كيف التهمت فقرات الطبخ وتناول الطعام مضمون برامج التوك شو والمنوعات؟
"اشرب العصير يا نجم" جملة ارتبطت في أذهان الجمهور بالإعلامي المصري محمود سعد والتي كان يقولها لضيوف معظم برامجه من النجوم، ويعلن من خلالها الخروج إلى فاصل إعلاني ثم بدء فقرة جديدة، ليكون "سعد" في تلك الفترة المذيع الوحيد الذي تطرق ولو بشكل بسيط إلى شيء خاص بالطعام أو المشروبات في برامجه سواء الفنية منها أو التوك الشو، لينال "عصير" برامج محمود سعد شهرة واسعة جعلت البعض يتمنى -حتى لو بشكل كوميدي- أن يجلس أمام المذيع الشهير ليشرب العصير.
لكن الأمر اختلف بعد ذلك بسبب اختلاف ثقافة المجتمع العربي حول الطعام، وزيادة وجود المطاعم الشهيرة وقنوات الطبخ، فأصبح وجود فقرة خاصة بالطعام في عدد من البرامج الترفيهية أمرًا مهمًا لجذب المشاهد، بخلاف وجود برامج متخصصة في الطبخ تُعرض يوميًا، وبدلًا من شرب النجم لـ"العصير" فقط، أصبح يظهر في بعض البرامج يأكل ويشرب ويتسابق في مدى إظهار حبه وشغفه بالطعام.
فقرات الطعام في البرامج قديمًا
ربما كان الأمر في البداية منطقيًا وملائمًا لأفكار البرامج المعروضة، فكانت بعض البرامج الفنية التي قدمت في فترة التسعينيات ثم مطلع الألفينات، تدور فكرتها الأساسية حول مدى مهارة النجوم في المطبخ، وأهم مواقفهم مع الطبخ، بالإضافة إلى الحديث عن حياتهم الفنية والشخصية في هذا الإطار، ومن أبرز هذه البرامج كان "طبق النجوم" الذي قدمته النجمات هالة فاخر وغادة عبد الرازق ورانيا فريد شوقي -كل منهن على حدة- على مدار عدة مواسم عبر شبكة ART.
فكان البرنامج يعتمد على استضافة النجوم والحديث معهم حول تجاربهم الفنية، ثم يقوم النجم بطبخ أحد أصناف الطعام المحببة لديه، وعُرضت مواسم البرنامج في شهر رمضان، وكانت مقدمتها أشبه بالفوازير.
تطور فقرات الأكل في البرامج الترفيهية
واصلت البرامج الترفيهية تطوير أفكارها لتنال إعجاب المشاهدين، وأيضًا حرص بعضها على وجود فقرة خاصة بالطعام لكن مناسبة مع محتوى البرنامج وليست مقحمة عليه، مثلما فعل الفنان اشرف عبد الباقي في مواسم برنامجه الشهير "دارك" الذي يستضيف فيه عدد من أصدقائه، يتحدثون سويًا عن أبرز مواقف حياتهم ثم يصطحبهم أشرف إلى مطبخه لطهي وجبة لهم بنفسه، ليتناولوها معًا ثم يذهبن لممارسة بعض الألعاب.
تطورت البرمج الترفيهية أكثر فأكثر فباتت البرمج المصنفة بالاجتماعية تحرص على وجود فقرة ثابتة يتم من خلالها طهي بعض الأطعمة للجمهور على يد شيفات متخصصين أو المهتمين بهذا المجال، بالإضافة إلى تقديمهم وصفات صحية مفيدة في الأنظمة الغذائية المختلفة، مثل ما اتبعته شبكة cbc في برنامج "الستات مايعرفوش يكدبوا"، وكان من الممكن أن يحضر أحد النجوم الضيوف على الحلقة، تلك الفقرة التي تُعرض في نهاية البرنامج ليشاهد أو يشارك في الطبخ.
ولائم الطعام الدعائية
ربما وجود فقرات الطبخ والأكل في البرامج كان منطقيًا طوال الفترة الماضية لكنه بات مقحمًا ودعائيًا مؤخرًا، من خلال بعض البرامج الهامة وأعلاها مشاهدة وهم "صاحبة السعادة" و"كل يوم" ثم "الحكاية" مع عمرو أديب، حيث تحول الأمر من فقرة هامشية بالبرامج إلى فقرة رئيسية تقوم عليها الحلقة بأكملها مع هؤلاء الإعلاميين.
تكرار الأكلات في "صاحبة السعادة"
ففي "صاحبة السعادة" منذ أن بدأ البرنامج قبل 5 سنوات، حرصت إسعاد يونس على وجود فقرة خاصة بالطعام باستمرار في معظم الحلقات، إما أن تستضيف نجوم يقومون بالطبخ بأنفسهم مثل حميد الشاعري وحلا شيحة، إما أن تقوم هي بالطبخ لهم مثلما فعلت مع دينا الشربيني، أو تستضيف أحد أصحاب المحال الشهيرة في مصر مع أحد النجوم، لتقوم هي وضيوفها بتناول الأطعمة بشغف، وهو ما تكرر مع العديد من النجوم مثل إيمي سمير غانم وهشام اسماعيل ودينا محسن "ويزو" وزوجها، وماجد الكدواني ومراد مكرم وغيرهم.
ورغم التكرار المبالغ فيه في فقرات البرنامج وضيوفه، وفقرة ولائم الطعام تحديدًا، إلا أن القائمون على البرنامج لم يهتموا بتطوير جزء من محتواه، لكن لازال الجزء الدعائي لبعض المطاعم في البرنامج هو المسيطر والمميز في "صاحبة السعادة"، الذي اقترب أن يصبح برنامجًا للطبخ أكثر منه ترفيهيًا.
برامج ترفيهية أم برامج "طعام"؟
الأمر نفسه يحدث في برنامجي عمرو أديب "كل يوم" الذي قدمه على ON E، و"الحكاية" الذي يُعرض حاليًا على MBC مصر، وكلاهما برنامجي توك شو، حيث يحرص في نهاية كل أسبوع على استضافة أحد النجوم للحديث عن مشواره الفني، ثم ينهي الفقرة بدخولهما المطبخ لتناول العديد من الأطعمة الخاصة بأشهر المطاعم المصرية، فالفقرة ما هي إلا دعاية مباشرة لتلك المطاعم دون تقديم أي شيء مفيد للجمهور أو مختلف عما يتم تقديمه في كل حلقة!