
خاص "هي": المصممة البحرينية "فاطمه محمد ديتو" نموذج ملهم لمفهوم slow fashion في عالم الأزياء والموضة
قدمت المصممة البحرينية فاطمه محمد ديتو نموذجا ملهما بتأسيسها للعلامة التجارية D Two وفق مفهوم slow fashion في عالم الأزياء والموضة، والتي تعتمد على الجودة والاستدامة، ووضعت بصمة خاصة لها في عالم الأزياء والموضة بالعديد من الإنجازات المتميزة.. والتي التقتها "هي" في حوار خاص كشفت من خلاله عن قصتها الملهمة وأبرز إنجازاتها خلال مشوارها في عالم الأزياء والموضة، من خلال هذا الحوار المتميز معها:
عرفينا عن نفسكِ.
خريجة بكالوريوس علوم الحاسوب وأعمل في القطاع المصرفي، نشأت في عائله فنية تعشق الموسيقى، فكبرت محاطة بالألحان، مما زرع في داخلي حب العزف على البيانو منذ سن العاشرة.. فالبيانو هو مساحتي الخاصة، حيث أجد السكينة وأعبر عن مشاعري بحرية دون أي تأثير خارجي.
أما حبي لتصميم الأزياء، فهو على العكس تماماً.. هي لغتي لمشاركة أفكاري مع العالم، وأطمح من خلاله إلى ترك بصمة مؤثرة في عالم الموضة، وإلهام الآخرين لاختيار أسلوب حياة أكثر وعيًا وجمالًا.
تتشكل هويتي من التوازن بين جانبي حياتي، شغفي بالعلوم والتكنلوجيا حيث أجد متعة في التحليل والابتكار، واهتمامي بالفن الذي يمنحني مساحة للتعبير عن ذاتي.. هذا التوازن هو ما يشكل هويتي، ويعطيني القوة لأجمع بين المنطق والابداع في كل ما افعله.
حدثينا عن بداية مشواركِ في عالم الأزياء.

منذ صغري، كنت أحب تصميم ملابسي للمناسبات مثل العيد، رمضان، أو حفلات زفاف الاقارب، لأني كنت دائما ابحث عن التميز والاختلاف، كانت فكرة إطلاق علامتي حلماً يراودني دائما، لكنها بقت مجرد فكرة لانشغالي بدراستي.. وبعد عامين من تخرجي من الجامعة، قررت ان اتخذ الخطوة الاولى وبدأت أفكر في علامتي الخاصة عبر إجراء تجارب على تصاميم مختلفة بأقمشة متنوعة لاختبار التصاميم والجودة.. واستمررت على هذا النهج لمدة عام تقريبا بشكل متقطع.
وفي احدى الايام في عام 2023 صادفت اعلان عن مسابقة ازياء تنظمها السفارة الفرنسية في البحرين، ولقد ذُكر في الاعلان وجود ورش عمل وتدريب للمصممين فشعرت فوراً ان هذا هو ما ابحث عنه! فرصة للتعلم من خبراء في المجال، والحصول على التوجيه والاستفادة القصوى من البرنامج، فقدمت ملفي الشخصي وسعدت باختياري ضمن 15 مصمماً للمشاركة في المسابقة.
كيف تصفين رؤية العلامة التجارية D Two في عالم الأزياء؟

رؤيتي لـ D Two هي تقديم ازياء تدوم عبر المواسم، بعيداً عن الصيحات المؤقتة، لتكون قطعاً يمكن ارتداؤها لسنوات وتنسيقها بطرق مختلفة.. أؤمن بجودة الحرفية واختيار الأقمشة بعناية، مع التركيز على الاستدامة والانتاج المرتكز على معايير أخلاقية انسانية، لضمان ان تكون كل قطعة مصممة بعناية وتعكس حس بالمسؤولية تجاه البيئة والمجتمع.
احرص في تصاميمي على تحقيق توازن بين البساطة والتفاصيل الفريدة، بحيث تكون كل قطعه هادئة في مظهرها لكنها تحمل طابعاً مميزاً يجعلها فريدة بطريقتها الخاصة.. بالنسبة لي، D Two هو امتداد لشغفي، حيث استوحي تصاميمي من احساسي بالموسيقى، وارتباطي بالطبيعة، وتأثري بالفن والثقافة من حولي.. في كل تصميم، احرص على خلق شعور، سكينة كهدوء الطبيعة، وعمق يلامس الروح، تماماً كما تفعل لي الموسيقى عندما اعزفها.
حققتِ العديد من الإنجازات المتميزة خلال مشواركِ في هذا المجال.. حدثينا عن أبرز هذه الإنجازات.

