بين ثقافة الغرب والشرق ...كيف تطورت عادات الأعراس التركية في السنوات الاخيرة؟

بعد أن كانت ليالي الزفاف تدوم لثلاثين ليلة أو أكثر وصولاً إلى الأربعين، اندثرت هذه العادات التركية من الأعراس لتتحول إلى طقوس مختلفة للزفاف اجتمعت فيها ثقافتي الشرق والغرب ولكن ظل لعبق الماضي بعض الحضور في تلك الطقوس التي ما زلنا نشاهدها بوضوح في حفل ليلة الحناء التركي الذي له عاداته المتوارثة الخاصة لا سيما لناحية استخدام اللون الأحمر وما لهذا اللون من رمزية في ثقافة البلاد ومعتقداتها الغيبية.

ليلة الحناء في الأعراس التركية

بعد أن تنتهي فترة الخطوبة ويحين موعد الزواج فإن استهلال مراسم هذه المناسبة تبدأ في تركيا بليلة الحناء مع ضرورة أن تبدأ حفلات العرس أغلب الأحيان يومي السبت والأحد كونها عطلة رسمية. ليلة الحناء يتم تنظيمها عادة في منزل العروس بصحبة المقربات والصديقات ونساء العائلة.

في هذه الليلة ترتدي العروس الزي الخاص بالحناء، وهو عبارة عن الفستان أو العباءة يتميز باللون الأحمر وعادةً ما يتم تزيينه بتطريز ذهبي، وتغطي العروس رأسها بوشاح أحمر مزخرف.

زي تقليدي باللون الاحمر لليلة الحناء في تركيا
زي تقليدي باللون الاحمر لليلة الحناء في تركيا

أما سبب اختيار اللون الأحمر فهو يعود لاعتقاد الشعب التركي بأهمية هذا اللون لناحية قدرته على جلب الفرح والسعادة للمرأة ولذلك فقد لا يكون مستغرباً إذا علمنا بأنه يتم ربط فنجان القهوة للعريس عند طلب الزواج بشريطة حمراء، وذلك لتكون الليلة سعيدة عليه.

كذلك يتم ربط خواتم الخطوبة بشريطة حمراء، كرمز للرباط الأبدي بين العروسين، أما بالنسبة لزي الحناء للعروس فإن اللون الأحمر يجلب السعادة لحياتها بحسب معتقدات الأتراك. الشريطة الحمراء ترافق العروس حتى عند خروجها من منزل أهلها إذ يتم لف خصرها بهذه الشريطة ليلة العرس، فخرًا بعذريتها.

يقوم عم العروس أو شقيقها بلف شريط حمراء على خصر العروس يوم الزفاف
يقوم عم العروس أو شقيقها بلف شريط حمراء على خصر العروس يوم الزفاف

وبالعودة إلى تفاصيل ليلة الحناء التركية التي تشترك بها أغلبية المناطق في تركيا، فإنها تبدأ بالغناء والرقص على شكل دائري حول العروس، وتقوم امرأة متزوجة سعيدة بتحضير الحناء ويتم وضع عملة معدنية في خلطة الحناء. وعندما تصبح الحنة جاهزة يتم إجلاس العروس في منتصف المكان على كرسي مع ضرورة إبقاء وجهها مغطّى بالوشاح الأحمر، ثم تقوم سيدة عجوز بقيادة عدداً من الصبايا لحمل أطباق نحاسية مملوءة بالحناء ومزينة بالشموع فيتجولن حول العروس ويغنين لها أغاني زفاف تقليدية تتحدث عن الشوق والحنين للأسرة والمكان لتحريك مشاعرها فتبدأ العروس بالبكاء. وبمجرد أن تنهمر دموع العروس يعني ذلك أنه حان الوقت لنقش الحناء لها، فتقوم العروس بإغلاق يدها ولا تفتحها حتى تضع لها والدتها أو حماتها قطعة من الذهب أو من العملة المعدنية بحسب الحالة الاجتماعية حينها تفتح العروس يدها ويتم تزيينها بالحناء بشكل دائري. بعد ذلك يتم توزيع الحناء على الضيوف لتحنية أياديهن ومن تعثر على العملة المعدنية التي تم إخفائها في الحناء تكون المحظوظة في الزواج من بعد العروس. ولا تكتمل طقوس الاحتفال بهذه الليلة إلا بمشاركة العريس فرحة عروسته فيأتي ويزيل الوشاح عن وجهها.

