الشيف يانيس سغارد ل "هي": والدي صاحب الفضل الأكبر لشغفي بالطهي والتميَز فيه.. وأسعى لخلق تجارب لا تُنسى
بإطلالةٍ مهيبة على بنايات وأبراج دبي شاهقة الإرتفاع، وضمن أجواءٍ راقية لجهة تجربة التذوق والاستمتاع بالموسيقى الدافئة والخدمة المتميزة، يشعر المرء نفسه كما لو أنه يملك العالم حتى وإن كان ذلك لوقتٍ محدود.
هذا ما شعرتُ به أثناء تناولي العشاء في مطعم ولاونج "أتموسفير" At.mosphere الفاخر والذي يقع في الطابق 122من برج خليفة، أيقونة مدينة دبي الساحرة، الذي يجذب السياح والزائرين على حد سواء. شعورٌ مفعمٌ بالعلو والإرتقاء مع أسمى درجات الضيافة التي يُوفرَها "أتموسفير" سيرافقني لفترةٍ طويلة؛ فكيف بالطاهي الذي استلم مؤخرًا دفة تحضير الطعام في المطعم الساحر، ليُضفي بعضًا من سحره وخبرته الواسعة على قائمة التذوق هناك؟
نتحدث بالطبع عن الشيف يانيس سغارد Yannis Sgard، الذي تمَ تكليفه بمهمةٍ واحدة إنما غاية في الأهمية: الارتقاء بمعايير الطهي في المطعم الأكثر ارتفاعًا في العالم! الشيف الفرنسي الشاب يحمل معه خبرةً تزيد عن 10 سنوات في العمل ضمن مجموعةٍ من المطاعم الحائزةعلى نجوم ميشلان ووجهات تناول الطعام المشهورة في فرنسا والإمارات العربية المتحدة؛ عمل خلالها بجانبمجموعةٍ من الطهاة الأسطوريين رفيعي المستوى ضمن مطاعم حائزة على نجوم ميشلان في بلده الأم فرنسا، بمن فيهم كريستيان لو سكوير في مطعم لو سينك الحائز على ثلاث نجوم ميشلان، وفندق فورسيزونز جورج الخامس في باريس، حيث ترأس قسم البحث والتطوير في منصبه كرئيس الطهاة.
كذلك عمل سغارد لمدّة سنتين تحت إشراف ميشيل روث، أحد أبرز الطهاة الفرنسيين، في مطعم لاسير؛ وشارك في دوراتٍ تدريبية عدة بما في ذلك ضمن مطعم فوبورغ في فندق لو بريستول.
سغارد الذي حجز لنفسه مكاناً بين المرشحين النهائيين لجائزة أفضل طاهٍ مستقبلي في الإمارات العربية المتحدة للعام 2023 من دليل غولت أند ميلو، يتمتعبفلسفةٍ خاصة في مجال الطهي ترتكز على التقاليد الفرنسية إنمابلمسةٍ عصرية، أنيقة وراقية تُلقي الاهتمام المماثلللنكهات المطلوبة للخروج بأشهى الأطباق.
في دردشةٍ مع "هي"، فتح لنا يانيس سغارد كتاب حياته؛ حيث تعرفنا على بداياته، أسلوبه وشغفه بالطهي، تجاربه العديدة السابقة التي ستُثري تجربته الحالية في أتموسفير وغيرها الكثير. فكان هذا اللقاء الممتع..
مرحبا شيف يانيس، وأهلاً وسهلاً بكِ على موقع "هي". أخبرنا رجاءً المزيد عنكَ: بداياتك، تعليمك، إلخ.
أهلاً بكِ وبمجلة "هي".. نشأتُ في كنف عائلةٍ لديها حبٌ عميقٌ للطهي، ويرجع الفضل في ذلك لحدٍ كبير إلى والدي. ومع وجود أبٍ فرنسي وأم مغربية، انغمستُ في ثقافتين نابضتين بالحياة، مما شكَل رحلتي في الطهي وغرسَ فيّ الانفتاح على استكشاف التقاليد المتنوعة والتعلم منها.
