المرأة والسلطة
في اللغة اليونانية القديمة تعني كلمة "يينايكوكراتيا" النساء اللواتي يحكمن. واللافت في بلاد اليونان أن الشعب المحلي خصوصا في القرى وفي شمال البلاد، يحتفل بمهرجان "حكم النساء" في أول شهر من كل عام جديد، وتحديدا في الثامن من شهر يناير. وبحسب تقليد هذا المهرجان الفريد من نوعه، يتبادل النساء والرجال الأدوار فيما بينهم.
ويؤكد تاريخ الحضارات القديمة أن الملكة "كوبابا" في الحضارة السومرية في العراق، هي أولى النساء اللواتي قدن حربا وانتصرن فيها، قبل أكثر من أربعة آلاف وخمسمئة سنة. وكيف لا نتغنى بدهاء الملكة "كليوباترا" التي حكمت مصر قبل أكثر من ألفي سنة، وذاع صيت جمالها وذكائها!
للمرأة والسلطة تاريخ عريق لا يستهان به في الحقول غير السياسية أيضا: من الاجتماعية إلى العلمية.. ولعلّ أسطع مثال على مجال العلوم هو اسم عالمة الفيزياء الفرنسية ذات الجذور البولندية "ماري كوري"، هذه العبقرية الاستثنائية التي كانت أول عالمة تحصل على جائزة نوبل، بل الشخص الوحيد حتى اليوم الذي حصل على اثنتين من جائزة نوبل الشهيرة.
وقبل أن تصبح "مارغريت ثاتشر" الملقبة بالمرأة الحديدية، أول رئيسة وزراء في أوروبا في عام 1979، كانت "سيريمافو باندارانايكي" أول رئيسة وزراء في العصر الحديث في آسيا والعالم، حين انتخبت في سريلانكا في عام 1960، لتصبح بعدها "أنديرا غاندي" أول رئيسة وزراء في الهند في عام 1969، المرأة الثانية في العالم منتخبة ديمقراطيا لتترأس حكومة. وكانت "بينظير" بوتو أول رئيسة وزراء لدولة ذات أغلبية مسلمة، حين انتخبت في باكستان عام 1988.
وقبل عشرين عاما فقط انتخبت "كيم كامبل" أول رئيسة وزراء في أمريكا، وتحديدا في كندا عام 1993، وقبلها بعامين كانت "إديت كريسون" أول رئيسة وزراء في فرنسا. ومنذ عامين، انتخبت "نجلاء بودن"، لتصبح أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في العالم العربي في تونس في عام 2021.
أما اليوم، فتنتشر ظاهرة المرأة في رئاسة السلطة، فما إن غادرت المستشارة الألمانية "ميركل" منصبها بعد 16 عاما من الحكم، حتى تضاعف عدد النساء في رئاسة الحكم من "جورجيا ميلوني" في إيطاليا إلى "ميتي فريدريكسن" في الدنمارك مرورا بالسويدية "ماغدالينا أندرسون" التي ترأست الحكم لمدة عشرة أشهر فقط!
لم تقصّر المرأة في تبوّء أعلى المناصب، سواء أكان في حقل الأعمال أو الأبحاث أو غيرها من شتى المجالات. كما لم تقتصر مراكز السلطة التي شغلتها على رئاسة الوزراء فحسب، بل تحملت مختلف المسؤوليات في سلطات الدولة من القضائية إلى التشريعية، فرأيناها مثلا رئيسة البرلمان على مثال الألمانية "بيربل باس"، ورئيسة بلاد على مثال "إيزابيل بيرون" التي أصبحت عام 1974 أول رئيسة في العالم، بعد أن كانت السيدة الأولى حين كان زوجها رئيس الأرجنتين قبل أن تتوفاه المنية.
وغالبا ما تلعب زوجة رئيس الجمهورية الملقّبة بالسيدة الأولى دورا مهما خلال فترة حكم زوجها للبلاد، وعليه نذكر المحامية البارعة "هيلاري كلينتون" زوجة الرئيس الأمريكي السابق "بيل كلينتون". وتلفتنا هنا قصة "ميشيل أوباما" زوجة الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما"، حين كان الزوجان يتناولان العشاء في أحد المطاعم الكلاسيكية الشعبية، وإذا بصاحب المطعم يستأذن رجل الأمن للتحدث إلى السيدة "ميشيل أوباما"، وبعدئذ استجوبها زوجها "باراك" مستفسرا عن الأمر، لتقول له الزوجة: إن صاحب المطعم كان معجبا بها أيام الصبا، بل مغرما. فمازحها "باراك أوباما"، قائلا: "لو تزوجت به لكنت الآن زوجة صاحب مطعم". فأجابته "ميشيل أوباما" دون تردّد: "لو تزوجته لكان أصبح رئيس الولايات المتحدة الأميركية"!