وفي بعض المناطق الأخرى في تركيا يقوم أهل العريس بإحضار الحناء إلى منزل العروس وتقوم والدة العريس بتقديم قطعة ذهبية للعروس كهدية ليدها، ومعها سجادة من الحرير يتم فرشها أرضا وتمشي عليها العروس لتصل إلى حماتها فتقبل يدها ثم يتم استكمال مراسم الحفل بالغناء والرقص.

..وللعريس حفلته الخاصة

وكذلك في الأعراس التركية فإن الحفلة الخاصة لا تقتصر على ليلة الحناء للعروس بل للعريس حفلته الخاصة به والتي يتم تنظيمها في بيته بحضور أصدقاؤه وأقاربه الذين يغنون ويرقصون على دق الطبول.

يقيم العريس حفل خاص له مع اصدقائه قبل الزفاف
يقيم العريس حفل خاص له مع اصدقائه قبل الزفاف

حفل الزفاف التركي

لم يعد حفل الزفاف في تركيا يقتصر على الحفلات التقليدية التي كان يتم تنظيمها في الماضي، بل تحولت اليوم في المدن إلى حفلات عصرية يتم إحيائها في صالات الأعراس بينما استطاع الريف التركي أكثر أن يواجه الغزو العصري لعادات الأعراس فحافظ على جزء كبير من تلك العادات.

يبدأ يوم الزفاف العصري في تركيا بذهاب العريس صباحا إلى الحلاق لحلاقة شعره وتشذيب ذقنه وبعد ذلك يذهب العريس إلى بيت العروس لاصطحابها فيقوم عم العروس أو أخاها بلف شريطة حمراء حول خصرها، وذلك افتخاراً بعذريتها. بعد ذلك يتوجه العروسان إلى قاعة كتب الكتاب، ثم إلى حفل الزفاف لبدء الاحتفالات.

أما حفل الزفاف التركي التقليدي خصوصا في المناطق الريفية فله طقوس خاصة إذ تقيم عائلات العروس والعريس حفلات منفصلة وتقوم كل عائلة بتقديم وليمة طعام لضيوفها تحتوي على أطباق تقليدية أبرزها طبق الـ "كيشكيك" وهو طبق يشبه الحساء من القمح والشعير والدجاج أو اللحوم يتم تقديمه في احتفالات خاصة في تركيا.

هذا الطبق يُعتبر جزءاً لا يتجزأ من الثقافة التركية وقد تمت إضافته إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو. كما أن تحضير هذا الطبق يتم بمجهود كبير من العريس وأصدقائه الذين يضطرون إلى طحن الشعير في الأيام التي تسبق الزفاف.

وفي نهاية الاحتفالات يأتي العريس بموكب كبير إلى منزل العروس لاصطحابها معه إلى منزلهما الزوجي.

عادات غريبة في الأعراس التركية

تقوم العروس التركية بكتابة اسماء صديقاتها على حذاء الزفاف
تقوم العروس التركية بكتابة اسماء صديقاتها على حذاء الزفاف

وبما أن لكل بلد طقوسه الغريبة في بعض المناسبات فإن للأتراك عادات غريبة وخاصة في طقوس ليلة العُرس أبرزها:

أن العروس تقوم بكتابة أسماء صديقاتها على نعل حذائها، ومن يُمسح اسمها في نهاية الحفل، تكون الأكثر حظاً للزواج بعد العروس.

كذلك يجب أن تقوم العروس بمصافحة البنات العازبات والوقوف معهن وقتًا طويلًا، وذلك لجلب الحظ لهن في الزواج.

ومن التقاليد الفولكلوري خلال حفلات الزفاف في بعض المناطق التركية هو أن يتم تزيين العروس بخيوط من الزينة اللامعة ثم تقوم صديقاتها بمحاولة العثور على أقصر قطعة من الزينة ومن تعثر عليها ستكون التالية في الزواج بعد العروس.

في بعض التقاليد التركية يتم حمل مرآة وراء العروس عند خروجها من بيت أهلها اعتقاداً منهم بأنها ستنير طريقها.

عادة رش المكسرات أو النقود المعدنية أو الثياب من أهل العريس في بيت العروسين ما زالت منتشرة بقوة والهدف منها اعتقادهم بأنها تجلب البركة.

يقوم أهل العروسين بتقديم الهدايا للحضور وغالبًا تكون ذهبية وهذا يرجع إلى المستوى المادي لكل عائلة.