خاص "هي": قصة نجاح ومواجهة تحديات مغنية الأوبرا سوبرانو السعودية "عبير محمد"
اتجهت الفنانة السعودية صاحبة الصوت الجميل "عبير محمد" لعالم الأوبرا الذي أحبته منذ الطفولة، فوجدت نفسها وشغفها فيه، ووجدت أن مساحة صوتها استطاعت الوصول لطبقة "السوبرانو الأوبرا" الأكثر صعوبة، فقررت خوض هذا التحدي الصعب، بل وأبهرت كل من استمع إليها، وبدأت مشوارها سعيا للوصول إلى حلمها بأن تحقق نجوميتها في عالم الأوبرا في السعودية أولًا ثم تصبح مغنية أوبرا عربية وعالمية.. وهو المشوار الفني المتميز الذي يزخر بالعديد من المحطات الهامة في مواجهة التحديات، والتي كشفت عنها في حوارها الخاص مع "هي".. إليكم تفاصيل هذا الحوار الممتع والشيق:
كيف بدأ شغفكِ بالموسيقى.. وكيف تمكنتي من تنمية مواهبكِ الغنائية؟
كانت بدايتي عن طريق الصدفة بالرغم من إهتمامي بالأوبرا سماعيًا عندما كنت صغيرة أثناء اللعب ببعض الألعاب الالكترونية حيث تحتوي بعض وصلاتها الموسيقية على بعض المقطوعات الكلاسيكية والأوبرا، وكنت أحاول التقليد فقط دون أن أهتم لمعرفة هذا النوع من الفن، ولكن وبعد سماع غناء "جاكي إيفانكو" انتابني شعور جميل وسرت تلك القشعريرة في جسدي، واستهواني هذا الفن كثيرًا وأحببت الدخول فيه.
وكنت في البداية أقوم بالتقليد فقط دون معرفة هذا الفن، ولكن عندما اخترت أن يكن لي صوتي الخاص الذي أُعرف به، بدأت في التعمق في هذا الفن، وكانت البداية من خلال العمل على التمارين الصوتية.
كيف تعرفين بشكل مبسط غناء "الاوبرا سوبرانو" ؟ وهل يتطلب هذا اللون دراسة معينة أو تدريبات مكثفة لممارسيه؟
السوبرانو هو طبقة صوت نسائية ويُعتبر أعلى طبقة صوت نسائية حيث يعتبر صوتًا حادًا وقويًا ومُرتفعًا، ويوجد البعض من مغنيين الأوبرا الرجال ممن يستطيعون الوصول لطبقة السوبرانو نتيجة التمرينات الصوتية المُكثفة ويبدأ من C4 وصولًا إلى C6.
وبالطبع يحتاج إلى تدريبات مكثفة جدًا لأنه يعتبر من طبقات الصوت النسائية الصعبة، فلذلك يحتاج إلى تدريبات ودراسة لمعرفة التكنيك الصحيح لخروج الصوت صوت الرأس أو صوت الصدر، كيفية التحكم بالتنفس، والتنقل بين النوتات الموسيقية بسلاسة وبدون نشاز أو الخروج عن السلم الموسيقي المحدد.
ما سبب اختياركِ لهذا التحدي بالإنطلاق في عالم الاوبرا سوبرانو على الرغم من أن هذا النوع من الغناء نادر ويعد أحد أكثر فنون الاوبرا صعوبة؟
وجدتُ أن مساحة صوتي استطاعت الوصول لطبقة السوبرانو بعد التمرينات الصوتية، ولذلك رأيتُ أن فن الأوبرا يتلائم ويتوافق مع مساحتي الصوتية، فعلى الرغم مما ذكرته بأنه الأكثر صعوبة، ولكنني شخصية تعشق خوض التحديات الصعبة.
حدثينا عن أهم وأبرز المحطات خلال مشواركِ.
كانت من أهم المحطات خلال مشواري هي مشاركتي في حفل القناصل الفخريين بجدة، حيث كانت أول مشاركة وغناء لي أمام الجمهور، وفي الحقيقة تلقيت يومها الكثير من الإعجاب الذي لا يمكن وصفه، وكان يومًا لا ينسى.
