تقليد الجولات الملكية بين أفراد الجمهور.... قدمته الملكة إليزابيث وأصبح جزء من الحياة الملكية
جولات الأفراد الرئيسيين في العائلات الملكية الأوروبية بين المواطنين في الشوارع خلال زياراتهم الرسمية، هي تقليد ملكي شهير، سبق وأن شاهدناه مرات لا حصر لها على مر السنوات، وخاصة خلال الزيارات الرسمية لأفراد العائلة المالكة البريطانية حيث اصبح من المألوف أن نشاهد الأمير وليام ولي عهد بريطانيا وأمير ويلز William, Prince of Wales وزوجته كاثرين أميرة ويلز Catherine, Princess of Wales وهما يتوقفان لبعض الوقت خلال زياراتهم الرسمية، ويتجولان بين أفراد الجمهور ويقومان بمصافحتهم، وتبادل الحديث، بل وسبق وأن شاهدنا الملك تشارلز الثالث King Charles III يقومون بذلك مرات عديدة عندما كان لا يزال ولي لعهد بريطانيا وحتى بعد أن أصبح ملكا لبريطانيا، لذلك يمكن القول إن تقليد جولات الأفراد الرئيسيين في العائلة المالكة البريطانية بين أفراد الجمهور، تعد بمثابة تقليد رئيسي في الحياة الملكية البريطانية، وجزء من مهام عمل الأفراد الرئيسيين في العائلة المالكة البريطانية، ولكن ما قد لا يعرفه الكثيرون إن تقليد الجولات الملكية بين أفراد الجمهور، لم تكن جزء من الحياة الملكية البريطانية أو حتى الأوروبية في الماضي، ولكنها أصبحت كذلك بعد أن قدمتها الملكة الراحلة إليزابيث الثانية للعائلة المالكة البريطانية، خلال فترة حكمها لبريطانيا، في إطار جهودها لتحديث النظام الملكي البريطاني.
-
كيف قدمت الملكة إليزابيث الثانية تقليد الجولات الملكية بين أفراد الجمهور للحياة الملكية البريطانية
قد يبدو ذلك صعب التصديق ولكن فكرة تجول أحد أفراد العائلة المالكة البريطانية بين أفراد الجمهور وتبادل الحديث معهم، كانت أقرب إلى الخيال قبل عهد الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، بل ولم يظهر تقليد تجول الأفراد الرئيسيين للعائلة المالكة البريطانية، بين أفراد الجمهور أو يبدأ تطبيقه فعليا قبل سبعينيات القرن الماضي، فخلال الزيارات الرسمية الملكية السابقة لأفراد العائلة المالكة البريطانية قبل عام 1970، لم يكن بإمكان أي من أفراد الجمهور سوى إلقاء نظرة خاطفة على أحد أفراد العائلة المالكة أثناء مرورهم بسياراتهم، وهم في الطريق لحضور مهمة رسمية ما أو ارتباط ما، ولكن هذا تغير في عام 1970، عندما قررت الملكة إليزابيث الثانية التوقف لبعض الوقت خلال واحدة من زياراتها الرسمية، لإلقاء التحية على الحشود التي اجتمعت لتحيتها ومشاهدتها ومن هنا ولد تقليد الجولات الملكية بين أفراد الجمهور، حدث ذلك تحديدا خلال الجولة الرسمية الملكة للملكة إليزابيث الثانية إلى أستراليا ونيوزيلندا في عام 1970، والتي رافقها زوجها الأمير فيليب Prince Philip، وقتها فوق فوجئ أفراد الجمهور بتوقف الملكة لإلقاء التحية على أفراد الجمهور قبل أن تمضي في طريقها.
-
كيف عاد تقليد الجولات الملكية البريطانية بين أفراد الجمهور بالنفع على العائلة المالكة البريطانية
في حين أن تقليد الجولات الملكية بين أفراد الجمهور أثار قلق الكثيرين من التيار الأكثر تمسكا بالتقاليد الملكية الصارمة في القصر الملكي، باعتباره مخالفة صريحة للتقاليد الملكية القديمة والتي فرضت على أفراد العائلة المالكة البريطانية في الماضي عدم الاختلاط والتعامل مباشرة مع عامة الشعب، ناهيك عن كونه من وجهة نظر البعض، قد يشكل تهديدا أمنيا على الأفراد الرئيسيين في العائلة المالكة البريطانية، ولكن بمرور الوقت، بدا من الواضح أن تقليد الجولات الملكية البريطانية يعود بالتأكيد بالكثير من النفع على العائلة المالكة البريطانية وأن منافعه أكثر من أضراره حيث أتاح هذا التقليد الجديد لأفراد العائلة المالكة فرصة مقابلة أكبر عدد ممكن من أفراد الجمهور، على العكس مما كان عليه الامر في الماضي حيث كانت غالبا ما تقتصر مقابلات الأفراد الرئيسيين في العائلة المالكة البريطانية على المسؤولين وكبار الشخصيات والمشاهير، وعلى عدد محدود من أفراد الجمهور من أصحاب الإنجازات الاستثنائية، وبفضل تقليد الجولات الملكية بين أفراد الجمهور أصبح الأفراد الرئيسيين في العائلة المالكة البريطانية يبدون أكثر اتصالا وتفاعلا مع عامة الشعب، وهو ما ساهم في إلغاء الصورة النمطية عن أن أفراد العائلة المالكة البريطانية يعيشون في قصورهم في معزل عن الحياة اليومية العادية لمواطنيهم وما تضمنه من مشكلات وتحديات، كما ساهمت الجولات الملكية بين أفراد الجمهور أيضا في إظهار أفراد العائلة المالكة البريطانية بمظهر أكثر تواضعا وتبسطا وهو ما زاد بالتأكيد من شعبيتهم بين أفراد الجمهور.
