الانفصال المؤقت بين الزوجين.. هل هو حل سحري لإعادة الانسجام بينهما أم أنه خطوة تمهيدية للفراق
الانفصال المؤقت أو الاستراحة الزوجية أو الهدنة العاطفية كلها مصطلحات تدل على فترة تباعد بين الزوجين، أو ما يعرف باسم الإجازة الزوجية التي يتباعدا فيها لفترة زمنية قصيرة من أجل التفكير بشأن علاقتهما. وبخاصة مع ظهور بعض التحديات، ومواجهة العديد من الخلافات الزوجية، وانعدام القدرة على حلها والفشل في التصدي لتأثيراتها السلبية.
فقد يحدث وأن يشعر الزوجان بتخبط مشاعرهما خلال مسيرة الحياة الزوجية، وبقلة الحافز نحو العلاقة، وهي علامات تحذيرية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار للنظر في طبيعة العلاقة، وأخذ هدنة زوجية لإعادة تقييمها من جديد للوصول إلى أفضل قرار لهما.
من أجل ذلكِ، ولأهمية هذا الموضوع، يطيب لي في هذا المقال وعبر السطور التالية، تقديم مساعدة لكل زوج وزوجة يشعران بالملل من العلاقة، ويريدان التحرر من هذه المشاعر السلبية من خلال إفادة "داليا شيحة" خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية بدبي عبر تناول العناصر المهمة التالية التي من أهمها، توقيت الانفصال المؤقت، وفوائده، وأهم العلامات التي تخبر الزوجين بضرورة اللجوء إليه لإعادة تقييم العلاقة واتخاذ القرار السليم الذي يحقق سعادة كل منهما، وكذلك معرفة الفرق بينه وبين الطلاق، ومعرفة متى يضر بالعلاقة.
متى يجب اللجوء إلى الانفصال المؤقت؟
ثمة حالات عديدة يجب اللجوء فيها إلى الانفصال المؤقت لأخذ هدنة من الحياة الزوجية وإعادة تقييم العلاقة حتى تمام الوصول إلى القرار الصحيح الذي إما أن يكون فيه إعادة للتناغم والانسجام بين الزوجين، أو أن يكون خطوة مفيدة نحو الفراق واتمام الانفصال الدائم والطلاق.
وهذه الحالات مثل، الشعور بالملل من الحياة الزوجية، وكثرة الخلافات بين الزوجين، وانخفاض الحافز، وغياب التفاهم والانسجام. ومنها أيضًا انعدام القدرة على المضي قُدمًا في العلاقة. حينئذ يجب اخذ استراحة زوجية لتهدئة التوتر الناتج عن الجدال المستمر والضغط العصبي الذي يتخلل الحياة الزوجية ويؤثر سلبًا على الزوجين. لاعطائهما الوقت والمساحة الكافية لتحديد القرار الأمثل لعلاقتهما بناء على النتائج المترتبة على الانفصال المؤقت.
ما هي فوائد الانفصال المؤقت؟
للانفصال المؤقت فوائد عديدة وهي:
- إعادة تقييم العلاقة إذ يتيح الانفصال المؤقت للطرفين فرصة لتقييم علاقتهما بعيدًا عن الضغوط اليومية والصراعات. لأن هذا الفاصل الزمني قد يسمح للزوجين بإدراك أهمية العلاقة أو تحديد المشاكل التي تحتاج إلى حل.
- الحد من الصراعات نتيجة للابتعاد المؤقت من التوتر والصراعات اليومية، مما يمنح الزوجين فرصة للهدوء والتفكير بشكل أكثر عقلانية في القضايا العالقة بينهما.
- إعادة التواصل مع الذات إذ يمكن أن يساعد الانفصال المؤقت كل من الزوجين على التركيز في أنفسهما، مما يعزز النمو الشخصي والوعي بالاحتياجات الفردية لكل منهما، سواء على المستوى العاطفي أو النفسي.