من أبرز انجازاتي في هذا المجال مشاركتي في مسابقة الازياء التي نظمتها السفارة الفرنسية في البحرين، حيث كان المطلوب منا تصميم عباية عصرية ومستدامة، قدمت تصميماً يعكس الحرية الداخلية للمرأة مستوحى من حركه اجنحه الطيور ورمزها للخفة والانسيابية، وحصلت على اعلى تقييم من لجنه التحكيم عند تقديمي للتصميم، كما حصلت على جائزة إقامة لمدة شهر في معهد IFM في باريس ضمن برنامج صيفي، وكانت تجربة مميزة عشت خلالها اياماً لا تنسى في عاصمة الموضة، وأضافت الكثير الى رحلتي في هذا المجال.
وخلال هذا البرنامج، خضت أول عرض أزياء لي، حيث قدّمت أول مجموعة لي Aurum Rebirth، التي استلهمتها من الأشكال الهندسية للذهب البحريني التقليدي، مثل كرسي جابر، المرتعشة، الهيلة، الهلال، والليرة، والسعفة، وقدمتها بأسلوب عصري يجمع بين التراث والتصميم الحديث.. كانت لحظة مميزة في مسيرتي، حيث شعرت أنني أخيرًا أقدم شيئًا يعكس هويتي ورؤيتي في عالم الأزياء، ولقد انعكس كل ذلك في موقعي الالكتروني وحسابي بالانستقرام، حيث اعرض منتجاتي واتواصل مع زبائني من مختلف البلدان.
كما تم اختياري مؤخراً من بين 30 بحريني للمشاركة في برنامج ESMOD Dubai بالتعاون مع تمكين وارتسانا الرائد المبدع، فهذه الفرصة مميزة جداً، حيث يركز البرنامج ليس فقط على تطوير مهاراتنا كمصممين، ولكن ايضاً على تنمية قدراتنا في اداره الاعمال والتسويق، مما يساعدنا على بناء علامات تجاريه ناجحة ومستدامة.. اتطلع في المستقبل القريب إلى ترجمه المعارف والمهارات التي اكتسبها خلال هذا البرنامج في منتجاتي القادمة.
في عالم مليء بالحركة السريعة والتغيير المستمر.. لماذا اخترتِ مفهوم slow fashion لعلامتكِ التجارية.

لطالما شعرت بالحاجة إلى الثبات وسط عالم مليء بالتغيير المستمر، ووجدت في الموضة البطيئة الطريق الأمثل لتحقيق ذلك.. شعرت بالإرهاق من الاستهلاك المفرط، خاصة مع الموضة السريعة، حيث نشتري الكثير، لكن سرعان ما تتلف القطع بسبب جودتها المنخفضة أو نفقد اهتمامنا بها لأنها كانت مجرد موضة مؤقتة وعابرة.. وفي النهاية، رغم امتلاء خزائننا بالملابس، نشعر أننا لا نملك شيئًا نرتديه.
لهذا اخترت الموضة البطيئة، لأنني أريد أن أقدم تصاميم تمنح الشعور بالتميّز، بعيدًا عن الإنتاج الضخم الذي يجعل كل شيء يبدو متشابهاً ويفقد القطع قيمتها الخاصة.. مع الموضة البطيئة، لا نحتاج إلى الشراء المتكرر، بل نقتني ملابس تدوم، نشعر بالراحة فيها، ونكون فخورين بطريقة صنعها وجودتها العالية.
حدثينا عن المميزات والمبادئ الرئيسية لهذا المفهوم.. والفرق بينه وبين المفاهيم الأخرى الشائعة في عالم الموضة؟

الموضة البطيئة تعتمد على الجودة والاستدامة، حيث يتم التركيز على تصميم وإنتاج قطع تدوم لسنوات، بعيدًا عن مواكبة الاتجاهات السريعة التي تتغير كل موسم.. هذا المفهوم يعزز الاهتمام بالتفاصيل، واستخدام الأقمشة عالية الجودة، والتركيز على الإنتاج الأخلاقي الذي يراعي ظروف العاملين ودفع اجور عادلة.
على عكس الموضة السريعة التي تعتمد على الإنتاج الضخم والتوجهات المؤقتة، تدعو الموضة البطيئة إلى تبني أسلوب أكثر وعيًا في اختيار الملابس، بحيث تكون كل قطعة استثمارًا طويل الأمد يمكن تنسيقها بطرق متعددة.. كما أن الموضة البطيئة لا تُنتج بكميات كبيرة، مما يقلل من الفائض الناتج عن الإنتاج المفرط ويعزز الاستدامة البيئية.
هل تعتقدين بأن الجيل الجديد والحالي من المتسوقين أصبحوا أكثر وعيا بهذا المفهوم، ويتوجهون نحوه؟