ماهي فلسفتكِ ورؤيتكِ الخاصة في عالم الاوبرا؟
لا نحتاج في الأوبرا إلى السعي لتكرار الأصوات التي سبقتنا في هذا المجال لأن هذا يعني عمل نسخ من أصوات سابقة ولا يعطينا صوتنا الخاص وشخصيتنا الخاصة في هذا المجال.. كما يتطور العالم بما يتناسب مع ثقافات الشعوب كذلك الأوبرا يتطور بما يتناسب مع مدى عمق هذا الفن وقدمه وظهور الأسماء الجديدة والبارزة هو نوع من أنواع التجديد.. البشرية تحب التنويع وإضافة الأوبرا العربية سيكون له مستقبل عظيم في العالم العربي من خلال ظهور العديد من الأسماء الجديدة في هذا المجال وفي العالم الغربي من خلال تصدير اللغة العربية والثقافة العربية من ملابس وأزياء وغيره للعالم.. لنبرهن للعالم أجمع بأن العرب قادرين على الابداع في جميع المجالات.
ماهي أبرز أعمالكِ التي تعتزين بها؟
أعتز وأفخر بجميع أعمالي، لأنها تخرج نتيجة حبي وشغفي بعالم الأوبرا، والسعي لأضع فيه بصمتي التي تخصني وتشير إليَ عند سماع أعمالي، وربما الأعمال العربية هي الأكثر قُربًا لقلبي ولمتابعيني لأن فيها تصديرًا لثقافتنا وللغتنا العربية.
تحدي آخر.. كيف ترين تجربتكِ في الغناء بالعربي كالموشحات وغيره؟ وما هي تجاربكِ فيه؟
تجربتي مميزة في هذا المجال فلقد قمت بتجديد طريقة الغناء في الموشحات بحيث يكون قريب من الأوبرا، كما أديت أغنية "يا طيور" لأسمهان وهي بالأساس قريبة من الأوبرا وكانت ردود الفعل على أدائي محفزة جدًا لأن أستمر بغناء الأغاني العربية مع تقريبها بقدر المستطاع للأسلوب الأوبرالي.
وأديت أيضًا أغنية "أعطني الناي وغني" لفيروز، وانبهر جميع المتابعين من قوة الصوت والأداء، ومن شأن ذلك أن يمنحني حافزًا لمواصلة الغناء بالعربي فهي ثقافتنا التي نعتز ونفخر بتصديرها للعالم.
ماهي أبرز الفعاليات والمناسبات التي شاركتي فيها؟
1- مشاركتي في حفل القناصل الفخريين بجدة وكانت أول مشاركة وغناء أمام الجمهور.
2- مشاركتي كضيفة شرف في الليلة الفرنسية في بوهو كافيه.
وأتمنى المشاركة في العديد من الفعاليات والمناسبات مستقبلًا.
كان لكِ أعمال مشتركة مع العديد من الفنانين.. حدثينا عن أبرز هذه الاعمال؟
أول عمل مشترك لي مع فنانين كان مع مجموعة من الفنانين والعازفين الاماراتيين بترشيح من مغنية الأوبرا "سوسن البهيتي" التي رشحتني للإنضمام لهذا العمل كصوت سوبرانو، وكان عبارة عن تأدية سيمفونية "بيتهوڤن".
ثمّ جمعني أول عمل مع العازف "منصور مفتي" وكان عبارة عن أغنية ( The Godfather ) ثم جمعني ثاني عمل معه وهو عبارة عن أغنية ( Ave Maria ) لفلاديمير ڤاڤيلوڤ وكاتشيني.
وفي الحقيقة كانت جميع هذه التجارب رائعة، وبإذن الله ستكون هناك تعاونات جديدة في المستقبل.
بناءً على تجربتكِ عبر منصات التواصل الاجتماعي.. هل تعتقدين بأنها تعد منصة فعالة لإكتشاف المواهب المتنوعة؟
بالتأكيد، فمنصات التواصل تعد كأنها مسرح يضم العديد من المواهب وبإمكانه تسليط الضوء على المواهب المتنوعة ومعرفتها بشكل دقيق ودون حواجز، كما أنها تساعد على التوسع المعرفي للفنان لدى شريحة واسعة من الناس، وهناك الكثير من المواهب التي تألقت وبرزت من خلال منصات التواصل الاجتماعي.
