الأخصائية السعودية أسماء الشميمري ل"هي": دور السفر في تعزيز المرونة النفسية والتجارب التطوعية

الأخصائية السعودية أسماء الشميمري ل"هي": دور السفر في تعزيز المرونة النفسية والتجارب التطوعية

رهف القنيبط

في عالم مليء بالتحديات والضغوطات اليومية، يعتبر السفر وسيلة فعّالة لتحقيق المرونة النفسية والتجدد الروحي. تكشف لنا أسماء الشميمري، أخصائية العلاج الطبيعي السعودية والرحالة المتعددة الاهتمامات، كيف أن السفر ليس مجرد استكشاف أماكن جديدة، بل هو رحلة لاكتشاف الذات وتعزيز التعاطف والتسامح، من خلال تجاربها الغنية في السفر والعمل التطوعي، تشارك "هي" قصتها وأثرها الإيجابي على حياتها الشخصية والمهنية، مما يلهمنا جميعاً لنخرج من دائرة الراحة لخوض تجارب متنوعة تغير نظرتنا للعالم وتساهم في تحسين جودة الحياة.

التطوع في مخيمات اللاجئين
أسماء الشميمري أثناء تطوعها في مخيمات اللاجئين السوريين

حينما طلبنا من أسماء تعريف ذاتها، لم ترغب بإطلاق لقب محدد ترى أنها تقولب الذات في صورة نمطية، حيث تفتتح حديثها لـ"هي" قائلة: "عندما اعرف بنفسي، فأنا لا أحب أن يتم وضعي في قالب من قوالب الصور النمطية التي صُنِعت للتمييز بين فئات المجتمع، فأنا إنسانة متعددة الهوايات ومتعدد الاهتمامات والشغف."

لتكمل الحديث: "عملت كأخصائية علاج طبيعي لمدة 10 سنوات في مجال التأهيل الحركي مابعد العمليات الجراحية، خارج العمل أنا فتاة فضولية تعشق الاكتشاف، أخوض التجارب سواء في وطني أو في أكتشاف العالم أسافر تارة لأكتشف المدن وأسمع القصص، وأسافر تارة لخوض تجارب واكتشف ذاتي، وفي الآونة الأخيرة، أسافر لأصنع أثر." 

أثر السفر في حياة أسماء الشميمري

أثر السفر في حياة أسماء الشميمري كان عميقاً ونقطة تحول، حيث اكتسبت أسماء فهماً أعمق للاختلافات بين البشر، مما عزز لديها قيم التسامح والتعاطف، وأثراها بشعور الدهشة والاكتشاف المستمر وعلى ذلك تقول:" عندما نسافر، فنحن نندمج بجنسيات مختلفة وأديان متعددة وأعراق متباعدة وثقافات مغايرة تماماً عن ما اعتدنا على الاختلاط به، مما يجعلنا نرى بأعيننا ونستوعب حجم الاختلافات الموجودة في هذا العالم، وهذا يجعلنا أكثر تراحماً وأكثر تسامحاً مع مختلف أنواع البشر."

أسماء الشميمري
الأخصائية السعودية أسماء الشميمري 

السفر كوسيلة لاكتساب المرونة النفسية

بينما يرى العديد السفر كوسيلة ترفيه، ترى الشميمري الترحال أوسع من ذلك، معبرة:"لا يوجد شعور في الحياة أجمل من شعور الدهشة، في السفر تدهشك طبيعة الدولة الجديدة، ويدهشك شعبها ولغتها وأزيائها وموسيقاها ورقصاتها وتاريخها وقصصها، ومختلف أطباقها ونكهاتها، الشعور بالدهشة بحد ذاته كفيل أن ينعش روحك، ويشفي جروحك، ويعيد لك السرور في حياتك عندما تعتاد على الخروج من دائرة الراحة طوعاً وتذهب بكامل إرادتك للأمر الذي يربكك، عندما تخوض تجارب لأول مرة."

