بنك الوقت

تتخذ سويسرا من جبال الألب رمزا لها. ولكن إلى جانب الصيت الذائع لجبالها الخلابة وبحيراتها الرائعة، فإن شهرة سويسرا التي تقع في قلب القارة الأوروبية لا تقتصر على جمال طبيعتها فحسب، بل أيضا على أهمية عامل الوقت في هذه البلاد التي تتميز بلغاتها الرسمية الأربع: من الألمانية إلى الرومانشية، مرورا بالإيطالية والفرنسية، علما بأنها تختلف بحسب ما تتوزع على كانتوناتها الستة والعشرين.

من المعروف أن الدقة في الالتزام بالوقت تنسب إلى الثقافة السويسرية. فحين يتأخر أحد المواطنين السويسريين عن موعده، ولو لخمس دقائق، يجب عليه أن يبلّغ المعنيين أو أصحاب العلاقة عن تأخره على الموعد عبر الهاتف، خصوصا إذا ما كان الموعد يتعلق بمجال الأعمال، نظرا إلى أن التقاليد الاجتماعية في سويسرا تعلق أهمية كبيرة على ضرورة احترام الوقت والالتزام بالمواعيد.

وحين يتم ذكر اسم هذه البلاد الراقية، فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان هو الساعات السويسرية التي يعتبرها الخبراء العالميون الأكثر جودة وتميزا وفخامة. فقد نالت الساعات السويسرية شهرة عالمية واسعة، سواء أكان من ناحية الدقة في التكنولوجيا أم من ناحية الأناقة في التصميم. وقد ظهرت صناعة الساعات السويسرية في جنيف في منتصف القرن السادس عشر، لكنها عرفت تطورا ملحوظا مع مطلع القرن العشرين، فازدادت الاختراعات إبداعا وابتكارا.

وفضلا عن ذلك، فإن سويسرا تشتهر أيضا بقوة اقتصادها الذي لا يعتمد على المجال الصناعي فحسب، بل على مركزها المرموق في المجال المالي القائم على نظام مصرفي متطور جدا. وقد صنف الاتحاد الأوروبي سويسرا بوصفها البلد الأكثر ابتكارا في أوروبا. ولعل أكثر ما يلفتنا في عالم الابتكارات السويسرية التي تجمع بين الوقت والبنك هو البرنامج الذي أنشأته وزارة الصحة لمساعدة المسنين تحت عنوان Time Bank، أي بنك الوقت الذي بموجبه يمكن للأشخاص أن يقدموا ساعات التطوع لرعاية كبار السن الذين يحتاجون إلى المساعدة. وتسجَّل هذه الساعات التطوعية في رصيدهم ببنك الوقت، لتصبح بمنزلة ودائع يمكنهم بدورهم الاستفادة منها لدى احتياجهم ذات يوم إلى المساعدة.