"هي" تحاور المصمم إسماعيل حطيط الفائز بجائزة العلا للتصميم عن طبيعة العلا وتراثها كمصدر إلهام للفنانين والمصممين
العلا هي جوهرة خام مليئة بالإلهام تنتظر منا أن نستكشفها.. من هندستها المعمارية، إلى مناطقها الجغرافية، إلى حيواناتها ونباتاتها، تعد العلا مكانًا رائعًا للإلهام.. هكذا وصف المصمم اللبناني المقيم في باريس "إسماعيل حطيط" العلا تلك التحفة الفنية بتاريخها الطويل العريق، وهو المصمم الذي حصل على جائزة العلا للتصميم في نسخة "الأجلة"، لتصميمه المبتكر Skinlal أو "جلدلال" لغطاء الإبل، والذي تم عرضه في كأس العلا للهجن 2024، والذي التقته "هي" في حوار خاص تحدث من خلاله عن هذه التجربة التي تمثل إنجازا وتجربة لا تُنسى في حياته، مؤكدا كون العلا مكانا رائعا لإلهام الفنانين والمصممين من حول العالم.. وذلك من خلال هذا الحوار الشيَق معه:
كيف تعرّف عن نفسك؟
يعتمد عملي على دمج خبراتي المتعددة في التصميم الرقمي والهندسة المعمارية والعمل الحرفي والسينوغرافيا، تخرجت من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 2017 مع شهادة في الهندسة المعمارية، وحصلت على درجة الماجستير في الإخراج الفني من جامعة ليونارد ديفينشي في باريس عام 2024، وفي العام نفسه، أسست مكتبي الخاص في التصميم في باريس.
أُطلق على منهجية التصميم الخاصة بي اسم "العواطف الرقمية" التي ابتكرها بناءً على النظر عن كثب إلى الترابط بين التصميم والتكنولوجيا والسلوك البشري والعواطف والتاريخ والثقافة لإنشاء أنظمة تصميم مبتكرة وتجارب تصميم مستدامة.
كيف تصف رؤيتك الخاصة في عالم الفنون؟
الفنون بالنسبة لي هي عمليّة مُتعدّدة الأوجه، تتجاوز الجماليات لتنطوي على منصّة تعاونيّة بين المُصمّم ومُجتمعه، أعتقد أن الاستدامة والرفاهية، عاملان ضروريان في أي عمل فني، حتّى يكون للأخير تأثير إيجابي على محيطنا وكوكبنا.. سواء كان المشروع الفني عبارة عن مُنتج مادي أو مساحة أو واجهة رقمية، أشرع في العمل من الفهم الشامل للسياق والسلوك البشري، حتّى أتمكن من إنشاء تجارب تصميم مبتكرة.. في الجوهر، أعتقد أن التصميم هو عملية شاملة وديناميكية، يتداخل فيها الإبداع والوظيفة والتعاطف لخلق المعنى والتفاعل والحيوية، وذلك في الأماكن التي تفتقر إليها.
حدثنا عن مشوارك في عالم التصميم.. وكيف تمكنت من تنمية قدراتك فيه؟
بدأت رحلتي في عالم التصميم بقبولي في الجامعة الأمريكية في بيروت في قسم الهندسة المعمارية بمنحة دراسية وهي برنامج التصميم الأكثر تنافسية في الشرق الأوسط، ومنذ ذلك الحين، عملت في مجالات تصميمية متعددة مثل الهندسة المعمارية، وتصميم الإضاءة، والتصميم الجرافيكي، والمسرح، والمعارض، وتصميم المدن، وأخيرًا التصميم الرقمي، وبعد ذلك قررت الحصول على درجة الماجستير في الإخراج الفني من جامعة ليونارد ديفينشي في باريس، حيث طورت تخصصي في التصميم الرقمي والاتصالات.
منذ البداية، طورت مواهبي بنفسي، حيث لم يكن حولي أحد يعمل في التصميم من قبل، لذلك لم يكن لدي أي توجيه.. على الرغم من أن هذا كان طريقًا صعبًا للغاية، إلا أنني أعتقد أن هذا أعطاني أيضًا الفرصة لإنشاء عملية التفكير التصميمي فريدة ومنهجية العمل الخاصة بي.
حدثنا عن أبرز مشاركاتك في المناسبات أو المحافل الفنية العربية والعالمية.
إحدى أعظم مشاركاتي هي بينالي البندقية 2021 حيث ساهمت في المحتوى والتصميم التفاعلي لمشروع التصميم البحثي "Beirut Shifting Grounds"، وهذا العام بالطبع هي مشاركتي وفوزي بجائزة العلا للتصميم مع "Skinlal" الذي تم عرضه في كأس العلا للإبل 2024، وفي العام الماضي 2023 شاركت وحصلت على المركز الثاني في "Adobe Creative Jam" لتصميمي لتجربة غامرة في متحف العطور في باريس.
تم اختياركم ضمن الفائزين في نسخة الأجلة من جائزة العلا للتصميم.. ماذا يعني لكم هذا الفوز؟
إن الفوز بجائزة العلا للتصميم يعني بالنسبة لي اعترافًا دوليًا بأعمال التصميم التي قمت بها في وقت مبكر جدًا من مسيرتي المهنية، إنه إنجاز وتجربة لا تُنسى في حياتي، حيث تمكنت من زيارة العلا، وهو مكان رائع مليء بالإلهام، والالتقاء بأشخاص يعملون بجد لخلق مستقبل أكثر استدامة لمحيطنا.. على المستوى الشخصي، هذه فرصة بالنسبة لي لعرض موهبتي وبدء مسيرتي المهنية كمصمم متعددة المواهب.. أخيرًا ، كانت المشاركة والفوز بهذه الجائزة مصدرًا كبيرًا للإلهام والتحفيز، لأن جائزة العلا للتصميم تؤكد على التراث الثقافي الغني للعالم العربي، مع الدعوة إلى التصميم الواعي والمستدام.
