مديرة مهرجان "طيران الإمارات للآداب" أحلام البلوكي لــ"هي": الأدب والشعر يحملان قوة فريدة في تمكين المرأة
يعود مهرجان طيران الإمارات للآداب عام 2025 ببرنامج مميز يمتد لستة أيام مليئة بقصص لا تُنسى وحوارات عميقة وأنشطة ممتعة. ويُقام المهرجان في فندق إنتركونتيننتال، دبي فيستيفال سيتي من 29 يناير حتى 3 فبراير 2025، حيث يشكّل فرصة استثنائية لمحبي الكتب والكتّاب الواعدين وعشاق الثقافة.
ما هي تفاصيل رؤية نسخة 2025 و كيف يعزز المهرجان أصوات الكاتبات والشاعرات في العالم العربي ومنطقة الخليج؟ كل ذلك وأكثر تستكشفه "هي" في حوار خاص مع الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الإمارات للآداب، ومديرة مهرجان طيران الإمارات للآداب، المديرة الإدارية لدار “ELF” للنشر أحلام البلوكي. ومعها نخوض في حوار شيق حول دورها القيادي وكيفية تمكين المرأة من خلال الأدب والشعر.
أصبح مهرجان طيران الإمارات للآداب حدثًا بارزًا سنويًا ثقافيًا، ما هي الرؤية لنسخة عام 2025، وكيف تتماشى مع تطور المهرجان على مر السنين؟
الرؤية لدورة المهرجان لعام 2025 تتمثل في تعزيز مكانة المهرجان كمنصة شاملة تحتفي بالأدب في كل أشكاله وتجلياته، انطلاقاً من إيماننا بأن الأدب ليس حكراً على الكلمة المكتوبة فقط، بل إنه جزء أساس في الفنون، الموسيقى، المسرح، وحتى الحوارات اليومية التي تشكل أساس حياتنا. لهذا السبب، نعمل على توسيع نطاق المهرجان ليشمل تجارب إبداعية متعددة، مثل عروض أداء الشعر والموسيقى، الجلسات التفاعلية، مآدب العشاء، والورش التي تدمج بين الأدب والفنون الأخرى.
هذا العام، نواصل تقليدنا بتكريم أساطير الأدب العربي والعالمي، حيث خصصنا في السنوات السابقة جلسات مميزة لشعراء وأدباء مثل محمود درويش وجبران خليل جبران. في دورة 2025، نحتفي بنزار قباني، أحد رموز الأدب العربي، عبر جلسة خاصة تسلط الضوء على إبداعاته وتأثيره المستمر في الأدب والشعر.
منذ انطلاق المهرجان، قطعنا شوطاً طويلاً في تحقيق هدفنا بجعل دبي مركزاً ثقافياً عالمياً. نحن نعتبر المهرجان تجسيداً حياً لتطور المشهد الأدبي في دولة الإمارات، حيث نمزج بين تراثنا الثقافي الغني والأفكار الحديثة لتقديم تجربة لا تُنسى لكل زائر.
بصفتك الرئيس التنفيذي لمهرجان طيران الإمارات للآداب، ما الذي ألهم رحلتك إلى هذا الدور القيادي؟ وكيف أثرت وجهة نظرك كامرأة على رؤية المهرجان؟
رحلتي إلى هذا الدور القيادي كانت مستوحاة من شغفي العميق بالثقافة والأدب ورغبتي في بناء منصة تجمع الناس من مختلف الخلفيات لتبادل الأفكار والإلهام. لطالما كنت مؤمنة بأن الأدب له قوة استثنائية في توحيد القلوب والعقول، ووجودي في هذا الدور يُمكنني من تحقيق ذلك على نطاق أوسع. كوني امرأة، فإن تجربتي الخاصة منحتني منظوراً فريداً لرؤية كل فعاليات المؤسسة والمهرجان كمساحة لتمكين المرأة المبدعة وتعزيز دورها في المشهد الثقافي. أسعى دائماً إلى جعل المهرجان منصة تحتفي بالإبداع، من خلال تسليط الضوء على كاتبات وشاعرات إماراتيات وعربيات، ودعمهن لتحقيق طموحاتهن على الصعيدين المحلي والدولي.
