
أجمل الجزر الإيطالية لقضاء عطلة الأحلام في ربيع وصيف 2025
عندما تُذكر تجربة السياحة في ايطاليا فإن الأذهان غالبًا ما تتجه مباشرة إلى مدنها الشهيرة مثل روما وفلورنسا والبندقية، ولكن هناك جانب آخر من هذا البلد الساحر يستحق الاكتشاف ويتمثل في جزرها التي تمتد عبر البحر المتوسط، فهذه الجزر توفر تجربة مختلفة تمامًا حيث تمتزج فيها أجواء البحر الهادئة مع القرى التاريخية والمأكولات التقليدية التي لا تُنسى.
ونتعرف اليوم على مجموعة من أجمل جزر ايطاليا السياحية المثالية لعطلة لا تُنسى هذا الموسم، سواء الاسترخاء على الشواطئ أو استكشاف الطبيعة أو الاستمتاع بثقافات محلية متجذرة، والانغماس في عالم من الجمال والجاذبية.
صقلية

صقلية أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط تُعرف بتنوعها الثقافي المدهش، حيث تعاقبت عليها حضارات متعددة مثل الإغريق والرومان والعرب والنورمان، وهو ما انعكس بوضوح في أسلوبها المعماري وأطباقها وحتى في لهجتها الخاصة، وفي عاصمتها باليرمو تتناثر الأسواق الشعبية مثل بالّارو وكابو حيث يمكن للزائر تذوق أطعمة شهية وسط أجواء صاخبة تعكس حيوية الحياة اليومية.
كما أن عشاق التاريخ سيجدون في صقلية ضالتهم حيث تمتد بقايا الحضارات القديمة من وادي المعابد في أغريجينتو، إلى الفسيفساء الرائعة في فيلا رومانا ديل كازالي، وبينما يهيمن جبل إتنا على الأفق وهو أعلى بركان نشط في أوروبا يوفّر لمحبي المغامرة أنشطة متعددة، مثل التنزه على منحدراته أو التزلج في الشتاء.
لكن التجربة في صقلية لا تقتصر على المعالم بل تمتد إلى الإحساس بالحياة على الجزيرة، فمن شواطئ تشفالو الهادئة إلى الأزقة القديمة في راغوزا إيبلا تأخذك الجزيرة في رحلة بين الاسترخاء والدهشة، ويمكن أيضاً المشي في مزارع تطل على البحر حيث تُحيط بك أشجار الحمضيات والزيتون.
سردينيا

سردينيا قد لا تحظى بشهرة المدن الإيطالية الكبرى إلا أن من يزورها يدرك سريعًا أنها تخفي في طيّاتها واحدة من أكثر التجارب الفريدة في أوروبا، فعلى سواحلها الممتدة تمتد رمال بيضاء ومياه فيروزية تبدو وكأنها مقتطفة من مشاهد استوائية، وتُعرف منطقة كوستا سميرالدا في شمال شرق الجزيرة بمنتجعاتها الفاخرة ومرافئها التي تعج باليخوت ومطاعمها الراقية، حيث يقصدها الزوّار الباحثون عن مستوى راقٍ من الرفاهية.
وفي المقابل توفر الجهة الشرقية من الجزيرة خلجانًا منعزلة مثل كالا غولوريتزه وكالا لونا، وهي مواقع مفضلة لعشّاق الطبيعة والغطس، ويمتد سحر سردينيا إلى أعماق تاريخها إذ تركت حضارة نوراغي القديمة آثاراً حجرية مذهلة تُعرف بـ"النوراغي"، ويُعد موقع "سو نوراكسي" في باروميني من أبرزها وقد أدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
وكلما توغلت نحو الداخل أصبحت المناظر الطبيعية أكثر وعورة وتقاليد السكان أكثر محافظة، ففي قرى جبلية مثل أورغوسولو تتزين الجدران برسومات تعكس رؤية فنية عميقة، بينما تتجلى أوجه الحياة التقليدية في أسلوب المعيشة المحلي، وتُعد المأكولات السردينية تجربة بحد ذاتها بنكهات قوية ومشبعة تعكس بيئة الجزيرة.
كابري

