روعة الشتاء الأسترالي
أمبرين م احمد
هذا الصيف حظيت بفرصة استكشاف أفضل ما في الشتاء الأسترالي خلال رحلة إلى سيدني وإلى منتجع "وان آند أونلي"One & Only الفاخر في جزيرة هايمان. التجربة كانت تجربة أسترالية حقيقية بكل نواحيها ومراحلها، فحتى الرحلة الجوية كانت على متن خطوط "كانتاس الجوية" Qantas Airways، وهي شركة الطيران الأسترالية الرسمية.
البداية
الرحلة كانت مفاجأة سارة، فكنت سعيدة بالفرار من قيظ مدينتي الحبيبة دبي ودرجات الحرارة الأربعينية فيها. كنت متخوفة من الرحلة التي تستغرق 13 ساعة حين توجهت إلى طائرة سيدني في الصباح الباكر، لكنها كانت تجربة جميلة وممتعة مع مقعد درجة رجال الأعمال المريح، وبفضل طاقم "كانتاس" اللطيف. فأتت المفاجآت واحدة تلو الأخرى، إذ عرضت عليّ المضيفة لباس نوم حالما جلست على مقعدي، لتأتي بعدها وتسألني: "ماذا تودين أن أطهو لك اليوم؟". نعم! لم أخطئ السمع، فهذه الشركة تقدم لزبائنها تجربة مطعم فاخر، بل فندق راقٍ في الجو في تعاون مع الطاهي النجم "نيل بيري"Neil Perry عمره أكثر من 10 سنوات.
أحببت كثيرا الوجبة الشهية التي خرجت للتو ساخنة من الفرن، ونمت خلال معظم الوقت المتبقي من الرحلة لأستيقظ عند الهبوط في مطار سيدني الدولي الذي وصلنا إليه قبيل الفجر. توجهنا منه مباشرة إلى فندق "شانغري لا"Shangri-La Sydney في سيدني، مستمتعين بمشهد شروق الشمس على الطريق.
ذهبت وأنا متحمسة جدا لوجودي في هذه المدينة النابضة بالحياة في نزهة صباحية على الأقدام إلى "الحديقة النباتية الملكية" Sydney Royal Botanic Garden القريبة من الفندق، والتي تقدم لمحة جميلة عن الحياة النباتية الغنية في البلد وطيوره الرائعة. وبعد هذا المشي المنعش، عدت إلى الفندق لتناول الغداء مع فريق الفندق الإداري. بعدها أخذني الفريق في جولة حول الفندق الأنيق الذي يشرف على بعض أجمل مناظر المياه في المدينة. عشقت الغرفة الفاخرة التي كانت محجوزة ليDeluxe Grand Harbour View Room التي تطل على دار الأوبرا وجسر مرفأ سيدني. أجمل منظر للمدينة هو الذي يطل عليه مطعم الفندق "التيتيود" Altitude على ارتفاع 36 طابقا فوق مرفأ سيدني.
الفندق يقع في منطقة "روكس"Rocks ، وهو على مسافة قصيرة من أحياء التسوق والتجارة الأساسية في المدينة. كل المعالم القريبة سهلة الوصول، وعشاؤنا الترحيبي أقيم في مطعم نيل بيري الشهير "سبايس تمبل"Spice Temple ، حيث تلذذت بالأطباق الآسيوية الشهية، ومع أن الوصول إليه لا يستغرق أكثر من 10 دقائق سيرا على الأقدام، استقللنا سيارة تاكسي.
مغامرة أسترالية
ضبطت المنبه ليوقظني باكرا في الصباح التالي، لأنني كنت قد حجزت جولة في كواليس دار الأوبرا في سيدني عند الساعة السادسة صباحا. في هذه الزيارة التي رافقني فيها عدد من السياح، تجولت في الأروقة والأدراج وغرف تبديل الملابس مع دليلنا السياحي اللطيف الذي حكى لنا قصصا مضحكة وحوادث مؤسفة وحكايات مرعبة. من القصص التي أثرت فيّ كثيرا تلك التي كانت عن "دايم جون ساذرلاند" Dame Joan Sutherland التي كانت نجمة المسرح وسيدة متواضعة في الكواليس، فكانت تعرف اسم كل شخص يعمل في دار الأوبرا. كانت نجمة حقيقية.
