خاص "هي": فضيلة سويسي الإعلامية التي توازن بين الرصانة والجمال هكذا صنعت بصمتها في عالم الإعلام
في لقاء خاص مع مجلة "هي"، نغوص في عالم الإعلامية اللامعة فضيلة سويسي الوجه البارز في "سكاي نيوز عربية". منذ انطلاق مسيرتها المهنية، تميزت فضيلة بشغفها العميق بعالم الأخبار، واختارت أن تدخل هذا المجال من بابه الواسع، متجاوزة التوجهات السائدة التي تدفع الكثير من المذيعات العربيات نحو البرامج الترفيهية قبل الانتقال إلى السياسة. بفضل خبراتها الطويلة والمتنوعة، أصبح صوتها وحضورها رمزا للرصانة والمهنية في عالم مليء بالتحديات والمتغيرات.
في هذا اللقاء، تكشف لنا فضيلة عن رحلتها المهنية، وعن تجربتها في مواجهة التنميط، وتشاركنا رؤيتها للمشهد الإعلامي اليوم في ظل التحولات الرقمية السريعة. كما نتعرف إلى أسلوبها الهادئ والبارع في إدارة الحوارات، ومواقفها الإنسانية والمهنية التي أثرت في مسيرتها. فضيلة التي تتسم بشغف القراءة والبحث عن التجدد، تكشف لنا عن علاقتها بالأدب وتأثيره في تشكيل هويتها الإعلامية، إضافة إلى نصائحها للحفاظ على التوازن النفسي وسط ضغوط العمل اليومي.
من خلال هذا الحوار الصريح، نسلط الضوء على قصة امرأة ملهمة لا تزال تقود بثبات في عالم الإعلام، متمسكة بقيم المصداقية والتنوع الثقافي، ومستمرة في تقديم رسائل قوية للمشاهدين في جميع أنحاء العالم العربي.
الكثير من المذيعات العربيات اللواتي بدأن العمل في سنّ مبكرة، بدأن عبر البرامج الترفيهية ثم انتقلن إلى البرامج السياسية ونشرات الأخبار. حدثينا عن تجربتك، وكيف بدأتِ مباشرة من غرف الأخبار.
منذ الوهلة الأولى كنت أعرف أنني أريد أن أعمل في مجال التقديم الإخباري، واعتبرت أن العمل في الإعلام السياسي هو ما سأجد فيه نفسي، كان هذا في قناة أبوظبي التي أعطتني الفرصة للتعلم من كبار الصحفيين، وقد ساعدتني هذه التجارب المبكرة على إرساء قاعدة راسخة في مجال الأخبار والأحداث الجارية. وعندما انطلقت "سكاي نيوز عربية" عام 2012، رأيت فيها منصة لتعزيز هذه القيم التي تتماشى مع رؤيتي للصحافة المؤثرة. في منصبي الحالي أقدم اثنين من أكثر برامج القناة مشاهدة، وهما: برنامج "رادار" الذي حقق ما يقرب من 20 مليون مشاهدة منذ بداية العام، وبرنامج "السؤال الصعب" الذي حقق أكثر من 36 مليون مشاهدة في الوقت ذاته. ويسعدني مواصلة رحلتي مع "سكاي نيوز عربية" التي تعد إحدى أبرز قنوات الأخبار العربية عالميا، والمساهمة في استمرار نموها تحت مظلة IMI. ونحن نعمل حاليا على سلسلة من البرامج الجديدة، التي سنطلقها من استوديوهاتنا الجديدة المجهزة بأحدث التقنيات وقدرات الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة جديدة لجمهورنا.
النـــظـــرة الــعــامـــة عــن الــمــرأة الجميلة هي أنها لا تجيد محاورة السياسيين والمــســؤوليـــن، فكيـــف واجــهــــــتِ التنميط؟
التنميط ما زال موجودا لغاية اللحظة على الرغم من دخول المئات من النساء هذا المجال، وإن كان ذلك الآن بدرجة أقل. لكنني شخصيا لم أكترث أبدا لهذه النظرة، فقد كنت مشغولة بإثبات نفسي وتعلم المهنة. لقد حظيت خلال مسيرتي المهنية، بما في ذلك عملي في "سكاي نيوز عربية"، بفرص كثيرة لإجراء مقابلات مع بعض أبرز القادة وصناع القرار، فالسر يكمن في التركيز على جوهر الحوار بدلا من الانطباعات ووجهات النظر.
