شادية..وهل لفتيات الأحلام اسم آخر؟!

ونحن صغارا كانوا يخبروننا بثقة تامة أن شادية بكت واستعطفت الجميع كي يمنعوا عرض أعمالها، كان البعض تأخذه الحماسة، ويؤكد أن شادية طلبت من المسؤولين حرق جميع أفلامها لأنها تخجل من تاريخها بعدما اختارت الاعتزال والحجاب والاحتجاب.. استغرقنا سنوات طويلة قبل أن نكنشف أن هذه أسطورة تم الترويج لها وحياكتها بعناية لتتوارثها الأسر العربية.. لكن شادية الحقيقية مضيئة في كل وقت على الشاشة وبعيدا عنها، وحتى بعدما رحلت.. شادية لازالت تشرق..

شادية لم تتبرأ من تاريخها

شادية التي قيل أنها تغرق في الندم وتريد محو كل ما قدمته على الشاشة، في الحقيقة كانت تتحدث بتفهم واحترام لعملها كممثلة ومطربة في لقاء متداول تظهر فيه وهي محجبة وأنيقة وتشرح كيف تحولت حياتها، دون أن تهدم مامضى، كانت تتحدث باعتدال وخفة وابتهاج، وثقة،على الأقل هذا ما عرفناه من حديثها القليل بعدما تركت الفن.

شادية الدلوعة الرقيقة المغامرة جدا التي تغني في كل وقت، للخطوبة والنجاح والوحدة والأحزان وللوطن وتبكي بخشية وهي تناجي ربها، من امتلكت أمومة طاغية لم تبخل بها على كل من حولها وهي التي لم ترزق بأطفال. الممثلة السلسلة مثل الماء. صديقة الفتيات، وفتاة أحلام الرجال، تتدلل، وتجري هنا وهناك، وعجوز منكسرة وحزينة، وامرأة مكافحة، وأم ينخلع قلبها..من غير المنصف أن يحاول أحد من الأساس أن يعدد قدرات شادية كمثلة ومطربة وكموهبة كبيرة في سطور محدودة.. لكن تلك المتحدثة الفخمة جدا والمدهشة التي تخطف كل الحواس بصوتها وتدفقها يمكننا استرجاع بعض ذكرياتها.

أحاديث شادية

الست شادية.. صوتها وهي تتحدث عذبا ومنسابا وبه مقامات وبحات متفاوتة يجري ويلهث ويبطئ.. منتهى السحر، الكلام الذي يشبه الغناء والطرب، السيدة التي تتحدث بصدق نادر، كادت تبكي من الداخل تأثرا وهي تصف ما شعرت به حينما استمعت إلى كلمات أغنيتها "ياحبيبتي يامصر"، تسجيلات نادرة كثيرة لشادية وهي "تقول" وليس وهي تغني.. لقاءات وتصريحت وطريقة تفكير تستحق التوقف كثيرا، لم تصنع شادية مجدها في كل خطوة في حياتها بالمصادفة أبدا، وأيضا لم تصنعه بالتكلف الزائد والتخطيط المبالغ فيه، كان هناك سرا ما لم تعطه لأحد.

فن إدارة الغياب

 ثقافة عميقة وفطرية ومحبة حقيقية لما تفعل..سر شخصية شادية فيما يكمن إذن؟..بساطتها.. أم غموضها.. فطرتها أم اطلاعها الواسع.. ابتعادها في ذورة مجدها أم في إدارة الغياب نفسه؟.. شادية اعتزلت وصمتت ولم تتاجر.. انسحبت واختارت بحسم ولم تزايد على أحد أو تسمح لغيرها باستغلال هذا الاختيار.. ذكاء لامع، ونفس طيبة، جعلتها أيقونة ورمز قبل وبعد الاعتزال.. دون خطط أو ترتيبات خاصة.. حلوة اللسان هذه من يستطيع أن يتحدث عنها ويعطها بعض من حقها، كلنا نتوارى خجلا وعجزا ياست شادية..رحمك الله