سياحة الأطعمة.. محطاتٌ لا بد من تجربتها لتعزيز متعة السفر
للسفر 7 فوائد.. هكذا يقول المثل الشعبي، الذي لم يوفر السفر للحديث عنه وعن فوائده وأهميته للإنسان. فمن الترويح عن النفس، إلى اكتساب المعيشة، وتكوين صداقات جديدة، وصولًا إلى التعرف على ثقافات الشعوب ومعالم الدول الأثرية، وتحصيل العلم وزيارة الأهل والأصدقاء؛ وقد تكون فائدةٌ جديدة ظهرت في الآونة الأخيرة، تتمثل في سياحة الأطعمة.
نعم، فالتعرف على ثقافة وتاريخ كل بلد نزوره؛ يرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر، بالأطعمة التراثية والتقليدية، وكيف ومتى بدأت، وكيف توارثها الناس لأجيال طويلة؟ حتى أن هناك نمطًا من "السياحة الغذائية" التي يقوم بها البعض، بغرض اكتشاف أماكن ومطاعم معينة تقدم وجبات خاصة بالبلد، أو يعمل فيها طهاة مشهورون يهوى الكثيرون تناول الطعام من أيديهم.
وتجارب التذوق خلال السفر، لا مثيل لها وهي مميزةٌ بشكل لا يوصف؛ ما زلتُ أتذكر تجربتي لتناول عصير الكركديه في أحد الأسواق الشعبية في القاهرة، سوق كرداسة؛ وكم كان ممتعًا ومنعشًا على الرغم من تحذيرات صديقتي والسائق الذي كان يرافقنا لي من التسمم الغذائي الذي قد يحصل للكثيرين من السياح في تلك الأماكن.
الحقيقة أنني كنتُ محظوظةً لعدم تعرَضي لأي أذى، وممتنةً لأنني اتخذتً قراري بتجربة شيء شعبي يمثَل جزءًا من خارطة الطعام الشعبي في مصر. وهو ما شجعني على القيام ببعض من تجارب الطعام ضمن "سياحة الأطعمة" التي نطلَع عليها في موضوعنا اليوم.
تجارب الطعام التي يمكنك القيام بها أثناء السفر
المقصود بتجارب الطعام، هي التجارب التي تستخدم الأكل كشكل من أشكال التعبير والاتصال بالثقافة المحلية والتنوع البيولوجي للوجهة التي نقصدها خلال السفر. وهناك العديد من أنشطة السياحة الغذائية أو سياحة الأطعمة، التي يمكنك القيام بها، تبعًا للبلد الذي تزورين.
ويشير موقع Food and Road - وهي وكالة سفر للطعام، تُروَج للسياحة الغذائية كوسيلة للتواصل والتطور المحلي - لبعض من هذه النشاطات على الشكل التالي:
-
جولات الطعام
والتي تتضمن الطعام والمشروبات المحلية الموجودة في كل بلد؛ والتي تجدينها بشكل خاص في الأسواق الشعبية وداخل المطاعم المحلية التي تقدم أشهى الأطباق والمشروبات الخاصة بالبلد.
وعادةً ما تكون جولات الطعام، جولات إرشادية إلى أماكن تذوق الطعام؛ مثل المطاعم النموذجية والأسواق المحلية ومعارض الشوارع والمتاجر المتخصصة. كما تكون مسارات الرحلة ذات طابع معين وتسعى إلى الانغماس في الأجواء التقليدية للبلد؛ على سبيل المثال، الجولات في الأحياء التقليدية، والجولات التي تركز على أطعمة الشارع Street Food ، والجولات لاستكشاف الأطعمة الغريبة، والمشروبات النموذجية ، وما إلى ذلك.
يُعدَ القيام بجولة طعام، "طريقةً لذيذة" للتعرف على الوجهات التي نزورها أثناء السفر. وخلالها، يمكنك التنزه ومعرفة المزيد عن المكان، بالإضافة إلى تذوق الأطباق الشهية والنموذجية بطريقة تعليمية وآمنة ومريحة.
-
دروس الطبخ
لا تكتفي بالبحث عن الأكلات التقليدية لكل بلد على مواقع التواصل الإجتماعي أو عبر الإنترنت، بل بات بإمكانك تعلَم هذه الوصفات في عقر دارها: أي في البلد الذي تزورين.
لذا لا تفوتي عليك فرصة حجز بعض دروس الطبخ أثناء السفر إلى إيطاليا، لتعلَم البيتزا على أصولها. وإن كنت تقصدين اليابان عما قريب، فهذه فرصتك الذهبية لإتقان صنع السوشي في المنزل بحرفية، من خلال تعلَمها على يدي شيف ياباني في أحد دروس الطهي.
هناك العديد من نماذج دروس الطهي أثناء السفر منها المدارس الجماعية أو الخاصة، مدارس طبخ في منزل السكن أو الفندق، مع زيارة السوق لشراء المكونات، للهواة، للمهنيين، وما إلى ذلك. ليس هناك نقصٌ في الخيارات، بل بإمكانك التمتع بأروع دروس الطهي أثناء السفر بشكل عملي، الاستمتاع بالمذاقات المختلفة وتكوين صداقات جديدة تشاركك شغف الطهي.
-
جلسات التذوق
لا شك في أنك حضرت العديد من الأفلام، التي يذهب خلالها الممثلون في زيارة لأحد مصانع المشروبات، لتجربة وتذوق تلك المشروبات فيما تُعد أمامهم. وتمنحك تلك الجلسات، فرصةً للتعرف على تاريخ المشروبات في ذلك البلد، وكيف تناقلتها الشعوب من جيل لآخر، وما السر وراء شهرتها وغيرها من الأمور الجميلة التي تُغلَف تلك التجارب.