تكمل الحديث قائلة:" تجرب ذلك الطلب الغريب في قائمة الطعام، وتبادر بالحديث مع الغرباء، وتخوض مغامرة جديدة، وتسافر لدولة لا تعرف احد قد زارها من قبل، أو أن تجرب النوم في سكن لم يسبق له أن جربته، ركوب الطائرة بحد ذاته يحملك بعيداً عن منزلك وروتينك المعتاد، ويأخذك إلى تجربة جديدة، مجهولة النتائج خالية من الضمانات، مليئة بالاحتمالات، ويضعك في العديد من الفرص التي تشجعك على الخروج من دائرة الراحة. "

أسماء الشميمري
أسماء الشميمري أثناء رحلتها في المغرب 

تطوع أخصائية علاج طبيعي السعودية أسماء في مخيمات اللاجئين السوريين 

تطوعت أسماء الشميمري كأخصائية علاج طبيعي في مخيمات للاجئين السوريين، كانت تجربة تحولية، وتعلمت الكثير من صلابتهم وأملهم في وجه التحديات، وتصف لـ"هي" التجربة قائلة:"اللاجئين السوريين من أكثر الشعوب صلابة وكفاح، أجد في أعينهم التحدي والأمل بالرغم من صعوبة الظروف، تعلمت منهم الكثير من الدروس، لن انسى خالة بهيجة عندما قالت لي أن كل ماكنت أملكه قبل الحرب هو فضل من عند الله، ليس لي حق فيه، وإن الله الذي قدّر لي تلك النعم في ذلك الحين، قدّر لي هذا الابتلاء في هذه المرحلة، وأنا احمدالله في كل حال، خالة بهيجة علمتني حقاً ما هو الإيمان بقضاء الله وقدره خيره و شره، و جعلتني أتفكر كثيراً في حياتي وكيف أنظر إليها."

مخيمات اللاجئين السوريين
أسماء الشميمري أثناء تطوعها في مخيمات اللاجئين السوريين

الأثر الملموس لتجارب السفر التطوعي 

بعد تجاربها العميقة في السفر ترى أسماء الشميمري أن نتائج الفرص التطوعية تعود على المتطوع نفسه بشكل أكبر مما نعتقد حيث تقول: "من أصعب المشاعر التي نشعر بها عندما نسمع عن معاناة الدول الاخرى هي شعور العجز، احساسك بعدم قدرتك على تغيير أي شيء بينما يعاني الآخرين، الفرص التطوعية كانت الوسيلة الوحيدة التي من خلالها نشعر باننا لم نبقى مكتوفي اليدين، بل ساهمنا بما نستطيع المساهمة به، يعتقد الأغلب أن الفرص التطوعية تعود بالنفع على المستفيدين فقط."

وتكمل الحديث:" ولكن باعتقادي أن نتائج الفرص التطوعية تعود على المتطوع نفسه بشكل أكبر مما نعتقد، فعندما تعود إلى منزلك، يصبح كل شي تملكه اجمل من ما كان قبل التطوع، يزداد تقديرك للنعم، خصوصاً النعم التي ظننا أنها من المسلّمات و أن وجودها أمر بديهي ومضمون، وتصبح ترى المشاكل التي كنت تعاني منها على أنها مشاكل صغيرة وتافهة."

وتختم أسماء الشميمري حديثها مع "هي" بتوصية إنسانية قائلة:"طالما الفرصة التي أمامك لا تمس دينك ولا قيمك ولا تضر بصحتك، لا تتردد ولا للحظة في خوض التجربة، فلربما تكتشف عن نفسك امراً في غاية الأهمية، لم تكن تعرفه طوال حياتك، وإن لم تسر الأمور كما رغبت، فستكون تلك ذكريات جديدة صنعتها، وقصص عجيبة ترويها، ومواقف مضحكة تذكرها."