متى اكتشفتَ أنكَ تريدُ أن تصبح طاهيًا؟
اكتشفتُ شغفي بأن أصبح طاهيًا في طفولتي، حيث شاهدتُ والدي وهو يطبخ؛ وشهدتُ الفرحة التي جلبها لعائلتنا. لقد ألهمتني تجربة كيف يمكن للطعام أن يربط بين الناس ويُثير الذكريات العزيزة، لتحويل هذا الشغف إلى حياتي المهنية.
من / ما هو مصدرُ إلهامكَ الرئيسي لتصبح طاهيًا؟
مصدر إلهامي الأول لأصبح طاهيًا كان أخي، أول طاهٍ في عائلتنا. ألهمني شغفه بالطهي والإبداع في المطبخ، لاستكشاف رحلتي الطهوية، والسعي لتحقيق التميَز في فن الطهي.
كيف تصفُ أسلوبكَ العام في الطهي؟
أستمتع بالجمع بين احترام التقاليد والنهج التطلعي إلى المستقبل. يتميز أسلوبي في الطهي بالدقة والنقاء والأناقة، وأسعى دائمًا إلى تحقيق التوازن المثالي بين النكهات من خلال تقنياتٍ راقية.
أخبرنا المزيد عن انضمامكَ إلى At.mosphere: الخبرة والشعور والخطط وما إلى ذلك.
كان الانضمام إلى At.mosphereبمثابة تجربةٍ لا تُصدق. منذ اللحظة التي خطوت فيها داخل هذا المطعم، شعرتُ وكأنني في المنزل ومفعمٌ بالإلهام. أنا متحمسٌ لتجسيد رؤيتي الفريدة في الطهي في هذا المكان، ودمج تراثي مع الاتجاهات الحديثة، لرفع تجربة تناول الطعام وخلق شيءٍ مميزٍ حقًا.
قبل الانضمام إلى At.mosphere، عملتَ في عددٍ من المطاعم المرموقة في دبي؛ أخبرنا المزيد عنها.
أكسبتني تجاربي السابقة في العديد من المطاعم المرموقة في جميع أنحاء دبي، فهمًا أعمق للثقافة الغنية للمدينة ومجتمعها الدولي المتنوع. وساهم كل دورٌ بشكلٍ كبير في نموي، سواء على المستوى الشخصي أو المهني.
كيف يبدو العمل في مطاعم حائزة على نجوم ميشلان وتصنيفدليل ميشلان؟
بالنسبة لي، يبدو العمل ضمن معايير نجوم ميشلان أمرًا طبيعيًا. فمنذ أن بلغتُ الخامسة عشرة من عمري، تدربتُضمن بيئةٍ عالية المستوى؛ حيث طوَرتُ نظرةً ثاقبة للتفاصيل. هذا الأساس يدفعني باستمرار إلى الارتقاء بمهاراتي والسعي للكمال. لا يتعلق الأمر فقط بالطعام؛ إنما بخلق تجربةٍ لا تُنسى للضيوف. هذا الالتزام بالتميَز هو ما يجعل تقدير ميشلان مرموقًا للغاية.
لقد عملتَ مع عددٍ من الطهاة الأسطوريين؛ كيف تصفُ لنا هذه التجارب؟
كان العمل جنبًا إلى جنب مع الطهاة الأسطوريين، تجربةً لا تُصدق؛ شكَلت بعمق رحلتي الطهوية. يجلب كل طاهٍ معه منظورًا وشغفًا فريدين إلى المطبخ، ما ألهَمني لصقل مهاراتي باستمرار وتوسيع إبداعي. ومن خلالهم، تعلمتُ ليس فقط أهمية إتقان التقنيات، وإنما أيضًا التوازن بين الإبداع والتقاليد في كل طبق. إنه لشرفٌ لي أن أحمل هذه الدروس إلى الأمام، بينما أُشكَل هويتي الطهوية الخاصة.
ما زلتَ شابًا لكنكَ مسلحٌ بالجوائز والتقديرات العالمية؛ ما هي أسراركَ في هذا الخصوص؟
ينبع نجاحي من شغفي العميق بالطهي والالتزام الثابت بالتعلَم المستمر. وأؤمن بإحاطة نفسي بأفرادٍ موهوبين، واحتضان التحديات، والتمسك بجذوري الطهوية أثناء استكشاف أفكارٍ جديدة. كانت كل فرصةً لي بمثابة حجر الأساس، وأنا ممتنٌ للتقدير الذي يسمح لي بمشاركة رؤيتي مع العالم.
