المؤلفة الموسيقية ليال وطفة لـ "هي": قصة فيلم "6 أيام" تشبهني.. وسأقدم حفلات جماهيرية قريبًا

رغم أهمية توظيف الموسيقى التصويرية ضمن الأعمال السينمائية والدرامية، إلا إنه لا يزال محترفيها نادرين في الصناعة الفنية على مستوى الوطن العربي، لاسيما الفنانات اللواتي تشق طريقهن الفني ببصماتهن المبتكرة الاستثنائية؛ واللائي تتصدرهن بأعمالها المعاصرة الناجحة الفنانة السورية المتميزة ليال وطفة، زادت شهرة ليال وطفة مع انتشار أعمالها الناجحة وتصدرت تريند السوشيال ميديا خلال السنوات القليلة الماضية؛ والتي يأتي منها: مسلسلات "تحت الوصاية"، و"عنبر 6" و"دانتيل"، و"موجة حارة"، وأفلام "نوارة"، و"فوتوكوبي"، و" قبل زحمة الصيف".

تحدي فني جديد وتجربة سينمائية مغايرة تخوضها الموسيقية ليال وطفة، مع طرح أحدث أعمالها الموسيقية ضمن أحداث فيلم "6 أيام" من بطولة الفنانين أحمد مالك وآية سماحة، إلى جانب مشاركتها بفيلم "كولونيا" الحاصل على عدة جوائز بالدورة الأخيرة لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.

"هي" حاورت الفنانة السورية ليال وطفة حول محطاتها الفنية المتميزة، وكواليس تأليفها للموسيقى التصويرية للفيلمين "6 أيام"، و"كولونيا"، وتجربة المشاركة بالمهرجانات السينمائية العالمية، فضلاً عن رأيها بالتغيرات التي طرأت مؤخرًا على صناعة الموسيقى بين إيقاع الراب والاوركسترا.

بداية.. ما جذبك للمشاركة بتأليف الموسيقى التصويرية لفيلم "6 أيام"؟

تحمست كثيرًا عندما تواصل معي المنتج مروان الكحكي، بعدما تعاونا سابقًا في مسلسل "المشوار"، راغبًا في تكرار التعاون بيننا في هذا الفيلم، وبعد قراءة السيناريو أحببت قصة الحب الرقيقة الجميلة الرومانسية به والتي لمستني وشعرت بتشابه بينها وبين تجارب وخبرات ماضية سابقة بحياتي، وأنني أستطيع أن أعبر عنها بالمزيكا من قلبي من مكان تجربة.

هل تحرصين على قراءة السيناريو أو حضور التصوير ضمن كواليس عملك على تأليف الموسيقى التصويرية؟

للأسف لم يحالفني الحظ في فرص حضور تصوير أي عمل فني شاركت به، لأن معظم الوقت يكون التصوير في بلد آخر؛ سواء مصر، أو سوريا، أو لبنان، أو السعودية، أو البحرين، أو الكويت، أو الإمارات، أكثر ما أفضله واستمتع به أن أشاهد المشاهد جيدًا وأكتب الموسيقى عليها، لكن هذا لم يكن دومًا متوفرًا، ظروف العمل تختلف بين كل عمل وآَخر وفقًا للمساحة الزمنية المتاحة، لأن أحيانًا نبدأ الشغل على الموسيقى في مراحل مبكرة قبل انطلاق التصوير، لذلك نقرأ الحوار والسيناريو والملخص الدرامي، كما أفضل التواصل مع المخرج ويحكي لي القصة؛ يعطيني فكرة عامة عن الموضوع.  

ماذا عن المعايير التي طلب توافرها المخرج كريم شعبان في موسيقى فيلم "6 أيام"؟

كان هناك بيننا تناغما وتطابقا كبيراً بالآراء الموسيقية التي تخدم الفيلم وقصته؛ شعرت أنني أعمل مع الشخص الصح للمشروع الصح؛ تشابهنا واتفقنا كثيرًا في الأفكار والآلات الموسيقية التي يجب علينا استخدامها لكل مشهد؛ على سبيل المثال كان يعرف أنه علينا استخدام "العود" لكن ليس بشكل رئيسي، كذلك طلبه استخدام "الترومبيت" بطريقة استثنائية؛ فاقترحت عليه ان نستخدمه بطريقة تعطيه مشاعر نوستالجيا واشتياق، كذلك أضفت له آلة موسيقية أعجبته وشعر أنها قريبة لروح مصر.

