مساجد عالمية تستحق الزيارة في شهر رمضان
تتمتع المساجد بكونها أماكن عبادة للمسلمين وتحظى بأهمية كبيرة في الثقافة الإسلامية، فهي بمثابة ملاذ روحي، وعادة ما تكون روائع معمارية تعكس التاريخ الغني والثقافة والفنون للمناطق التي تنتمي إليها.
وبمناسبة حلول شهر رمضان 2024 نصحبكم اليوم في جولة بين أهم المساجد الرائعة حول العالم، والتي تتميز بجاذبيتها المعمارية وتراثها الثقافي المنفرد لتستحق الزيارة والإستكشاف خلال ليالي هذا الشهر..
مسجد الشيخ زايد الكبير، أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة
يقع مسجد الشيخ زايد الكبير في مدينة أبو ظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو أحد أكبر المساجد وأكثرها إثارة للإعجاب في العالم، ويعد مسجد الشيخ زايد الكبير تحفة معمارية تمزج بين مختلف الأساليب الإسلامية، بما في ذلك التأثيرات المغولية والمغاربية والعربية، وتشمل مواد بناء المسجد الرخام والذهب والأحجار شبه الكريمة التي تشكل تصميمات الأزهار المعقدة، كما يضم المسجد 82 قبة وأكثر من 1000 عمود وممرات مائية عاكسة تضفي تأثيرًا بصريًا مذهلاً.
وقاعة الصلاة الرئيسية بالمسجد هي واحدة من أكبر القاعات في العالم ويمكن أن تستوعب ما يصل إلى 40.000 من المصلين، حيث تتميز القاعة بالثريات الكبيرة والسجاد اليدوي والخط الزخرفي الجميل، وتعتبر السجادة المنسوجة يدوياً واحدة من أكبر قطع السجاد في العالم، كما يضم المسجد عدة ساحات، منها الفناء الرئيسي الكبير الذي يحيط بقاعة الصلاة، وتم تزيين الساحات بالنوافير والتصاميم النباتية والمسابح العاكسة، مما يزيد من أجواء المسجد الهادئة.
كما يتميز مسجد الشيخ زايد الكبير بكونه يضم مركز ثقافي يوفر للزوار فرص للتعرف على الفن الإسلامي والخط العربي والثقافة المحلية، ويقدم المركز برامج تعليمية ومعارض وجولات لتعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان.
مسجد الحاكم، القاهرة، مصر
مسجد الحاكم المعروف أيضًا بمسجد الحاكم بأمر الله، يقع في الحي القديم في القاهرة الإسلامية في مصر، وقد تم بناؤه في القرن الحادي عشر خلال العصر الفاطمي في الجانب الشرقي من شارع المعز إتجاه جنوب باب الفتوح (بوابة المدينة الشمالية)، وقد سمي المسجد على اسم الخليفة الفاطمي السادس الحاكم بأمر الله الذي أمر ببنائه، ويعتبر مسجد الحاكم موقعاً مقدساً عند المسلمين وخاصة الطائفة الإسماعيلية لارتباطه بالسلالة الفاطمية، ويستقطب المسجد الكثير من المصلين والسائحين الذين يزورونه لاستكشاف أهميته التاريخية والمعمارية.
وبدأ بناء المسجد من قبل الخليفة العزيز بالله في عام 990 وأقيمت فيه صلاة الجمعة الأولى بعد عام، على الرغم من أن البناء لم يكتمل، حيث أن قاعة الصلاة أو الحرم وهي المنطقة التي أقيمت فيها الصلاة تم بناؤها أولاً، ويتميز مسجد الحاكم بالطراز المعماري الفاطمي، ويتألق بفناء ضخم محاط بأروقة ذات أعمدة رخامية وأقواس منحوتة بشكل معقد، كما تتزين قاعة الصلاة المركزية بالمنحوتات الزخرفية والنقوش الهندسية الملونة، ومآذن المسجد طويلة ونحيلة مما يزيد من فخامته.
الجامع الأموي، دمشق، سوريا
يعد الجامع الأموي المعروف أيضاً باسم الجامع الكبير بدمشق، من أقدم وأهم المساجد في العالم، فقد تم تشييده في بداية القرن الثامن خلال الخلافة الأموية، لكنه خضع للعديد من عمليات إعادة البناء والتعديلات على مر القرون، ويقع المسجد في موقع معبد قديم مخصص لآلهة مختلفة من عصر الدولة البيزنطية.