على مدار السنوات، كان من دواعي فخري رؤية قصص النجاح التي كبرت مع المهرجان، مثل الشاعرتين الإماراتيتين، عفراء عتيق وشمه البستكي. اليوم، أصبحتا مصدر إلهام للشابات في الإمارات وخارجها، وهما تشاركان إبداعاتهما في مهرجانات أدبية حول العالم. هذه النجاحات تجسد رؤية المهرجان كمنصة لتمكين المرأة ومنحها الفرصة للتألق عالمياً، وتؤكد أن الأدب يمكن أن يكون نافذة للعالم وفرصة لتحقيق الطموحات الكبيرة.
كيف يعزز المهرجان أصوات الكاتبات والشاعرات خصوصًا المؤلفات الإماراتيات والعربيات وهل من دعم خاص لهنّ لتحقيق أهداف على صعيد عالمي؟
نعمل في مؤسسة الإمارات للآداب، الجهة المنظمة للمهرجان، على توفير بيئة شاملة وداعمة تُبرز المواهب النسائية وتوفر لهن المساحة الكافية للتألق على المستويين المحلي والدولي. جزء كبير من دورنا في المهرجان يتمثل في تسليط الضوء على الكاتبات والشاعرات الإماراتيات والعربيات من خلال جلسات نقاشية وورش تركز على أعمالهن، وتقديم فرص للتواصل مع ناشرين ووكلاء أدبيين عالميين، ما يسهم في نقل إبداعاتهن إلى جمهور أوسع.
بالإضافة إلى ذلك، أطلقت مؤسسة الإمارات للآداب مبادرات مبتكرة لتعزيز حضور الكاتبات العربيات والإماراتيات على الإنترنت، بالتعاون مع مجموعة مستخدمي ويكيميديا الإمارات من خلال إثراء المحتوى العربي والإنجليزي. هذا المشروع يهدف إلى رفع الوعي بأعمالهن وإبراز مساهماتهن الأدبية على نطاق عالمي.
من خلال دار "ELF" للنشر، نساهم أيضًا في تقديم الأدب الإماراتي والعربي إلى العالم إذ عملنا على نشر العديد من الأعمال لكاتبات إماراتيات مثل ابتسام البيتي وميثاء الخياط بالإضافة إلى ترجمة رواية ريم الكمالي إلى اللغة الإنجليزية، مما أتاح لجمهور دولي فرصة استكشاف الأدب الإماراتي بعمقه وتفرده.
من أبرز النجاحات التي حققتها المؤسسة مؤخراً عبر برنامج "الفصل الأول: زمالة الإمارات للآداب وصدّيقي للكتّاب" هو توقيع صفقة كتاب للكاتبة سارة حمدان لروايتها "ماذا سيقول الناس؟"، التي تستعرض قضايا الهوية والمجتمع بطريقة مميزة. كما حصلت دار "ذا ديال بريس" للنشر، التابعة لمجموعة "بينجوين راندوم هاوس"، على حقوق نشر كتاب "المستوطنون" للكاتبة صبا بريفلي؛ صبا هي من الكتّاب المتأهلين للدورة الثانية من زمالة "الإمارات للآداب وصِدِّيقي للكتّاب". جاء ذلك بعد توقيع الكاتبة مع الوكيلة الأدبية أليسكا ستارك من وكالة "رايترز هاوس" في نيويورك. هذه الزمالة أيضاً تعكس التزامنا بدعم المواهب المحلية وتمكينها من الوصول إلى جمهور عالمي. ولا ننسى دور أمسيات المؤسسة التي تُنظم شهرياً، حيث توفر منصة للمبدعات والموهوبات الناشئات، من شاعرات وفنانات، للتعبير عن مواهبهن ومشاركة أعمالهن مع الجمهور، مما يعزز الثقة والإبداع لديهن ويؤكد على دعم المؤسسة للمواهب الجديدة.