كابري الجزيرة الصغيرة التي تقع قبالة ساحل أمالفي تُعرف بأنها وجهة استثنائية جمعت بين الجمال الطبيعي والذوق الرفيع، وقد أسرت الزوار منذ العصور الرومانية وحتى يومنا هذا، ومن أبرز معالمها كهف "بلو غروتو" الذي ينبعث منه وهج أزرق خلاب نتيجة تفاعل الضوء مع المياه، مما يُضفي على المكان طابعًا خياليًا يشبه اللوحات الفنية.
وبينما يُعتبر الكهف رمزاً شهيراً للجزيرة يمكن أيضاً للزوار استكشاف مسارات المشي مثل طريق بيتزولونغو، الذي يفتح آفاقاً خلابة على البحر، كما توفر قمة مونتي سولارو إطلالات بانورامية لا تُضاهى في حين تمنح حدائق أغسطس نظرة ساحرة على صخور فاراليوني الشهيرة، وهي مشاهد تظل راسخة في الذاكرة طويلاً.
وعند الوصول إلى مركز الجزيرة تبرز ساحة بيازيتا كنبض الحياة حيث تصطف المقاهي والمحال الراقية وسط أجواء من الرقي والهدوء، أما بلدة أناكابري الواقعة على ارتفاع أعلى فتمنح زوارها تجربة أكثر تقليدية، حيث البيوت البيضاء والممرات الضيقة التي تفوح منها رائحة البساطة، ويمكن هناك زيارة فيلا سان ميكيلي التي توفر مشهدًا بانوراميًا أخّاذًا على خليج نابولي خاصة عند الغروب، ولا تكتمل زيارة كابري دون تذوق مشروب الليمونتشيلّو المحلي الذي يعكس نكهة الليمون المزروع في بساتين الجزيرة.
إيشيا

تبرز إيشيا كوجهة أكثر هدوءًا وواقعية في خليج نابولي حيث تتيح لزوارها فرصة الجمع بين الاستجمام الطبيعي والمغامرة الخفيفة، وتُعرف هذه الجزيرة البركانية بينابيعها الحرارية التي تتدفق من أعماق الأرض حيث تنتشر منتجعات طبيعية مثل حدائق بوسيدون الحرارية ونيغومبو، والتي تقع وسط حدائق نباتية مطلة على البحر وتقدم بركاً بدرجات حرارة متفاوتة تُغذيها الطاقة الجوفية للجزيرة، ويمكن للزائر أن يقضي يومًا كاملاً هناك بين السباحة والاسترخاء تحت ظلال الأشجار في أجواء يسودها الهدوء.
وفي الوقت ذاته لا تقتصر متعة إيشيا على ينابيعها فقط بل تمتد لتشمل مغامرات على اليابسة أيضاً، حيث يمكن الصعود إلى جبل إيبوميو وهو أعلى قمة في الجزيرة، للاستمتاع بإطلالة بانورامية تشمل البحر والجزر المجاورة، كما يمكن استكشاف قلعة أراغونيزي وهي حصن تاريخي يعود للعصور الوسطى وتتصل بالجزيرة عبر جسر حجري، مما يضفي على المكان طابعًا أسطوريًا، أما الشواطئ مثل مارونتي وتشيتارا فتتميز بطابعها البسيط وأجوائها الهادئة وهي مناسبة للعائلات والأزواج الباحثين عن عطلة بعيدًا عن الازدحام.
كما تنعكس البساطة نفسها في مطبخ إيشيا حيث تعتمد الأطباق على المكونات الطازجة والنكهات المنزلية والمأكولات البحرية الطازجة، والحلويات المصنوعة من الحمضيات العطرية.
إلبا

