الممثلة والمخرجة السعودية سمر ششة في جلسة تصويرية مع "هي" ودار "كارتييه": أؤمن بقوة القصص المؤثرة والصادقة
لم يكن هدفها الفن وهي صغيرة ولكنها ارتطبت به من خلال المسرحيات المدرسية ثم دخلته من باب الفضول. تحلم في إخراج فيلم موسيقي وعلى حد قولها ربما يتحقق الحلم بعد عشر سنوات. شاهدناها على الشاشة الصغيرة بدور "رزان" الفتاة المتمردة وأتقنت الدور رغم أنها لا تشبه شخصيتها الحقيقية ومثلت دورا مركبا في فيلم "كيان" وابدعت به. التقيتها في باريس خلال جلسة تصويرية مع دار كارتييه، ولفتني جمالها الكلاسيكي الذي ذكرني بممثلات السينما العالمية القديمة كما لفتني حماسها وحيويتها وحديثها العفوي مع أفراد طاقم العمل. مع سمر ششة الممثلة والمخرجة السعودية التي ينتظرها مستقبل واعد كان لنا هذا اللقاء.
بداية حدثينا عن سمر ششة، من هي؟
سمر فتاة سعودية طموحة، وممثلة ومحبة للفن والحياة.
هل كان للبيئة التي نشأت بها أثر فيما وصلت إليه الآن؟
بالتأكيد نعم، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. فالإنسان هو نتاج ما يراه ويسمعه ويعيشه ويتعرض إليه.
متى اكتشفت مواهبك؟ وكيف كانت أولى خطواتك على طريق النجاح؟
لا أستطيع أن أشير إلى مرحلة معينة بالتحديد. وأنا صغيرة كان لدي الكثير من الاهتمامات والرغبات، كأن أصبح رائدة فضاء، أو عالمة كيمياء، أو طبيبة نفسية، أو مقدمة أخبار، أو صاحبة شركات كثيرة. ولم يكن واضحا لي أن طريق الفن والتمثيل هو الطريق الذي سأسلكه. ولطالما أحببت الفن، وارتبطت به منذ الصغر. كنت أمثل في مسرحيات المدرسة وفي نطاق العائلة، فقد حظيت بعائلة تحب الفن وتقدره. دخلت المجال السينمائي من باب الفضول، إذ إنني أحب أن أستكشف أشياء جديدة طوال الوقت. كان المخرج والكاتب محمود صباغ يبحث عن ممثلات لمسلسله في عام 2013، وتقدمت لتجربة الأداء، ومن هناك كانت انطلاقتي، ووقعت في غرام المجال والمهنة، وقررت أن أتعلم وأدرس لممارستها.
أخبرينا عن تجربة دراستك في الخارج.
درست في جدة في جامعة الملك عبدالعزيز. ولم أدرس في الخارج لكنني تلقيت الكثير من دورات التمثيل والكتابة في أماكن مختلفة، إضافة إلى العلوم التي تعلمتها فيها. وكان أجمل ما فيها تكوين صداقات مع أناس يشاركونني الشغف والاهتمامات.
أنت كاتبة وممثلة وتنوينَ خوض تجربة الإخراج. أين تجدين نفسك أكثر؟ ولماذا؟
جوابي يختلف بحسب اليوم، فأحب كل ما أعمل بالقدر نفسه، ولكن بطريقة مختلفة وفي أوقات مختلفة.
كيف تختلف تجربتك مع "نتفلكس" في مسلسل "جايبة العيد" عن تجاربك الأخرى؟
مسلسل "جايبة العيد" من أكثر التجارب التي كنت فيها خارج منطقة الراحة في مراحل مختلفة من الإنتاج. عملت مع أناس كنت أود العمل معهم، وهو أول تجربة مع أمي، وأول دور بطولة في مسلسل. كما أنه حقق لي انتشارا عالميا، حتى إنني أقابل أشخاصا من دول عربية وغربية يوقفونني في المطارات والشوارع ليشكروني على العمل، وفكرته التي يسهل الارتباط بها عالميا. كما أنني سعيدة بأن يرى الجمهور العالمي أننا نحن السعوديين مبدعون، ولدينا القدرة على تصدير أعمال تلفزيونية عالية الجودة، وذات موضوعات وأنماط عالمية.
