العداءة عزيزة سبيتي من بين 100 سيدة الأكثر تأثيرا في العالم: أدعو كل امرأة عربية إلى الاهتمام بصحتها الجسدية والنفسية بممارسة الرياضة
حوار: LYNDA AYYACH
اختيرت العداءة اللبنانية الدولية عزيزة سبيتي ضمن لائحة تضم 100 سيدة هن "الأكثر تأثيرا وإلهاما في العالم" لعام 2023 من قبل هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، لكونها تحمل الرقم القياسي اللبناني لسباقي الـ60 مترا والـ100 متر، وكذلك الميدالية الذهبية في بطولة غرب آسيا وبطولة العرب، ورفعت علم لبنان عاليا بكل فخر في المحافل الدولية، محققة عددا من النجاحات بجهد وإصرار كبيرين. عشقت سبيتي الرياضة منذ صغرها، واتخذت منها هدفا تسعى إليه ومهنة تسعدها، على الرغم من نيلها شهادة في إدارة الأعمال وتحضيرها للماسترز في العلوم الأولمبية في ألمانيا. عانت عزيزة وهي طفلة من التنمر، لكونها لبنانية آتية من إفريقيا، وتتمتع ببشرة سمراء، لكن الدعم العائلي جعلها تقف بقوة بوجه المتنمرين، كما دفعها نحو حمل راية التوعية ضد التنمر بهدف تعزيز الصحة النفسية لدى الطلاب في جميع المراحل، والحد من ظاهرة التنمر. وتعمل مع منظمات غير حكومية تعنى بمشكلات العنصرية بكل أنواعها. وعزيزة تتحضر حاليا لأولمبياد باريس بانتظار الإعلان عن الأسماء النهائية للمشاركين فيه، وهي متحمسة جدا لهذه الخطوة الرياضية المهمة في حياتها، معتمدة على مبدأ أن الخسارة تدفعها إلى المزيد من التحدي لتحقيق أحلامها، والفوز يجعلها فخورة.
ما تحــضـــيـــراتــــك للــمــشــــاركة في أولمبياد باريس؟ وهل فرصتك في الربح كبيرة؟
إن المشاركة في الألعاب الأولمبية في باريس من أكبر أحلامي، فأنا أمثّل لبنان مذ كان عمري سبعة عشر عاما، إذ بدأت بممارسة رياضة الركض منذ أن كنت في الثانية عشرة من عمري، وهذه الرياضة زرعت في داخلي الكثير، وكوّنت هويتي وشخصيتي التي أنا عليها اليوم، فهذا الشغف في داخلي تجاه الحياة والنجاح والعمل كان بدفع كبير من الرياضة. وما كنت لأصل إلى ما أنا عليه اليوم لولا الركض. وكنت قد مثّلت لبنان في الألعاب الأولمبية في ريو سنة ٢٠١٦، ثم مثّلته في طوكيو سنة ٢٠٢٠. وأنا اليوم جاهزة لتمثيل لبنان في الألعاب الأولمبية، تعبت كثيرا على التمرينات المستمرة منذ بداية العام، وجاء اختياري في شهر مارس الماضي لتمثيل لبنان في بطولة العالم للقاعات المغلقة، ثم شاركت في معسكر في جنوب إفريقيا، وأكملت تماريني في كل من دبي وألمانيا، وأتحضر اليوم للمشاركة في السباق الدولي الأخير في فرنسا قبل الموعد النهائي لاختيار من سيتم اختياره لتمثيل لبنان في ألعاب القوى في باريس.
اختارتك هيئة الإذاعة البريطانية ضمن لائحة تضم ١٠٠ سيدة هن "الأكثر تأثيرا وإلهاما في العالم" لعام ٢٠٢٣ بصفتك أسرع عداءة في تاريخ لبنان، ماذا أضاف هذا اللقب إلى حياتك الرياضية؟
اختيار BBC لي لم يكن فقط لأني بطلة لبنان، وإنما لنشاطاتي الرياضية المتنوعة، ففي سنة ٢٠٢٣ حصلت على المرتبة الأولى لأسرع عداءة، وعلى لقب بطلة العرب، وبطلة غرب آسيا، ورفعت علم لبنان عاليا، ومثّلت النساء اللبنانيات بكل فخر.
شاركت في بطولة العالم للناشئين عام ٢٠١٠ في كندا، ثم توالت مشاركاتك في البطولات والمسابقات المحلية والعالمية، وأحرزت عشرات الميداليات التي رفعت من خلالها العلم اللبناني، إلامَ تتطلعين اليوم؟
مسيرتي الرياضية بدأت في ملعب مدرستي "سابس إنترناشيونال سكول" في لبنان، حيث اكتشفوا موهبتي وطاقاتي، وكنت قد عدت حديثا مع أهلي إلى لبنان من ليبيريا سنة ٢٠٠١. وبدأت بتمثيل مدرستي في سباقات الركض، وشاركت عربيا في السباقات باسم مدرستي. وكنت دائما أحتل المرتبة الأولى. ثم بدأت أركض مع نادي الجمهور، وأمثّل لبنان في العالم. وفي سنة ٢٠٠٩ مثّلت لبنان في الألعاب الفرنكوفونية في بيروت، كما شاركت في السنة نفسها في بطولة العرب، ثم سنة ٢٠١٠ مثّلت لبنان في بطولة العرب للمرة الثانية. وأحرزت المرتبة الثانية، وبعدها بطولة العالم في الركض تحت سن العشرين في كندا. ففتحت أمامي هذه الهواية فرصا مهمة في الحياة، من الحصول على الألقاب الرياضية محليا وعربيا وعالميا وصولا إلى المنحة الدراسية التي قدمتها لي الجامعة الأميركية في بيروت للتحضير للماجستير في إدارة الأعمال.