إذن .. ما بقية الآلات الموسيقية التي حرصتما على استخدامها في فيلم "6 أيام" وفقًا لقصته الشبابية؟

استكمالاً كما تحدثنا عن "الترومبيت" و"العود"، كما قررت ان أستخدم "أكورديون" لأنه به إحساس مصري جدًا بالنسبة لي، بالإضافة إلى "الوتريات" والتي دومًا ما أفضل استخدامها؛ لأنها تعطينا إحساس الدفء والحنان والعشق والحب؛ هكذا كانت مجموعة الآلات الموسيقية الأساسية لموسيقى الفيلم.

أي من شخصيات فيلم "6 أيام" تشعرين أنها الأقرب لقلبك؟

البطلان هو وهي بكل صراحة؛ لأن كلاهما لديهما تفاصيل بحياتهما أو قصتهما أشعر بتشابه بيني وبينهما؛ وأظن كل مُشاهدي الفيلم سيجدون تشابه بينهم وبين البطلين أيضًا؛ لأن لا يهم إذا كان ذكرًا أو أنثى، لكن دومًا ما يكون هناك أشياء تحدث في حياتنا، تؤثر علينا وعلى طريقة تفكيرنا وتصرفاتنا في الحياة والقرارات التي نأخذها.

تشاركين في تأليف الموسيقى التصويرية لفيلم "كولونيا - My Father’s Scent" الفائز في مهرجان فينيسيا السينمائي بشهر سبتمبر الماضي.. ماذا تمثل لكِ هذه التجربة؟

تجربة أسعدتني وأحببتها كثيرًا؛ علمت بفيلم "كولونيا" وهو لا يزال في مرحلة الإنتاج، وجذبتني قصته وطاقم فريق العمل والممثلين، وشاهدت لقطات منه وأحببت درجات الألوان المستخدمة والإضاءة، فضلاً عن وجود محمد حفظي كمنتج ومحمد صيام المخرج، لذلك، فرحت كثيرًا عند فوزهم في مهرجان عريق قبل اكتمال مراحل إنتاج الفيلم كلها، وهي خطوة مهمة وكبيرة حقًا للفيلم وصناعه، وأتمنى له مزيد من المشاركات والجوائز خلال الفترة المقبلة. مراحل تأليف الموسيقى التصويرية لهذا الفيلم مختلفة أيضًا؛ لأن معظم أعمالي الفنية من أفلام أو مسلسلات تحتوي على عناصر "ميلودي"  ألحان، لكن ما لاحظته بفيلم "كولونيا" والذي اختاره المخرج أيضًا كان Atmospheric أكثر من كونه Melodic؛ استعمال الموسيقى بها قليل لأن المخرج كان يريد دمج بين تصميم الصوت والأصوات التي تدور في المشاهد نفسها؛ اختلاف سيشعر به المشاهدون عند المشاهدة.

من أعمالك المتميزة الجديدة في السينما أيضًا "وداعًا جوليا"، أول فيلم سوداني يشارك في البرنامج الرسمي لمهرجان "كان" وحصل على عدة جوائز دولية كثيرة مهمة.. حدثينا عن تجربتك به كيفية تحضيرك للتيمة الموسيقية واختيارها؟

بداية، أرغب في التنويه والتأكيد بأنني لست المؤلفة الرئيسية للموسيقى التصويرية لفيلم "وداعًا جوليا" لكن مؤلف الموسيقى التصويرية الرئيسي هو مازن حامد من السودان؛ لكن أظن انه أول فيلم له فهو يعزف في فرقة، فكان لديه بعض الاستفسارات الخاصة بتوزيع الاَلات والوتريات، كما أراد هو والمخرج تأكيد مشاهد الفيلم التي تحتاج موسيقى بالفعل وطريقتها، لذلك استعانوا بي كمستشارة فنية Music Supervisor؛ ساعدتهم في توزيع الوتريات والموسيقى وتسجيلها أيضًا مع اختيار المشاهد التي ستحتاج الموسيقى.

تتركين بصمة بموسيقيتك عند الجمهور في أكثر من وسيط فني سواء في السينما أو الدراما أو الإعلانات.. ما الأقرب لقلبك؟

أفضل كثيرًا العمل على الأفلام الروائية الطويلة، صحيح إنني في مشواري المهني اشتغلت على عدد كبير من المسلسلات تتخطى الـ 30 مسلسلاً، وإعلانات لا تعد ولا تحصى، ووثائقيات كثيرة، ومع محطات تلفزيونية كبيرة كما قدمت موسيقى رمضان على MBC، وأعمال أخرى كثيرة، لكن الأقرب لقلبي والأكثر استمتاعًا بالنسبة لي هو كتابة الموسيقى التصويرية للأفلام؛ وهذا الشغف أغرمه ويتملكني كثيرًا بتلقائية منذ الطفولة.