بينما يُشار إلى إلبا في كتب التاريخ كموقع نُفي إليه نابليون فإن زيارتها تُظهر جانبًا مختلفًا تمامًا مليئًا بالتنوع الطبيعي والثراء الثقافي، وتقع هذه الجزيرة ضمن أرخبيل توسكانا وتُقدم للزائرين مزيجاً متنوعًا من الشواطئ الخلابة والمسارات الجبلية والمعالم التاريخية، وتعد مدينة بورتوفيرايو نقطة الانطلاق الأساسية لاكتشاف الجزيرة، حيث تتناثر فيها الحصون التي تعود إلى عهد ميديشي ويمكن زيارة فيلا دي موليني التي كانت مقر إقامة نابليون، والتنزه في شوارعها الضيقة التي تحتفظ بطابعها القديم.
وتتنوع سواحل إلبا عبر أكثر من 150 شاطئًا حيث تتباين ما بين شواطئ مرصوفة بالحصى مثل سانسوني ذات المياه الصافية التي تشبه الزجاج، إلى رمال ذهبية تمتد في مارينا دي كامبو، ويمكن أيضاً لعشاق الطبيعة التوجه إلى المساحات الداخلية من الجزيرة، حيث توفر الغابات والتلال المحيطة فرصًا مثالية لركوب الدراجات والمشي في مسارات محمية توسكانا الوطنية.
ومن الجوانب الأقل شهرة في إلبا تاريخها في استخراج المعادن حيث توجد مناجم الحديد المهجورة التي يمكن زيارتها، بالإضافة إلى متحف المعادن في ريو مارينا الذي يُقدم نظرة ممتعة على هذا الجانب من هوية الجزيرة، أما المطبخ المحلي فيعكس لمسة توسكانية بنكهة بحرية، حيث تلتقي المكونات البرية من الجبال مع نكهات البحر الطازجة.
بروسيدا

وفي الزاوية الهادئة من خليج نابولي تظهر بروسيدا كأنها بطاقة بريدية من الماضي، صغيرة الحجم لكنها مشبعة بالحياة والألوان، وبتباعدها عن الزخم السياحي الذي يميز كابري وإيشيا تحتفظ هذه الجزيرة بطابعها الصادق والمرتبط بجذوره العمالية، حيث تروي تفاصيلها اليومية حكايات من الزمن القديم، ويُعد ميناء مارينا كورّيتشيلا من أبرز معالمها حيث تتراص بيوت بألوان زهرية وصفراء وزرقاء كأنها قطع من الحلوى، بينما ينشغل الصيادون بترميم شباكهم ويلعب الأطفال في الأزقة الضيقة الممتدة على جانب البحر.
كما توفر بروسيدا مشاهد طبيعية ساحرة رغم مساحتها الصغيرة حيث يمكن زيارة تيرا موراتا المركز التاريخي المحصن للجزيرة، الذي يقع في أعلى نقطة منها ويُطل على خليج نابولي من موقع يُشعرك بالعزلة التأملية، أما عشاق السينما فسيجدون في بروسيدا أماكن مألوفة من أفلام عالمية حيث اختارها المخرجون لتجسيد طابعها السينمائي الفريد.
وتعبّر هذه الجزيرة عن ذاتها من خلال هدوئها وتفاصيلها الدقيقة حيث تتكامل التجربة بين منظر البحر وصحن المعكرونة الايطالية على طاولة مطلة على الرصيف، كما نالت بروسيدا لقب "عاصمة الثقافة الإيطالية" عام 2022 وهو اعتراف بقيمتها الفنية وروحها التي توازن بين العراقة والبساطة.
بانتيليريا

وعلى أطراف الخريطة الإيطالية تبرز بانتيليريا كجزيرة تختلف جذريًا عن غيرها، سواء في موقعها القريب من تونس أو في طابعها الطبيعي القاسي والفريد، وتُعرف باسم "اللؤلؤة السوداء للبحر المتوسط" بسبب أصولها البركانية حيث تنحت الطبيعة من الصخور السوداء مناظر درامية تأسر العين، ولا توجد فيها شواطئ رملية تقليدية بل تتوزع البرك الصخرية الطبيعية والينابيع الحارة والكهوف البحرية بين منحدراتها الوعرة، كما تُعد بحيرة "مرآة فينوس" الواقعة داخل فوهة بركانية من أبرز معالمها، حيث يقصدها الزوار للغطس في مياهها الغنية بالمعادن أو لاستخدام الطين الطبيعي كقناع للبشرة.
وتنعكس هوية الجزيرة في هندستها المعمارية حيث تنتشر بيوت "دامّوسي" ذات الأسقف المقببة والمصممة لجمع مياه المطر، وسط حقول زراعية جافة تمت زراعتها بطريقة مدرّجة لاحتضان كروم العنب، أما أجواء الجزيرة فهي هادئة وعميقة حيث يغلب عليها نمط الحياة البطيء والرومانسي، ويمكن لعشاق المشي اختيار مسارات تمر عبر التلال الجافة أو زيارة ينابيع ساخنة مخفية بين الصخور.