
أجمل الوجهات السياحية في عاصمة التشيك براغ للاستمتاع بعطلة 48 ساعة
مدينة براغ بشوارعها المرصوفة بالحجارة وأبراجها القوطية التي تزين الأفق وتنوعها الثقافي في كل زاوية، تبدو وكأنها خرجت من صفحات قصة خيالية، ورغم أن عطلة نهاية الأسبوع قد لا تكفي لاكتشاف كل تفاصيلها فإنها تتيح فرصة كافية للاقتراب من جوهر هذه المدينة الساحرة.
ولمساعدتك في تنظيم وقتك خلال رحلة قصيرة في عطلة الأسبوع الى براغ، نقدم لك اليوم مجموعة من المعالم التي لا يمكن تفويت زيارتها، وبينما قد تبدو عطلة نهاية الأسبوع قصيرة فإن زيارة هذه الأماكن الرئيسية ستمنحك انطباعًا عميقًا عن روح المدينة يصعب أن ينتهي بعد مغادرتها.
قلعة براغ

تُعد قلعة براغ واحدة من أبرز المعالم التاريخية في المدينة فهي ليست مجرد قلعة تقليدية، بل مجمع ضخم يضم بين جنباته قرونًا من العمارة والفنون والثقافة، وتقع القلعة على ارتفاع يطل على نهر فلتافا وقد شكّلت عبر العصور مقرًا للحكام التشيك، من الملوك إلى الأباطرة وصولًا إلى رئيس الجمهورية الحالي، وقد سُجلت كأكبر قلعة قديمة في العالم، حيث تنتقل بك أبراج كاتدرائية سانت فيتوس العالية والمنازل الصغيرة في زقاق الذهب بين مراحل مختلفة من التاريخ المعماري، من الرومانسيكي إلى القوطي وصولًا إلى الباروكي في رحلة تدمج الفن بالقوة السياسية والرمزية الثقافية.
وحتى تكتمل تجربة زيارة القلعة يُنصح بأن يبدأ الزائر جولته من البوابة الشرقية مارًا بالساحات الداخلية، ثم التوقف عند معالم بارزة مثل كنيسة سانت جورج والقصر الملكي القديم، كما يُضفي تبديل الحرس أمام البوابة لمسة احتفالية تضفي على الزيارة طابعًا فريدًا، ويمكن أيضًا الصعود إلى الحدائق الجنوبية حيث تنتظر الزائر إطلالة بانورامية ساحرة تُظهر أسطح المدينة الحمراء وتعرجات النهر، لتكتمل صورة براغ الأخاذة.
جسر تشارلز

يأخذك عبور جسر تشارلز إلى زمن مختلف تمامًا حيث تم تشييده في القرن الرابع عشر بأمر من الملك كارل الرابع، ليربط بين المدينة القديمة والحي الصغير، وعلى طول الجسر يصطف 30 تمثالاً باروكيًا لقديسين في مشهد يتكامل مع موسيقيي الشوارع والفنانين الذين يضفون عليه طابعًا فنيًا وإنسانيًا في آن واحد، ويُفضل السير عليه في ساعات الصباح الأولى أو عند الغروب حين يخف الازدحام وتكتسب الأجواء سحرًا خاصًا، كما أن لحظة شروق الشمس من على الجسر بينما تنسحب السُحب تدريجيًا لتكشف عن مباني المدينة، تظل من أجمل ما يمكن مشاهدته في براغ.
ويحمل الجسر أيضًا أهمية تاريخية كبيرة حيث يُعتبر من إنجازات الهندسة في العصور الوسطى، ويمكن أيضًا ملاحظة تداخل الأسطورة بالتقاليد المحلية خاصة عند التوقف أمام تمثال القديس يوحنا نيبوموك الذي يُقال إن لمسه يجلب الحظ ويضمن العودة إلى براغ، وهي عادة يتبعها الزوّار والسكان على حد سواء.
ساحة المدينة القديمة والساعة الفلكية