كيف تجد العمل كطاهٍ في الشرق الأوسط، وخاصةً دبي؟
إن العمل كطاهٍ في دبي تجربةٌ لا تُصدق. يُعدَ مزيج الثقافات النابض بالحياة في المدينة، مصدر إلهامٍ يومي؛وأستمتع بفرصة جلب جذوري الطهوية الفرنسية إلى مثل هذا الإطار الديناميكي، حيث يزدهر الإبداع والابتكار. إنه لأمرٌ مثير أن نتعامل مع النكهات والتقاليد المتنوعة في هذه المدينة الرائعة.
كيف يعمل يانيس سغارد على تصوَر ووضع قوائم الطعام؟
أبدأ في تصوَر القائمة من خلال التركيز على المكونات الموسمية، والقصة التي أريدُ أن ينقلها كل طبق. وأهدفُ إلى تحقيق التوازن بين النكهات والملمس، مع ضمان تجسيد كل طبقٍ لأسلوبي الطهوي. غالبًا ما ينبع الإلهام من تجاربي وأسفاري، ما يُمكّنني من ابتكار تجربة طعامٍ فريدة من نوعها تجذب الحواس حقًا.
ما هي الأدوات الأساسية للطاهي الناجح؟
يكمن أساس الطاهي الناجح في الشغف والإبداع والقدرة على التكيَف. القيادة القوية والتواصل الواضح، أمران حيويان بنفس القدر، لبناء فريقٍ متماسك. ومعًا، تعمل هذه العناصر على دفع الابتكار والتميَز في المطبخ.
ما الشيءالذي لا يمكنكَ العيش بدونه في المطبخ؟
ملعقتي.. قد يبدو الأمر مضحكًا، لكن لا غنى عنها بالنسبة لي - ليس فقط للتذوق، وإنماأيضًا لتحقيق التوازن في النكهات. تسمح لي الملعقة بمزج كل طبقٍ وتقديمه والتواصل معه على مستوى أعمق، ما يجعلها رفيقًا حقيقيًا في رحلتي الطهوية.
كيف تديرُ الصراعات والمنافسة بين طاقم المطبخ؟
أتعاملُ مع الصراعات والمنافسة من خلال تعزيز التواصل المفتوح والعمل الجماعي. وأشجع الفريق على تبادل الأفكار ودعم بعضهم البعض، وتحويل المنافسة إلى دافعٍ صحي. يُعزَز هذا النهج بيئةً إيجابية، حيث يمكن للجميع أن ينجحوا ويساهموا في نجاحنا المشترك.
باتت التكنولوجيا علامةً فارقة في كل عمل؛ كيف تؤثر في رأيكَ على الطهي بشكل إيجابي أوسلبي؟
لقد عزَزت التكنولوجيا بالتأكيد الكفاءة والاتساق في المطبخ، ما مكَن من إجراء قياساتٍ دقيقة وتسريع العمليات. ومع ذلك، أشعرُ أن الاعتماد المفرط على الآلات يمكن أن يُقلَل من براعة الطهي. أُفضَل التقنيات العملية التي تسمح لي بالتواصل مع المكونات وتكريم تقاليد الحرفة، وضمان صُنع كل طبق بعنايةٍ وإبداع.
ما هي طموحاتكَ المستقبلية كطاهٍ محترف؟
تتركز طموحاتي كطاهٍ على النمو والإبداع المستمر. أؤمن بقوة الطعام في إلهام الناس وربطهم ببعضهم البعض، وأنا ملتزمٌ دائمًا بالحلم الكبير - السعي وراء النكهات والتجارب والفرص الجديدة لمشاركة شغفي مع الآخرين.
ما هي نصيحتكَ للطهاة الجدد من خلال موقع مجلة "هي"؟
نصيحتي للطهاة الجدد، اغتنامُ كل فرصةٍ للتعلَم والنمو. لا تخافوا من التجربة واكتشاف أسلوبكم الخاص.. قوموا ببناء علاقاتٍ قوية في المطبخ، وحافظوا على شغفكم بالطعام حيًا ونابضًا بالحياة. وتذكروا دومًا، أن الرحلة لها معنى مثل الوجهة،وحاضركم يُشكَل مستقبلكم.