جلسات التذوق قد تشمل أيضًا قطاف بعض المحاصيل، أو زرعها، أو تصنيعها؛ وهي بالإجمال تجارب مفعمة بالمذاقات المحلية. والشيء المثير للاهتمام حول تضمين جلسات التذوق في ضمن خطة سفرك المقبلة، هو أنها ستتيح الفرصة لتوجيهك من قبل خبير لفهم المزيد حول خصائص المنتج، والفروق الدقيقة في عمليات الإنتاج المختلفة، أو تعلَم نصائح التنسيق.
هل تعلمين أنه بإمكانك تذوق الفلفل الأسود في جنوب كمبوديا، كما أن زيارة تايلاند تتيح لك فرصة حصاد الأرز من مزارعه المائية المنتشرة في البلاد؟ ها قد أعطيناك بعضًا من أفكار تجارب التذوق من حول العالم..
-
زيارة المنتجين المحليين
من الزراعة إلى إنتاج الطعام والشراب، تُعدَ معرفة كيفية وصول الطعام إلى مائدتك؛ أمرًا ضروريًا في حياة أي شخص. وبشكل عام، يرتبط إنتاج الغذاء بشكل أكبر بالمناطق الريفية، لذا من الجيد الاستفادة من أوقات الفراغ للقيام بالسياحة الزراعية، التي تُسهَل لك زيارة المنتجين المحليين والاستمتاع بمناطق الريف والقرى الممتعة.
وعادةً ما يُنظَم هؤلاء المنتجون الزيارة ويوجهونها، أو قد تتم من خلال أدلة ووكالات متخصصة. من الأمثلة على زيارة المنتجين المحليين، زيارة منتجات العسل والجبن واللحوم الباردة ومزارع الفاكهة وما إلى ذلك.
-
السفر في مسارات المنتجات الإقليمية
إذا كنت لا تكتفين بالمنتجات المحلية في المناطق التي تتواجد فيها، وترغبين حقًا بالتعرف على أصولها بعمق؛ يمكنك السفر في مسارات المنتجات الإقليمية واتباع طرق هذه المنتجات، مثل طريق القهوة أو الأجبان أو حقول الأرز.
وعادةً ما يتم الترويج لهذه الطرق من قبل المكاتب السياحية بالاشتراك مع المؤسسات المحلية، وهي ذات قيمة تاريخية وثقافية كبيرة. وبإمكانك استكشاف هذه الطرق بشكل مستقل أو من خلال جولات متخصصة.
-
تناول الطعام في مطاعم المأكولات الإقليمية
إن تناول الطعام في المطاعم التي تُعبَر عن ثقافة الوجهة من خلال أطباقها، هو أيضًا سياحة غذائية؛ إنما المهم هنا هو اقتراحات المطعم.
يمكن أن تشمل القائمة المطاعم التقليدية والكلاسيكية للمؤسسات الأصيلة والتي تحظى بشعبية لدى السكان. كما قد تشمل التجربة أيضًا، مطاعم حديثة ذات مفاهيم مُبتكرة، تُركَز على التقدير الثقافي والتنوع البيولوجي.
-
المهرجانات الغذائية والثقافية
يسافر الكثيرون لحضور المهرجانات المميزة في دول عدة، سواء مهرجانات الموسيقى أو مهرجانات الأعياد والمناسبات الوطنية وغيرها. لكن من قال أنه لا يمكن السفر، لحضور المهرجانات الغذائية التي تعكس ثقافة الدول وحضارتها؟
العديد من المدن حول العالم، لديها فعالية تذوق الطعام أو مهرجانٌ ثقافي مع أكشاك طعام ذات طابع خاص. هنا، لا تُعتبر هذه المهرجانات الثقافية مخصصةً لفن الطهو؛ ولكنها تُقدم فكرةً جيدة عن الأطعمة والمشروبات المتعلقة بتقاليد الطعام في المنطقة، وهي جديرةٌ بالاهتمام أيضًا.
في المرة القادمة التي تنوين السفر فيها، ننصحك بتضمين مهرجانات الطعام في رحلتك من خلال التنبه إلى التقويمات الاحتفالية للمدينة التي تنوين زيارتها. لأنه حيثما توجد حفلة، يوجد طعام والعكس صحيح!
-
ورش عمل لتعليم الإنتاج الحرفي
هذا النشاط يحمل تجربةً أعمق لتعلَم الأطعمة المحلية؛ ويأتي ضمن برامج تعليمية - قصيرة أو طويلة - تُعلَمك كيفية تحضير المنتجات التقليدية بطريقة حرفية، مثل المربيات وغيرها. نشاطٌ مثالي للأشخاص الذين يحبون إعادة إنتاج ما تعلَموه في المنزل بعد رحلتهم.
كانت هذه مجرد أمثلة قليلة لأنشطة السياحة الغذائية والتجارب التي يمكنك القيام بها أثناء السفر. بشكل عام، للقيام بهذا النوع من السياحة؛ ما عليك سوى أن تكوني مهتمةً بفن الطهو. ومن هناك، الأمر متروكٌ لك في كيفية تجربته؛ سواء تذوق حلوى نموذجية في المقهى أو من خلال جولة إرشادية إلى مصانع العسل في البلد. أفضل شيء هو تضمين العديد من هذه الأنشطة في خط سير الرحلة؛ ففي النهاية، السياحة الغذائية للجميع وتتضمن متعةً لا مثيل لها.