في قلب براغ النابض تقع ساحة المدينة القديمة وهي مساحة مفتوحة محاطة بمبانٍ تنتمي إلى فترات معمارية مختلفة من القوطية إلى الباروكية، ما يمنح المكان طابعًا بصريًا ثريًا ومتعدد الطبقات، ويمكن للزائر التجول بين الكنائس المهيبة مثل كنيسة تين والمنازل ذات الواجهات الملونة كما تزدحم الساحة بالمقاهي التي تفرش مقاعدها على الأرصفة، والفرق الفنية التي تقدم عروضها لجمهور متنوع، وتُعد هذه الساحة نقطة التقاء حيوية حيث يلتقي التاريخ مع الحياة اليومية فتتحول كل زاوية إلى فرصة للتأمل أو التصوير أو حتى تناول القهوة المحلية.
ومن أبرز ما يميّز الساحة هو وجود الساعة الفلكية التي تُعرف باسم "أورلوي" وهي واحدة من أقدم الساعات من نوعها في العالم ولا تزال تعمل منذ تركيبها عام 1410، ويمكن مشاهدة عرضها الشهير عند رأس كل ساعة حين تظهر تماثيل الرسل الإثني عشر في حركة دقيقة تُبهر الزائرين، وتعرض الساعة أكثر من الوقت إذ تشمل موقع الشمس والقمر والأبراج الفلكية وأيام القديسين، مما يعكس توازنًا دقيقًا بين العلم والروحانية والحرفية، وتبقى هذه الساعة مثالًا حيًا على تفوّق العقول التي شيّدت براغ كما تمثل علامة ثابتة في وجدان المدينة.
تل بيترين وبرج المراقبة
بينما تواصلين استكشافك لوجهات براغ الفريدة يمكنك الانتقال إلى تل بيترين الذي يُعد من أجمل المناطق المرتفعة في المدينة، حيث تمتزج المساحات الهادئة مع الطبيعة الخلابة، ويمكن الوصول إليه بسهولة عبر القطار الجبلي المائل أو من خلال نزهة ممتعة تصعد تدريجيًا نحو القمة، وعند الوصول تتكشف أمامك حدائق مصممة بعناية ومسارات هادئة تتيح للزوار الاستمتاع بنزهة رومانسية أو لحظة استرخاء بعيدًا عن صخب المدينة. كما يضم التل متاهة المرايا التي تضيف لمسة من المرح والتسلية، خاصة للعائلات.
وفي أعلى التل يبرز برج بيترين الشهير والذي غالبًا ما يلقب ببرج إيفل الصغير، ويبلغ ارتفاعه 63 مترًا ويمكن صعوده عبر 299 درجة أو باستخدام المصعد، ومن الأعلى تنتظرك إطلالة ساحرة تمتد من أسطح المنازل الحمراء إلى انحناءات نهر فلتافا وصولًا إلى الأفق البوهيمي البعيد، أما في أوقات الغروب فتضفي أشعة الشمس الذهبية طابعًا دافئًا على المدينة بأكملها.
ساحة فاتسلاف

من أعلى التلال يمكنك العودة إلى قلب المدينة النابض بالحركة والحيوية وتحديدًا إلى ساحة فاتسلاف، التي كانت في يوم من الأيام سوقًا للخيول في العصور الوسطى وتحولت لاحقًا إلى مسرح لأحداث محورية في تاريخ التشيك المعاصر، وعلى الرغم من طابعها العصري المتمثل في المحال التجارية والمقاهي والفنادق إلا أن الساحة لا تزال تحتفظ بروحها التاريخية التي تتجلى في كل زاوية منها.
وفي مقدمة الساحة يقف تمثال القديس فاتسلاف على صهوة جواده أمام المتحف الوطني، الذي يستحق الزيارة لما يحتويه من مقتنيات تتنوع بين الأعمال الفنية والكنوز الطبيعية، كما يمكن أيضاً التوقف عند السلالم حيث ألقى فاكلاف هافل خطاباته خلال الثورة المخملية في عام 1989، وبينما تتجولين في أرجاء الساحة ستصادفك لوحات تذكارية تحيي ذكرى من ضحوا في سبيل الحرية، لتبقى هذه الساحة رمزًا يجمع بين نبض الحياة اليومية وذكريات النضال.
قلعة فيشيهراد

إذا رغبت في الابتعاد قليلًا عن المسارات السياحية المعتادة فإن قلعة فيشيهراد تقدم تجربة مغايرة، حيث تحتضنها الطبيعة وتخفيها التلال بهدوء فوق نهر فلتافا، وتعتبر فيشيهراد من أقدم المواقع المحصنة في المدينة ويُقال إنها كانت المقر الأول للأمراء التشيك، وبينما تمشين وسط أطلالها يمكنك التوقف عند تماثيلها المنتشرة أو الاستمتاع بالإطلالات المميزة على المدينة من زوايا غير معتادة.
كما تحتضن القلعة كنيسة القديسين بطرس وبولس التي تجمع بين مظهرها الخارجي الصارم وتصميم داخلي مستوحى من أسلوب الفن الجديد، أما المقبرة الملحقة بها فهي أكثر من مجرد موقع دفن إذ تضم قبور شخصيات بارزة في مجالات الأدب والفن والسياسة التشيكية، مما يجعل التجول فيها أقرب إلى زيارة متحف مفتوح يحكي سيرة أمة بأكملها، ويمنح هذا الموقع الزائر فرصة للتأمل والتعرف على أعماق براغ التي غالبًا ما تختفى خلف ضوضاء المدينة ومظاهرها السطحية.
منتزه لتنا والميترونوم

وبينما تختتمين جولتك في براغ يمكنك التوجه نحو منتزه لتنا، الذي يمتد فوق هضبة عالية تطل على مشهد بانورامي للمدينة، ويُعد هذا المنتزه ملاذًا مفضلًا للسكان المحليين حيث يستقبل الزوار من مختلف الأعمار للاستمتاع بالركض وركوب الدراجات أو الجلوس تحت ظلال الأشجار، كما تنشط الحدائق في فصلي الربيع والصيف مما يضفي أجواء اجتماعية مرحة تعزز من الشعور بالحياة اليومية في براغ.
وعند التجول داخل المنتزه يلفت النظر نصب الميترونوم الضخم الذي أُقيم في الستينيات مكان تمثال سابق لستالين، ويرمز هذا النصب إلى التغيير والحركة المستمرة نحو المستقبل ويُعد نقطة مراقبة ممتازة تطل على الجسور التاريخية ونهر فلتافا المتعرج، ويمكن أيضاً الاستمتاع بمنظر غروب الشمس من هذا الموقع الهادئ، حيث تتحول المدينة إلى لوحة من الألوان الدافئة.