ويعرض الجامع الأموي مزيجاً من الأساليب المعمارية، حيث يمزج بين التأثيرات الأموية والبيزنطية والرومانية، ومن أبرز معالمه قاعة الصلاة الشهيرة ذات المستويين، والتي تتكون من صفوف من الأقواس والأعمدة التي تدعم السقف، وتم تزيين صحن المسجد بالرخام والفسيفساء والنوافير، بالإضافة الى روعة المدخل الرئيسي من خلال باب البريد المثير للإعجاب.
و يتمتع الجامع الأموي بأهمية تاريخية ودينية كبيرة، فقد كان بمثابة مكان للعبادة لمختلف الفئات الدينية عبر التاريخ، بما في ذلك المسلمين والمسيحيين، وحتى تم استخدامه ككنيسة بيزنطية خلال الفترة الصليبية، ويعد المسجد رمز لتاريخ دمشق الغني وتراثها المعماري.
مسجد قرطبة الكبير، قرطبة، إسبانيا
مسجد قرطبة الكبيرهو مسجد تاريخي يقع في قرطبة بإسبانيا، ويعود تاريخه إلى القرن الثامن حيث تم بناؤه في الأصل كمسجد صغير، وعلى مر القرون خضع لتوسعات وتعديلات متعددة، وبعد انتهاء الحكم الإسلامي عندما استولت القوات المسيحية على قرطبة، تم بناء كاتدرائية داخل مجمع المسجد، مما أدى إلى مزيج فريد من العناصر المعمارية الإسلامية والمسيحية.
والطراز المعماري للمسجد هو مزيج من التأثيرات الأموية والقوطية وعصر النهضة، والميزة المعمارية الأكثر شهرة في المسجد هي غابة الأقواس على شكل حدوة الحصان التي تدعم السقف، والأقواس مصنوعة من الطوب الأحمر والحجر الأبيض بالتناوب، كما تم تزيين الأجزاء الداخلية بأنماط هندسية ساحرة وأعمال بلاط القاشاني وزخارف خطية مبهرة.
و المحراب أو مكان الصلاة، هو نقطة محورية مصممة بشكل جميل في المسجد، فهو مزين ببلاط الفسيفساء والرخام والزخارف الهندسية، وقاعة الصلاة الواسعة مدعومة بالأعمدة والأقواس، مما يخلق إحساسًا بالرحابة والهدوء، كما يضم مجمع المسجد فناء لوس نارانجوس، وهو فناء مليء بأشجار البرتقال، وكانت هذه المساحة الهادئة بمثابة مكان للوضوء قبل الصلاة، وتم تزيين الفناء بالنوافير والمسابح العاكسة وأشجار النخيل مما يوفر أجواء الهدوء والروحانية.
المسجد الجامع، دلهي، الهند
يعد المسجد الجامع الواقع في دلهي القديمة أحد أكبر المساجد في الهند، وقد تم بناؤه من قبل الإمبراطور المغولي شاه جاهان في القرن السابع عشر، واستغرق بناء المسجد حوالي ست سنوات ووظف فيه آلاف العمال، وهو يعتبر معلم ديني وثقافي مهم في دلهي، ويكشف المسجد الجامع عظمة العمارة المغولية، حيث تم بناؤه باستخدام الحجر الرملي الأحمر والرخام الأبيض.
والمدخل الرئيسي للمسجد من خلال البوابات المهيبة على الجانبين الشرقي والشمالي، حيث تتميز قاعة الصلاة الضخمة بمآذن شاهقة وقباب ومداخل مقوسة والأعمدة الأنيقة، و يمكن للزوار تسلق المآذن للاستمتاع بإطلالات بانورامية على دلهي.
وتشتمل الهندسة المعمارية للمسجد أعمال ترصيع رخامية والخط الزخرفي والتصميمات الهندسية، وتتسع ساحة المسجد الواسعة لآلاف المصلين، وتم تصميم محراب الصلاة المركزي بشكل معقد من خلال أعمال الترصيع بالرخام والخط، حيث يمكن للقاعة أن تستوعب عدد هائل من الأفراد خلال صلاة الجمعة والمناسبات الخاصة مثل الأعياد.
مسجد شاه (مسجد الإمام)، أصفهان، إيران
يعد مسجد الشاه المعروف أيضاً باسم مسجد الإمام، أحد روائع العمارة الإسلامية من العصر الصفوي، فقد تم بناؤه في أوائل القرن السابع عشر، ويبرز المسجد السمات المميزة للعمارة الإسلامية الفارسية، بما في ذلك القبة المميزة ذات البلاط الأزرق وأعمال البلاط الزخرفية والخط، وتؤدي بوابة المدخل المذهلة المزينة بالمقرنصات إلى فناء واسع.
