فرح بسيسو لـ"هي": الحلقة الأخيرة من مسلسل "MO 2" استثنائية بالنسبة لي والأمهات مظلومات دراميا
عشرات الأعمال الفنية رسمت بها النجمة فرح بسيسو علاقتها بالجمهور العربي، أدوار لا تُعد يتذكرها لها الجمهور منذ بدايتها، مرورًا بمسيرتها شديدة التنوع الفني، والآن قدمت فرح بسيسو نفسها لجمهور أكثر اتساعًا، من خلال مشاركتها بدور محوري ومهم في مسلسل "مو" عبر نتفليكس، حيث انطلق بث موسمه الثاني وسط حفاوة جماهيرية في عديد من المناطق بالعالم، حيث أسرت بسيسو المشاهدين بأدائها الذكي للغاية لشخصية يسرا النجار، الأم الفلسطينية الباحثة عن استقرار عائلتها، والتي حملت معها هويتها أينما حلت.
"مو" في موسمه الثاني يرسخ حضوره أكثر كعمل سيعيش طويلًا، وكعمل استثنائي يتناول قضية عربية أساسية معتمدًا على الدراما الكوميدية التي تحظى بقبول كبير، فيما بسيسو تتقاسم البطولة كضلع أساسي في نجاح العمل، من خلال دور الأم العربية التي تحمل المتناقضات من حنان بالغ ورغبة في عدم تفويت أي هفوة للأبناء، تعلّمهم وتوبّخهم وتقلق عليهم بهدوء وفطرة ومحبة، وكل هذا يحدث بهدوء وسلاسة تليق بمشوارها الحافل، كما أن الشخصية تتماس كثيرًا مع جذورها الفلسطينية والفنية كذلك. تتحدث فرح بسيسو عن جديدها الذي انتظره الجمهور لما يقرب من عامين ونصف منذ عرض الموسم الأول، وتكشف عن تفاصيل إنسانية ودرامية لفتتنا في المسلسل.
تأثر الجمهور في كثير من المشاهد لكِ مع أبنائكِ، لكن ما هو المشهد المفضل لكِ في الموسم الثاني من المسلسل بخاصة وأنه حفل بعديد من المواقف التي تماست مع المشاعر وبينها سفر العائلة إلى فلسطين في الحلقة الأخيرة؟
كثير من المشاهد كانت قوية ولمستني، وبينها مشهد المحكمة، ومشهد "مو" مع السفير، وعدة مشاهد لي مع ابنتي في العمل ناديا التي قدمت دورها شيرين دعيبس، وحتى مشهد عيد الشكر، والمزرعة حيث يتم عصر الزيتون. ولكن تظل الحلقة الأخيرة بالنسبة لي أيقونية وغير عادية، وأنا ممنونة وشاكرة لتقديمي تلك المشاهد التي ستبقى في ذاكرتي.
كيف حافظتِ على الالتزام بتفاصيل شخصية يسرا النجار رغم مرور أكثر من عامين على عرض الموسم الأول من العمل؟
العمل المستمر والانشغال بكل ما يخص الدور، وكذلك النص الجيد المكتوب بعمق واهتمام ودقة، يساعد كثيرًا في الإمساك بكل تفصيلة في عالم الشخصية وأبعادها. والحقيقة أن التصوير تعطل ولم يبدأ في موعده المقرر نظرًا لأزمة إضراب الكتّاب في هوليوود، وفوق ذلك فقد عملت في مسلسل "مو" مع فريق من المبدعين، وهم بمثابة أيدٍ أمينة بالفعل، سواء من الزملاء خلف أو أمام الكاميرا، وبالتالي لم يكن الأمر صعبًا.