رحلتك الإعلامية طويلة ومتنوّعة جغرافيا وثقافيا، كيف أسـهـم هذا الــتــنــوّع في تــشــكــيـــل وعيــــك ونــهــجـــك في سرد القصص وطرحها؟
لقد كان للتنوع الجغرافي والثقافي واللغوي خلال مسيرتي المهنـــيــة دور حـــاســـم في دعم أهـــــدافي، فــقــــد كــنــــت ومــــــا زلت متابعة مثلا لوسائل الإعلام الفرنسية والبريطانيـــــة والأمريكية، وهي ثلاث مدارس تختلف في التعاطي مع السرد الروائي للأخبار. هذه التجارب أغنتني معرفيا وتأثرت بها، وسهّلت علي التعاطي مع الأخبار بعيدا عن المحلية، وهو ما أتاح لي تقديم منظور أكثر دقة للقصص السياسية التي تشكل العالم العربي اليوم.
المشهد الإعلامي اليوم مختلف جذريا عما كان عليه في السابق. نقل الأخبار ربما لم يعد حكرا على النشرات التلــــــفزيونية، حيث تلعب وسائل التواصل اليوم دورا كبيرا في نقل الأحداث لحظة بلحظة. كيف تعايشتِ مع هذه التـطورات السريعة؟ وهل لا يزال المذيع اليوم قادرا على تشكيل الرأي العام؟
التغيير كان جذريا، وأصبح التكيف مع العصر الرقمي أمرا لا غنى عنه. أعتبر وسائل التواصل الاجتماعي مكسبا وأداة قوية، لكن المـــشــكــلـــة تكـــمن في طوفان المعلومات والآراء الذي يتدفق يوميا، بحيث يصعب معها أحيانا مواكبة قصة ما بكل أبعادها. خلال عملي في "سكاي نيوز عربية"، أدركت الدور الذي تلعبه الصحافة التقليدية في تشكيل الرأي العام من خلال الالتزام بالمصداقية والسياق المناسب. تستمر برامج مثل "رادار" و"السؤال الصعب" في تقديم رؤى قيمة وسط الفوضى الإعلامية، وهو ما يجعلها تحتفظ بشعبية كبيرة.
تتمتعين بهدوء كبير ونبرة متأنّية وطريقة بارعة في الـــحــوار. كيف استــطــعــتِ مــقــاومـــة الـنـــظــــــرة العامة عن المذيع أو المذيعة؟
جميل أنك وصفت طريقة تقديمي بالهادئة على الرغم من أنني أحيانا أفقد هذا الهدوء أثناء محاورتي لبعض الضيوف. الحوار مثله مثل أي صنعة، إتقانها يجعل المرء يؤديها بسلاسة ومن دون تكلف، ومن شروط الحوار الناجح، التحضير الجيد، ومعرفة جوانب عن الضيف، وهذا يحتاج إلى عملية بحث، إضافة إلى اختيار الأسئلة المناسبة.
أنــجـــزتِ الكثيــر من التـغـطــيـــات لمـوضـــوعــــات مختلفة، وقابلتِ الكثير من المسؤولين السياسييـــن والمثقفين، هل هناك قصة معينة أو لقاء معين غيّر وجهة نظرك بأمر ما؟
على مـــدار عــقــديـــــن قـــابــلــــت الكــثــيـــريـــــن من السـيــاسيـــــين والشخصيات العامة والمحللين السياسيين، وفي كثير من المرات نواجه ظروفا لا تخلو من التحدي والفكاهة أحيانا، والمطلوب أن نبقى محافظين على هدوئنا ومهنيتنا. فعلى سبيل المثال، خلال تغطيتنا الأخيرة المتعلقة بالحرب في غزة ولبنان في "سكاي نيوز عربية"، أحد الضيوف فاجأني لدى إجاباته عن سؤالي بقوله "ما شاء الله، فضيلة أنتِ عسكرية، أنتِ جنرال"، فضحكنا معا على الهواء. أحيانا التعامل بعفوية يكون أفضل طريقة للخروج من أي موقف محرج.
