السياحة الفضائية: رحلة إلى المستقبل بلا حدود
السياحة الفضائية واحدة من أبرز الوجهات التي يشهد عليها العالم في العقود الأخيرة، حيث يتطلع الكثيرون إلى تجربة فريدة من نوعها، تتمثل في السفر إلى الفضاء والاستمتاع بمنظر كوكبنا من الأعلى، ولم يتوسع مفهوم السياحة الفضائية كثيرا لعوامل عديدة، لكن هذا لم يمنع شركات فضائية كبرى من إعداد خطط وجداول للسياحة الفضائية، عل غرار شركات سبيس إكس، وڤيرجين غالاكتيك.
ما هي السياحة الفضائية؟
السياحة الفضائية تعرف بشكل مجمل بأنها السفر إلى الفضاء لأغراض ترفيهية أو علمية أو حتى تجارية،وتتضمن رحلات السفر هذه عادةً القيام برحلة قصيرة خارج الغلاف الجوي للأرض، أو البقاء في محطة الفضاء الدولية لفترة أطول.
تاريخ السياحة الفضائية:
بدأت فكرة السياحة الفضائية تطفو على السطح بعد نجاح الرحلات الفضائية المأهولة الأولى، إذ تم تسجيل أول رحلة سياحية فضائية قبل 23 عاما، وتحديدا في عام 2001، حيث قام رجل الأعمال الأمريكي "دينيس تيتو" برحلة إلى محطة الفضاء الدولية، ومكث دينيس لمدة 8 أيام في محطة الفضاء الدولية، ودفع لوكالة الفضاء الروسية حينها مبلغ 20 مليون دولار، لأنه وصل عبر مركبة الفضاء الروسية سيويوز ومن حينها انطلق مفهوم السياحة الفضائية، وفيما يعدها البعض مجرد حلم، يؤمن رجال الأعمال والصفوة من الطبقة المخملية بأنها واقع قريب للغاية.
وقد شهدت السنوات الأخيرة تطورات كبيرة في مجال السياحة الفضائية، مع ظهور شركات خاصة مثل "سبيس إكس"و"ڤيرجين غالاكتيك"، والتي تعمل على تطوير مركبات فضائية تجارية من بينها السياحة.
أسباب الإقبال على السياحة الفضائية:
أحد أهم الأسباب وراء الإقبال على السياحة الفضائية والتفكير فيها، هي التجربة الفريدة، حيث تعد رحلة إلى الفضاء تجربة فريدة من نوعها لا يمكن نسيانها، وستبقى عالقة في الذاكرة حتى النهاية، هذا إلى جانب رغبة الكثيرون في استكشاف الفضاء والكون، ثم أضف إلى ذلك طعم الإنجاز الشخصي، حيث تعتبر رحلة إلى الفضاء إنجازًا شخصيًا كبيرًا، ليس هذا فحسب، بل فيها من التميز الكثير، إذ أن هذا النوع من السياحة لم ينتشر على نطاق واسع بعد، وغير متاح إلا للنخبة فقط، الأمر الذي يمنح سائح الفضاء شعورًا أكبر بالتميز والفرادة.
تحديات تواجه السياحة الفضائية:
ورغم العود البراقة والأحلام الكبيرة، تبقى السياحة الفضائية في محل "معاناة" جزئيا في الوقت الحاضر، إذ تواجه العديد من التحديات الكبيرة، وفي مقدمتها الكلفة المادية، حيث لا تزال تكلفة الرحلات الفضائية مرتفعة جدًا، مما يجعلها متاحة فقط للأثرياء، حتى أنها ليست متاحة للأثرياء على الإطلاق، إنما للنخبة والصفوة من الأثرياء، وتتراوح تكلفة الرحلة الفضائية حاليًا بين مئات الآلاف وملايين الدولارات، وفي الوقت الحالي، السفر إلى الفضاء مقصور على الأشخاص الذين لديهم القدرة المالية على دفع التكاليف المرتفعة.
أيضا من التحديات الخطيرة التي تواجه السياحة الفضائية هي موضوع "السلامة"، فهناك مخاطر صحية وسلامة مرتبطة بالسفر إلى الفضاء، الأمر ليس عبارة عن رحلة طيران فضائي فقط، إذ أن الذين سيفكرون في المكوث لفترة قصيرة في محطة الفضاء الدولية، عليهم الخضوع لبرامج تدريب معينة، وعليهم اجتيازها أيضا، ثم لاحقا عليهم تحمل تبعات تأثيرها – إن وجد- عليهم صحيًا وبدنيًا.