إضافة إلى ذلك، يأتي تعاوننا المستمر مع "دبي للثقافة" كجزء أساسي من رؤيتنا لتعزيز المواهب المحلية وتصديرها للمشاركة في فعاليات أدبية وثقافية خارج الدولة، مما يتيح لهن فرصة بناء خبرات وشبكات جديدة. إن هذه المبادرات وغيرها تجسد التزامنا الراسخ بدعم الكاتبات والشاعرات الإماراتيات والعربيات، وتحويل قصصهن وأصواتهن إلى أدوات للحوار الثقافي العالمي، تعكس هوياتهن وتطلعاتهن وقيمهن.
من خلال تجربتك، كيف يمكن أن يكون الأدب والشعر أداة لتمكين المرأة وتعزيز حضورها؟
الأدب والشعر يحملان قوة فريدة في تمكين المرأة، حيث يمنحانها وسيلة للتعبير عن أفكارها وتجاربها وإيصال صوتها إلى العالم. من خلال الكلمة، يمكن للمرأة أن تعيد تعريف هويتها وتؤكد على مكانتها في المجتمع.بالنسبة لي، الأدب والشعر ليسا فقط وسيلة للتعبير، بل أداة للتغيير المجتمعي. عندما تشارك المرأة قصصها وتجاربها، فإنها تُلهم غيرها من النساء وتشجع حواراً يعزز من الوعي المجتمعي بأهمية تمكين المرأة. في المهرجان، رأينا كيف يمكن لقصيدة أو قصة أن تُحدث تأثيراً يتجاوز الكلمات، ليصبح الأدب والشعر أداة لفتح الأبواب وتغيير المفاهيم.
ما النصيحة التي تقدمينها للشابات اللواتي يطمحن إلى تولي أدوار قيادية في الصناعات الإبداعية أو الثقافية؟
نصيحتي الأولى هي أن تتبعن شغفكن بكل شجاعة وثقة. الصناعات الثقافية والإبداعية تحتاج إلى نساء مبدعات يؤمنّ بأنفسهن وبقدراتهن، ويملكن الجرأة لطرح أفكار جديدة والتعبير عن رؤيتهن الفريدة. فالإبداع الحقيقي يكمن في التميز وفي الجرأة على كسر القوالب التقليدية.
استثمرن في أنفسكن من خلال التعليم المستمر واكتساب المهارات اللازمة، وابحثن دائماً عن بناء العلاقات مع الأشخاص الذين يشاركونكن نفس الشغف والقيم. كونوا منفتحات على التعلم من التجارب، واعتبرن التحديات فرصاً ثمينة للنمو والتطور.
والأهم من ذلك، لا تخفن من الفشل، فهو جزء أساسي من رحلة النجاح. تذكرن أن كل خطوة تخطينها في هذا المجال يمكن أن تكون مصدر إلهام للجيل القادم من الشابات اللواتي يحلمن بتحقيق طموحاتهن في الصناعات الثقافية والإبداعية.
ومن خلال مهرجان طيران الإمارات للآداب، تُتاح فرص استثنائية للتفاعل مع نساء ملهمات ومؤثرات في مختلف المجالات، حيث يوفر المهرجان جلسات حوارية ملهمة تسلط الضوء على قصص نجاح وتجارب مميزة. ومن أبرز هذه الجلسات:
• "إفطار روّاد الأعمال: المرأة في القيادة": فطور وجلسة استثنائية تتناول دور النساء في القيادة وكيف يمكن أن يكنّ قدوة في قطاعاتهن المختلفة.
• "كسر القاعدة": جلسة تستعرض قصص نساء تجاوزن التوقعات التقليدية وخلقن لأنفسهن طرقاً فريدة.
• "من الألم إلى الهدف": جلسة تُبرز كيف يمكن تحويل التحديات الشخصية إلى مصدر للإلهام والإنجاز.
• "تأثير الاستقرار على الإبداع والمبدع": جلسة تستعرض دور دبي في دعم الصناعات الإبداعية وتعزيز مكانة المواهب.
• "أنتِ السبب يا ماما": جلسة تحمل صورة الأمومة وتأثيرها على الهوية والعلاقات الإنسانية.
هذه الجلسات وغيرها تمثل فرصاً للتعلم، والتواصل، واكتساب الإلهام من النساء اللواتي تركن بصماتهن في مجالاتهن، وتُظهر كيف يمكن للمهرجان أن يكون بوابة للنمو والنجاح.