هل تعتقدين أن أدوار الأمهات مظلومة في مساحة الكتابة في الدراما والسينما العربية؟ وهل ينطبق الأمر على أدوار النساء المتقدمات في العمر عمومًا؟
طبعًا، هذا واقع، فكثير من أدوار الأمهات، لا سيما الشابات، هي مجرد كمالة عدد في الأعمال العربية، وتظهر نمطية إلى حد بعيد، فهي مغلوبة على أمرها، باكية في كثير من الأوقات، ولكن نادرًا ما نجد شخصية أم بمواصفات أخرى، قاضية مثلًا أو مجرمة، أو لديها مناصب مختلفة تظهر لنا جوانب شخصيتها المتكاملة. هذا بالطبع يحدث عربيًا ولكن في أضيق الحدود.
ربما هذا ما يجعل الفنانات مضغوطات دومًا لمحاولة البقاء في مرحلة الشباب مظهريًا لأطول فترة ممكنة، فيلجأن لإجراءات تجميلية ربما تخصم من رصيدهن فيما يتعلق بالقدرة على التعبير، ولكن بالنهاية هن واقعات تحت ضغط متطلبات معينة؟
للأسف، بمجرد أن تتجاوز الممثلات العربيات مرحلة الثلاثينات يتم حصرهن في أدوار تقليدية إلى حد كبير، وبالطبع هذا أمر غير عادل ويمثل ضغطًا كبيرًا، لأنهن بالنهاية لن يتمكنّ من خداع الجمهور الذي يعرف خطواتهن منذ بداية الظهور وحتى اليوم. ولكن أعتقد أن بعض الأفكار تتغير في الفترة الأخيرة، وعُمومًا على النجمات تقدير أنفسهن وتقدير الجمهور.
فيما يتعلق بمسلسل "مو"، على سبيل المثال، فقد اضطررنا في بعض المشاهد للجوء إلى التقنيات والمكياج كي أبدو أصغر عمرًا، وفقًا لما تتطلبه الدراما، ولكنها لقطات بسيطة، وبالطبع لا يمكن التلاعب أكثر من هذا.
لعقود طويلة ظلت صورة العرب نمطية وسلبية للغاية على الشاشة العالمية، ولكنها بدأت تتغير الآن. هل هذا يحدث لأن العرب هم من يبتكرونها ويملون شروطهم، أم لأن العالم نفسه تغير بوجود منصات البث مثل نتفليكس؟
بالطبع، صورة العربي الإرهابي ظلت منطبعة لسنوات وسنوات، ولكن مع الاحتكاك الثقافي عن قرب تتغير النظرة. كما أن بعض الخيارات كان سببها أن البعض يتنازل ولا يهتم بالبحث عن الجودة، وكل ما يهمه هو التواجد فقط، إضافة إلى أن عامل اللهجة والملامح كان يحصر العرب في شخصيات هامشية بالمجتمعات الغربية بشكل عام.
وأعتقد أن أحد أسباب التغيرات الإيجابية يعود للاندماج الحاصل حاليًا، وأيضًا وجود مبدعين عرب لديهم موهبة كبيرة يقدمون أعمالًا مشرفة مثل محمد عامر ورامي يوسف وغيرهم، حيث يساعدون على توفير خيارات أفضل للممثلين والمبدعين العرب بلا تنازل لتظهر صورتنا بشكل منصف. كما أن كثيرًا من المنصات ليس لديها أحكام مسبقة، وبالتالي تسمح بطرح رؤى ووجهات نظر مختلفة، وبينها نتفليكس والكثير غيرها.
ما الذي تعلمته من الانخراط في بيئة عمل بمواصفات عالمية مثل مسلسل "مو" بموسميه؟
لدينا في المنطقة العربية نماذج جيدة للغاية فيما يتعلق بالدقة والنظام خلال تنفيذ العمل الفني، ولكنها ليست سائدة بشكل كبير. فيما تبدو تلك الأمور أكثر وضوحًا في التجارب التي خضتها عالميًا، وهي تتعلق بتقدير العمل الجماعي، وتقدير الفنان بشكل كبير، مع الالتزام والتعاون وتوزيع المهام بشكل جيد للغاية، مما يساعد على أن يخرج المنتج الفني بأفضل شكل ممكن.