لكِ أعمال موسيقية في دراما رومانسية واجتماعية وغيرها تشويق وإثارة وجريمة ونوعيات فنية مختلفة.. أيهما الأكثر صعوبة في العمل عليه؟

الأصعب في العمل عليه هو النوع الكوميدي؛ لا أفضله كثيرًا لأنني لا أرى شخصيتي به؛ لأنني لا أعطيه كل شئ بقلبي كمؤلفة أو أقدم به أعلى درجات الإبداع لدي، لكن أكثر الأنواع المفضلة بالنسبة لي هو الدراما والإثارة والجريمة.

يتميز أسلوبك الموسيقي دومًا بدمج الألحان الشرقية مع الموسيقى الأوركسترالية الغربية.. هل تحرصين على هذا النهج الموسيقي بدافع التجديد بالمشهد الموسيقي أم الانتشار العالمي؟

أي فنان حينما يبدأ العمل بمجال الموسيقى، يأخذ دومًا وقتًا كثيرًا حتى يتعرف على ما يميزه أو يميز موسيقاه ويجعلها مختلفة عن مؤلفين غيره؛ كان عندي تجارب كثيرة، وأفضل تجريب نوعيات مختلفة من الموسيقى، إلى أن شعرت إنني أقدم من روحي وقلبي هذا الأسلوب من الموسيقى الأوركسترالي ودمجه مع الموسيقى الشرقية، فهذا الاستايل الذي أحبه وأشعر أنه يعبر عن مشاعر الموسيقى التي أقدمها وأكتبها، عملي عليه حبًا فيه بتلقائية وليس بحثًا عن العالمية، لكنني أيضًا أقدم أنواعًا أخرى من الموسيقى لا تحتوى على ألحان شرقية وكذلك العكس أقدم موسيقى يغلب عليها الطابع الشرقي دون التوزيع الأوركسترالي؛ الاختيار يأتي وفقًا لنوع العمل الفني وأخطط لموسيقاه بحسب احتياجاته.

مؤخرًا قدم الرابر مروان بابلو حفلاً موسيقيًا لايف بمشاركة اوركسترا القاهرة السيمفوني بقيادة المايسترو ناير ناجي في مصر.. ما رأيك في هذه التجربة؟ وكيف ترين هذا الدمج الموسيقي بين الراب والاوركسترا؟

بصراحة لم أستمع إليها حتى الآن، لكنني أحب كثيرًا أي موسيقى تُدمج مع الاوركسترا لأنني مغرمة بها؛ أحب كثيرًا الاستايل الأوركسترالي وكل ما يأتي معه؛ سواء كان الراب أو الشرقي أو الهندي، كل ما يُدمج معه سواء من الاَلات أو أساليب موسيقية أخرى، وترفع من قيمتها وتدخلها للقلب أكثر.

بعد حصولك على عدة جوائز عالمية وعربية عن أعمال مختلفة منذ عام 2006.. لو قدرت لك الفرصة بوصف مشوارك الفني الثري والناجح بتراك موسيقى محدد لفيلم أو مسلسل من تأليفك، ماذا تختارين؟

لا أريد اختيار عمل واحد أو مقطوعة موسيقية محددة، فلا تستطيع أن تكفي التعبير، لأنني أشعر أن لكل عمل روح معينة تطابق قصته وشعوره واحتياجاته وعما كنت أشعر به وأنا أعمل عليه وأكتب فيه، لكن أستطيع القول بأنني أتعلق بتراك واحد ويكون مفضل لدي من ضمن مقطوعات موسيقية كثيرة لكل عمل فني؛ لأنه عادة ما يرتبط بذكرى معينة أو شعور ما كان يراودنا أثناء هذه الفترة من العمل عليه أو الفترة الحياتية نفسها ومشاعرها.

