الشيف ألفين ليونج لـ"هي": لم أتدرب يومًا في مطعم.. والنجاح يُلهمني للاستمرار لأنه حافزٌ واضح
ضمن سلسلة المقابلات الحصرية التي تجريها مجلة "هي" مع الطهاة العالميين، المتميزين والحاصلين على تقديراتٍ مرموقة مثل نجوم ميشلان وغيرها؛ كان لي شرف لقاء الشيف ألفين ليونج Alvin Leung والتعرف عليه خلال عشاءٍ أُقيم في مطعمه Demon Duck في فندق بانين تري دبي مؤخرًا.
The Demon Chef هو الإسم الذي يُطلق على الطاهي الكندي الحاصل على نجمتي ميشلان؛ ألفين ليونج شخصيةٌ تلفزيونية عالمية مشهورة وأحد أشهر الطهاة في آسيا، يمتاز بإضفاء لمسةٍ إبداعية ومُبتكرة على الأطباق الكلاسيكية الصينية والآسيوية المحبوبة، بالإضافة إلى قائمةٍ خاصة بأطباق البط في أول مطعمٍ له في الشرق الأوسط. ويقدم مطعم "ديمون داك" للشيف ليونج أجواء مفعمة بالطاقة والحيوية والتشويق والمرح للضيوف، بجانب قائمةٍ متميزة من أشهى الأطباق الآسيوية.
للتعرف أكثر على بدايات هذا الشيف المشاغب نوعًا ما وأسرار نجاحه، كان لنا هذا اللقاء الممتع..
أخبرنا المزيد عنكَ: بداياتكَ، تعليمكَ، إلخ.
لم أبدأ الطهي بشكلٍ احترافي حتى بلغتُ الأربعين من عمري، حيث انتقلتُ من الشغف والهواية إلى المهنة. قبل ذلك، كانت لديَ خلفيةٌ في الهندسة ولم ألتحق قط بمدرسةٍ للطهي، مما جعلني أحد الطهاة القلائل الذين لم يتدربوا أبدًا في مطعم. ورغم أن هذا المسار غير التقليدي قد يبدو شاقًا، إلا أنه كان مُرضيًا للغاية؛ حيث أتيحت لي الفرصة للعمل والتعلم في نفس الوقت. يجلب الطهي ضغوطاته، لكنني أزدهر بها - فهي تُحفَزني على التفوق وجعل الرحلة ممتعة.
متى اكتشفتَ أنكَ تريدُ أن تصبح طاهيًا؟
كان قراري بأن أصبح طاهيًا مصادفة. في سن الأربعين، سنحت لي الفرصة، وقد اغتنمتها. في بعض الأحيان تضع الحياة الفرص أمامكِ، وعليكِ فقط أن تغتنمي الفرصة المتاحة. هذا ما فعلتهَ بالضبط، وهو ما غيَر حياتي ومساري فيما بعد.
من/ما هو مصدر إلهامكَ الرئيسي لتصبح طاهيًا؟
لقد أجبتُ على هذا السؤال مراتٍ عديدة من قبل، ودائمًا ما أجيبُ بنفس الإجابة: جويل روبوشون، وآلان دوكاس، وفيران أدريا هم أعظم مصادر إلهامي. إن شغف جويل بتحضير أفضل الأطباق باستخدام أفضل المكونات لا مثيل له. وكانت شجاعة فيران في إعادة اختراع وإعادة تعريف الطعام الفاخر بمثابة تحول، وحكمة آلان في مضاعفة نجوم ميشلان التي حصل عليها لا تقلَ عن العبقرية. جميعهم معًا مثل ساحر أوز - يُجسَدون القلب والشجاعة والحكمة، وهي الصفات التي أسعى جاهدًا لمحاكاتها.
في النهاية، فإن مصدر إلهامي الرئيسي هو النجاح نفسه - النجاح يُلهمني للاستمرار؛ في حين أن الفشل يدفعني لتجربة شيءٍ جديد. في رأيي، غالبًا ما يتم المبالغة في تقدير الشغف، لكن النجاح هو حافزٌ واضح.
