هيلي 8 .. أحد أقدم مواقع الاستيطان الزراعي في الإمارات العربية المتحدة
استأنف فريق من الآثاريين الإماراتين والدوليين في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة أعمال البحث والتنقيب من جديد في موقع "هيلي 8" الأثري بعد توقف دام 30 عاماً، والذي يعد أحد أقدم مواقع الاستيطان الزراعي في الدولة، و لعب دوراً رئيسياً في فهم مراحل تطور زراعة الواحات في مدينة العين والجزيرة العربية عموماً.
يقع الموقع قرب "حديقة آثار هيلي" في العين، وأظهرت أعمال التنقيب التي قام بها علماء الآثار الفرنسيون في سبعينات وثمانينات القرن الماضي دليلاً مبدئياً على بداية زراعة التمور والحبوب (القمح والشعير) في الموقع منذ قرابة 5 آلاف عاماً.
وقد تعذر نشر نتائج أعمال البحث والتنقيب عندها نتيجة لوفاة رئيس فريق الآثاريين، في حين عمل الفريق على تحليل المعلومات لفهم تطور النظام الزراعي في الواحات قبل آلاف السنين مما ساهم بصورة أساسية في إدراج مدينة العين على قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة اليونسكو.
وقد كلفت "هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة" في شهر مارس الماضي، فريق عمل متعدد الجنسيات من خبراء الآثار الميدانيين لبدء أعمال التنقيب في الموقع من جديد، باستخدام أحدث التقنيات والأساليب العلمية.
وتولى الفريق المُكلّف تنظيف الموقع بعناية وإجراء مسح ثلاثي الأبعاد باستخدام الليزر لطبقة الطمم الترابية التي تراكمت عليه خلال العقود الزمنية الماضية، مما سيتيح في نهاية المطاف إعداد خطة متكاملة ودقيقة للموقع. وكان الفريق قد استعان بذات التقنية لتسجيل العديد من المدافن التي تعود إلى العصر البرونزي (4500 ق م) في المنطقة، وذلك بهدف رسم صورة واضحة لمعالم ذلك العصر.
وقد تم بذل جهودٍ خاصة لاستخراج وتحليل بقايا النباتات المكتشفة في الموقع، على الرغم أنه من الشائع اكتشاف البذور الصغيرة والمحترقة في المواقع الأثرية، إنما من النادر رؤيتها بالعين المجردة. لذا يتم غمر التربة التي تحتضن بقايا البذور بالماء لتطفو ببطء وتعوم البذور القديمة على السطح. ولإجراء هذه العملية أعدت الهيئة نظاماً خاصاً صديقاً للبيئة يعتمد على إعادة تدوير المياه.
وخلال عمليات التنقيب، تم اكتشاف مجموعة غنية من اللقى الأثرية وبقايا النباتات والحيوانات، التي ستخضع للعديد من الاختبارات العلمية، من ضمنها تقنية التأريخ باستخدام الكربون-14، كما سيعمل الفريق، الذي يتضمن آثاريين إماراتيين، على تحليل بقايا النحاس القديم الموجود في الموقع، وإخضاعها لاختبارات النظائر المشعة لتحديد متى بدأ استغلال النحاس والإتجار به في دولة الإمارات.