نصائح النوم وتحسين جودة الحياة

اضطرابات النوم: كيف تؤثر على حياتنا؟ خبيرٌ يشرح لكيفية تحسين نومنا

جمانة الصباغ
12 فبراير 2025

هل سمعتِ عزيزتي بمصطلح "تأجيل النوم الإنتقامي"Revenge Bedtime Procrastination؟ إنه مصطلحٌ منتشر بين أبناء الجيل زد وجيل الألفية عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وبالأخص عبر تيك توك.

تصف العبارة ظاهرة تأخير النوم القسري التي يقوم بها المرء، للتعويض عن فقدان وقت الفراغ أثناء النهار. مع العلم أن وقت الفراغ هذا، نفقده بالطبع يُفقد أثناء القيام بشيءٍ إلزامي، مثل العمل أو الدراسة أو رعاية الأطفال.

يستغل الكثير من الناس حرية ساعات الليل، للقيام بما فاتهم خلال النهار، حتى وإن كان ذلك لأسبابٍ غير مهمة وليس من ورائها فوائد كثيرة.   والسبب؟ محاولةٌ مستمية للإحساس بالسيطرة على الحياة الشخصية والوقت. قد يكون للوباء كوفيد-19 تأثيرٌ كبير لناحية زيادة هذه الظاهرة، في ظل تفشي المشاكل الصحية والعقلية والنفسية التي صاحبت انتشار فيروس كوفيد المستجد؛ لكن الخبراء يؤكدون أن الطلبة والنساء هم أكثر عرضة لتأجيل وقت النوم الإنتقامي، وعادةً ما نرى هذا النوع من التصرفات من الأشخاص الذين قد يعانون من اضطراب الوسواس القهري أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. إذ قد يكون لدى الأشخاص الذين يعانون من القلق الشديد أو أولئك الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري، رغبةً أكبر في السيطرة على وقتهم الخاص.

الدكتور نعمان شودري استشاري أمراض الرئة وأخصائي طب النوم في مستشفى هيلث بوينت
الدكتور نعمان شودري استشاري أمراض الرئة وأخصائي طب النوم في مستشفى هيلث بوينت

هذه الظاهرة وغيرها من اضطرابات النوم التي تعصف بحياتنا في الوقت الحالي، ونظرًا لطبيعة الحياة اليوم وتسارع وتيرة العمل وتأثير ذلك على مختلف جوانب معيشتنا؛ فإن شريحةً كبيرة من الناس باتت تعاني من قلة النوم، على الرغم من الأهمية الكبيرة للحصول على قسطٍ كافٍ من النوم. وهو ما يؤثر بصورةٍ سلبية للغاية على حياتنا وصحتنا على مختلف الأوجه.

فإذا كنتِ عزيزتي تطمحين لتعزيز صحتكِ الجسدية والنفسية والفكرية، وتسعين بجد لتحسين رفاهكِ وجودة نومكِ في ظل ضغوطات الحياة المختلفة؛ ما عليكِ سوى متابعة هذا الحديث الشيق مع الدكتور نعمان شودري، استشاري أمراض الرئة وأخصائي طب النوم في مستشفى هيلث بوينت، والذي يتطرق فيه للدور الحيوي الذي يلعبه النوم في الصحة النفسية والبدنية على حد سواء.

أهمية جودة النوم على الصحة

النوم عنصرٌ أساسي ليتمكن الجسم من استعادة عافيته، وتجديد خلاياه، والحصول على الطاقة الكافية لمزاولة العمل وقضاء يومنا بعافية ونشاط، أوضح الدكتور شودري؛ مضيفًا أن النوم يُعد عنصرًا حيويًا للعديد من الوظائف الحيوية في جسم الإنسان، بما يشمل النمو العضلي وتعافي الأنسجة. كما للنوم الجيد دورٌ أساسي في إزالة السموم من الدماغ، بما يدعم الوظائف المعرفية، ويساعد في تعزيز الذاكرة وتنظيم العواطف.

على المقلب الآخر؛ فإن قلة النوم قد تتسبب بالعديد من المشاكل،    بما فيها انخفاض القدرات المعرفية، والمشاكل النفسية كالقلق والاكتئاب، وزيادة مخاطر التعرض للحوادث. فضلًا عن ذلك، تزيد حدة قلة النوم مع الأيام والأشهر، من خطر التعرض لمشاكل صحية حقيقية على غرار أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري وضعف الجهاز المناعي ككل.

