إليكم لمحات من مسيرة المخرج العالمي الراحل ديفيد لينش وتفاصيل الفترة الأخيرة من حياته
صدمة كبيرة أصابت عشاق السينما العالمية وصناعها بعد الإعلان عن وفاة المخرج ديفيد لينش، عن عمر 78 عاما، حيث أعلنت الأسرة عن وفاة الراحل عبر حسابه على موقع فيسبوك، من خلال منشور جاء فيه: "نعلن، نحن أسرة ديفيد لينش، ببالغ الأسى وفاة (لينش) الرجل والفنان".
وأضاف المنشور: "سنثمن بعض الخصوصية في هذا الوقت. هناك فجوة كبيرة في العالم الآن بسبب عدم وجوده معنا بعد الآن، لكن، كما كان يقول (ابق عينك على كعكة الدونات لا على فجوتها).. إنه يوم جميل بشروق ذهبي وسماوات زرقاء على طول الأفق".
ومن المعروف أن المخرج ديفيد لينش يعد أحد أهم المخرجين في العالم، حيث تتميز أعماله بطابعها الحالم السيريالي، فدعونا نسلط الضوء على أهم المحطات الفنية والشخصية في مسيرة الراحل.
ديفيد لينش ومسيرة مليئة بالإنجازات
كان ديفيد لينش مخرج أفلام وفنانًا بصريًا وموسيقيًا وممثلًا أمريكيًا، وقد حصل على إشادة من النقاد لأفلامه، التي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية، في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة الأسد الذهبي لإنجاز العمر في مهرجان البندقية السينمائي عام 2006 وجائزة الأوسكار الفخرية في عام 2019، كما وُصِف لينش بـ"صاحب الرؤية"، وكان يُعتبر أحد أهم صانعي الأفلام في عصره.
درس لينش الرسم قبل أن يبدأ في إنتاج الأفلام القصيرة في أواخر الستينيات، وكان أول فيلم روائي طويل له هو الفيلم السريالي المستقل Eraserhead (1977)، وتم ترشيحه لجائزة الأوسكار لأفضل مخرج عن دراما السيرة الذاتية The Elephant Man (1980)، وفيلم الإثارة Blue Velvet (1986)، والغموض السريالي Mulholland Drive (2001). فاز فيلمه الدرامي Wild at Heart (1990) بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي.
قام لينش ومارك فروست بإنشاء سلسلة ABC Twin Peaks ، والتي تم ترشيحه لخمس جوائز Primetime Emmy Awards، بما في ذلك الإخراج المتميز لمسلسل درامي والكتابة المتميزة لمسلسل درامي، وشارك لينش في كتابة وإخراج فيلم Twin Peaks: Fire Walk with Me (1992)، والموسم الثالث في عام 2017، عمل لينش أيضًا كموسيقي، حيث عمل في ألبومات BlueBOB (2001)، وCrazy Clown Time (2011)، وThe Big Dream (2013)، بالإضافة إلى الرسم والتصوير الفوتوغرافي.
لمحات من الحياة الخاصة وبداية ديفيد لينش
ولد ديفيد كيث لينش في ميسولا، مونتانا، في 20 يناير 1946، وكانت أسرة ديفيد لينش دائمة الترحال بسبب وظيفة الأب، وتكيف لينش مع هذه الحياة المبكرة المؤقتة بسهولة نسبية، مشيرًا إلى أنه عادة لم يكن لديه أي مشكلة في تكوين صداقات جديدة كلما بدأ في حضور دورة تدريبية، وبعد انتهاء دراسته الثانوية التحق بمدارس فنية مختلفة، وتخرج من أكاديمية بنسلفانيا للفنون الجميلة، ومعهد الفيلم الأمريكي، ودرس الرسم قبل أن يبدأ في صناعة الأفلام القصيرة بأواخر الستينيات، وحقق فيلمه الطويل الأول Eraserhead نجاحاً كبيرا.
وفي مرحلة لاحقة من بدايته، وللمساعدة في إعالة أسرته، تولى لينش وظيفة طباعة النقوش في أكاديمية بنسلفانيا، كما أخرج لينش أول فيلم قصير له، ستة رجال يمرضون (1967)، لقد خطرت له الفكرة لأول مرة عندما طورت رغبته في رؤية لوحاته تتحرك، وبدأ مناقشة عمل الرسوم المتحركة مع فنان يدعى بروس سامويلسون، لكن عندما لم يتم تنفيذ هذا المشروع قرر لينش العمل على فيلم بمفرده، واشترى أرخص كاميرا مقاس 16 ملم يمكن أن يجدها.
واتخذ إحدى الغرف العلوية المهجورة في الأكاديمية كمساحة عمل، وأنفق 150 دولارًا، وهو ما شعر في ذلك الوقت بأنه مبلغ كبير من المال، لإنتاج فيلم "ستة رجال يمرضون"، وبعدها أنفق لينش 478 دولارًا على كاميرا Bolex المستعملة وأنتج فيلم رسوم متحركة قصيرًا جديدًا، ولكن عند تطوير الفيلم، أدرك أن النتيجة كانت طباعة غير واضحة بدون إطار.
Elephant Man وتجربة استثنائية في مسيرة ديفيد لينش
فيلم Elephant Man الذي أخرجه ديفيد لينش حقق نجاحًا نقديًا وتجاريًا هائلاً، وحصل على ثمانية ترشيحات لجوائز الأوسكار، بما في ذلك أفضل مخرج وأفضل سيناريو مقتبس، وبعد النجاح الكبير لفيلم The Elephant Man، عرض جورج لوكاس، على لينش فرصة إخراج الفيلم الثالث في ثلاثية Star Wars الأصلية، وهو Return of the Jedi إلا أن لينش رفض الأمر وقال إنه "ليس لديه أي اهتمام" وجادل بأن لوكاس يجب أن يخرج الفيلم بنفسه لأن الفيلم يجب أن يعكس رؤيته الخاصة، وليس رؤية لينش. لإخراج ملحمة خيال علمي أخرى ذات ميزانية كبيرة
قدم ديفيد لينش خلال مشواره الفني للسينما والتليفزيون، كمخرج 97 عملاً، وككاتب 56عملاً، وكمنتج 46 عملاً، وكمؤدي وكاتب أغاني 37 عملاً، وكممثل 47 عملاً، وفي عام 2007 أعلنت لجنة من النقاد، أنه أهم صانع أفلام فى العصر الحالي، وأطلق عليه لقب رجل عصر النهضة لصناعة الأفلام الأمريكية الحديثة
تفاصيل الأشهر الأخيرة من حياة ديفيد لينش
في أغسطس من العام الماضي أعلن ديفيد لينش أنّه يعاني انتفاخا في الرئة بسبب "سنوات من التدخين"، وكتب وقتها في منشور عبر منصة إكس أنّ "المتعة لها ثمن"، وأنّ الثمن الذي دفعه هو هذا المرض الذي يؤدي إلى تدمير الحويصلات الرئوية ويسبب ضيقا في التنفس.
وفي مقابلة مع مجلة "سايت أند ساوند" البريطانية، أكّد أنّ قدرته على الحركة انخفضت وقد يضطر إلى توجيه ممثليه من بُعد لمشاريعهم المستقبلية، ونشر بعد ذلك رسالة مطمئنة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قال فيها "توقفتُ عن التدخين منذ عامين، وأجريت فحوصا طبية أخيرا، والخبر السار أنّ صحتي ممتازة باستثناء إصابتي بانتفاخ في الرئة، وأنا سعيد جدا ولن أتقاعد مطلقا".
الصور من حساب ديفيد لينش على فيسبوك