جولة في غرناطة.. مدينة الأمجاد

تعتبر غرناطة الأسبانية وجهة الراغبين في رؤية بقايا المجد العربي القديم ، وسماع رواية التاريخ عن دولة المسلمين في الأندلس . تقع غرناطة في الجنوب الشرقي من أسبانيا ، مناخها متوسطي معتدل ، ويعمل معظم سكانها في قطاعي الزراعة والسياحة . تجمع المدينة الفاتنة بين مظاهر طبيعية متعددة ، قلما تجتمع في مدينةٍ واحدة ، ففيها الأنهار والجداول والبساتين والجبال الشاهقة ، مما يجعلها وجهة مثالية لمحبي الطبيعة ، لكن ذلك ليس سر شهرتها الوحيد ؛ فغرناطة مدينة الفن الإسلامي من الطراز الأول ، وستكتشف عند تجوالك فيها أن ذلك الفن متواجد في كل ركن ، فتارة يبدو صريحًا ظاهرًا ، وتارة أخرى يتوارى خلف جدار كاتدرائية أو متحف . من أشهر معالم غرناطة “ الكاتدرائية الكبرى ” ، التي أُقيمت على أنقاض مسجد المدينة القديمة ، وتقع في مواجهتها المدرسة القرآنية ، وهي مدرسة أثرية بناها يوسف الأول في القرن الرابع عشر، وما زالت النقوش القرآنية ظاهرة بها رغم مرور الزمن . لا يمكنك أن تدعي أنك زرت غرناطة دون أن تزور “ قصر الحمراء ” ، فهو أهم معلم سياحي بالمدينة على الإطلاق ، ويتوافد لزيارته سنويًا ما يزيد عن 2 مليون سائح ، وهو القصر الذي بناه ملوك بني الأحمر الذين حكموا الأندلس قبل سقوطها ، ويتميز بنقوش إسلامية بالغة الروعة والجمال . عند دخولك لساحة القصر ، ستمر أولاً بقصر على الطراز الروماني بناه الإمبراطور كارلوس الخامس ، ثم محراب صغير عتيق ، لتصل إلى صالة الريان ، وهي ساحة واسعة بدون سقف ، تتوسطها بركة مياه صغيرة تعكس الضوء والجمال . من أشهر ساحات القصر " صالة الأسود " ، وهي تقوم على 124 عمودًا من الرخام الأبيض الناصع ، تتوسطها نافورة يحيط بها اثنا عشر أسدًا تخرج المياه من أفواهها في أوقات محددة ، وتحيط بها قنوات تشير إلى الاتجاهات الرئيسية الأربعة . حين تنتهي من الاستمتاع بقصر الحمراء ، ستجد نفسك في " جنة العريف " ، المقر الصيفي لملوك بني الأحمر ، وكانت مخصصة لراحة الأمراء ، وهي تحفة جمالية ومعمارية أخرى . لا يمكنك زيارة غرناطة دون أن تذهب إلى حي البيازين ، أشهر أحياء المدينة على الإطلاق ؛ ففيه يمكن للزائر الشعور بالعبق الأندلسي العتيق في كل لمحة وكل نسمة هواء ، وما زالت بيوته محتفظة بطابعها العربي ، ومن أهم معالمه جدران القصبة القديمة التي ترجع لعهد بني زيري، والجدران التي بُنيت في عهد بني الأحمر ، وأبراج القصبة ، والمسجد الرئيسي الذي تم تحويله لكنيسة . تعتبر غرناطة مكانًا مثاليًا لمحبي المتاحف ؛ ففيها متحف الحمراء ، ويحوي قطعًا أثرية من مخلفات الأبنية ، منها : لوحة رخامية تؤرخ إنشاء المارستان “ المشفى ” بأمر الأمير أبي عبد الله بن أبي الحجاج سنة 667هـ ، ولوحتان من الحرير على كل واحدة منهما شعار بني الأحمر “ لا غالب إلا الله ” ، ولوحات خشبية ، وقطع فسيفساء ، ولوحة خشبية مذهبة .