خاص لـ"هي": معرض "ميادين" للفنانة السعودية علياء أحمد يوثق تحولات الرياض العمرانية بالألوان في قلب لندن

خاص لـ"هي": معرض "ميادين" للفنانة السعودية علياء أحمد يوثق تحولات الرياض العمرانية بالألوان في قلب لندن

رهف القنيبط
20 مارس 2025

في قلب لندن، وتحديدًا في White Cube Mason’s Yard، وقفت الفنانة السعودية علياء أحمد بين أعمالها، حيث تنبض الجدران بحكايات مدينتها الأم، الرياض. عبر معرضها "ميادين"، نقلت علياء إحساسًا عميقًا بالمكان، مستندة إلى ذاكرتها البصرية وتحولات المشهد العمراني، لتجسد رحلة المدينة بين الماضي والحاضر. افتُتح المعرض في 28 فبراير ويستمر حتى 5 أبريل، مقدمًا للجمهور تجربة غامرة في عوالم اللون والذاكرة.  

تقول علياء لـ"هي": "استُلهمت مجموعة 'ميادين' من علاقتي الشخصية بالرياض وتغير ملامحها العمرانية مع مرور الزمن. ذكرياتي عن المساحات المفتوحة، الشوارع، والمباني، والتفاعل بين الضوء والظل، كانت عناصر محورية في هذا العمل. إن مراقبتي الدقيقة لهذا التحول وارتباطي العميق به سمحا لي بجلب إحساس بالحنين لما كان، إلى جانب حيوية اللحظة الراهنة، داخل لوحاتي."  

الفنانة علياء أحمد

بين الطبقات والتفاصيل.. لغة الطلاء الزيتي  

يُعد استخدام الطلاء الزيتي السميك توقيعًا بصريًا بارزًا في هذه المجموعة، حيث يضفي على الأعمال بُعدًا حسيًا يكاد يجعلها ملموسة. تضفي هذه التقنية إحساسًا بالحركة، وكأن اللوحات تحمل نبض المدينة ذاته، حيث تلتقي الألوان بجرأة في طبقات متعددة.  

وتوضح علياء لـ"هي": "الطلاء يمنح اللوحات ملمسًا وعمقًا يعكسان تعقيد المشاهد التي أستكشفها. أحب الطابع الملموس الذي تضيفه هذه التقنية، وكأنها تدعو المشاهدين ليس فقط إلى رؤية المشهد، بل إلى لمسه واستشعار طبقاته من الذكريات والمشاعر. الطلاء مادة مرنة، تجمع بين الإحساس بالثبات والتعبير الخام في آنٍ واحد."  

علياء أحمد

بين الهوية والتوسع العالمي  

مع تزايد الاهتمام بالفن السعودي على الساحة العالمية، تقدم علياء أعمالها كجسر بين الأصالة المحلية والرؤية الفنية المعاصرة. لكنها، رغم هذا الامتداد الدولي، تظل وفية لهويتها وجذورها، حيث تشكل الرياض نقطة انطلاقها الإبداعي.  

وتؤكد علياء لـ"هي": "أنا، قبل كل شيء، فنانة سعودية متجذرة في العادات والثقافة والتقاليد والمناظر الطبيعية لبلدي. أصبح الاهتمام العالمي بالمشهد الفني السعودي أكثر وضوحًا الآن، لكنني أرى أن أعمالي تتجاوز حدود المكان، حيث تلامس موضوعات مثل الذاكرة والهوية والحنين، وهي قضايا إنسانية تتيح تفسيرات أوسع واتصالًا أعمق مع مختلف الثقافات."  

علياء أحمد

الشعر والخط العربي.. لغة تمتد عبر الزمن  

لطالما كان الشعر والخط العربي جزءًا أصيلًا من الثقافة العربية، يتجاوزان كونهما أشكالًا تعبيرية ليصبحا لغة شعورية تنقل الإحساس والذاكرة. في أعمال علياء، يندمج هذا البعد اللغوي البصري بسلاسة مع العناصر التشكيلية، ليخلق حوارًا بين التراث والحداثة.  

وتختتم علياء حديثها لـ"هي" قائلة: "إيقاع الخطوط وانسيابها يعكسان الحركة داخل لوحاتي، بينما يكمن في جوهر الشعر قدرته على استحضار المشاعر العميقة وتجسيد الحقائق. معًا، يشكلان جسرًا بين التراث والتعبير الفني المعاصر، حيث يتجسد التاريخ في ضربات الفرشاة ويُعاد تشكيله في كل طبقة من اللون."  

في معرضها "ميادين"، لا توثق علياء أحمد المدينة فقط، بل تفتح نافذة على ذاكرة بصرية وشعورية، تُعيد من خلالها رسم الرياض في أذهاننا، حيث تتشابك الطبقات اللونية مع طبقات الزمن، لتترك أثرًا يتجاوز حدود اللوحة والمعرض، مستقرًا في ذاكرة من يراه.