و القبة الرئيسية لمسجد شاه هي واحدة من أكبر القباب في إيران وهي مغطاة بالبلاط الأزرق المنقوش النابض بالحياة، مما يخلق تأثيرًا بصريًا ساحرًا يمكن رؤيته من مسافات بعيدة، وتحيط ببوابة المسجد مآذن أنيقة تزيد من فخامته، وتتميز المآذن بزخارف القاشاني والخط، مما يعكس براعة الصناعة اليدوية الرائعة في تلك الفترة.
أما جدار القبلة المواجه لمكة المكرمة فهو مزين بأعمال البلاط والخط الزخرفي المبهر، وتم نحت المحراب وزخرفته بالبلاط الملون والأنماط الهندسية، ويتميز الجدار أيضًا بنوافذ زجاجية ملونة جميلة تضفي تفاعلًا مذهلاً بين الضوء والألوان داخل المسجد.
و فناء المسجد الواسع محاط بأروقة مقوسة ذات أعمال قرميدية جميلة، والإيوان المركزي أو القاعة المقببة الموجود على الجانب الجنوبي من الفناء يثير الإعجاب والإبهار بأعمال البلاط المعقدة، والمقرنصات والقبة الكبيرة التي تعزز الروعة المعمارية الشاملة للمسجد.
مسجد بادشاهي، لاهور، باكستان
يعد مسجد بادشاهي الواقع في مدينة لاهور التاريخية مثالاً رائعًا للعمارة المغولية، فقد تم بناؤه في القرن السابع عشر في عهد الإمبراطور أورنجزيب، وهو أحد أكبر المساجد في العالم، وتم بناء المسجد باستخدام الحجر الرملي الأحمر وهو يبرز أعمال نحت الرخام المعقد واللوحات الجدارية والخط.
وقاعة الصلاة بمسجد بادشاهي تتسع لآلاف المصلين، وهي مزينة بأقواس أنيقة وأعمدة رخامية ولوحات جدارية جميلة، كما تم تصميم محراب الصلاة المركزي بشكل مبهر، وهو مزخرف بأعمال ترصيع الرخام والخط العربي، أما فناء المسجد الفسيح فهو محاط بأعمدة مقوسة وهو كبير بما يكفي لاستيعاب التجمعات الكبيرة خلال المناسبات الخاصة.
ويحيط بالمسجد أربعة مآذن طويلة، كل منها مزخرف بشكل معقد بأعمال البلاط القاشاني وترصيع الرخام وزخارف الخط، ويمكن للزوار تسلق المآذن للاستمتاع بإطلالات بانورامية على لاهور، كما يتميز المسجد ببوابات دخول كبيرة، بما في ذلك بوابة الامجيري الشهيرة، والمزينة بأعمال البلاط الزخرفية والخط، والمداخل مصنوعة من الحجر الرملي الأحمر وهي بمثابة سمات معمارية رائعة للمسجد.
آيا صوفيا، اسطنبول، تركيا
مسجد آيا صوفيا هو أعجوبة معمارية تقع في مدينة إسطنبول التاريخية في تركيا، ويتمتع هذا المسجد بتاريخ غني ومعقد يمتد على مدى ألف عام، فقد تم تشييده في الأصل في القرن السادس ككاتدرائية مسيحية خلال حكم الإمبراطورية البيزنطية، وكان بمثابة مقر للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية.
ومن أبرز سمات آيا صوفيا القبة الضخمة، التي كانت بمثابة أعجوبة هندسية في عصرها، حيث تقف القبة التي يبلغ قطرها 31 مترًا كرمز للبراعة المعمارية وتظل عنصرًا مميزًا في الهيكل، وتم تزيين الجزء الداخلي للمسجد بالفسيفساء والأعمدة الرخامية والأعمال الفنية البيزنطية المذهلة التي تعرض عظمة وفخامة العصر البيزنطي.
وفي عام 1453 عندما استولت الإمبراطورية العثمانية على إسطنبول، تم تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، وأضيفت عناصر معمارية إسلامية مثل المآذن والخط إلى المبنى خلال هذه الفترة، ويعد الاندماج المذهل بين الأساليب المعمارية البيزنطية والإسلامية بمثابة شهادة على التاريخ الفريد والمعقد للمنطقة.
وفي العصور اللاحقة شهد آيا صوفيا العديد من التحولات، وفي عام 1935 تم تحويله إلى متحف مع التأكيد على أهميته التاريخية والثقافية، ومع ذلك في عام 2020، تم تحويله مرة أخرى إلى مسجد، ويمكن للزوار استكشاف تصميماته الداخلية المذهلة، ومشاهدة اندماج التقاليد الفنية المختلفة، وتقدير دوره كرمز لتاريخ إسطنبول الغني.