في رأيك، ما هي أسباب ندرة عمل النساء كمؤلفات للموسيقى أو مُلحِّنات بالوطن العربي؟

للأسف هذا ليس بالعالم العربي فقط، لكن على المستوى العالمي أيضًا، لكن النسبة الأكبر تنكشف لدينا أكثر؛ لأننا بشكل طبيعي لن يصل عدد مؤلفينا لرقمهم عالميًا، لكن مع تقدم الوقت يتحسن الوضع ويحدث عدة تطورات وانفتاح أكبر ونحكي عن هذه المواضيع وأصبح هناك تسليط الضوء على المؤلفات الموسيقيات أكثر ونجاحاتهن وهو ما يثير الحماس لدى الفنانات الأصغر سنًا أو أهلهم لتشجعيهن على العمل بهذا المجال، على عكس بداياتي الأكثر صعوبة لم يكن هذا الأمر شائعًا، ويمكن لا تسمعين عن مؤلفات عربيات للموسيقى التصويرية قديمًا، أي يمكنك أن تجدين الكثيرات في مجال تأليف الأفلام أو المسلسلات لكن ليست الموسيقى التصويرية، بعض النساء تخاف أن تبدأ العمل بهذا المجال، ولا تعرف كيف تتوقع، وتفترض أن تجد الكثير ضدها من دون أي دعم من الآخرين، لكنني على يقين بأنه سيتغير مع الوقت خاصة وإن العمل بالموسيقى المرتبطة بالمشاعر تليق كثيرًا بالنساء وعاطفتهن وبالتأكيد تستطعن أن تترك بصمتهن وتترجم مشاعرهن بالموسيقى.

مع أو ضد استخدام الذكاء الاصطناعي في التأليف الموسيقي؟ ..وهل ترين أنه قد يؤثر عالميًا على صناعة الموسيقى بشكل جاد؟

بصراحة، أنا ضد ومع الذكاء الاصطناعي الاثنين؛ لأنني خائفه ان نصل لوقت والعالم يصبح يعتمد به على الذكاء الاصطناعي فقط لتأليف موسيقى كاملة وتستغني كليًا عن المؤلفين الموسيقيين وهذا أراه خطأ؛ لأنه مهما يقدم الذكاء الاصطناعي لا يزال هناك روح الإنسان الفنان مفقودة به، لكن يمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين مؤلفاتنا؛ أي يعطينا أفكارًا أو أصواتًا جديدة نستعملها لمؤلفاتنا، هذا يجعلنا نتقدم ونتحسن أكثر بعيدًا عن الاعتماد عليه كليًا، لذلك علينا زيادة مستوى الوعي حول استخداماته ومخاطره.

مَن تتمنين تقديم ديو موسيقي معه من مطربي أغاني الراب أو البوب؟

لم أفكر في ذلك من قبل، لكنني أحرص دومًا على تأليف موسيقى لمطربين من أي نوع فني مختلف دون تحديد نوع محدد، بشرط أن يكون مناسبًا للاستايل الذي أقدمه، حتى نستطيع دمجه مع موسيقيتهم ويعطي مذاقًا فنيًا جديدًا.

تكرر مؤخرًا إحياء بعض كبار الموسيقيين حفلات لايف لعزف الموسيقى التصويرية للأفلام.. فما موقفك من تقديم هذه النوعية من الحفلات؟

أتمنى بالفعل تقديم حفلات لكل الموسيقى التي عملت عليها من قبل، وهذا سيكون غالبًا في مصر أو دبي، لكن لا يزال تحت التخطيط ولم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن، كما يتطلب أن أعيد توزيع بعض المقطوعات لتصبح مناسبة للحفلات. ورغم تواصل دار الأوبرا بدبي معي والكثير من مصر يسألونني عن فرصة لإحياء حفلات، لكنني انشغلت بعدة أعمال أخرى ولا زالت أتحمس للتجربة وتنفيذها اتمنى ان يكون قريبا.

وماذا عن فكرة طرح ألبوم موسيقي لكي يضم أعمالك؟

أرى أنني إذا اتخذت خطوة طرح ألبوم موسيقي، يجب أن يحتوي على أعمال جديدة كليًا وتكون موسيقى غير المتعلقة بالأفلام أو المسلسلات، ربما يكون بالمستقبل لكنني لم أخطط له الآن.

أخيرًا.. ما جديدك الفترة المقبلة؟ و هل تشاركين ضمن ماراثون دراما رمضان 2025؟

أنشغل بعمل فني جديد سأعلن عنه خلال الفترة القليلة المقبلة، بالإضافة إلى تخطيط الحفلة الموسيقية كما ذكرت سابقًا، أمًا رمضان 2025 لا يزال القرار لم يُحسم بعد حتى الآن؛ إنني اعتادت على المشاركة بدراما رمضان سواء المصرية أو العربية على مدار 15 عامًا بـ مسلسلين أو 3 أعمال في الموسم الواحد وهذا يسعدني بكل تأكيد.