الجزء الثاني من فيلم " Dune "

فيلم "Dune 2".. هل المتعة البصرية وحدها تكفي على شاشة السينما؟

ريناد الجهني
13 مارس 2024

عالم "كثيب" أو "Dune".. بدأت الرحلة منذ عام 1965 عندما تم نشر أول رواية للكاتب فرانك هيربرت، بعد ذلك أصبحت سلسلة كتب.، وفي 2021 عرض أول جزء من سلسلة أفلام دون للمخرج دينيس فيلنوف، وبعد نجاحه الكبير تصاعدت حالة الترقب بخاصة وأن موسمه الثاني تأجل مرارا بسبب اضراب الكتاب في هوليوود، ولكن على ما يبدو أن الانتظار الطويل أتى بثماره.

ينطلق الجزء الثاني باستكمال الرحلة الملحمية لبطل السلسلة "بول أترايدس" وسعيه للانتقام لوالده وعائلته التي دُمرت في الجزء الأول، حيث نراه ووالدته ليدي جيسيكا يصارعان للصمود في الصحراء القاسية الجديدة كليًا عليهما، وكل واحد فيهما يسعى لحماية الآخر، بعد ذلك نلاحظ سرعة اندماجهم مع شعب الفريمان، وتقبل الفريمان المعروفين بحذرهم من الغرباء لبول أترايدس بشكل غير متوقع وذلك بسبب إيمانهم بان بول هو الذي سيخلصهم من الحروب ومحاولات الغزو المتعددة لسرقة خيرات الكوكب، وهذا تمامًا مافعله بول في "كثيب: الجزء الثاني"، حيث تضمن العمل بشكل عام كثير من مواطن القوة التي تضعه في مصاف أبرز أفلام السنة التي تنتمي لتلك العوالم.

كيف تحولت شحطات الخيال إلى واقع ملموس؟

مع أدائه الاستثنائي الذي أذهل المشاهدين - وبشكل خاص أولئك الذين شككوا في قدرته على تجسيد شخصية بول أترايدس - تيموثي شالاميه قد رسم مسارًا جديدًا لمسيرته الفنية المبكرة. كممثل صاعد، بخاصة حتى ذلك الحين، لم يكن قد نال استحسانًا واسعًا من جمهور السينما من حيث قدراته التمثيلية. ولكن أداءه في "كثيب" غيّر هذا الانطباع بشكل جذري، حيث جسد تيموثي العمق العاطفي والتعقيد النفسي للشخصية، ليصبح بول شخصية حقيقية واقعية قد لامسها الممثل، واستطاع إيصالها للمشاهدين.

وبعد مشاركة شبه هامشية في الجزء الأول، أصبحت دور زندايا رئيسيا في الجزء الثاني من خلال أدائها لشخصية شاني، محاربة الفريمان ومحبوبة بول، حيث تقدم الممثلة قوة كمقاتلة مكتفية بذاتها ومستقلة، تدعم بول لكنها تشكك في إمكاناته كمخلص الفريمان، وبشكل عام تمكنت زندايا من تقديم أداء أفضل كثيرا مقارنة بالجزء السابق، أما الأكثبر تفوقا فكان أوستن بتلر بشخصية فيد روثا، ووبالطبع ليس بالغريب على بتلر إيصال أداء مبهر كهذا فقد فعلها سابقًا في فيلم "Elvis". ولكن كان هناك شيء مختلف في "كثيب" وكأنه استثمر كل ما في وسعه لينقل إلى الجمهور طبيعة جبروت وطغيان شخصيته، مع التركيز على أدق التفاصيل والاهتمام بأبسط الانفعالات، فيما جاء أداء باقي الأبطال اعتياديا ونمطيا إلى حد بعيد.

فيلم "Dune"
فيلم "Dune"

رؤية فينلوف

من أهم وظائف المخرج هو ان يدرس ما سيصوره بعناية، أن يفهم العالم تماما وكأنه جزء منه، سينعكس فهم المخرج للعالم على طريقة تصويره له وايصاله للمشاهدين، وفي "كثيب" قدم لنا فيلنوف عالم مثالي، مرسوم بدقة شديدة، أوصل لنا الصور نفسها تلك التي بذهنه، على الأقل بصريًا، وذلك بالطبع بمشاركة مدير التصوير غريغ فريزر، مصمم الإنتاج باتريس فيرميت، محرر الفيلم جو ووكر، مشرف المؤثرات البصرية بول لامبرت، ومصممة الأزياء جاكلين، عن طريق هولاء تم اخراج لنا فيلم متكامل من جميع النواحي الفنية.

المشاهد التي صورت في كوكب هاركونان كانت بالأبيض والأسود ولكن فقط في الخارج أما داخل المنازل فكانت الألوان طبيعية وهذا يعود لأصل عالم دون وهو أن كوكب هاركونان كوكب مصطنع وليس طبيعي حتى أن الشمس لم تكن طبيعية مما أعطى الكوكب هذا اللون الأحادي الباهت، وهي حيلة عكست لنا طبيعة سكانه القساة وغير المبالين لشي، أيضا يفسر لون بشرتهم الشاحبة جدًا.

فيلم "Dune"
فيلم "Dune"

لمسة هانز السحرية

كيف كان يمكن أن تبدو نسخة "كثيب" 2024 بدون الموسيقى المقدمة من الفنان هانز زيمر ؟ بموهبته الفريدة، نجح زيمر في تجسيد الأجواء الغامضة والملحمية للفيلم من خلال معزوفاته، بالطبع لا يمكن تخيل العمل بدون تلك الألحان الشهيرة التي أصبحت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بكل زاوية وشخصية في هذا العالم الخيالي، معززةً بذلك التجربة السينمائية لتصبح أكثر غنى وتأثيرًا. ومع ذلك في مشهد المعركة بين بول وفيد روثا صور لنا فيلنوف المشهد بدون أي موسيقى سمعنا فقط أصوات الأسلحة، حيث لهث الجمهور وراء تلك المؤثرات.

دلالات الأزياء في عالم "كثيب 2"

نلاحظ أن كثير من الأزياء بالفيلم تشابه أزيائنا العربية مثل، غطاء الرأس الذي يرتدونه للحماية من الكثبان الرملية والطبيعة الصحراوية لأراكيس، إضافة للألوان الترابية لأزيائهم تماشيًا مع طبيعة الصحراء القاسية. بينما في كواكب أخرى مثل كوكب الامبراطور رأينا ابنة الامبراطور الأميرة ايرولاين ترتدي العديد من المجوهرات والملابس الفاخرة دلالة على انتعاش الكوكب وغناه.

دلالات الأزياء في عالم "كثيب 2"
دلالات الأزياء في عالم "كثيب 2"

رغم تميز التناول في أغلب عناصره، إلا أن حبكة الفيلم وتصاعد الدراما بأحداثه كانت اقل من المتوقع، وقد تكون نقطة ضعف أساسية تمت المداراة عليها بالإبهار البصري اللافت والذي صنع ملحمية هذا الجزء من العمل الاستثنائي.