كيف يتشكل الوعي الجمالي وهل يرتبط بجودة الحياة مع الأديبة المعتمدة في التفكير الفلسفي نسرين غندورة

خاص بـ"هي": في التفكير الفلسفي.. كيف يتشكل الوعي الجمالي وهل يرتبط بجودة الحياة مع نسرين غندورة

شروق هشام

تحتاج المرأة إلى تنمية وعي جمالي شخصي شامل ومتوازن، يراعي طبيعة شخصيتها وأسلوب حياتها والمرحلة العمرية التي تعيشها.. وذلك بحسب رأي "نسرين غندورة" الأديبة والروائية السعودية الميسرة المعتمدة في التفكير الفلسفي (P4C - PE) عضو معهد بصيرة، والتي تعد من أوائل السعوديات الحاصلات على اعتماد CMT تفكير فلسفي في الشرق الأوسط من معهد بصيرة، الذي يعد أول معهد في الشرق الأوسط لتعليم مهارات التفكير الفلسفي، والتي احتفلت مؤخرا بإنجاز 100 حوار فلسفي قدمته الميسرة نسرين غندورة.. والتي التقتها "هي" في حوار خاص كشفت من خلاله عن العديد من النقاط الهامة الخاصة ببناء وتشكيل الوعي الجمالي وتنميته ومدى ارتباطه بجودة الحياة.. وذلك من خلال هذا الحوار معها:

نسرين غندورة
نسرين غندورة

بدايةً.. ما هو الوعي الجمالي؟

الوعي الجمالي هو إدراك الإنسان للجمال في الكون، سواء في الطبيعة أو الفن أو العلاقات الإنسانية أو حتى في الأفكار والمفاهيم.. مفهوم الوعي الجمالي مهم جداً، وهو أحد المفاهيم المركزية في فلسفة الجمال والتربية الفنية وغيرها من المجالات المرتبطة بالجمال والفنون بأنواعها المتعددة.

كيف يرتبط الوعي الجمالي في الأساسيات والمكملات من حولنا؟

يعتمد ارتباط الوعي الجمالي في الأساسيات والمكملات، لدى الفرد على مدى اهتمام بيئته الاجتماعية والثقافية بهما؛ لأن بيئة الفرد تسهم بشكل أساسي في تكوين قناعاته وتحديد أولوياته.. سأعطي مثالاً واقعياً: بصفة عامة تعتبر البشرة الجميلة من علامات الجمال، وهي مؤشر على أن الشخص يتمتع بصحة جيدة؛ لذلك كان الوعي الجمالي العام يقدر قيمة البشرة الجميلة، ويعتبرها من الأساسيات، وكانت السيدات يحرصن على الاعتناء بجمال بشرتهن والمحافظ على شبابها، باستخدام مستحضرات العناية والتجميل، واتباع حمية غذائية صحية، والنوم لساعات كافية، إلى أن ظهرت حقن البوتكس التي بدأ استخدامها لتخفيف أثار التقدم في السن، وكانت تعتبر من المكملات، ومع مرور الوقت لاقت رواجاً كبيراً، وبدأت تستخدم لأغراض تجميلية من فئة عمرية صغيرة لا تتجاوز العشرون عاماً!

هكذا تحولت حقن البوتكس من مكملات إلى أساسيات، لدى الجيل الأصغر الذي تكون وعيه الجمالي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، التي تقدم نموذج جمال واحد وتحاول أن تنقع جميع السيدات في العالم أنه مناسب لهن، وأن عليهن اتباعه مهما كلفهن الأمر، بدأ من استخدام الفلاتر للتصوير، مروراً بإنفاق مبالغ باهظة لمواكبة آخر صيحات الموضة، ووصولا إلى الخضوع لجراحات التجميل الخطيرة.

 الملحوظ أن هذا النوع من الوعي الجمالي يفتقر إلى الشمولية والتوازن، كونه يركز على مواكبة صيحات الموضة فقط، دون أن يضع بعين الاعتبار العوامل الأساسية الأخرى مثل الصحة الجسدية والنفسية للفرد؛ لذلك من المهم أن يثقف الفرد نفسه وينمي وعيه الجمالي من خلال: التحاور وتبادل الخبرات مع أشخاص من أجيال مختلفة، والبحث والاطلاع على مصادر المعرفة المتنوعة، وتذوق الجمال بكل أنواعه، وطلب المشورة من المختصين الموثوقين في الطب والموضة وغيرها؛ ليتمكن من اتخاذ القرار المناسب له. 