كذلك من التحديات التي تواجه السياحة إلى الفضاء بشدة، هي قضية التأثيرات البيئية، حيث قد يكون للسياحة الفضائية آثار سلبية على البيئة، ويولي قادة وحاكم نافذون حول العالم حاليا أهمية كبرى للقضايا البيئية وقضايا المناخ والاستدامة بشكل عام، وهو أمر قد يعيق الجهود الكبيرة المبذولة للانتقال بالسياحة الفضائية إلى خطوة متاحة على الأقل في الوقت الحاضر لجزء أكبر من الناس، وأن لا تقتصر على فئة معينة.
مستقبل السياحة الفضائية:
ومع استمرار البرامج الفضائية والتجارب التي تجريها الشركات والمؤسسات الكبرى المعنية بالسفر إلى الفضاء، يتوقع على المدى البعيد، أن تنخفض تكاليف الرحلات الفضائية في المستقبل مع التطورات التكنولوجية، ومحاولات تسخيرها المستمرة.
أيضا مع الاهتمام المتزايد بعلوم الفضاء واكتشافه، يتوقع أيضا أن تتوسع السياحة الفضائية لاحقا إلى وجهات قد تشمل في المستقبل القمر، وفي المستقبل الأبعد باقي الكواكب، ليس هذا فحسب، بل هناك من الشركات الفضائية من طرحت أفكار لبناء فنادق في الفضاء لاستقبال السياح الراغبين في خوض هذه التجربة المثيرة، حيث تعتبر رؤية الأرض من الفضاء تجربة لا تُنسى، كما يمكن للسياح تجربة الشعور بانعدام الوزن، هذا إلى جانب الاستمتاع بوجبات طعام خاصة، يتم تقديمها مصممة خصيصًا لرحلات الفضاء، أما هواة العلوم والاستكشاف، فيمكنهم المشاركة في الأبحاث العلمية في الفضاء.
هذا وتعتبر السياحة الفضائية مجالًا واعدًا، ومن المتوقع أن يشهد تطورات كبيرة في السنوات القادمة. مع انخفاض التكاليف وتطور التكنولوجيا، قد تصبح رحلة إلى الفضاء متاحة للجميع في المستقبل.
أبرز برامج الشركات الخاصة بالسياحة الفضائية
من أبرز الشركات العاملة في مجال السياحة الفضائية، شركات ڤيرجين غالاكتيك لصاحبها البريطاني البريطاني ريتشارد برانسون، وبلو أوريجين العائدة إلى جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون، إلى جانب شركة سبيس أكس التي يملكها رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك، وتعمل تلك الشركات منذ سنوات، على تطوير التكنولوجيا لكي تجعل رحلات السياحة الفضائية الجماعية ممكنة مع خفض التكلفة.
وفي 2019 تمكنت ڤيرجين غالاكتيك من إرسال ثلاثة أشخاص إلى آخر نقطة في حواف الفضاء تحت المداري، على ارتفاع يبلغ نحو 90 كيلومترا، ثم أرسلت الشركة لاحقا أشخاص آخرين إلى المدار نفسه، عبر طائرة فضاء صاروخية صغيرة اسمها "سبيس شيب" تحملها طائرة أخرى ضخمة إلى ارتفاع 13.4 كم، وقالت الشركة إن نحو 600 سائح اشتروا تذاكر لرحلات فضائية على متن طائرتها الصاروخية بكلفة للتذكرة تتراوح بين 200 و250 ألف دولار، مشيرة إلى أن قائمة الانتظار تضم آلاف الأسماء.
أما شركة بلو أوريجين، فتطور الصاروخ "نيو شيبرد" ليحمل الكبسولة إلى الفضاء لتمكث عدة دقائق، والصاروخ الذي سيحمل الكبسولة قابل للاستخدام المتكرر، ويمكنه الهبوط عموديا مثل صاروخ سبيس أكس "فالكون"، كما تطور شركة إيلون ماسك مركبة ستار شيب، والتي ستمكن ثمانية أشخاص من قضاء أسبوع كامل حول القمر ثم العودة إلى الأرض.