نعم، الجيل الجديد أصبح أكثر وعيًا بقيمة الجودة والاستدامة، وبدأ يبتعد تدريجيًا عن كثرة الاستهلاك.. لكن في المقابل، لا تزال الموضة السريعة تجذب الكثيرين بسبب سهولة الوصول إليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يجعل تغيير العادات الاستهلاكية تحديًا مستمرًا.. لذلك، لا يزال هناك حاجة إلى مزيد من التوعية حول قيمة الموضة البطيئة.
ما هي أبرز 3 أفكار مغلوطة عن مفهوم slow fashion؟
اولاً: هناك اعتقاد شائع بأن الموضة البطيئة مملة وتقليدية، لكنها في الواقع تتيح مساحة للإبداع والتميز من خلال تصاميم فريدة تدوم عبر الزمن.
ثانياً: يظن البعض أنها باهظة الثمن، ولكن عند النظر إليها كاستثمار طويل الأمد، نجد أنها توفر المال على المدى البعيد مقارنة بالموضة السريعة التي تتلف بسرعة.
ثالثاً: هناك من يعتقد أنها لا تواكب العصر، بينما الحقيقة أنها تركز على التصاميم التي تبقى أنيقة بغض النظر عن تبدل الاتجاهات، مما يجعلها أكثر استدامة وأصالة.
حدثينا عن أحدث مجموعاتكِ.
مجموعتي الأخيرة "أساس"، هي تجسيد لفلسفتي في الموضة، حيث تركز على البساطة، الجودة، والراحة في تصاميم تدوم عبر المواسم.. الفكرة وراء هذه المجموعة كانت خلق قطع قابلة للارتداء عبر المواسم، تعتمد على الأقمشة الطبيعية والمستدامة.
من بين القطع في هذه المجموعة، استخدمتُ "deadstock fabric" أو الأقمشة المتبقية من مجموعاتنا السابقة، مما يعكس التزامنا العميق بالاستدامة والابتكار في صناعة الموضة.. اختيار هذه الأقمشة المتبقية هي فرصة لإعطاء الحياة الجديدة للمواد التي قد تكون مهملة، وبذلك نخلق تصاميم فريدة تحمل طابعًا خاصًا لا يتكرر.
من خلال تجربتكِ في هذا العالم.. كيف تقيمين تجارب المرأة الخليجية في هذا المجال؟
تجارب المرأة الخليجية في عالم الموضة شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، لقد أثبتت المرأة الخليجية جدارتها على ابتكار أعمال مبدعة وملهمة، وهذا يعكس رغبة قوية في التعبير عن الهوية الخليجية من خلال الأزياء.. إن نجاحاتهن تلهمني بشكل كبير، وافتخر عندما اشهد تطورهن ونجاحهن في تحقيق طموحاتهن في هذا المجال، مما يعزز من قدرة المرأة الخليجية على التأثير في عالم الموضة محليًا وعالميًا.
ماهي نصائحكِ للمصممات المبتدئات الراغبات في اقتحام هذا المجال؟
اغتنمي كل فرصة تعلمكِ المزيد عن تصميم الأزياء، وانغمسي في هذا المجال بكل شغف.. القراءة المستمرة عن الموضة بجوانبها الثقافية والتقنية والتاريخية ستساعدكِ في تطوير رؤيتكِ كمصممة.. مارسي التصميم باستمرار، جربي أفكاركِ، واسمحي لنفسكِ بارتكاب الأخطاء، فهي جزء أساسي من التعلم.. الأهم من ذلك، حافظي على شغفكِ، لأن الإبداع يولد من الحب الحقيقي لما تفعلينه.. عندما يكون لديكِ هذا الشغف، ستصبح رحلتكِ في عالم الأزياء مليئة بالإلهام والفرص والنمو.
ماهي طموحاتكِ المستقبلية؟
منذ انطلاقة علامتي، كنت دائمًا أسعى لتحقيق رؤية واضحة تجمع بين التفرد والجودة العالية.. طموحي ليس فقط الوصول إلى العالمية بل أن أكون جزءًا من حركة عصرية تركز على الأناقة المستدامة والذوق الرفيع.
أريد أن يكون لكل قطعة ملابس قصة تحكي عن المكانة المميزة التي تحتلها في عالم الموضة، وأن تبقى خالدة مع مرور الزمن.. اطمح الى ان يعرف العالم أن D Two ليست مجرد علامة تجارية، بل تعبير عن أناقة لا تتأثر بالزمن.
كلمة أخيرة..
أود أن أتوجه بشكر خاص لمجلة "هي" على هذه الفرصة الرائعة.. كما أشكر عائلتي وأصدقائي وكل شخص وقف إلى جانبي وساندني في رحلتي.. دعمكم المستمر كان مصدر إلهام وقوة لي لتحقيق ما وصلت إليه اليوم.

حساب علامة D Two على الانستجرام:
https://www.instagram.com/dtwodesigns/
الموقع الالكتروني:
الصور تم استلامها من المصممة فاطمه محمد ديتو.