كامل الباشا لـ"هي": سعيد برودود الأفعال على مسلسل "دواعي السفر" و"House of gods" محطة مفصلية في مشواري
ممثل من طراز فريد، لديه رؤى فنية تثبت عن جدارة استحقاقه لبطولات مهمة في عربية وأجنبية بين السينما والدراما التليفزيونية تختلف اللغات ولكن الفن هو الأسهل من بين اللغات في التواصل بين الثقافات المختلفة، وقد سلك الفنان الفلسطيني العالمي كامل الباشا مسلكا نحو الحضور بأعمال فنية عربية وأجنبية بتجارب مهمة ومحورية كان أبرزها مؤخرا حضوره بمسلسل "House Of Gods" والذي حصل على جائزة أفضل ممثل من مهرجان "سيري مانيا" بفرنسا للدراما التليفزيونية، ليعود بمفاجأة جديدة وبدور مختلف تماما عما عرفه به، وذك من خلال مسلسل "دواعي السفر" المعروض حاليا عبر منصة "واتش ات"، ربما هذا التنوع الكبير والمغامرات الفنية ورائها ثقافة فنية كبيرة، مهمة ومؤثرة نحاول من خلال الحديث مع الفنان كامل الباشا لـ"هي" التعرف على الرؤى الفنية الخاصة به، ومشاركاته بأعمال فنية جديدة أبرزها فيلم سينمائي مع مواطنته المخرجة العالمية آن ماري جاسر، ونوجه له الكثير من التساؤلات حول تفاصيل فنية كثيرة في المقابلة التالية:
في البداية .. كيف ترى حضورك بمسلسل "دواعي السفر" الذي يجري عرضه حاليا والمغامرة بتقديم شخصية لايت بعيدا عن الأدوار الجادة والدسمة التي سبق وظهرت بها في أعمال فنية سابقة؟
ينتابني القلق وأشعر بالرعب حينما أكون مُقبل على أي مشروع أو خطوة فنية جديدة حتى أنني أكون مُنتظر النتيجة الخاصة بكل دور أؤديه خلال أي عمل فني للتعرف على ردة فعل الجمهور ورؤيته لما قدمته، حالة القلق والخوف كانت مُضاعفة بالنسبة لي لحداثة الدور الذي أُقدمه من حيث طبيعته الخاصة والتي أقوم بها للمرة الأولى من خلال دور لايت وخفيف مختلف عما سبق وقدمته من نوعيات أخرى من الأدوار بأعمال فنية سابقة، الحمد لله على تقبل الجمهور للدور والتعرف على ردة الفعل بعد عرض أولى حلقات المسلسل، حيث تأكدت بأن التجربة والمغامرة التي قمت بها كانت تستحق أن أقوم بها من خلال شخصية خفيفة ومختلفة بالنسبة لي، لديها الطاقة أن تعيش حياتها وبقية أيامها في الحياة بأفضل شكل ممكن والتمتع بما يمكن القيام به في إطار إنساني فريد.
بماذا تصف الشخصية التي تطل بها خلال أحداث مسلسل "دواعي السفر"؟
شخصية عميقة، ثقيلة وخفيفة في الوقت نفسه، كذلك بقية الشخصيات الموجودة بالمسلسل كانت شخصيات خفيفة وظريفة للغاية على المشاهد، واعتبر هذا الأمر هو ذكاء من المؤلف والمخرج من خلال توصيل فكرة وجودية عميقة للناس بسلاسة وخفة ظل، أنا سعيد بالشخصية للغاية وبالنتيجة التي رأيتها ووجدت تفاعل الناس معها، هذا بالإضافة إلى أن الحلقات المتبقية تحمل الكثير من المفاجآت والعمق الإنساني والنفسي لكل الشخصيات من خلال توصيل الأفكار بشكل لايت وخفيف يصل للقلب بسهولة ويحرض العقل على التفكير.