بعد هذه الجولة الصباحية الباكرة، ذهبت في تاكسي مائي إلى حديقة الحيوانات "تارونغا" Taronga Zoo. وصلنا إلى مدخل هذا المكان المدهش في مصعد مقعدي نقلنا لمدة خمس دقائق ممتعة باستثناء 30 ثانية أخبرنا خلالها الدليل أننا موجودون مباشرة فوق مستنقع التماسيح.
حديقة الحيوانات صخمة جدا لدرجة أنه يمكن للزائر تمضية يوم أو يومين للمشي حولها فقط. الجولة المحجوزة لي كانت للتعرف إلى الحيوانات الأسترالية الوطنية، فرأيت الكناغر، وحيوانات الولب عن قرب، إلى جانب بعض الحيوانات الناشطة في الليل، ومن بينها ثلاثة أنواع من الجرذان. ودببة الكوالا الظريفة كانت هناك أيضا تحاول أن تختبئ وراء أغصان الأشجار. كل حيوان بدا وكأنه يعيش في أفضل زاوية من الحديقة، لكن الزرافات تغلبت على الجميع، فتستمتع بأفضل منظر للمدينة ولمنطقة المرفأ. كنت محظوظة بمشاهدة عملية إطعام الزرافات التي بدت وكأنها تتفاخر بأنها تسكن في أروع نقطة في المدينة.
لم تنته مغامرات اليوم هنا، فبعد هذه الزيارة الممتعة والمرحة، قصدت فندق "واتسونز باي" Watsons Bay Hotel للغداء، حيث الحياة والحيوية تختلطان بعطور الأطباق اللذيذة وضحكات الناس. استمتعت كثيرا بطبق السمك والبطاطس المقلية وبعده بطبق الحلوى بالبسكويت وبوظة الكاراميل. فيما تناولت آخر ملعقة من الحلوى الجميلة، فكرت في أنه لا مانع لدي من تمضية كل نهار جمعة هنا! على وقع هذه الكلمات في ذهني، دخل إلى المطعم دليلنا من "ترول تورز"Troll Tours ليأخذنا في جولة على دراجات "هارلي ديفيدسون" حول المدينة.
لم أكن في مزاج خوض مغامرة، ففضلت أن أجول على المقعد الخلفي لدراجة "هارلي ديفيدسون" ثلاثية. كانت جولة لا تنسى حول أفضل مواقع المدينة ومعالمها، فمررنا في ولومولو باتجاه شاطئ بوندي. بدأت تمطر رذاذا في منتصف الجولة، لكنني بقيت دافئة بفضل سترة الدراج والخوذة المطبعتين بشعار العلامة.
بعد هذه المغامرة الرائعة، شعرنا بالجوع الذي أشبعناه في مطعم "روكبول بار آند غريل" Rockpool Bar & Grill للعشاء، حيث سررت بوجود قطعة لحم واغيو حلال. في ناطحة سحاب على طراز الآرديكو الأمريكي، جلست في غرفة الطعام التي تميزت بجو يتناغم تماما مع الطعام اللذيذ.
في الصباح التالي انتظرتني مغامرة جديدة مشوقة، إذ سافرت مرة أخرى على متن طائرة "كانتاس" من سيدني إلى مطار الحاجز المرجاني العظيم على جزيرة هاميلتون، حيث كانت بانتظاري مروحية لتنقلني إلى محطة الوصول النهائية "وان آند أونلي" One & Only Hayman Islandفي جزيرة هايمان.
منتجع الأحلام
هذه الواحة المترفة تتألق أمام خلفية بحر المرجان وجزر ويتسانداي في عقار فريد تم ترميمه وتجديده ليفتح أبوابه من جديد في شهر يوليو الفائت. استقبلني نائب رئيس قسم علاقات النزلاء "جيمز ويندهام" James Wyndham اللطيف والظريف الذي نقلني في عربة إلى الجناح الذي سأمكث فيه. الجناح مطل على منظر رائع لحوض السباحة، وتميز بقسم جلوس مريح وسرير بظلة.
اضطررت إلى المغادرة سريعا لتناول ثمار البحر الأسترالية الشهية في مطعم "أون ذو روكس" On the Rocks. بعدها أخذت بعض الوقت للاستراحة واكتشاف أجزاء الجناح الذي سأنام فيه قبل أن أزور "وان آند أونلي سبا" One & Only Spa لاستشارة وعلاج. فنصحتني ماريا الخبيرة التي اهتمت بي بعلاج الترطيب الذي استخدمت فيه منتجات "أمالا"Amala في جلسة منعشة ومريحة حقا.
