خاص لـ"هي": معرض "عوالم منسوجة".. حكايات المجتمع منسوجة في طيات الأقمشة
بين ثنايا الأقمشة تتراقص الحكايات، وفي خيوط التطريز تنبعث روح الماضي، ممتزجة بنبض الحاضر. يفتح معرض "عوالم منسوجة" أبوابه من 20 إلى 25 يناير، من الساعة 10:00 صباحًا حتى 4:00 عصرًا، ليكون نافذةً على عوالم الإبداع التي تسردها الأزياء كلغة تنبض بتحولات الهوية والتغيرات الثقافية.
في هذا الفضاء الفني، يحوّل كل من عبدالله الخريّف، وفوزية بن خميس، وسمية بدر، الأقمشة إلى أرشيف بصري حي، يحمل في طياته أصوات المجتمعات وصدى التغيير المستمر. هنا، تتخطى الأزياء حدود الشكل لتصبح مرآة عاكسة للعلاقة العميقة بين الإنسان وإبداعاته، حيث تمتزج الحرفة مع الفن لتروي قصص الماضي وتعيد تشكيل الحاضر برؤية مستقبلية.
يروي المعرض حكاية فريدة تأخذ الزائر في رحلة تتجاوز حدود الزمان والمكان، حيث تتحول الأزياء إلى أرشيف حي يوثق اللحظات، ويعيد صياغة الزمن برؤية تتناغم فيها الحرفية مع الابتكار.
عبدالله الخريّف: ألواح القماش
الرؤية: العودة إلى نقطة البداية
في مشروعه الفريد "ألواح القماش"، يستكشف الفنان عبدالله الخريّف لحظة البداية التي بدأ فيها الإنسان تصميم أول قطعة ملابس، يمثل المشروع رحلة بحث دامت أكثر من عشرين عامًا، مزج فيها بين الدراسة التاريخية والاستكشاف الفني.
يعتمد الخريّف على التجريب باستخدام أشكال هندسية بسيطة، مثل المستطيلات، ودمجها بتقنيات معاصرة لتحاكي اللحظة الأولى لتصميم الملابس. كما يستخدم أقمشة متنوعة تُبرز تفاعلها مع الجسد البشري، مؤكدًا على كيف تتحول الهندسة إلى لغة مرنة تستجيب لحركة الإنسان.
المشروع ليس مجرد استعادة للماضي، بل هو محاولة لاستشراف المستقبل من خلال فهم البدايات. حيث يقول عبدالله لـ"هي" بشكل حصري: "رجعت للبدايات ونقطة الصفر المتخيلة لمعرفة كيف وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، ومن هذه النقطة قد نكتشف طرقًا لا نهائية للمستقبل."
فوزية بن خميس: التطريز بالحب
الرؤية: كل غرزة تحمل حكاية
من خلال مشروع "التطريز بالحب"، تسلط المصممة فوزية بن خميس الضوء على التطريز كفن خالد يحمل بين طياته قصصًا عن الحب والصبر والهوية. تستمد فوزية شغفها من طفولتها عندما كانت تراقب والدتها تخيط فساتين العيد يدويًا. تقول فوزية: "في كل غرزة كانت والدتي تضع قصة، وفي كل قطعة كانت تنغرس مشاعر الطمأنينة والفرح. هذا المشهد أشعل شغفي لاستكشاف التفاصيل الكامنة في كل قطعة مطرزة."
تركز فوزية على الزخارف الدقيقة وزينة الرأس المطرزة التي تعكس المكانة الاجتماعية والثقافية. كما تستخدم تقنيات تطريز تقليدية مطعّمة بلمسات عصرية، مما يجعل أعمالها مزيجًا بين الحاضر والماضي. ترى فوزية أن التطريز ليس مجرد حرفة يدوية، بل لغة خالدة تسجل التاريخ وتعبر عن الإبداع الإنساني. كل قطعة مطرزة هي شهادة على جمال البساطة وإبداع التفاصيل.
سمية بدر: إحياء التراث لأصالة متجددة
الرؤية: إحياء الجذور برؤية عصرية
بخبرة تمتد لأكثر من 25 عامًا، تُقدّم سمية بدر مشروعها "إحياء التراث" كمبادرة تهدف إلى الحفاظ على الحرف اليدوية التقليدية وإبرازها بطريقة تناسب العصر الحديث.
حيث تعتمد سمية على دراسة عميقة للأزياء التقليدية السعودية مثل التطريز اليدوي وزينة الأزياء النسائية، وتعمل على تحويلها إلى تصميمات تحمل روح التراث بلمسات متجددة. تقول سمية: "كل قطعة في المجموعة تحمل بين طياتها رسالة. إنها ليست مجرد تصميمات، بل هي وسيلة لإعادة تعريف الأناقة من خلال التراث."
وتركز سمية على إعادة استخدام الأقمشة القديمة والزخارف المطرزة لإنتاج قطع فريدة ومستدامة، مما يجعل أعمالها دعوة للحفاظ على التراث مع مراعاة البيئة.
عوالم منسوجة: مرآة للتغيير والتجديد
هنا، الأزياء ليست مجرد أدوات للتزين، بل هي قصص حية تعكس الهوية والثقافة والتطور. كل قطعة تُعرض تحمل رسالة تعبر عن العلاقة العميقة بين الإنسان وتصميماته، مؤكدة أن الإبداع يتجدد مع كل جيل.
معرض "عوالم منسوجة" هو دعوة مفتوحة للجميع لاستكشاف كيف يمكن للأزياء أن تكون أكثر من مجرد شكل؛ إنها حكايات منسوجة تجمع بين الماضي والمستقبل، وبين التقاليد والابتكار.
جميع الصور المستخدمة من تصوير: Arwa Alneami أروى النعمي