- تجديد الشوق والاهتمام إذ يخلق الابتعاد المؤقت بين الزوجين مشاعر اشتياق كبيرة بداخل كل منهما، مما يعزز الرغبة في التواصل والاقتراب مرة أخرى بشكل أكثر صحة وقوة.
- اختبار الاستقلالية، لأن الانفصال المؤقت يساعد كل من الزوجين في اختبار مدى استقلاليتهما وقدرتهما على التعامل مع حياتهم الخاصة، مما يعزز الثقة بالنفس وقد يدعم العلاقة على المدى الطويل.
- فرصة لحل المشكلات بطرق جديدة واستخدام استراتيجيات جديدة للتعامل مع الصراعات.
- إعادة بناء الحدود إذ يساعد الانفصال المؤقت في إعادة بناء الحدود الشخصية داخل العلاقة.
هل الانفصال المؤقت حل؟
تقول داليا شيحة خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية في دبي أن الأصل في الانفصال المؤقت أن يكون مفيدًا في كل الحالات لما يترتب عليه من قرارات مهمة ناتجة عن تقييم ودراسة للمشاعر والحياة بدون الشريك. ولذلك، لا يخرج عن أحد الاحتمالات التالية:
- إما أن يكون الانفصال المؤقت حلًا سحريًا لإعادة التناغم والانسجام بين الزوجين. وذلك، من خلال اختبار المشاعر، وخلق الحافز لديهما من جديد نحو المضي معًا في العلاقة، وبذل الوقت والجهد لتحقيق أهدافهما وأحلامهما سويًا، وخلق بيئة مثالية لاحياء الحب من جديد في عالمهما. وبخاصة مع تجديد العهد بينهما، وتفهم المسؤوليات من جديد، والالتزام بالقيام بها على أكمل وجه. والنتيجة استقرار وتناغم وانسجام.
- قد يكون الانفصال المؤقت خطوة نحو الفراق والطلاق، وهذا لا يعني بالضرورة أنه أمرًا غير مفيدًا. لأن الطلاق في كثير من الحالات وبخاصة بعد تقييم العلاقة الزوجية واختبار المشاعر قد يكون مفيدًا جدًا لكل من الزوجين، لأنه قد يكون بداية سعيدة لكل منهما في حياة يجد نفسه بها ويشعر بانتمائه إليها.
- قد يعجز كل من الزوجين بعد انتهاء فترة الانفصال المؤقت عن الوصول إلى حل مرضٍ لكل منهما في الحياة الزوجية. وقد يعودا لاستكمال مسيرة الحياة الزوجية بنفس الملل والرتابة ما يؤدي إلى ركود الحياة الزوجية، وظهور سلبيات عديدة أخرى مثل الانفصال النفسي، أوالطلاق العاطفي، أو الخرس الزوجي، وكلها مصطلحات تشير إلى احتضار الحب والتفاهم والانسجام بين الزوجين. ما يجعل الحياة الزوجية بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت في وجه الزوج والزوجة والأطفال إن وجد. لذا، يجب على الزوجين التفكير بعمق في فترة الانفصال المؤقت، والاستفادة منها في تحديد مصير العلاقة بما يحقق لهما السعادة والأمان وراحة البال.
متى يكون الانفصال المؤقت سببًا في إعادة التناغم والانسجام إلى الزوجين؟
في حالات عديدة يساعد الانفصال المؤقت كل من الزوجين في إعادة تقييم مشاعر كل منهما تجاه الآخر، والتخلص من الرتابة والروتين ببعض البعد الإيجابي الذي يمنحهما فرصة التأمل من جديد في طبيعة العلاقة حيث حدوث ما يلي:
- الشعور بالاشتياق إلى الطرف الآخر واللهفة عليه بعد مرور أيام قليلة من الانفصال المؤقت.
- التفكير في الشريك والبدء بتقييم العلاقة بشكل إيجابي يوضح مواطن الضعف لتقويتها والتغلب على كل الأمور التي تفسد عليهما حبهما وسعادتهما.