في الصباح التالي بدأت يومي على الشاطئ مع جلسة اللياقة البدنية "بودييزم" Bodyism، وهو فن يتبعه مركز "وان آند أونلي فيتنس" حول العالم، ويرتكز على نظام "كلين آند لين"Clean and Lean الغذائي. شغلت عضلاتي بجهد بعد أن كانت قد اعتادت على جو الراحة والاسترخاء.
لكن هذه التمارين الصباحية أثبتت أهميتها حين قصدت خليج "بلو بيرل"Blue Pearl Bay لتجربة الغطس بأنبوبة التنفسsnorkeling في المياه اللازوردية. فضلت المشي في المياه، ولم أصل إلى النقاط العميقة لدرجة تسمح بالغطس. لمحت عددا من الطيور الرائعة تحلق في السماء، لكنني فشلت فشلا ذريعا في محاولتي لتحديد أنواعها. فكل طير بدا كخليط من طيور كثيرة.
بعد هذا النشاط احتجت إلى النشويات التي حصلت عليها في المطعم الإيطالي الموجود في المنتجع "أميتشي" Amici. بعد تناول البيتزا المخبوزة على الحطب وحلوى التيراميسو، كنت جاهزة لرحلة في المروحية إلى "شاطئ وايتهايفن" Whitehaven Beach المعروف بأنعم رمل في العالم، وقد سمعت أنه مكون من السيليكا الخالصة 100 في المئة. فاستيقظت الطفلة في داخلي لأتمشى على الرمل، وألعب وأرسم به قبل أن يأخذنا الربان في جولة مذهلة على الحاجز المرجاني العظيم، حيث رأينا الحيتان والشعاب المرجانية التي تكونت على شكل قلب، والتي يزورها العشاق من حول العالم.
بعد جولة دامت لساعة ونصف عدنا إلى المنتجع، ودعينا إلى الانضمام إلى الضيوف لتناول العشاء في "فاير"Fire المطعم الفاخر الذي قدم إلينا الطعام الحلال اللذيذ جدا الذي طلبناه مع حلويات رائعة، وهو ما جعل التجربة بأكملها مذهلة.
في اليوم التالي كنت سأغادر بعد الظهر، لكنني ذهبت في نزهة لمشاهدة الولاوب في الصباح الباكر، حيث استمتعت أيضا بتأمل شروق الشمس من طرف الجزيرة. كانت الجزيرة هادئة حقا في ذلك الحين، وأدركت أن الوقت قد حان للعودة إلى سيدني ومن هناك إلى دبي.
اللحظات الأخيرة
لم يكن هذا كل ما رأيناه، فقد أعطتنا شركة "كانتاس" أيضا فرصة زيارة مركزهاCentre for Service Excellence (COSE) ، حيث تمكنت من اكتشاف ما يجعل طعام طيران "كانتاس" رائعا حقا واستثنائيا، حيث شاركتنا "تيري هيغينز" Terry Higgins المستشارة من شركة "روكبول" Rockpool قائمة الطعام للدرجة الأولى من رحلة سيدني - دبي. فرأيت مباشرة الجهود التي تبذل في سبيل خلق تجربة جوية سلسة وراقية.
حالما ظننت أنني رأيت أفضل نواحي الضيافة الأسترالية، تفاجأت بلقاء مع الطاهي الشهير "نيل بيري" Neil Perry الرجل الذي يقف خلف خيارات الطعام الشهية على متن خطوط "كانتاس" الجوية في قاعتها لمسافري الدرجة الأولى في مطار سيدني الدولي. تحدث نيل بشغف عن حبه للطعام، وكيف كان سيرفض العمل مع شركة الطيران، إضافة إلى التعاون الذي بدأ منذ نحو عقد مع "كانتاس"، حيث أدخل مفهوم الطعام المحضر للتو للعملاء.
في رحلة العودة إلى دبي، استلقيت على المقعد المسطح لأستمتع بمشاهدة فيلم أسترالي على عبق نكهات الطعام المطبوخ للتو، ابتسمت وقلت لنفسي إنني أعلم تماما ما هي العوامل التي تمازجت لتجعل من هذه التجربة تجربة خيالية حالمة. أدركت أنني أرغب في العودة إلى أستراليا، ففيها المزيد من الروعة التي أريد اختبارها والجمال الذي أريد اكتشافه.
لا تنسي قراءة النسخة الإلكترونية على موقعنا(Hiamag.com) ، حيث ستجدين المزيد من الصور المشوقة والفيديوهات المميزة.