تُمنح الجائزة لأكثر الأعمال الفنية المستوحاة بشكل رئيسي من طبيعة العلا وثقافتها العريقة.. حدثنا عن تصميمك الفائز.
يأخذ تصميمي الفائز بجائزة العلا للتصميم البيئة في الاعتبار، وهذه الأخيرة عنصر أساس في العمل، اسم التصميم هو Skinlal أو "جلدلال"، والأخير عبارة عن الجِلال أو الكساء الذي يوضع على ظهر الجمل، وقد استلهمته من الطبقات المعقدة للطبيعة والتاريخ التي تتداخل وتتقاطع، بطريقة فريدة، في منطقة العلا، وتخيلت أن كل خطوة يخطوها الجمل مرتديًا Skinlal ستكون بمثابة دعوة جديدة من أجل مستقبل أكثر استدامة.
كانت نقطة البداية هي دراسة النقوش الهندسية على الصخور، والتي خلفتها الحضارات، مع التركيز على الأبجدية النبطية، كما ألهمني التنوع البيولوجي الغني في منطقة العلا، والذي لم أكن على دراية به.. أضيفي إلى ذلك، أجريت بحثًا دقيقًا حول نباتات المنطقة، وقررت إعادة تصور أوراق شجرة نخيل بصورة تجريدية، علمًا أن النخيل هو المصدر الطبيعي الأكثر وفرة للمغذيات في المنطقة.
وأخيرا.. Skinlal هو غطاء الجِلال مصنوع يدويًّا بالكامل على يد حرفيين في لبنان لم يسبق لهم العمل في مشروع بهذا التعقيد من قبل، علمًا أن التصميم كان يتطور مع كل مناقشة أجريها مع الحرفيين، يعكس التصميم نهجًا تعاونيًّا؛ في هذا الإطار، تمكنا من العثور على خيوط من القطن الخالص من مصادر طبيعية لصنع هذا الغطاء الكبير الجميل المنسوج يدويًّا، حيث استغرق إنشاء النموذج الأولي للتصميم أكثر من 1000 ساعة عمل.
ما مدى ارتباط هذا التصميم برؤيتك الفنية؟
يتوافق هذا التصميم تمامًا مع رؤيتي الفنية لأنني بدأت العمل على هذا التصميم بناءً على بحث مكثف وقابلية الاستدامة هي العنصر الرئيسي فيه، على الرغم من أنها المرة الأولى التي أعمل فيها مع المنسوجات، إلا أنني تمكنت من إيجاد طريقة للمزج بين خبرتي في التصميم حتى أتمكن من التوصل إلى هذا الغلاف الفريد.. تعتمد منهجية التصميم الخاصة بي على استكشاف مناطق غير معروفة واكتشاف الأماكن التي يتم الإشراف عليها لخلق منتجات وتجارب مبتكرة، كانت جائزة العلا للتصميم فرصة مثالية بالنسبة لي لاستكشاف مجالات تصميمية جديدة لم أكن على دراية بها، وخاصة التصميم المخصص للإبل، والقدرة على الفوز بهذه المسابقة هي فرصة رائعة ستفتح لي أبواب كثيرة.
من واقع خبرتك كفنان.. كيف تصف العلا كمصدر إلهام للفنانين من حول العالم؟
العلا هي جوهرة خام مليئة بالإلهام تنتظر منا أن نستكشفها.. من هندستها المعمارية، إلى مناطقها الجغرافية، إلى حيواناتها ونباتاتها، تعد العلا مكانًا رائعًا للإلهام.. ويشمل تاريخًا طويلًا من الحضارة والهندسة المعمارية وتاريخًا قديمًا للتكوين الجيولوجي، بالنسبة لي منذ البداية، كنت منبهرًا بالطبقات المعقدة للنباتات والحضارة، وكان ذلك دافعًا لي على الفور لبدء العمل على هذا التصميم.
ما هي طموحاتك المستقبلية؟
أقود مُحادثات، مع فريق جائزة العلا للتصميم، حول إمكانية إنتاج Skinlal، لطلب حصري للهيئة الملكية لمحافظة العلا، قد يؤدي هذا المشروع إلى مشروع أكبر حول الدفاع عن ثقافة وتراث الشرق الأوسط، مع الدعوة إلى التصميم المستدامين.. آمل حقًا أن يبصر هذا المشروع النور في وقت قريب.
مشروع آخر أعمل عليه، والأخير عزيز على قلبي، مُتمثّل في الإدارة الإبداعية لعمل رسّامة وفنّانة فرنسية سيعرض في كاروسيل اللوفر (مركز تجاري ضخم يقع بالقرب من متحف اللوفر في باريس)، خلال نوفمبر من العام الجاري (2024).. لناحية المشاريع المُستقبلية، أهدف إلى مواصلة المُساهمة في مجال التصميم عبر أفكار وتجارب تصميمية مبتكرة ، مع العمل بشكل أكثر استباقية في الدعوة إلى الاستدامة وإبراز ثقافة العالم العربي.
وأخيرا..
أشكر أسرة مجلة "هي" على هذه الاستضافة، وأتمنى لها دوام التميز والنجاح.
حساب المصمم إسماعيل حطيط على الانستجرام.
https://www.instagram.com/ismaildesigns__/
الموقع الإلكتروني للمصمم إسماعيل حطيط
الصور تم استلامها من المصمم إسماعيل حطيط.