من مشاركة نسرين غندورة في مؤتمر الفلسفة
من مشاركة نسرين غندورة في مؤتمر الفلسفة

هل يرتبط الوعي الجمالي عند المرأة بتعزيز الثقة بالنفس؟

نعم، يوجد ارتباط وثيق بينهما وكلما زاد وعي المرأة الجمالي زادت ثقتها بنفسها.. يذكر عالم النفس كارل روجرز في نظريته عن الذات أن مصدر الشعور بالقبول الداخلي والثقة بالنفس هو التوافق بين الصورة الذاتية (Self-image) والصورة المثالية (Ideal self)؛ ويمكن للمرأة أن تحقق هذا التوافق من خلال تنمية وعي جمالي شخصي شامل ومتوازن، يراعي طبيعة شخصيتها وأسلوب حياتها والمرحلة العمرية التي تعيشها.

لا شك بأن الوعي الجمالي يقوم بدور أساسي في تحقيق جودة الحياة.. حدثينا عن ذلك.

 يساعد الوعي الجمالي الإنسان على تكوين علاقة صحية بذاته ومجتمعه وبيئته، وبالتالي يزداد تقديره للنعم الموجودة في حياته.. يري عالم النفس والفيلسوف الإنساني إريك فروم بأن الوعي الجمالي يجدد الشعور بالحيوية والتواصل العميق مع الحياة. ويرى عالم الاجتماع إرفينغ غوفمان أن أثر الوعي بجماليات الحياة اليومية يتجاوز حدود المظاهر ليشمل تقدير التناغم والاتساق في السلوك، والعلاقات، والبيئة، وبالنتيجة يُعزّز شعور الإنسان بالانتماء والرضا، وهما من أهم مؤشرات جودة الحياة. وأيضاً يرى الفيلسوف جون ديوي أن الجمال ليس خاصية في الشيء بل تجربة يخوضها الإنسان في حياته اليومية بكل تفاصيلها. وبهذا المعنى، فإن الوعي الجمالي يُحوّل تفاصيل الحياة اليومية إلى لحظات ذات مغزى، فيُضفي على الوجود بُعدًا شعوريًا ومعرفيًا يُثري التجربة الإنسانية ويجعلها أكثر جودة وامتلاء.

ماهي العوامل المساعدة في بناء وتشكيل الوعي الجمالي وتنميته؟

هناك العديد من العوامل سأذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر..

أولا: التربية، يؤدي الأهل دوراً محوريًا في تعريف الأطفال بمفاهيم الجمال والفنون.

ثانياً: التعليم، إدراج المواد الفنية والجمالية في المناهج الدراسية يُنمّي الحس الجمالي لدى الأفراد، ويعزز قدرتهم على التذوق الفني.

ثالثاً: الاستمتاع بجمال الطبيعة.. قضاء وقت في الطبيعة والتفاعل مع عناصرها مفيد جدا للصحة النفسية والجسدية، ويعزز من وعي الفرد بأهمية المحافظة على الطبيعة.

رابعاً: تذوق الفنون والاستمتاع.. يُعمّق الفهم والوعي بالجمالي.

خامساً: ممارسة الفن.. القيام بأي عمل فني مثل الرسم والموسيقى يُسهم في تطوير الحس الجمالي والقدرة على التعبير الفني، ويحسن التواصل مع الذات والآخرين.

تتكامل هذه العوامل لتشكيل وعي جمالي شامل ومتوازن، يُسهم في تعزيز جودة الحياة والارتقاء بالذوق العام في المجتمع.

كلمة أخيرة..

سأختم باقتباس للفيلسوف الغزالي: "البديع هو الذي يظهر الحُسن في كل ما خلقه، ولا يُرى في صنعه تفاوت، فكل جميل في الكون إنما هو ظلّ من تجليات اسم الله البديع".. هذا الاقتباس يساعدنا على استشعار نعمة الجمال، وأرجو أن يلهم القراء الكرام ليحافظوا على جمال مظهرهم وجوهرهم ومجتمعهم.

وختاما..

أشكركم على هذه الاستضافة.. وأرجوا أن أكون قد وُفقت في الإجابة على أسئلتكم.

موقع نسرين غندورة . https://www.nisreenag.com/

الصور تم استلامها من نسرين غندورة.