كيف تقيمين المشهد السعودي الموسيقي خلال السنوات الأخيرة؟ وما هي تطلعاتكِ المستقبلية حول ذلك؟
المشهد السعودي يبشر بالكثير من التطورات والنقلات النوعية على مستوى الفن السعودي والخليجي والعربي والأجنبي، حيث شهد الكثير من الابداعات على جميع المستويات وأصبح الفنانين يبدعون في اضافة لمساتهم الابداعية على الفنون المختلفة من عزف وأداء غنائي.
وشهدت السنوات الأخيرة زخمًا من الابداعات الفنيّة لدى الشباب والشابات وأصبحنا دائمًا نرى بزوغ نجم فنّي جديد بعد إتاحة الفرصة للمواهب الشابّة لاستكشاف مواهبهم وتنميتها وصقلها ثم خروجها للنور.
تطلعاتي هي أن أحقق ما أسعى إليه في أن أصبح مغنية أوبرا معروفة بالسعودية ثم أن أصبح مغنية أوبرا عربية وعالمية يتم تصديرها في السعودية وفي العالم الخارجي وأن أصبح أحد نجوم الأوبرا اللامعين في العالم.
حقق فن الأوبرا انتشارا ملحوظا في المملكة خلال السنوات الأخيرة.. هل تعتقدين بأن هذا الفن سيشهد نقلة نوعية مستقبلا.. وهل تتوفر المواهب السعودية القادرة على تحقيق هذه النقلة وخوض هذا التحدي؟
بالتأكيد.. سيشهد الكثير من النقلات والانتشار ومعرفة هذا الفن بصورة كبيرة، ففي البداية كنا نُعاني من قلة فهم المجتمع لفن الأوبرا ولكن مع استمرارنا في نشره أصبح المجتمع كثير الاطّلاع والمعرفة لذلك يبدو سريان الأوبرا في السعودية أسهل عن ذي قبل.
بأيدينا وأصواتنا نحن مغنيي الأوبرا نستطيع عمل هذه النقلة والتأكيد لمن قال لي في بداياتي: (من المستحيل أن تستمري في هذا الفن وتنشريه) أن أثبت له بأنني أستطيع فعل المستحيل لأجل أن يصل هذا الفن لأبعد من مداه، والحمدلله أصبح لي صيتي واسمي المعروف في عالم الأوبرا في المجتمع.
ماهي الرسالة التي توجهينها للمواهب السعودية الفنية الناشئة من الراغبين في خوض التحديات؟
مهما طال مشوار تحقيق طموحاتكم لا تيأسوا أبدًا، إن الوقت الّذي تقضونه قبل تحقيق الطموح الأكبر لديكم هو فرصةٌ لكم لتنمية وصقل هذه الموهبة، نمّوا الموهبة بالحبّ أولًا ثمّ عاملوها كطفل صغير يحتاج منكم إلى الرعاية، الطموح الّذي يُولد صغيرًا لابد له أن يشبّ ويصبح ذا مكانة ذات يوم.
ماهي طموحاتكِ المستقبلية؟
طموحاتي أن أكون مغنية أوبرا عربية وعالمية يتم ضمّ اسمها مع أبرز مغنيين الأوبرا العالميين، وأطمح المشاركة بالغناء في أي حفل يُقام للفنان العالمي "أندريو بوتشيلي"، والمشاركة بالغناء مع فرقة Il divo على المسرح.
كلمة أخيرة ..
جزيل الشكر لأسرة مجلة "هي" على إتاحتهم الفرصة لي لأن أكون أحد المواهب التي يسلطون الضوء عليها، من خلال مجلتهم البارزة والرائدة في العالم العربي.
حساب الفنانة عبير محمد على الانستجرام .
https://www.instagram.com/abeer_soprano?igshid=MzRlODBiNWFlZA%3D%3D
الصور تم إستلامها من قِبل الفنانة "عبير محمد"، من تصوير المصور "عبدالرحمن عيسى".