-
كيف تطور تقليد الجولات الملكية البريطانية بين أفراد الجمهور منذ عهد الملكة إليزابيث الثانية حتى يومنا هذا
تقليد الجولات الملكية البريطانية بين أفراد الجمهور، شهد العديد من التغيرات منذ عهد الملكة الراحلة إليزابيث الثانية وحتى يومنا هذا حيث كان في الماضي يقتصر على توقف الملكة إليزابيث الثانية للحظات قليلة لتحية الحشود، قبل أن تمضي في طريقها لإتمام مهمتها أو زيارتها الرسمية، كما لم يكن من المعتاد أن تتوقف وقتها الملكة أو أي من أفراد العائلة المالكة البريطانية لمصافحة أفراد الجمهور أو الحديث معهم لبعض الوقت وهو ما تحدثت عنه الأميرة آن Princess Anne وهي ابنة الملكة إليزابيث الثانية، خلال ظهور لها في الفيلم الوثائقي الشهير Queen of the World (فيلم ملكة العالم، والذي يحكي عن حياة الملكة إليزابيث الثانية)، وقالت الأميرة آن عن ذلك: "لم نكن نصافح أبدا (خلال الجولات الملكية بين أفراد الجمهور) في الماضي،
الفكرة هنا هي أنه لا يمكنك مصافحة الجميع، لذا الأفضل ألا تبدأ في محاولة ذلك"، وأضافت الأميرة آن قائلة: "لذا أنا متمسكة بتلك القاعدة نوعا ما، لكنني لاحظت أن الآخرين (في العائلة المالكة البريطانية) لا يفعلون ذلك، لا أقول بالطبع أن ما يقومون به هو خيار خاطئ ولكنني أعتقد أن الأمر أصبح أقرب إلى تمرين للمصافحة، منه إلى جولة بين أفراد الجمهور، إذا فهمت ما أعنيه، لقد تغيرت الأمور حقا".
على العكس من الأميرة آن فإن الأفراد الأصغر سنا في العائلة المالكة البريطانية، يفضلون المصافحة وتبادل الحديث مع أفراد الجمهور، خلال الجولات الملكية البريطانية بين أفراد الجمهور، وبعضهم يقوم أحيانا بتحية الأطفال الصغار أو كبار السن من أفراد الجمهور بالعناق، وأحيانا التقاط صور سيلفي بصحبتهم، وبفضل ذلك تضمنت الجولات الملكية لأفراد العائلة المالكة البريطانية بين أفراد الجمهور بعض اللحظات التاريخية المؤثرة والتي ساهمت بالتأكيد في زيادة شعبية العائلة المالكة البريطانية لدى أفراد الجمهور".
كاثرين أميرة ويلز تحدثت عن ذلك في الفيلم الوثائقي الذي صدر عام 2016 بمناسبة عيد ميلاد الملكة إليزابيث الثانية التسعين وقالت عن ذلك: "الجولات بين أفراد الجمهور هي فن حقيقي، الجميع في العائلة المالكة البريطانية سبق وأن قام بتنبيهي بأنني أقضي وقتا طويلا في الدردشة (مع أفراد الجمهور)، لا يزال يتعين علي أن أتعلم المزيد عن ذلك وأن أحصل على بعض النصائح الإضافية، على ما أعتقد".
الجولات الملكية البريطانية بين أفراد الجمهور لم تعتد تقتصر على الزيارات الرسمية للعائلة المالكة البريطانية داخل المملكة المتحدة، كما كان الحال في معظم الوقت في الماضي وإنما أصبحت تشمل الزيارات الرسمية الدولية لأفراد العائلة المالكة خارج المملكة المتحدة، وبمرور الوقت أصبح من الصعب تخيل الزيارات الرسمية لأفراد العائلة المالكة البريطانية دون جولات رسمية بين أفراد الجمهور والتي ستظل تقليد ملكي شهير قدم للحياة الملكية البريطانية في عهد إليزابيث الثانية.