مثّلت في المسلسل شخصية المرأة القوية التي تتمرد على العادات الاجتماعية السائدة. ما أوجه التشابه بينك وبين الشخصية؟ وما أوجه الاختلاف؟
شخصيتي تختلف عن شخصية "رزان" على الرغم من فهمي الشديد لها ولدوافعها. قد نشترك في بعض الصفات كالطموح والاستقلالية وتجربة الطلاق، لكنني أكثر دبلوماسية منها في التعامل مع عائلتي، كما أنني لست أمّا. وحياتي لا تشبه حياة "رزان"، وأيضا الظروف التي شكلت شخصيتي تختلف عن الظروف التي شكلت شخصيتها، وهو ما يجعل منها شخصية مركبة ومعقدة.
هل تأثرت بدخول والدتك إلى الوسط الفني؟ وما علاقتك بوالدتك أمام الكاميرا وخلف الكواليس؟
بالطبع كان تأثيرا إيجابيا، وأنا من حثّها على دخول المجال. وعلاقتنا صحية ومليئة بالاختلافات والموافقات والمشاعر. نحن نعد بعضنا أصدقاء.
تجيدين الأدوار الكوميدية الساخرة بأسلوب طبيعي، وهذا توجّه سلكه الكثير من الفنانين في السعودية. هل تؤمنين بقوة تصدير هذا النوع من التمثيل إلى العالم؟
شكرا لك على هذا الإطراء. العالم مليء بكل شيء، ما أؤمن بقوة تصديره هو القصص الفريدة والمؤثرة والصادقة، والابتكار في رواية هذه القصص.
كيف تظهر الإنتاجات السينمائية المشتركة قيمة العلاقات الثقافية؟
في ظل هذا التطور التكنولوجي وتطور وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي يسير العالَم بوتيرة متسارعة ليصبح مثل قرية صغيرة تتماهى فيها العادات والثقافات العالمية. وعلى الرغم من اختلافنا، فإننا نشبه بعضنا في الكثير من الصفات. فنحن نغني الأغاني نفسها، ونأكل الأكلات نفسها، ونشاهد الأفلام ومنشورات السوشيال ميديا نفسها. كما أن الإنتاجات المشتركة المتقنة والصادقة في الطرح تتحدى الصور النمطية أو الأفكار الخاطئة، لتخلق التعاطف والاحترام المتبادل بين صناع الفيلم والجمهور.
كما أن الإنتاجات المشتركة قد تحظى بجاذبية دولية أوسع، وتتمكن من الوصول إلى جماهير من مختلف البلدان والثقافات، وهو ما يثير الاهتمام والفضول حول التقاليد واللغات والمنظورات غير المألوفة. يسهم هذه التعرض لتعابير ثقافية متنوعة من خلال الفن في كسر الحواجز وتعزيز التبادل الثقافي وفهم الإنسان الآخر والترابط على نطاق عالمي.
الحركة السينمائية الشابة في السعودية كسرت قواعد عديدة مجتمعيا، من بينها مظهر الفنانين والفنانات أثناء التمثيل وفي المحافل الرسمية. كيف تخلقين التوازن بين التعبير عن هويتك والمحافظة على الهوية النمطية التي يفرضها علينا المجتمع؟
يمكنني تحقيق ذلك من خلال الحدس والإحساس واتباع قاعدة "لكل مقام مقال".
شاهدت فيلم "كيان" الذي اختلف فيه دورك عن أدوارك الأخرى، وشعرت حقا بالخوف. ما أهمية ألا يكون لدينا أسرار قد تسهم في تدمير حياتنا؟
يسعدني جدا أنك خفتِ! كلنا لدينا أسرار، نحن فقط ندعو الله ألا يُفشى سر ويدمر حياتنا، لأننا لا نستطيع التحكم بالقدر. أليس كذلك؟
من الشخص أو الأشخاص الذين قدموا لك الدعم، وشجعوك على خوض غمار الأعمال التمثيلية؟
كثيرون، والحمد لله. كل عمل له قصة مختلفة، لكنني ممتنة لصداقاتي الحقيقية من داخل المجال وخارجه.
