الفنانة منال الضويان

"نطقت الرمال فتحرك الصوت".. الفنانة منال الضويان تخبر قصة تتجاوز الثقافات والحدود الجغرافية في الجناح الوطني السعودي ببينالي البندقية للفنون 2024

فالنتينا مارياني
9 سبتمبر 2024

"من خلال هذا العمل التركيبي، أردت أن أمثّل المرحلة التي وصلت إليها الآن في مسيرتي الفنية، في سياق مجتمعي وبلدي والعالم. واعتزمت تقديم عمل فني مستوحى من الدور المتطور للمرأة في المجال العام في بلدي، ورحلتها المستمرة لإعادة تعريف كل من المساحة المادّية التي تسكنها والسرديات التي حددتها تاريخيًا". بهذه الكلمات تبدأ الفنانة "منال الضويان" حديثها عن عملها الرائع لمعرض بينالي البندقية للفنون 2024.

1

في هذا العمل، تجمع "الضويان" بين الظواهر الصوتية والجيولوجية الصحراوية، وأصوات النساء، في تعبير جماعي يفنّد المفاهيم الخاطئة عن حياتهن. وعلى الرغم من أنها المرّة الأولى التي تستكشف فيها الصوت كوسيط فنيّ، إلا أن ما يبقى ثابتًا هو التزامها العازم بتمكين وتعزيز أصوات النساء السعوديات، اللواتي لطالما وثّقت تجاربهن بعناية واعتزاز.

بالاستلهام من هيكلية "العَرضة" و"الدحّة"، وهما من أهازيج الحرب التقليدية التي يؤدّيها الرجال، بُني العمل حول قوة مركزية دافعة. هنا، إنها أصوات النساء السعوديات اللواتي يعلنّ عن وجودهن من خلال الأغنيات والكلمات والرسومات. وسيستمتع الزائر بالتنقل عبر متاهة من المجسمات الضخمة والمصنوعة من الحرير المطبوع لتحاكي بتلات زهور مستوحاة من وردة الصحراء، وهي صخور بلّورية غالبا ما تتشكّل في رمال الصحراء بالقرب من مسقط رأس "الضويان" في الظهران. بالنسبة إلى "الضويان"، تجسّد وردة الصحراء، بتكوينها البلوري المتعدد الطبقات، الهشاشة وسرعة الزوال والأنوثة والقدرة على التحمّل.

2

وتضيف قائلة: "الصوت أداة لامرئية تحتل الفضاء. له حضور كبير؛ لا يمكنك رؤيته، ولكن لا يمكنك إنكار وجود ما لا تراه. المنحوتة الناعمة، المصنوعة من حرير التوسار، هي شكل تعاملتُ معه لسنوات عديدة: وردة الصحراء".

"نطقت الرمال فتحرّك الصوت" يستند إلى جهود طويلة قامت بها الفنانة في استكشاف الصورة الإعلامية وتأثيرها على حق تقرير المصير، مشددة على أهمية التمثيل الإعلامي للمرأة وصورتها في الذاكرة الجماعية لمجتمعها، وعمق وقع هذه الصور على فهم إنسانية الأفراد الممثلين.

وبصفتها شاهدة على التحول الثقافي الذي يحدث في بلدها الأم، تستكشف "الضويان" التقاليد والذاكرة الجماعية وتمثيل المرأة. في "نطقت الرمال فتحرك الصوت"، تستمد إلهامها من روح المرأة السعودية خلال فترة تحول ثقافي عميق.

3

استعدادًا لمشاركتها في معرض بينالي البندقية وإتمامًا لعملها التركيبي الجديد، أقامت الفنانة ورش عمل في أنحاء مختلفة من المملكة العربية السعودية، في الخبر وجدة والرياض، حيث تواصلت مع أكثر من 1000 امرأة سعودية. وقد وفّرت هذه الجلسات منبرًا للنساء والفتيات لإيصال أصواتهن، فرديًا وجماعيًا، بشأن كيفية تمثيلهن في وسائل الإعلام المحلية والعالمية. وقد تم نقل تعبيرهن عن أنفسهن بالتناغم مع ألحان الرمال الفريدة في صحراء الربع الخالي، أي ذلك الهدير الذي تُصدره الكثبان الرملية الضخمة عندما تتحرك. وقد سجلت "الضويان" هدير الأرض العميق هذا لكي تعكس التحول الكامن في جوهر العمل. فنجد أنفسنا أمام استعارة: صوت عدد لا يحصى من حبات الرمال الفردية التي تتفاعل وتتحد في هدير جماعي.

تركز "الضويان" على كيفية تناول موضوع المرأة السعودية، على وجه الخصوص، على الصعيدين المحلي والعالمي. ويكشف بحثها انشغالا لا بل هوسا إعلاميا بتحجّبهن وتركهن للحجاب وسلوكياتهن وافتراضات مختلفة حول رغباتهن، دون تسليط الضوء، سوى نادرا، على رؤية المرأة السعودية لنفسها. والكلمات المأخوذة من عناوين الصحف تصف النساء السعوديات غالبًا بمصطلحات تحاول تحديد وحصر هوياتهن بآراء جامدة ونمطية وعنيدة. وبهذا، إن عمل "نطقت الرمال فتحرك الصوت" هو نداء للتضامن والتعاضد، وتجربة صُمّمت لإلهام الشجاعة.

4