- تجديد الحافز لدى كل من الزوجين بشأن العلاقة، ووجود رغبة كبيرة في الاستمرار في الحياة الزوجية معًا ولكن في ثوب جديد يحقق السعادة والاستقرار لهما.
- الشعور باقبال كبير على العلاقة الزوجية، والتفكير جديًا في وضع خطة جيدة لإحياء الحب، وإعادة التناغم والانسجام مرة أخرى إلى العلاقة لتحقيق سعادة أكبر وأعظم.
وهنا تشير داليا شيحة إلى ضرورة عقد حوار هادف وبناء بين الزوجين لدراسة الأسباب التي جعلت كل منهما يلجأ إلى الانفصال المؤقت، ودراسة الاحتياجات العاطفية التي كانت غير ملباه في الفترة التي تسبق الانفصال المؤقت، ودراسة كيفية تلبيتها بطرق جيدة وأكثر فاعلية. وكذلك البدء بالاهتمام بتعزيز وتوطيد العلاقة في ما بينهما وتفادي الأخطاء السابقة.
متى يصبح الانفصال المؤقت خطوة نحو الفراق؟
ثمة علامات عديدة تدل على أن الفراق واتمام الطلاق هو القرار الجيد الذي سيحقق سعادة كل من الزوجين بعد انتهاء فترة الانفصال المؤقت وهذه العلامات هي:
- الشعور بالراحة والاتزان.
- الشعور بالاستقرار والسلام النفسي.
- التحرر من الضغوط النفسية والعصبية.
- العثور على الذات والرغبة في تلبية احتياجاتها.
- الشعور بالرغبة في استكمال الحياة بدون الشريك.
وهنا ترى شيحة أن شعور كل من الزوجين بهذه المشاعر يحتم عليهما التفكير جديًا في الطلاق وتجربة الحياة بعد انفصال دائم لأن الاجبار على الاستمرارية في الحياة الزوجية دون الالتفات إلى ماهية هذه المشاعر وتباعيتها يعني حياة زوجية بائسة، وزوجة تعيسة، وزوج حزين، وأطفال غير سعداء.
متى يضر الانفصال المؤقت بالعلاقة؟
من المنطقي جدًا أن يضر الانفصال المؤقت بالعلاقة بين الزوجين إذا طالت مدة الاستراحة الزوجية لأن الأصل فيه أن تكون مدته قصيرة لاختبار المشاعر فقط ووجود نقطة لتلاقي كل من الزوجين من جديد. كما أن تدخل الآخرين في الحياة الزوجية وعلاقة الزوجين ببعضهما البعض خلال فترة الاستراحة الزوجية قد يضر بالعلاقة الزوجية.
ما الفرق بين الانفصال المؤقت والطلاق؟
الانفصال المؤقت هو استراحة زوجية مؤقتة من العلاقة، في حين أن الطلاق هو انفصال دائم. كما أن الأول قد يكون متبوعًا باستمرارية في الحياة الزوجية أو بالطلاق وبخاصة بعد منح كل من الزوجين فرصة لإعادة تقييم المشاعر، والاعتراف بقدر الشريك، واختبار الحياة بدونه. ومن ثم اختبار القدرة على استكمال الحياة بدونه في حال الشعور بالراحة والسلام النفسي أكثر في غيابه.
خلاصة القول:
ترى داليا شيحة خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية، أن الانفصال المؤقت سلاح ذو حدين لأنه إما أن يكشف عن قوة العلاقة بين الزوجين ومرورها فقط بفترة ملل أو رتابة يمكن التغلب عليها، والعودة في ثوب جديد مع احياء التناغم والانسجام بينهما. وإما أن يكشف عن ضرورة الانفصال الدائم واتخاذ قرار الطلاق وبخاصة مع شعور كل من الزوجين بالراحة والسلام النفسي والرضا في غيابهما بعيدًا عن بعضهما البعض.
مع تمنياتي القلبية لكل زوجين بسعادة دائمة لا تغيب،،،