اتخذت من وسائل التواصل الاجتماعي منبرا باعتبارك مؤثرة رياضية ترفعين الصوت في مواجهة التنمر والتمييز العنصري، وتدافعين عن الأطفال تحديدا، كما تقيمين الندوات المدرسية في سبيل التوعية، ماذا عن تجربتك الخاصة التي تعرضت لها؟
أعمل مع منظمات غير حكومية تعنى بمشكلات العنصرية بكل أنواعها. وهذا من أهم الأهداف التي أسعى إلى تحقيقها في الحياة، لذلك أقدم التوعية دائما فيما يتعلق بموضوع العنصرية عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. وأنقل تجربتي الخاصة في التعرض للعنصرية والتنمر في عمر مبكر، وأنشر أهمية الشمولية والتوعية لأهمية التعاطي بإنسانية فيما بيننا بغض النظر عن العرق واللون والدين وغير ذلك من التفاصيل التي لا تمت للإنسانية بصلة. وأشكر الله أنني نشأت في عائلة أمدتني بالقوة والحب لمواجهة التنمر من دون أن ينعكس الأمر علي بقوة، فلاقيت الدعم المطلوب لأتخطى فترة التنمر في الوقت الذي كنت أشعر فيها بالضعف أو القهر آنذاك. والتنمر آفة اجتماعية خطيرة للغاية، وهي ظاهرة بدأت في الانتشار بين التلاميذ والطلاب في المدارس والجامعات، وفي مجتمعاتنا بوجه عام. ولقد ساعدت الوسائل العصرية الحديثة أيضا في إذكاء هذه الظاهرة السلبية، حيث الألعاب التي تثير العنف في نفوس الأطفال، وتعود بالسوء على الأولاد، فيتصرفون بعدائية لفظية وجسدية. ومن هنا لا بد من الوقوف بقوة بوجه هذه الآفة التي تملك القدرة على التدمير.
تحولت الرياضة إلى جزء أساسي من حياتك، فبتِّ تعيشين على نمط حياة صحي وتدريبات رياضية مستمرة، هل أصبحت مدمنة على الرياضة؟ وهل تحرصين على دعوة الشباب إلى الانغماس في الرياضة؟
الرياضة ليست إدمانا أو نمط حياة، بل هي مهنتي الآن، فأنا أمتهن الرياضة، وهي شغفي وموهبتي، وأسعى إلى الاستفادة من هذه الموهبة لأقصى الحدود. وبما أني إنسانة رياضية انعكس الأمر إيجابا على حياتي الصحية والنفسية والجسدية، فبِتُّ أنام بشكل جيد، وأتناول المأكولات الصحية والمغذية، وأبتعد عن كل ما يضر بصحتي، وأعيش نمط حياة صحيا. وأشجع الجميع على اكتشاف مواهبهم الرياضية وتنميتها بقوة، لأنها كفيلة بأن تغير سير حياتهم الصحية والنفسية بشكل جدي.
اخترت تخصصا جامعيا في مجال مختلف عن الرياضة وهو إدارة الأعمال، ما عملك الجانبي؟ وإلى أي مدى تحرصين على التنسيق بين الرياضة ومستقبلك المهني؟
اخترت إدارة الأعمال ليكون اختصاصي الـــجــــــامعي، وعملت بـــــهــــذا المـــجـــــال سبــــــع سنـــــوات تنــقـــلــــت فيــــها بين الكثير من الأعمال. واختبرت هذا المجال وتعلمت الكثير عنه، لكني اخترت امتهان الرياضة بشكل كامل، وأنا أحضر الماسترز بالعلوم الأولمبية في ألمانيا، كما حصلت على منحة كاملة من الجامعة الأميركية في بيروت لشهادة الماسترز في إدارة الأعـــمــــال. وأحـــــرص على إكـــمــــال الـــدراســــــات العــلـيا، لأني مؤمنة بأهمية العلم كأقوى سلاح بيد المرأة، وخاصة أنني أعرف تماما أن عمر المهـــنــــة الرياضـــيــــة قصير، ولا بد من أن أحضر "خطة ب" للمستقبل.
هل تتقبّــــلين الخـــســــارة كــمـــا تتــقــبـــــلين الـــفـــوز في حيــــاتك الرياضية؟
ما نتعلمه في الحياة هو أننا نواجه الفوز كما الخسارة في مخـــتلف المواقف والمراحل، فالخسارة ليست بالضرورة دليلا على الفشل، بل هي الدرس الذي نتعلم منه والذي يدفعنا إلى تقديم الأفضل. فلا يمكننا الاستمتاع بالفوز إذا لم نكن نعرف طعم الخسارة. وقد خسرت حلمي أكثر من مرة بالوصول إلى الألعاب الأولمبية، لكني تعلمت في المقابل كيف أكون أقوى وأسرع في مسيرتي الرياضية. وشخصيا ذقت طعم الخسارة مرات كثيرة منذ بداية مسيرتي الرياضية قبل أن أتذوق طعم الفوز للمرة الأولى، وأحمل ميداليتي، وأسمع النشيد الوطني لبلدي. لذلك أقدر لحظات الربح بقوة.
ما الرسالة التي تقدمينها للمرأة العربية؟
أقول لكل امرأة إن الحياة قصيرة جدا، فاستفيدي من الوقت، وحــــققي بعض أحـــــلامك حتى لا تــــعــــيـــــشي بـــنــــدم فيما بعد، أنت الأقوى والأحن والأجمل، وواجهي الحياة بإصرار وقوة، واحرصي على صحتك الجسدية والنفسية بممارسة الرياضة.