ذبح خروف العيد أمام الأطفال... بين رفض الأمهات وإصرار الآباء
هي – شروق هشام
الأضحية سنة نبوية، نتقرب بها من الله سبحانه وتعالى، شُرعَت فداءً للإنسان وتأكيداً لأهمية البر الدائم، ولكن ماذا عن نفسية الأطفال في حال رؤيتهم لعملية الذبح مباشرة وسيلان الدم؟
الحقيقة أن مشاهدة الطفل لأحداث يوم النحر المتعلقة بذبح الأضاحي إحدى الأمور التي تتسبب في إثارة حالة من الخلاف بين معظم الأزواج، بسبب اختلاف الآراء ما بين رفض الأمهات وإصرار الآباء!
فلماذا ترفض الأمهات ولماذا يصر الآباء على ذبح خروف العيد أمام الأطفال؟ وما هو رأي الطب النفسي في ذلك؟
رفض الأمهات
أصرت أم عبدالله على رفضها رفضاً قاطعاً مشاهدة الأطفال لعملية ذبح الخروف حيث كان لها تجربة قاسية بسبب هذا الأمر، فلقد عانى ابنها البالغ من العمر 8 سنوات عندما شاهد منظر الذبح في السنة الماضية من حالة نفسية سيئة وأصبح يتبول بشكل لا إرادي وعانى من النوم المتقطع لعدة أشهر كان خلالها ينظر لوالده بأنه رجل متوحش وقاسي القلب لأنه قام بذبح الخروف أمامه، ولقد حاولت بكل الطرق إعادته إلى طبيعته ولكنها لم تنجح في ذلك، حتى قررت مع والده الذهاب بطفلها إلى طبيب نفسي وبعد عدد من الجلسات تحسنت حالته ولله الحمد.
وأكدت على هذا الرفض أيضاً سناء حامد، وقالت: "لم أكن اعلم بأن ابنتي شادن البالغة من العمر 7 سنوات سوف تمتنع عن أكل اللحم بعد أن شاهدت والدها وهو يقوم بذبح وسلخ الأضحية، خاصة بعد تواصلها مع تلك الأضحية أثناء وجودها عدة أيام في المنزل، ولقد حاولت كثيراً معها أن أقنعها بأكل اللحم مرة أخرى، ولكن دون جدوى فلقد استبدلت لحم الخروف بلحم الدجاج والأسماك".
إصرار الآباء
عبر أبو سلطان عن رأيه فقال: "تعودنا منذ الطفولة على مشاهدة ذبح الأضحية مع والدي، وأنا الآن احرص بنفسي على ذبح الأضحية وسلخها ويصر أبنائي وأبناء إخوتي على مساعدتي في الذبح حيث يقوم البعض بإمساك اللحم معي أثناء تقطيعه والبعض يساعد في السلخ وبعضهم يكتفي بالفرجة، وبرأيي أن الدلال الزائد من قبل بعض الأمهات هو السبب في وجود أطفال لا يتحملون ذلك المنظر".
وأكد عبدالعزيز صالح أن الأساس في تقبل الأطفال لذلك المنظر يعتمد على مدى توعيتهم لهذه الشعيرة الدينية، وكل أسرة ممكن أن تتجنب أي أثار سيئة لهذا الحدث بتوعية الأطفال بالأضحية وأهميتها بجعلها ذبيحة وفداء للإنسان، وهي ولا شك تساهم في علاج الأطفال من المخاوف التي قد تنتابهم عند رؤية مشاهد العنف التي تنتشر في عصرنا، لكي يتعامل الطفل معها بشيء من الواقعية.
الرأي النفسي
باستشارة الأخصائية النفسية سهير محمد حول هذا الموضوع، أوضحت أن معظم المختصين يؤكدون على أنه لا ينبغي أن يرى الطفل مشهد ذبح الأضحية قبل أن يصل إلى سن السعي، وهي مرحلة الطفولة المتأخرة التي تبدأ من سن 10 سنوات، وعندها يمكنه أن يرى مشهد الذبح، ليعرف الهدف من وراء الفداء والأضحية، سواء أكان طفلاً أم طفلة، أما قبل هذه السن فلا ينبغي أن يرى هذا المشهد، لأنه صعب على نفس الطفل، ويجب أن نخبر الطفل أثناء وجود الخروف في البيت قبل الذبح إننا أتينا بالخروف لكي نذبحه ونأكله في العيد، وإن فترة بقائه معنا هي فترة مؤقتة حتى يحل العيد، ويجب ألا تعزز الأم وجود علاقة بين الطفل والخروف خلال هذه الفترة، حتى لا تكون الصدمة مؤثرة عند الطفل الذي نشأ على علاقة خاطئة ومفهوم خاطئ.
وأضافت "بشكل عام حضور الطفل هذا المشهد أو عدم حضوره لا يتحدد تبعا لسنه فقط بل الأهم هو طبعه وشخصيته ومفهومه الصحيح للأضحية، ويبقى دور الوالدين مهما في معرفة طبيعة طفلهما ورد الفعل المتوقع منه حين رؤية مناظر مماثلة سواء على أرض الواقع أو من خلال بعض المشاهد التلفزيونية، ومقاربة السن المثالي لمفاهيم الطفل لاستيعاب مثل تلك الأحداث والتفاعل معها بشكل ايجابي ومفهوم صحيح".