من هي الأميرة التي اضطرت للانتظار لأكثر من ثلاثين عاما حتى تتمكن من الزواج من حب حياتها؟
كثيرا ما سمعنا عن قصص حب ملكية جمعت بين أفراد من العائلات الملكية، وأفراد من عامة الشعب، بعض هذه القصص انتهى نهاية حزينة، بانفصال الحبيبين، بسبب القيود والقواعد الملكية الصارمة التي حالت بين ارتباطهما وحصولهما على نهايتهما السعيدة أو لأسباب أخرى، أما البعض الآخر فانتهى نهاية سعيدة، وتوج بالزوج، مثل قصة حب وزواج الأمير بيرتيل أمير السويد Prince Bertil وزوجته الأميرة ليليان دوقة هالاند Princess Lilian of Sweden, Duchess of Halland، إلا أن الاثنان انتظرا لأكثر من ثلاثين عام في صبر، حتى يتمكنان من الزواج، أما عن السبب فهو قرار الزوجين بأن يضعا سعادتهما في المرتبة الثانية لتأمين التاج السويدي، حتى وإن كان ذلك يعني أنه لا يمكن أن يكون لهما أبدا عائلة خاصة بهما، وأطفالهما الصغار، ولكن بفضل تضحيتهما الكبيرة هذه، أصبحا جزء لا يتجزأ من العائلة المالكة في السويد ومحل تقدير واحترام من قبل جميع أفراد العائلة المالكة السويدية، والكثيرين من عموم الشعب في السويد.
كيف بدأت قصة حب الأمير بيرتيل والأميرة ليليان
قبل أن نتعرف على بداية قصة الحب الطويلة التي جمعت بين الأمير بيرتيل والأميرة ليليان، دعونا نتعرف أولا على الأميرة ليليان، ولدت ليليان ماي ديفيز Lillian May Davies في سوانسي في ويلز في أغسطس 1915، وهي ابنة عامل منجم ومساعدة متجر، وعندما كان عمرها 16 عام فقط، وفي ظل المناخ الاقتصادي الصعب في أوائل الثلاثينيات، توجهت ليليان إلى لندن لتكوين ثروتها وعملت كعارضة أزياء.
في عام 1940، تزوجت ليليان من الممثل إيفان كريج Ivan Craig، والذي سافر بعد فترة وجيزة من زواجهما لإداء الخدمة العسكرية في الجيش البريطاني، وبحلول الوقت الذي عاد فيه إلى إنجلترا مرة أخرى، في نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، كان هو وليليان قد قررا الانفصال بسبب وقوع كل منهما في حب شخص آخر، ولذلك كان انفصالهما وديا، وبعد طلاقهما بفترة وجيزة تزوج ايفان للمرة الثانية، ولكن ليليان كان عليها الانتظار لأكثر من ثلاثين عام حتى تتمكن من الزواج من الرجل الذي تحبه.
لهذا السبب اضطر الأمير بيرتيل والأميرة ليليان للانتظار لعقود حتى يتمكنان من الزواج
أما عن السبب الذي اضطر ليليان للانتظار لعدة عقود حتى تتمكن من الزواج من الرجل الذي وقعت في حبه، فهو حقيقة أن ذلك الرجل هو الأمير بيرتيل، أمير السويد، والذي ينتمي إلى العائلة المالكة السويدية، والتي كان لديها وقتها مجموعة صارمة للغاية من قواعد الزيجات الملكية، وخاصة للورثة الأوائل للعرش السويدي، وكان من بينهم وقتها زوجها المستقبلي، الأمير بيرتيل، فهو الابن الثالث لولي عهد السويد آنذاك – غوستاف أدولف Gustaf Adolf (لاحقا الملك غوستاف السادس أدولف ملك السويد Gustaf VI Adolf) وكان من المتوقع أن يتولى الأخ الأكبر لبرتيل، والذي كان يحمل أيضا اسم غوستاف أدولف (والمعروف رسميا بالأمير غوستاف أدولف، دوق فاستربوتن Prince Gustaf Adolf, Duke of Västerbotten)، عرش السويد خلفا لوالدهما في يوم ما، ولكن ذلك اليوم لم يأتي، لوفاة غوستاف أدولف الابن في حادث طائرة في عام 1947، تاركا ورائه، أرملته الشابة (الأميرة سيبيلا ساكس كوبورج وغوتا Princess Sibylla of Saxe-Coburg and Gotha)، وبناتهما الأربعة (الأميرة مارغريتا Princess Margaretha، الأميرة بيرجيتا Princess Birgitta of Sweden، الأميرة ديزيريه Princess Désirée، الأميرة كريستينا Princess Christina)، وابنهما الوحيد كارل غوستاف (لا حقا كارل السادس عشر غوستاف Carl XVI Gustaf ملك السويد)، والذي كان عمره وقت وفاة والده لا يتجاوز 9 أشهر.