عيادات متخصصة لعلاج مشكلات النوم

ونظرًا لتعقيد اضطرابات النوم، بات وجود عياداتٍ متخصصة لعلاج مشاكل النوم أمرًا أساسيًا في عالمنا؛ إذ يمكن لهذه المراكز التعامل مع مختلف اضطرابات ومشاكل النوم مثل انقطاع النفس أثناء النوم، ومتلازمة تململ الساقين، واضطرابات النوم، واضطرابات الساعة البيولوجية، والأرق. ولذلك تقدم هذه العيادات التقييم الشامل وتضع بناءً على ذلك، خطط العلاج المُخصصة. وبالتالي، فإن من يعاني من اضطرابٍ حاد في النوم، يبدأ بالتأثير السلبي على مجمل حياته، ما عليه سوى اللجوء إلى هذه العيادات لطلب المساعدة.

حرَري نفسكِ من اضطراب النوم بطلب المساعدة الطبية المناسبة
حرَري نفسكِ من اضطراب النوم بطلب المساعدة الطبية المناسبة

أضاف الدكتور شودري بأن تشخيص اضطرابات النوم ينطوي على مراجعة تاريخ المريض وأعراضه، وإجراء دراسة نومٍ متعمقة؛ فضلًا عن إمكانية إجراء اختباراتٍ أخرى مثل اختبار زمن النوم المتعدد، أو اختبار المحافظة على اليقظة، إذا لزم الأمر.

ويمكن لإهمال اضطرابات إيقاع النوم أن يقود لمشاكل لا تُحمد عقباها. لذلك حذر الدكتور شودري من العديد من المخاطر المرتبطة بذلك، مثل التعب المستمر أثناء النهار؛ زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب؛ مشاكل القلب والأوعية الدموية؛ مشاكل التمثيل الغذائي، والمضاعفات بعد الجراحة. كما أن إهمال علاج انقطاع التنفس أثناء النوم، على سبيل المثال، يمكن أن يزيد بشكلٍ ملحوظ من مخاطر فقدان الحياة.

خططٌ علاجية مناسبة لمشاكل النوم

يعتمد الخيار العلاجي لمشاكل النوم على الحالة بحد ذاتها،   إلا أن الدكتور شودري شددَ على أهمية البدء باستشارة الطبيب لتصميم الخطة العلاجية المناسبة للحالة. وشارك أيضًا بعض التوصيات العامة التي يمكن أن تساعد في الوقاية أو الحد من مشاكل النوم، هل تريدين معرفتها؟

بحسب استشاري أمراض الرئة وأخصائي طب النوم في مستشفى هيلث بوينت، فإنكِ قد تنعمين بنومٍ هانئ طيلة الليل، ولأيامٍ عدة، من خلال تطبيق الآتي:

1.      تنظيم أوقات النوم.

2.      تجنَب المُحفزات قبل الخلود للسرير كالانشغال بالأجهزة الذكية التي ينبعث منها الضوء الأزرق المُسبب للقلق.

3.      توفير بيئة نومٍ مريحة، من المراتب والوسائد المريحة، إلى درجة حرارة الغرفة المعتدلة والمناسبة، وصولًا إلى الإضاءة.

4.      يمكن أيضًا لبعض التغييرات في أنماط الحياة، أن يساعد في حصولكِ على قسطٍ صحي من النوم، مثل خسارة الوزن الزائد، والتقليل من المُنبهات، والإقلاع عن التدخين.

اضطرابات النوم قد تتسبب بمشكلات صحية ونفسية عديدة
اضطرابات النوم قد تتسبب بمشكلات صحية ونفسية عديدة

تحذيرٌ من تصاعد مشاكل النوم

قد تكون ظاهرة تأجيل النوم الانتقامي، واحدةً من المشاكل العديدة التي نمر بها في عصرنا الحالي؛ خصوصًا الأجيال الشابة.

وفي هذا الصدد، أشار الدكتور شودري إلى أنه ثمة زيادة ملحوظة في مشكلات النوم خلال السنوات الأخيرة، مضيفًا: "مع تزايد معدل انتشار السُمنة، نرى اليوم الكثير من المرضى الذين يعانون من مشاكل النوم. أضف لذلك، أصبحت اضطرابات الأرق واضطرابات الساعة البيولوجية، مثل اضطراب طور النوم المتأخر، أكثر شيوعًا."

إنما ومع تزايد الوعي، والجهود المبذولة من قبل المختصين والإعلاميين (وهو ما نحاولُ فعله على موقع "هي" بصورةٍ منتظمة)؛ أصبحت أهمية معالجة مشاكل النوم وطلب المشورة المتخصصة أكثر وضوحًا. ولاشك بأن منح النوم الصحي الأولوية، يقود للتمتع بحياةٍ أكثر صحة وتوازنًا، بما يؤكد على دور النوم الحيوي في الرفاه العام.