هل هناك من عمل تحلمين في تحقيقه ويظهر براعتك مخرجة وممثلة وكاتبة أيضا؟
أحلم في إخراج فيلم موسيقي، ربما يتحقق بعد 10 سنوات.
بشكل عام هل أُنصفَت المرأة في السينما من حيث الأجور والتقدير مقارنة بالرجل على الصعيد العالمي؟ وكيف هو الحال بالنسبة للعالم العربي؟
لا يوجد عندي جواب دقيق ومختصر عن هذا الأمر.
بصفتك امرأة، ما أحب الصفات التي تطلق عليك ممن حولك؟ وما الصفة التي تزعجك؟
لا أتذكر الصفات التي يطلقها عليّ من حولي وتعجبني أو تغضبني، ولكن ما يزعجني هو أن يعتقد أحد أنني غير قادرة على إنجاز أي شيء ما فقط لكوني امرأة.
هل تفضلين فكرة "سينما المرأة"؟ وهل يجب الاحتفاء بها أم الاحتفاء بالسينما بشكل عام؟
أحب الاحتفاء بالمرأة عموما، وبالطبع هناك قصص تخص المرأة بصوتها ومن تجربتها ومنظورها، ولكننا جزء من منظومة السينما الكبيرة، ومن يجدّ يستحق أن يجِد سواء أكان رجلا أو امرأة.
كيف تقيمين التطور الحاصل حاليا في السعودية على صعيد السينما؟
منعش ومحفز ومزدحم.
ما أهمية مهرجان كمهرجان البحر الأحمر؟
حصول مهرجان بهذا الحجم والتأثير خطوة مهمة لصناعة الأفلام في المنطقة، ولجميع صناع الأفلام في السعودية على صُعُد مختلفة. أما على الصعيد الشخصي بالنسبة إلي، فلن أنسى على الإطلاق تلك التجربة السريالية، لن أنسى الشعور الذي اعتراني وأنا أمشي في شوارع البلد، وأرى كل الفنانين العالميين ورواد صناعة الأفلام في هوليوود وكل العالم يتجولون ويناقشون الأفلام وجمال مدينة جدة وجاذبية المواهب السعودية. التجربة الأجمل كانت يوم عرض فيلم "كيان" من ضمن برنامج المهرجان في دورته الأولى، كيف كنت محاطة بالأهل والأصدقاء من كل صوب في مدينتي. لقد كان تجربة ستعلق في ذاكرتي أبدا، وينعكس أثرها على أحلامي وطموحاتي التي أضحت أكبر وأوضح.
ما الأهم حاليا بالنسبة إليك أكثر: الانتشار العربي أم العالمي؟
كلاهما مهم ويكمّل بعضه.
ما رأيك في الجوائز العالمية؟ وأي جائزة ترغبين في الحصول عليها؟
كلها إن شاء الله.
ما أهمية التعاون مع شركات عالمية كشركة كارتييه بالنسبة إلى الفنانين؟
يعزز التعاون مع شركات عالمية مثل "كارتييه" مكانة الفنانين، ويوفر لهم فرصا جديدة ومتنوعة للتعبير عن أنفسهم وفنهم، والوصول إلى جمهور أوسع، إضافة إلى تطوير مهاراتهم وتوسيع مجالات التعاون والتفاعل في كل ما يتعلق بالفن.
ما الذي يعجبك من مجوهرات "كارتييه"؟ وما أكثر قطعة أحببتها خلال تصويرك مع مجلة "هي"؟
أحب السلاسة والانسيابية والحس الفني في التصاميم، حرفيا من الممكن أن أرتدي أيّا من تصاميم "كارتييه" دون الإحساس بأنها بعيدة عن ذوقي.