
لأن الأمعاء أساس الصحة: إليكِ ما تحتاجين معرفته عن فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة (SIBO) وكيفية الوقاية منه
صحة الأمعاء أو Gut Health، هي المصطلح الذي يُطرح بقوةٍ في الآونة الأخيرة؛ نظرًا لأهميته ودوره في تعزيز الصحة بشكلٍ عام.
أمعاؤكِ هي جهازكِ الهضمي، وتشمل المعدة والأمعاء الدقيقة والقولون. تهضم الأمعاء الطعام وتمتص العناصر الغذائية منه، ثم تتخلص من الفضلات. لا يوجد تعريفٌ واضح لصحة الأمعاء، وقد يختلف معناها لدى الباحثين والأطباء والمجتمع. إنما يتفق معظم الخبراء على أن صحة الأمعاء تشير إلى "أنها امتلاك ميكروبيوم معوي صحي وأعراض هضمية محدودة."

يعيش حوالي 200 نوع مختلف من البكتيريا والفيروسات والفطريات في أمعائكِ الغليظة، وتُعرف البكتيريا والكائنات الدقيقة الأخرى في الأمعاء باسم ميكروبيوم الأمعاء. تساعد البكتيريا على هضم الطعام وتحويله إلى عناصر غذائية يستفيد منها جسمكِ. كما قد تُسهم أنواعٌ معينة من البكتيريا في أمعائكِ، في زيادة إصابتكِ ببعض الأمراض؛ وبعض الكائنات الدقيقة ضارة بصحتنا، لكن العديد منها مفيدٌ وضروري لصحة الجسم.
نتعلم مع الوقت، أن تنَوع البكتيريا في أمعائكِ مؤشرٌ مهم على صحة الميكروبيوم microbiome الخاص بكِ؛ كما يمكن أن تؤثر صحة أمعائكِ على صحتكِ الجسدية والنفسية. هل تدركين الآن، معنى الاهتمام الجيد والضروري بصحة الأمعاء؟
يمكن للعديد من العوامل، بما في ذلك الأطعمة التي نتناولها، أن تؤثر على نوع البكتيريا الموجودة في جهازكِ الهضمي. ويمكن أن يكون لما نأكله، آثارٌ قصيرة وطويلة المدى على بيئة ميكروبيوم أمعائنا.
وكما أن وجود البكتيريا النافعة في الأمعاء هو أمرٌ جيد لتحسين صحة الأمعاء، فإن أي خللٍ في توازن هذه البكتيريا وتحوَلها من الأمعاء الغليظة إلى الأمعاء الدقيقة يمكن أن يُسبَب مشكلةً صحية تُعرف بإسم فرط نمو بكتيريا الأمعاء الدقيقة (SIBO)؛ والتي يُخبرنا عنها بالتفصيل اليوم، الدكتور نجيب عبد الرحمن، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي في المستشفى الدولي الحديث.
فإذا كنتِ عزيزتي تعانين من هذه المشكلة، أو تشكين بوجودها؛ ما عليكِ سوى قراءة السطور الآتية، التي يستعرض فيها الدكتور عبد الرحمن لأسباب وأعراض هذه المشكلة وكيفية علاجها والوقاية منها.
فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة (SIBO).. خللٌ صامت يؤثر على الجهاز الهضمي وجودة الحياة
يسألكِ الدكتور عبد الرحمن الأسئلة التالية، قبل الخوض في ماهية هذا المرض:

هل سبق وشعرتِ بانتفاخٍ شديد بعد تناول كميةٍ قليلة من الطعام؟
أو عانيتِ من غازاتٍ مستمرة، وإسهال أو إمساك دون سببٍ واضح؟
قد تكون هذه الأعراض نتيجة مرض يُسمى "فرط نمو بكتيريا الأمعاء الدقيقة" أو ما يُعرف اختصارًا بـ SIBO، وهو حالةٌ طبية تحدث عندما تتكاثر البكتيريا في المكان الخطأ داخل الجهاز الهضمي.
ما هو SIBO؟
الجهاز الهضمي مليءٌ بالبكتيريا النافعة، لكنها تتركّز في الأمعاء الغليظة، بينما تكون الأمعاء الدقيقة شبه خاليةٍ منها؛ وهذا في الحالات الطبيعية. أما في حالة SIBO، فيحدث خللٌ في توازن هذه العملية، وتبدأ البكتيريا بالتكاثر في الأمعاء الدقيقة، مما يُسبَب اضطراباتٍ مزعجة في الهضم وامتصاص العناصر الغذائية.
ما هي أسباب فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة (SIBO)؟
يعود سبب SIBO إلى أحد العوامل الآتية، أو اجتماع أكثر من عامل:
1. بطء حركة الأمعاء الدقيقة: بسبب وجود أمراضٍ مثل السكري أو بعد العمليات الجراحية.
2. نقص حموضة المعدة: إذ أن الحموضة تساعد على قتل البكتيريا؛ وعندما تقل نسبة الحموضة، تتكاثر البكتيريا بسهولة.
3. ضعف في الصمام الفاصل بين المعدة والأمعاء الدقيقة: والذي يسمح بمرور البكتيريا من المعدة.
4. الاستخدام المتكرر للمضادات الحيوية أو أدوية الحموضة.
5. متلازمة القولون العصبي IBS.
لا شك في أن معرفة إصابتكِ بفرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة (SIBO) يتطلب تشخيصًا طبيًا؛ لكن معرفة أعراضه مسبقًا ستساعدكِ في تحسين اختيار الطبيب المختص. ولهذا نقدم لكِ في الفقرة التالية، أعراض هذه المشكلة الصحية الخاصة بالجهاز الهضمي..
ما هي أعراض فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة (SIBO)؟