وما التحدي الذي دفعك لهذا التنوع الصعب في "دواعي السفر" من حيث طبيعة الدور الذي قدمته باللهجة المصرية، وعما إذا كان رصيدك من الأعمال المصرية شجعك على القيام بهذه المغامرة التمثيلية؟
التحدي هو سمة من السمات المميزة لأي فنان، وأنا بدوري مثل الكثير من الفنانين تثيرني وتحركني الأدوار التي تحمل التحدي والاختلاف والمغامرة الفنية، هذا الأمر يزيد من تدفق الأدرينالين في أعصابي ويجعلني متيقظا طوال الوقت لكل تجربة أقوم بها، كما أن مجمل حياتي الفنية عبارة عن تراكمات لتحديات، وكلما نجحت أكثر كلما زاد حرصي على البحث عن تحديات جديدة، والتحدي بتجربة "دواعي السفر" كان في تقديم شخصية شديدة التعقيد، تعيش عزلة قاتلة وتتعامل معها بهدوء وابتسام، لديه القناعة بأنه لا شئ يستحق في هذا العالم أن يجعله يعيش الاكتئاب أو الهموم بل يتقبل حياته ويتعامل مع كل يوم في حياته بمثل اليوم باليوم، ويرى أن الحياة تستحق أن نعيشها بسعادة وكأن كل يوم هو اليوم الأخير لنا في هذا العالم.
كيف كانت كواليس التصوير خصوصا مع أمير عيد، وهل استمعت من قبل لموسيقاه ورأيك فيها خصوصا انها جاذبة لجيل الشباب؟
كواليس المسلسل كانت رائعة للغاية وكنا مثل العائلة الواحدة حيث كان الجميع حريصون على أن تكون الأجواء لطيفة ومميزة لتقديم أفضل ما لدينا، أمير عيد كان أكثر شخص لطيف خلال الكواليس، دائما ما يسأل عن كل التفاصيل، يساند كل فريق العمل الموجود معه بالمسلسل، "أمير" هو اسم على مُسمى، لقد تعارفت عليه للمرة الأولى منذ أكثر من عامين وقتها كنا ننوي تصوير فيلم روائي قصير ولم نفعل ذلك لأسباب خارجة عن إراداتنا، ومن هذا التوقيت بدأت في البحث والتعارف عليه وعلى الهوية الموسيقية الخاصة به والتي مثلما قلت جاذبة لجيل الشباب، موسيقاه لطيفة ولها طابع خاص وكلمات أغنياته مهمة ومعبرة وعميقة وصادقة.
ماذا يعني لك الحضور والمشاركة بأعمال فنية مصرية في ظل حضورك بأعمال عالمية والتوفيق ما بين الحضور هنا وهناك؟
مصر لها الاولوية في اختياراتي دائما، عندما يعرض علي دور فيه تحدي لقدراتي لا اتردد أبدا في قبوله ، ورغم ان مغريات الأعمال الأجنبية من حيث الدخل والظروف الخاصة بالعمل أفضل إلا أنني أحب العمل في مصر حيث شعوري وكأنني بين الأهل والعائلة.
وما انطباعك عن حضورك بالمسلسل الأسترالي "House of gods" وحصولك على جائزة أفضل ممثل من مهرجان "سيري مانيا" بفرنسا؟
الملسل بالنسبة لي مفصل هام جدا في حياتي الفنية ، دور رئيسي في مسلسل من ٦ حلقات طويلة وباللغة الانجليزية وقدمت فيه شخصية رجل دين عراقي يعيش في استراليا ويحاول تقديم تصور عصري لحياة المسلمين هناك ، حوارات صعبة ومركبه بلغة استاذ جامعي ، حوالي ٢٠% من الحوار بأحداث المسلسل باللهجة العراقية ، العمل مع مجموعة كبيرة من الفنانين الاستراليين من أصول عربية ولم يكن سهلا أن أقدم دور اب وقائد ورجل دين وإلى حد ما رجل سياسة يتقن تجاوز العقبات ، كل ما سبق وأمور أخرى تجعلني أشعر بالاعتزاز لنجاح المسلسل عالميا وحصولي على الجائزة كأفضل ممثل من مهرجان "سيري مانيا" بفرنسا ما هو إلا تعبير عن نجاح فريق العمل بداية من مبتكر المسلسل اسامه سامي وباقي الكتاب وجميع طواقم المسلسل.
وماذا تعني لك الجوائز في العموم كمردود معنوي عليك كفنان؟
بالنسبة للجوائز فهي دون شك مهمة لأي فنان ولكنها ليست هدفا بالنسبة لي، فهي إضافة لرصيدي الفني وتؤدي لتعزيز الحرص على دقة الاختيار لاحقا.