كيف تصفُ أسلوبكَ العام في الطهي؟
أسلوبي في الطهي فريدٌ من نوعه، ولكنه بسيط. أهدفُلتقديم شيءٍ لم يجربهُ الضيوف من قبل؛ ولكن وقبل كل شيء، ألتزمُ بمبدأٍ واحد: "الذوق هو الملك". بغض النظر عن مدى ابتكار الطبق، يجب أن يكون نكهته دائمًا لها الأولوية. هذا، بالنسبة لي، هو أهم جانب في الطهي.
ما الذي يمتلكهُ "الشيف الذي علَم نفسه بنفسه" أو ما الذي يختلف فيه عن الطهاة الآخرين؟ وما الدروس التي تعلَمتها خلال هذه الرحلة؟
إن كوني علُمتُ نفسي بنفسي، يعني أنني اضطررتُ إلى اكتشاف الحمض النووي للطهي - "كيف" و"لماذا" كل شيء - بنفسي. في حين يتم تعليم الطهاة المُدرَبين تقليديًا غالبًا الطرق، فإن الطهاة الذين علَموا أنفسهم يتعمقون لفهم جوهر كل تقنية ومكون. إنه مسارٌ أكثر تحديًا، حيث قد نفتقر إلى مهاراتٍ معينة في البداية، ولكن يمكن تطوير هذه المهارات على طول الطريق.
فلسفتي بسيطة: إذا لم تتمكن من القيام بشيءٍ ما، فاستعن بشخصٍ آخر يستطيع فعل ذلك. في نهاية المطاف، النجاح في المطبخ هو دائمًا جهدٌ جماعي، وليس عمل فردٍ واحد.
قمنا بتجربة التذوق في مطعمكَ وهي بحق تجربةٌ مميزة؛ أخبرنا المزيد عن مطعمكَ Demon Duck في دبي.
Demon Duck هو مشروع بدأ منذ بضع سنوات عندما تمت دعوتي لافتتاح مطعمٍ في الشرق الأوسط. المطبخ الآسيوي واسع، ويشمل كل شيء من الأطباق اليابانية الغنية بالمذاق، إلى النكهات الحارة لسيشوان. إن إنشاء قائمة طعامٍ لدبي، المدينة ذات السكان متعددي الجنسيات والتفضيلات المحلية المحددة، يتطلب بحثًا مكثفًا. وجدتُ أن المُناخ الدافئ هنا يُعزَز تفضيل النكهات الجريئة والقوية، لذلك تميل القائمة نحو أطباق جنوب شرق آسيا وعموم آسيا، مع دمج خياراتٍ كانتونية تقليدية للتنوع. وعلى الرغم من أن القائمة مكتنزة، إلا أنها تُلبَي الأذواق المتنوعة، وتضمن شيئًا للجميع.
ما الذي دفعك إلى اختيار تقديم أطباق "إكس تريم" في مطعمكَ؟
X-Treme Cuisine هو مفهومي لدفع حدود الطهي إلى أقصى إمكاناتها دون المبالغة. تمامًا مثل القفز بالحبال الذي يتوقف قبل الأرض مباشرةً، أهدفُ إلى اختبار أذواق رواد المطاعم بتجارب مثيرة وجريئة دون إرهاقهم. يكمن التحدي في هذا النهج، في الحاجة المستمرة للابتكار - إنشاء شيءٍ جديد تمامًا كل بضع سنوات، إن لم يكن سنويًا. ومع ذلك، أرى ذلك كفرصةٍ لي للبقاء في المقدمة؛ بينما قد ينسخ الآخرون أفكاري، فأنا أُركَزُ دائمًا على خطوتي التالية.
كيف يتصور ألفين ليونج قوائم الطعام التي يُعدَها؟
يتم بناء كل قائمة أقوم بإنشائها حول موضوعٍ مفهوم، مما يضمن قدرة الضيوف على التواصل مع الأطباق. التوازن هو المفتاح، لذلك أدمجُ مجموعةً متنوعة من النكهات - الحلو والحامض والمر والمالح والحاد واللذيذ. ويتم اختيار المكونات بناءً على التوافر والموسم وتفضيلات التركيبة السكانية المحلية.
