارئ الفلك أن يحرص على تقديم مشورته بطريقة معبرة وصحيحة وإيجابية ولطيفة تلطف التوقعات السيئة المتوقعة على مسمع أو مرأى القراء.