قوانين وراثة عرش السويد كان وقتها تمنع النساء من خلافة عرش السويد، وكانت أيضا تلزم الأمراء بالتخلي عن حقوقهم في ولاية العرش إذا ما تزوجوا من عامة الشعب، لذلك إذا ما كان الأمير برتيل والأميرة ليليان قد تزوجا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية كما كانا يأملان، لكان الأمير بيرتيل قد فقد بذلك حق خلافة العرش السويدي، تاركا بذلك وريث واحد فقط للعرش السويدي، وهو ابن شقيقه الصغير وقتها كارل غوستاف والذي أصبح لاحقا ملكا للسويد خلفا لجده، ووالد الأمير بيرتيل، الملك غوستاف السادس أدولف.
الملك غوستاف السادس أدولف أصبح ملكا للسويد في عام 1950، وكان وريث عرشه، هو حفيده كارل غوستاف البالغ من العمر ثلاث سنوات وقتها، والشخص الوحيد الذي كان يمكنه أن يكون وصيا على عرش ذلك الصبي الصغير، إذا ما حدث أي شيء للملك الملك غوستاف السادس أدولف كان الأمير برتيل لذلك كان من الضروري أن يظل محتفظا بحقوقه القانونية المتعلقة بوراثة والوصاية على العرش، ولذلك تم تأجيل خطط زواجه من ليليان لحين تأمين العرش السويدي.
زواج الأمير بيرتيل والأميرة ليليان بعد أكثر من ثلاثة عقود
على مدى العقود الثلاثة التالية، أمضت ليليان معظم وقتها في جنوب فرنسا حيث كان لديها منزل هناك هي والأمير برتيل، وكانت شخصية متكتمة، تميل للابتعاد عن الأضواء، وكانت بعيدة عن الحياة الملكية إلى حد كبير، ولكن في عام 1973، أصبح الصبي الصغير الذي أجلا زواجهما من أجله لعقود، وساعدا في دعمه حتى يرث العرش، ملكا للسويد.
فجأة تغير كل شيء حيق أشرف الملك الجديد وقتها، كارل السادس عشر غوستاف، على مجموعة من التغييرات في قوانين وراثة العرش السويدي، بما في ذلك التغيير الذي سمح لأفراد العائلة المالكة السويدية بالزواج من عامة الشعب، وهو التغير الذي سمح لكارل السادس عشر غوستاف نفسه، بالزواج من حب حياته، في يونيو 1976، وهي الشابة الألمانية الأصل سيلفيا سومرلاث Silvia Sommerlath، والتي أصبحت لاحقا تعرف بالملكة سيلفيا Queen Silvia، وبعدها ببضعة أشهر فقط، كان ملك وملكة السويد حاضرين في احتفال زفاف الأمير بيرتيل والأميرة ليليان الذي تأخر لعقود، وأقيم حفل الزفاف في قصر دروتنجهولم وارتدت العروس اللون الأزرق، ومنذ ذلك الحين أصبحت ليليان التي نشأت وعاشت في مدينة سوانسي في ويلز أميرة وعضو رئيسي في العائلة المالكة السويدية
أحد أكثر أفراد العائلة المالكة السويدية شعبية حتى وفاتها
في الواقع، أصبحت الأميرة ليليان أيضا واحدة من أكثر أفراد العائلة المالكة السويدية شعبية أيضا خلال حياتها حيث أحبها أفراد العائلة المالكة السويدية وعامة الشعب على حد سواء، وكانت أيضا ضيف دائم في المناسبات والاحتفالات الكبرى في السويد، واستمر ذلك حتى بعد وفاة زوجها الأمير برتيل عام 1997.
وفي عام 2000، كتبت الأميرة ليليان كتابا عن حياتها الملكية، وقصة حبها الطويلة مع الأمير برتيل، وفي عام 2009، تقاعدت الأميرة ليليان عن العمل العام وانسحبت من الحياة الملكية، بسبب المرض وكبر السن، والذي اشتد عليها خلال السنوات الأخيرة من حياتها لدرجة أنها لم تتمكن من حضور حفل زفاف الأميرة فيكتوريا، ولية عهد السويد Crown Princess Victoria في عام 2010.
وفقا للتقارير المنشورة فإن الأميرة ليليان عانت خلال السنوات الأخيرة من حياتها من مرض الزهايمر، قبل وفاتها في في مارس 2013، وأقيمت جنازتها في وقت لاحق من نفس الشهر، وحضرها جميع أفراد العائلة المالكة السويدية، وشخصيات شهيرة أخرى في أوروبا بما في ذلك ملكة الدنمارك مارجريت Queen Margrethe of Denmark.
بعد فترة وجيزة من وفاتها، قامت الأميرة مادلين Princess Madeline، ابنة الملك كارل غوستاف والملكة سيلفيا، باختيار اسم ليليان، ليكون الاسم الأوسط لابنتها الأولى، الأميرة ليونور Princess Leonore، تكريما للأميرة الراحلة ليليان ديفيز، والتي كانت في بداية حياتها فتاة عادية من سوانسي وأصبحت لاحقا أميرة محبوبة في العائلة المالكة السويدية.