خاص لـ"هي": نظرة نسائية على معرض "فن المملكة" بعدسة الفنانات السعوديات لينا قزاز وسارة إبراهيم وبرؤية ديانا فيكسلر

خاص لـ"هي": نظرة نسائية على معرض "فن المملكة" بعدسة الفنانات السعوديات لينا قزاز وسارة إبراهيم وبرؤية ديانا فيكسلر

رهف القنيبط
6 أبريل 2025

بين تقاطع الذاكرة والهوية، يكشف معرض "فن المملكة: إضاءات شعرية" عن ملامح مشهد فني سعودي معاصر يخطو بثقة نحو العالمية. في أعقاب النجاح الباهر الذي حققه المعرض فيالعاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو، حطّ رحاله في العاصمة السعودية الرياض، ضمن أروقة المتحف السعودي للفن المعاصر (SAMOCA) يحمل توقيع 17 فناناً من 24 فبراير وحتى 24 مايو 2025.

وفي لقاء حصري لـ "هي" تحدّثت القيّمة الفنية للمعرض ديانا فيكسلر التي سلطت من خلاله الضوء على ثراء التاريخ السعودي، والذاكرة الجمعية، والتقاليد الثقافية عن رؤيتها للمعرض الممتد، فيما شاركت الفنانتان لينا غزّاز وسارة إبراهيم تجاربهما الشخصية.

معرض فن المملكة
" كل فنان في المعرض يعبّر عن "الصحراء" من زاويته الخاصة"

"إضاءات شعرية": من الفكرة إلى اللغة البصرية

انبثقت فكرة المعرض من مفهوم "الإضاءات الشعرية"، حيث ترى فيكسلر أن كل عمل فني يحمل إمكانية "إنارة" بُعد من أبعاد الثقافة السعودية، في تلاقٍ بين الأزمنة من الصحراء كرمز للامتداد والتاريخ والاحتمالات، إلى التقنيات المعاصرة كأدوات للتعبير عن الذات والهوية.

توضح ذلك لـ"هي" قائلة:" كل فنان في المعرض يعبّر عن "الصحراء" من زاويته الخاصة؛ من شساعتها المكانية، إلى الآثار الثقافية التي مرّت بها. كما أن النظرة المعاصرة حاضرة بقوة في جميع الأعمال، سواء عبر الوسائط البصرية المُستخدمة أو من خلال البُعد البيئي والتأكيد على الهوية."

أصوات من قلب التجربة

رأت الفنانة لينا غزّاز الذي يرتبط عملها الفني النقدي بشكل كبير بالنواحي المجازية والتجريبية والإسلامية وإحدى الفنانات المشاركات في المعرض فرصة غير مسبوقة، حيث تقول لـ"هي":"يمثل معرض فن المملكة منصة لا تُقدّر بثمن للتبادل الثقافي. إنه فرصة لنا كفنانين سعوديين لنُشارك أعمالنا مع جمهور دولي، وندخل في حوارات عالمية حول الفن والهوية."

أما الفنانة البصرية سارة إبراهيم، التي تستكشف في أعمالها التي تأتي من خلال مقاطع الفيديو، سرديات الجسد والعاطفة، فتصف تأثير التجربة بالوجداني والعميق تقول: "نشأتي في تقاطع بين ثقافات مختلفة زرعت في داخلي حسًّا عاليًا بالتعاطف والإنصات."

وتكمل حديثها قائلة:" أبدأ دائمًا من عقلية المبتدئ، أحاول ألا أفترض شيئًا مسبقًا، بل أتعرف على الآخر بصدق. وهذا ما يجعلني أُترجم التجربة الجسدية والعاطفية في عملي الفني بطرق تتواصل مع جمهور متعدد الخلفيات."

معرض فن المملكة
"التحدي هو قرأة الجمهور السعودي للأعمال، نظرًا لانتمائه إلى ذات الثقافة"

نقطة تحول للمشهد الفني السعودي

يُشكّل معرض "فن المملكة" لحظة تحول فارقة في المشهد الفني السعودي. تقول ديانا:" من جهة، يقدم مجموعة فريدة من الأعمال التي تتجاوز القوالب النمطية، ومن جهة أخرى، يمنح الجمهور، سواء داخل المملكة أو خارجها، فرصة لفهم التحولات الثقافية والفكرية التي يعيشها الفن السعودي اليوم."

وتكمل الحديث:"التحدي الآن هو قرأة الجمهور السعودي للأعمال، نظرًا لانتمائه إلى نفس الثقافة التي تنبع منها هذه الأعمال الفنية، هذه الخصوصية تمنح الفنانين المشاركين في المعرض فرصة لعرض أعمالهم في إطار سردية تنظيمية فريدة، تكشف جوانب دقيقة من تجربتهم. كل هذه التفاعلات ستمنح الجمهور تجارب تأملية جديدة، وفرصًا للتفكير في الهوية الثقافية من خلال عدسة الفن المعاصر."

وعلى ذلك تختم ديانا فيكسلر بقولها: "اخترتُ، على سبيل المثال، عمل "عربي/غربي" للفنان ناصر السالم، لأنه يُقدّم سؤالًا مفتوحًا للزائر العالمي: ما الذي يُمكن أن يعنيه هذا النص المضيء؟ كل عمل في المعرض، هو بمثابة تخوم بين عالم فني سعودي معاصر وأفق ثقافي عالمي. وفي نهاية الرحلة، آمل أن يغادر الزائر وقد تبدّل أفق رؤيته للعالم."

معرض فن المملكة
يستعد المعرض للانتقال إلى ثالث محطاته العالمية في المتحف الوطني في شنغهاي

فن سعودي معاصر بلغة عالمية

معرض "فن المملكة: إضاءات شعرية" هو مشروع ثقافي وُلد عام 2021 على يد منى خزندر من وزارة الثقافة السعودية، بهدف إعادة صياغة صورة الفن السعودي عالميًا. تتنوع الأعمال المعروضة ما بين اللوحات، التركيبات المعاصرة، الفيديو آرت، الأداء، وحتى النصوص الضوئية.

ليجسد رؤية تنظيمية صاغتها الناقدة الفنية ديانا فيكسلر، والتي سلّطت الضوء على الذاكرة الجمعية، التاريخ السعودي، والتقاليد التي تتخذ من الزمن المعاصر حيزًا لها.

ويضم المعرض أعمالًا لأسماء بارزة على الساحة السعودية مثل: مهند شونو، ولينا قزاز، ومنال الضويان، ومعاذ العوفي، وأحمد ماطر، وعهاد العمودي، وسارة إبراهيم وكل منهم، بأسلوبه الخاص، يقدم رؤيته حول ما يعنيه أن تكون فنانًا سعوديًا في هذا الزمن. 

وقريبًا، يستعد المعرض للانتقال إلى ثالث محطاته العالمية في المتحف الوطني في شنغهاي، الصين، ضمن رحلة تواصل عبر القارات، تقودها الأعمال وتُكملها الأسئلة.