
خاص لـ"هي": ميدالية بشت البرقاء في كأس السعودية 2025 .. تحفة وطنية صاغتها أنامل سعودية في 83 ساعة
في ميدانٍ حيث تلتقي السرعة بالفخامة، والمجد بالعراقة، تُصاغ اللحظات الخالدة بلمساتٍ من الذهب، وخيوطٍ من التراث، وأحجارٍ تنطق بصمتها العتيقة. ليس الفوز في بطولة كأس السعودية 2025 مجرد لحظة تتويج، بل هو تتويجٌ لقصةٍ حُبكت بأيادي أبناء وبنات الوطن: ريفا عبدالصبور وسارة الهاشم وصالح الجار الله، نسجت "ميدالية بشت البرقاء" من التراث، وتألقت في ساحة الفروسية في عامٍ يُحتفى فيه بالفن والإرث، عام الحرف اليدوية 2025. وفي هذه المناسبة تتحدث ريفا عبدالصبور لـ"هي" عن تجربته الملهمة.

تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، اجتمع الحرفيون السعوديون في مضمار الملك عبدالعزيز للفروسية، ليكتبوا فصلًا جديدًا من الإبداع الوطني، حيث لم تكن الميدالية مجرد جائزة، بل شهادةً حيةً على أن الحرفة السعودية متجددة، وأن الفنون التقليدية قادرة على أن تتألق في المحافل العالمية.
لم تُولد هذه الميدالية في ورشةٍ عادية، بل خرجت من أرواحٍ مبدعة، قلوبٍ تنبض بالهوية، وأيدٍ تحمل إرث الأجداد. ثلاثةُ فنانين سعوديين، من أبناء المعهد الملكي للفنون التقليدية "وِرث"، نحتوا تفاصيلها بمهارة، واستغرقوا 83 ساعة من العمل المتقن، موزعة بين مختلف الحِرف التي تضمنتها، بما في ذلك فن السدو وصياغة المعادن وغيرها من التفاصيل الدقيقة. ليُقدموا تحفةً تجسد العراقة والفروسية في سيمفونية من السدو والمعدن والحجر.
ريفا عبدالصبور.. حيث الفضة تروي حكاية "بشت البرقا"

في قلب الميدالية، يتألق دبوسٌ فضيٌّ يُغلقها برمزيةٍ أنيقة، يحمل تفاصيل مستوحاة من "بشت البرقا"، ذاك الرمز الذي لطالما كان عنوان الهيبة والفخامة في المجالس العربية. هذا العنصر الفني صنعته بإتقان ريفا عبدالصبور، الحرفية المتخصصة في فن المعادن التقليدية، جعلت من الفضة لوحةً تنبض بالأصالة والقوة، وكأنها مرآة تعكس ماضي الفروسية في بريق الحاضر.
وفي حديث ريفان لـ "هي" عبرت عن شعورها بالفخر والتمكين الذي قدمه "وِرث" حيث تقول: "هذه التجربة تعني لي الكثير، خاصةً وأن وِرث أتاح لي فرصة المشاركة كمدربة في فن صياغة المعادن. شعور التمكين له طابعٌ مختلف عندما يأتي من جهة تؤمن بك وبقدراتك."
وتكمل ريفان الحديث قائلة:" وعلى الصعيد الشخصي، لا تزال الفنانة بداخلي غير مصدقة أنها تخرجت من كلية التصاميم والفنون، وها هي اليوم تحقق هذه الإنجازات في وطنها، وسط هذا الدعم الكبير من مملكتنا الرشيدة."
أنامل تُحاكي خيوط الزمن وصلابةُ الأرض في نحت الفروسية
في كل خيط من خيوط السدو الذي يزين الميدالية، نبضت روح الحرفة التي لم تندثر، بل ازدادت جمالًا في يد سارة الهاشم، طالبة برنامج التلمذة في النسيج التقليدي. لم تكن مجرد نساجة، بل راويةٌ تحكي بأسلوبها كيف يمكن لخيوط الماضي أن تلتقي بنبض الحاضر، لتُزين أعناق الفائزين في أغلى سباقات الخيل.

أما الأساس الذي يحتضن الميدالية، فهو ليس مجرد قاعدة حجرية، بل قطعةٌ من أرض الرياض، نُحتت بعناية من صخورها العريقة، وحُفرت عليها نقوشٌ مستوحاة من الأبواب النجدية، كرمزٍ للصلابة التي ميزت الفرسان والخيل عبر العصور. لم يكن الحرفي صالح الجارالله مجرد نحات، بل كان باني جسرٍ بين الأرض والفروسية، منحوتته تتحدث بلغةٍ لا يفهمها سوى عشاق المجد.
83 ساعة من العمل.. لنقش النصر بأيدي السعوديين
في عالم الفروسية، لا تُقاس قيمة الميدالية بثقلها، بل بقصة صُنعها. وعلى مدى 83 ساعة من العمل اليدوي المتقن، اجتمعت الحرفة السعودية في أجمل صورها، ليخرج هذا العمل الفني بمزيجٍ من السدو، الفضة، والحجر، معبرًا عن العلاقة بين الماضي والحاضر، بين التراث والحداثة، في قطعةٍ تحمل روح الوطن.
ميدالية بشت البرقا.. رمزٌ خالدٌ لمستقبلٍ متجذرٌ في التراث
في عام الحرف اليدوية 2025، تأتي هذه الميدالية كرسالةٍ بأن الحرفة السعودية لم تكن يومًا مجرد ذكرى، بل مستقبلٌ يُعاد تشكيله بأيدي أبنائه. إنها أكثر من مجرد وسام، إنها لوحةٌ منحوتةٌ في ذاكرة الفائزين، وحكايةٌ تحيا في قلب الفروسية السعودية.
فكما يركض الفارس نحو المجد، وكما يزهو الحصان بقوته، تتألق ميدالية كأس السعودية 2025 كنجمٍ يُضيء سماء الرياض، حاملةً في تفاصيلها قصةً لا تنتهي... قصة وطنٍ يعيد إحياء إرثه بكل فخرٍ وإبداع.
جميع الصور من الصفحة الرئيسية لوِرث في منصة اكس