"وجدة"... أحلام صغيرة تطارد الدراجة الخضراء
عمرو رضا
على هذه الأرض ما يستحق الحياة، والدراجة الخضراء التي طالما حلمت بها الطفلة وجدة، لم تقدها نحو الحرية فحسب، وإنما قادت السينما السعودية والخليجية كلها لآفاق أرحب بكثير من كل أحلامنا. فالفيلم الذي يحمل الاسم نفسه بات "بوابة العبور" نحو العالمية بحصوله على جوائز دولية، وترشحه للمنافسة على نيل جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي.
القصة التي تبدو بسيطة، محملة في كل مشهد منها بالأحلام الخضراء لكل فتيات الخليج، فالطفلة "وجدة" وتقوم بدورها وعد محمد، تحلم دائما بامتلاك دراجة خضراء معروضة في أحد متاجر الألعاب، وتتمنى أن تسبق يوما ابن جيرانها الطفل يقوم بدوره عبد الرحمن الجهني، في شوارع "الحارة"، وتخطط لتوفير مبلغ من المال يكفي لشراء تلك الدراجة، وذلك عبر بيع بعض الأغراض الخاصة بها، لكن خطتها تنكشف، وتجد نفسها أمام سبيل وحيد وهو المشاركة في مسابقة لتحفيظ القرآن والفوز بها من أجل تحقيق حلمها بامتلاك الدراجة.
على الجهة الأخرى تبدو قصة الأم وتؤدي دورها الممثلة ريم عبد الله محملة بأغلب هموم المرأة الخليجية، فزوجها الذي يعمل في شركة بترول غائب طوال الوقت، وهي تخشى من سقوطه في أحضان زوجة أخرى، وفى الوقت نفسه تهرب من تحرشات السائق الباكستاني.
هذه الخلطة السحرية من الأحداث تكشف برقة ونعومة ولغة سينمائية راقية أبدعتها المخرجة والمؤلفة هيفاء المنصور، كل القضايا المسكوت عنها في مجال قضايا المرأة الخليجية، والأهم أن الفيلم تم تصويره كاملا في الأراضي السعودية بموافقة رسمية. وخرج ليصطاد الجوائز تباعا، فحصد جائزة سينما فناير وجائزة الاتحاد الدولي لفن السينما وجائزة انترفيلم، كما توج بجائزة المهر الذهبي لأفضل فيلم روائي عربي في الدورة التاسعة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، ومثل الفيلم السعودي في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي كبلد منتج للمرة الأولى في تاريخه، إلى جانب كونه أول فيلم سعودي يتم بيع حقوق عرضه السينمائي لشركات أميركية وأوروبية.
"وجدة" فيلم يؤكد أن الاحلام لها أجنحة. وأن المرأة في الخليج باتت أحلامها خضراء قابلة للتحقيق.