ما أبرز التحـــديــــات التي يواجــهــهــا الـيـــوم الإعـــلاميـــون من النساء تحديدا؟ وهل تغيرت مع مرور الوقت؟
لا أفضل أن أعطي صفة للإعلام كأن يكون نسائيا أو رجاليا. الإعلام مهنة لا تفرق بين المرأة والرجل. ما يُحدث الفرق بين أي إعلامي وآخر هو المصداقية والحضور والكاريزما والــــقدرة على التعلم. على الرغم من التحديات المستمرة، أدركت أن دوري كمقدمة رئيسة للبرامج المهمة في "سكاي نيوز عربية"، قد منحني الفرصة لإظهار أن الكفاءة والمصــــداقــــية هما أساس هـــوية الصـــــحفي. اليوم، يكمن التـــحدي الأكبـــــر في الـحــفــاظ على صلة وثــيــقـــــة بالأحداث والتكيف مع التطورات السريعة في المشهد الإعلامي.
كيف تتــعــامــلــيــن مع الــمـواقــــف الصــعـبـــة في الــمــقــابــــلات والضيوف الذين يصعب التعامل معهم؟
التحضير جيدا هو السر وراء أي مقابلة ناجحة. أبحث جــيـــدا، وأدرس خلفــيـــات الضــيــــوف وأفكارهم، وأشاهدهم في برامج سابقة لهم، يساعدني ذلك في فهم نقاط قوتهم وضعفهم وانفعالاتهم، خصوصا إذا كانوا من النوع المثير للجدل. وبهذه الرؤية، يمكنني التعامل مع أي توتر بمرونة وثقة. في أي مواقف حساسة، يكون هدفي توجيه النقاش وإعادة ضبط الحوار بشكل مهني، بغض النظر عن الآراء المختلفة. إنها عملية تدريب مستمرة، والمحاور اليقظ يكون مستعدا لكل السيناريوهات على الهواء، حتى تلك التي يحاول فيها الضيف أحيانا تحويل مسار الحوار بشكل مفاجئ. المهم أن يبقى الضوء مسلطا على الضيف وليس عليّ كمحاورة.
كيف تحافظــيـــن على تــألــقـــك وتـــوازنـــــك النفسي وسط مهنة معروفة بما تسببه من ضغوط وتوترات؟ هل من هوايات معينة تلجئين إليها؟
مهنتنا متطلبة جدا، ونخضع فيها للكثير من النقد، لذلك تعلمت ألا آخذ معي عملي إلى البيت، بمجرد الانتهاء من العمل تبدأ حياتي الخاصة التي أفصل بينها وبين عملي.
هل خزانة ملابس فضيلة سويسي هي امتداد لهويتك كإعلامية معروفة، أم أنها تختلف تماما بين الشخصي والعام؟
خزانتي هي عالمي الجميل المتنوع، فيها كل الألوان وكل الإطلالات، للعلم ملابسي على الهواء لا علاقة لها بملابسي خارج الاستديو، فأنا عاشقة للموضة، وأحب اقتناء آخر خطـوطــهــــا. من يشاهـــــدني خارج الاستـــديــــــو يكتشف أنني شخصية أخرى. أحب الفكرة التي تقول "تأنق دائما، فأنت لا تعرف بمن ستلتقي".
مَن مِن النـــســـاء ألهــمـت فضيـــلـــــة سويــســـي وأثّــــــــــــــرت في مسيرتها المهنية والشخصية؟
في مجالنا نساء كثيرات كن ملهمات لي وللآخرين. "باربارا والترز" من المــحــاورات الــرائــعــات، ولها طريــقــتــهــــا في طرح السؤال مهما كان صعبا. أيضا الإعلامية الفرنسية "آن سينكلير"؛ كنت أتابعها وأنا صغيرة وأقول لنفسي يوما ما سيكون لدي برنامج حواري ناجح مثلها، كذلك لا يمكن إنكار أن تجربة "أوبرا وينفري" كانت فريدة من نوعها، فتجربة أوبرا غنية وطويلة وتستحق الثناء.