في دبي، قمتُ بتعديل قوائم الطعام الآسيوية التقليدية لاستبعاد لحم الخنزير والفول السوداني، مما يجعلها أكثر شمولًا ومُناسبة للحساسية. في حين أنه من الصعب العمل ضمن قيودٍ معينة، فإن ذلك يدفعني لإيجاد حلولٍ إبداعية، والنتائج مُجزية دائمًا.
ما هي الأدوات الأساسية برأيكَ، للطاهي الناجح؟
الشغف، وقليل من الحظ، والموهبة الطبيعية هي نقاط بدايةٍ أساسية. ومن هناك، يتعلق الأمر بالبناء على نقاط قوتكِ ومعالجة نقاط ضعفكِ. إذا كان هناك شيء لا تجيدينه، ابحثي عن شخصٍ يمكنه سد هذه الفجوة. النجاح في عالم الطهي هو مزيجٌ من النمو الشخصي والتعاون.
ما هو الشيء الذي لا يمكنكَ العيش بدونه في المطبخ؟
الماء؛ لا غنى عنه للطهي والتنظيف والبقاء رطبًا خلال الساعات الطويلة التي نقضيها في المطبخ. إنه عنصرٌ أساسي، ولكنه حاسم في كل ما نقوم به.
كيف يدير ألفين ليونج الصراع والمنافسة بين موظفي مطبخه؟
الصراع والمنافسة أمران لا مفر منهما في أي مطبخ، ولكن يمكن تسخيرهما لتحقيق نتائج إيجابية. إن المفتاح هنا هو التوازن ــ فالإفراط في أي منهما قد يكون مُدمرًا؛ ولكن الجرعة الصحية من كل منهما قد تدفع إلى التحسين والابتكار. الوعي بهذه الديناميكيات والحفاظ على الانسجام، يضمنان عمل المطبخ كوحدةٍ متماسكة.
باتت التكنولوجيا اليوم، علامةً فارقة في مختلف الأعمال؛ كيف تؤثر في الطهي بشكلٍ إيجابي وسلبي برأيك؟
تُعتبر التكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، أداةً قوية في عالم الطهي. فهي تساعد في تصميم الأطباق بتنوعاتٍ فريدة وشخصية. ومع ذلك، هناك جانبٌ سلبي لها؛ حيث أن دقة الذكاء الاصطناعي قد تقضي على عنصر الصدفة الذي أدى للعديد من الاكتشافات الطهوية الرائعة أو المنتجات اليومية، مثل الاختراع العرضي للمطاط.
غالبًا ما تزدهر الحياة والطهي على العيوب. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدفعنا نحو التفكير المنطقي المفرط، مما قد يؤدي إلى خنق الإبداع وتلك الروح الفريدة في هذه العملية. في الوقت الحالي، أستخدمه كأداة، لكن تأثيره على فن الطهي هو شيءٌ يجب مراقبته عن كثب.
ما هي طموحاتك المستقبلية كطاهٍ محترف؟
طموحي المستقبلي، على سبيل المزاح، هو أن "أتخلى" تقريبًا عن كوني طاهيًا وأن أستكشفَ آفاقًا جديدة. لقد حققتُ الكثير، بدءًا من البدايات المتواضعة، وفيما لم يعدَ لديَ نفس الطموحات كما كان من قبل، فإنني أؤمنُ بالتحسين المستمر. هناك دائمًا مجالٌ للنمو، وطالما أنني أطوَرُ من نفسي، سواء كان ذلك في المطبخ أو في أي مكانٍ آخر، فأنا راضٍ.
ما هي نصيحتك للطهاة الجدد من خلال موقع "هي"؟
لا أؤمن بتقديم نصائح عامة، لأن رحلة كل شخصٍ فريدةٌ من نوعها. قد لا يكون مساري، الذي تُشكَله ظروفٌ مختلفة، ذا صلة اليوم. ومع ذلك، فإن الحقيقة العالمية هي أهمية التفكير في كل معلمٍ وفشلٍ وتحليلهما للتعلَم والنمو. أنتَ الشخص الأكثر أهليةً لتوجيه نفسكَ، لأنكَ تعرف نقاط قوتكَ وضعفكَ وطموحاتك.
ابتكر باستمرار، وتكيَف مع العصر، والأهم من ذلك؛ آمن بنفسكَ.