لا بد من الإشارة إلى أن الأعراض قد تختلف من شخصٍ لآخر، لكن أكثرها شيوعًا تشمل ما يلي:
• الشعور بانتفاخٍ شديد حتى بعد تناول وجباتٍ خفيفة.
• صدور غازاتٍ ذات رائحة قوية.
• الشعور بآلامٍ في البطن.
• الإصابة بإسهال أو إمساك بشكلٍ متزامن.
• الشعور بالشبع المُبكر.
• ضعف التركيز والتعب العام.
• نقص الوزن رغم تناول الطعام.
• نقص في بعض الفيتامينات، مثل B12، A، D، وE .
بالتأكيد، لا يمكن وصف معظم الأعراض سابقة الذكر بالخطيرة؛ لكن تكرارها وحدوتها معظم أوقات تناولكِ للطعام، قد يُشكَل خطرًا على صحتكِ. كيف؟ هذا ما يجيب عليه الدكتور عبد الرحمن بالآتي..
لماذا يُشكَل هذا المرض خطرًا على صحتكِ؟
عندما تتكاثر البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، تبدأ في تخمير الطعام قبل هضمه؛ ما يؤدي إلى إنتاج غازاتٍ وأحماض ضارة، وقد يؤثر على امتصاص الجسم للفيتامينات والمعادن. وهذا يمكن أن يُسبَب مشاكل طويلة المدى مثل سوء التغذية، الأنيميا، ضعف المناعة، وحتى الاكتئاب.
إذن؛ من الضروري تشخيص مشكلة فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة (SIBO) في بداياتها، بغية الحصول على الاستشارة الطبية والعلاجات المناسبة في أقرب وقت. ويُعتمد اختبارٌ يُسمى اختبار تنفس الهيدروجين والميثان، حيث يشرب المريض محلولًا سكريًا ويتم قياس نسبة الغازات التي تخرج مع التنفس. وأي ارتفاع في هذه النسب، يشير إلى وجود فرطٍ في نمو البكتيريا يحتاج للمعالجة لتجنب أو وقف تلك الأعراض المزعجة.
كيف يتم علاج فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة (SIBO)؟

بعد التشخيص، سيعمد الطبيب المعالج إلى وصف العلاجات التالية، حسب حالتكِ المرضية:
1. مضادات حيوية مُوجهة، مثل Rifaximin، والتي تستهدف البكتيريا في الأمعاء الدقيقة.
2. حمية غذائية خاصة: مثل نظام Low FODMAP، والذي يعتمد على تقليل أنواعٍ معينة من الكربوهيدرات التي تُغذَي البكتيريا.
3. أدوية لتحسين حركة الأمعاء.
4. معالجة السبب الرئيسي (مثل إصلاح مشاكل الحموضة أو الصمام).
هل يمكن الوقاية من فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة (SIBO)؟
نعم، يمكن ذلك؛ من خلال اتباع بعض العادات الصحية اليومية، منها مضغ الطعام جيدًا؛ تناول وجبات منتظمة وتجنّب الوجبات المتأخرة؛ تجنب الإفراط في السكريات؛ تجنب تناول مضادات الحموضة لفترة طويلة دون استشارة طبية؛ الرياضة والمشي لتحفيز حركة الأمعاء، وشرب كمياتٍ كافية من الماء على مدار اليوم.
في الختام؛ فإن SIBO قد يبدو مرضًا بسيطًا لكنه يؤثر بشكلٍ كبير على جودة الحياة، وهو ما نسعى إليه جميعًا. الخبر الجيد أن هذا الخلل قابلٌ للتشخيص والعلاج، خاصةً عند الانتباه المبكر للأعراض.
فإذا كنتِ تشعرين باضطراباتٍ هضمية غير مفهومة، لا تترددي في مراجعة طبيبٍ مختص بالجهاز الهضمي، يساعدكِ على تشخيص هذه المشكلة وعلاجها بالوسائل المناسبة، لتنعمي بصحة أمعاءٍ جيدة تنعكس إيجابًا على جودة ورفاه حياتكِ.