ألم تخش من حساسية القضية المطروحة بهذا العمل؟
المسلسل مبني على قصة حقيقية بالمجمل وليس بالتفاصيل بطبيعة الحال ، وهو يتعرض لقضايا خلافية غير محسومة فقهيا وبالتالي لا خوف ولا تردد ، فأنا شخصية ملتزمة ولله الحمد، ويهمني جدا أن لا أكون في أي عمل يمكن ان يمس عقيدتي او يسيء لأي دين لا سمح الله .
وهل هذه النوعية من القصص من الصعب طرحها بأعمال فنية عربية؟
لا أعتقد ذلك فقبل عدة سنوات شاركت بمسلسل "السهام المارقة" في مصر من اخراج محمود كامل وتحدث عن دولة داعش وادانتها وتبرئة الإسلام منها، ومن المؤكد أن هناك مسلسلات وأفلام أخرى تتناول نفس الموضوع وليس لي اطلاع عليها ، مواضيع الدين وطرحها بالأعمال الفنية لا شك أنها شديدة الحساسية ولا بد من التعامل معها بحرص وحذر شديدين ولا أرى اي مانع من تناولها .
ماذا عن تجربتك السينمائية الجديدة عن القضية الفلسطينية مع المخرجة "آن ماري جاسر" ومدى اختلاف القصة عن القضية الفلسطينية عما سبق وتم طرحها بأعمال اخرى؟
فيلم آن ماري جاسر قيد التصوير حاليا ومبني على بحث معمق لطبيعة العلاقة الفلسطينية البريطانية خلال فترة الانتداب وهي فترة لم يتم تناولها سينمائيا او تلفزيونيا من قبل، ويشارك في الفيلم نخبة من الفنانين الفلسطينيين والبريطانيين ، لكن لا أستطيع الحديث عن أي تفاصيل أخرى تخص العمل والدور في الوقت الحالي نظرا لأن العمل قيد التحضير والتصوير وبانتظار خروجه للنور قريبا.
ماذا تقول لصناع السينما في فلسطين اللذين يتخطون الحدود ويكسرون الحواجز من أجل صناعة قصص سينمائية تلامس الواقع ووصول أعمالهم للعالمية من بوابة الصدق الفني والواقعية؟
اقول ان المسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعا كصناع سينما فلسطينيين عظيمة ومشرفة وأن من واجبنا الاستمرار مهما بلغت التحديات والمعوقات ، وأننا أمام مسؤولية تاريخية سنحاسب عليها ، ومطلوب منا المزيد من الجهد والعطاء بدقة وحرص.
هل ترى أن السينما العربية المستقلة والخاصة بالعرض بمحافل سينمائية دولية وبإنتاجات بسيطة هي من لامست العالم بغض النظر عن التجارية والنوايا الأخرى المصنوعة من أجل الجمهور؟
الفنون الأدائية عموما هدفها الجمهور وتتنوع بتنوع ثقافة صناعها، البعض يمارسها باعتبارها ذكاء و "شطارة" ، والبعض الآخر باعتبارها مسؤولية ، ووصول أفلام ومسلسلات عربية لدور العرض والمنصات العالمية دليل على جودتها وحرص صناعها على التعبير عن مجتمعاتهم بعمق وصدق ومسؤولية .
هل هناك شخصية تاريخية تتمنى تقديمها بعمل فني؟
شخصية الشيخ فرحان السعدي رحمه الله وهو مقاوم قاد الثوار في فلسطين سنوات طويلة وأعدمته سلطات الاحتلال البريطاني .
كيف تشكلت ثقافتك الفنية خلال سنوات العمل وصولا أن تكون فنان واعي مقدر لما يقدمه للجمهور بدقة وعناية شديدة ولديه خبرات ونجاحات نحن جميعا فخورين بها؟
الانتماء لوطني وقضيتي، العناد ، الاصرار ، الدراسة ، القراءة ، الحرص ، الحب ، الخوف ، التجريب ، الفشل ، النجاح ، الحرص ، الصدق ، الإيمان. والحديث في التفاصيل يطول كثيرا.
وفي النهاية .. ما الفارق بين الحضور بأعمال فنية أجنبية وعربية؟
لا فرق لأن الحرص واحد في الحالتين ، ما يهمني في أي عمل أشارك فيه هو السيناريو اولا ثم المخرج ، أن يكون السيناريو عميقا ويعالج قضية مهمة ، وأن يمتلك المخرج رؤية واضحة وذكية في التعامل معه.
الصور من حساب كامل الباشا على انستجرام.