المطابخ السحابية توجهٌ جديد في قطاع المطاعم.. هل ينجح
يُقال "ربَ ضارة نافعة"، وهي مقولة تنطبق على الأشياء الإيجابية التي تخرج من رحم السلبيات لمنحنا آمالاً جديدة وفرصاً لم نكن نتوقعها أو نحلم بها في السابق.
وخلال جائحة كوفيد-19 وعلى الرغم من سلبياتها العديدة والضغط النفسي والإقتصادي والاجتماعي التي رزح تحتها ملايين الناس حول العالم، وبعضه ما زال يعاني حتى اليوم؛ إلا أن هذه الجائحة حملت في طياتها أفكاراً جديدة ومتجددة لمساعدة الأفراد والمؤسسات على الخروج من دائرة الخطر والنجاح في ظل الظروف الصعبة. حتى أن بعض هذه الأفكار جاءت بمعطيات جديدة تواكب التطورات السريعة التي يشهدها عالم التكنولوجيا في عصرنا الحالي.
منها ما يخص قطاع المطاعم التي عانت وما زالت من التداعيات الاقتصادية والحروب والأزمات وليس آخرها جائحة كوفيد، ما دفع بالكثيرين للتوجه نحو طلب الطعام عبر الانترنت أو من خلال تطبيقات الهاتف أثناء الحجر الصحي وبعده خوفاً من عدوى كورونا.
ازدياد الطلب على الطعام اونلاين، وعجز المطاعم الكبيرة عن إبقاء تشغيل منشآتها وموظفيها في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة، دفع بحل نموذجي للمطاعم السحابية Cloud Kitchens لتتصدر واجهة تقديم الطعام ليس فقط في دولة الإمارات، وإنما حول العالم أيضاً.
فما هي المطابخ السحابية، ولماذا تحمل هذه التسمية؟ ما المزايا التي توفرها لقطاع المطاعم الذي يعاني بشدة، وكيف يمكن البدء بها؟ هذا ما نتعرف عليه في موضوعنا اليوم.
ما هي المطابخ السحابية
بحسب تعريف بعض مواقع الطهي والمطاعم، فالمطابخ السحابية هي منشآت إنتاج أطعمة تجارية مُرخصة، يتم فيها استئجار مساحة العمل بشكل فردي أو مشترك مع علامة أو علامات تجارية أخرى، لإعداد قائمة طلبات مخصصة للتسليم والطلبات الخارجية عبر مندوبي التوصيل. وتتميز هذهالمطابخ السحابية بانخفاض تكاليفها بصورة عامة إن لجهة الاستئجار أوالتشغيل وغيرها، ما يعني تقديم أسعار أرخصوأفضل للزبائن.
وكما أسلفنا، جاءت المطابخ السحابية كمنقذ للعديد من المطاعم ومؤسسات الطعام في دول عدة في ظل وضع مالي غير مستقر بسبب جائحة كوفيد والأزمات والحروب التي تعصف بالعالم. كما جاءت كحل مثالي وفعال لمن يرغبون بافتتاح عمل تجاري خاص بهم بأقل التكاليف ودون الحاجة لاستئجار مساحة كبيرة للمطعم وتأمين وظائف مختلفة برواتب تثقل عليهم الديون المالية.
وبحسبالأبحاث حديثة، ارتفعت طلبات توصيل الطعام بأكثر من 150٪ منذ العام 2019 إلى لعام 2020. ما جعل العديد من أصحاب المطاعم ورجال الأعمال في قطاع المطاعم يلجأون إلى المطابخ السحابية كحل تجاري مربح لتلبية الطلب المتزايد على توصيل الطعام.
ازدهرت فكرة المطابخ السحابية بشكل ملحوظ حول العالم خلال السنوات الماضية، خاص في دول مجلس التعاون الخليجي. وتطرق أحد التقارير عن نمو المطابخ السحابية في هذه المنطقة، لبروز دور دول المجلس الخليجي في هذا السوق العالمي الذي يُتوقع أن تصل قيمته بحلول العام 2027 إلى 71.4 مليار دولار.
مزايا المطابخ السحابية
هناك العديد من الخصائص التي تميَز منظومة المطابخ السحابية عن سواها من المطابخ التقليدية، وهي على الشكل التالي:
- السرعة والسهولة أبرز ميزات المطابخ السحابية، ما يعني أن القائمين على هذه المطابخ بحاجة لاتباع أساليب السرعة والسهولة في تحضير قائمة الطعام وتأكيد وصولها إلى الزبائن بجودة عالية.
- التفرد، إذ تعتمد المطابخ السحابية على مبدأ توصيل الطعام للزبائن في بيوتهم وأماكن عملهم وتواجدهم وذلك عبر تطبيقات التوصيل المتاحة على الهواتف الذكية، والتي تسمح للمرء بطلب الطعام الذي يريد ليصله أينما كان دون الحاجة لتكبد الوقت والجهد لحجز طاولة في مطعم والتوجه إليه وتضييع بعض الوقت أثناء تناول الأكل، يمكنه تخصيصه لإنجاز العديد من المهام.
- توظيف التكنولوجيا لجهة تلقي طلبات الطعام عبر التطبيقات الخاصة، وكذلك التواصل مع سائقي التوصيل وغيرها من خدمات العملاء التي تتم عادة عبر الهواتف الذكية والتطبيقات. كما تساعد هذه التكنولوجيا على تمكين العاملين في هذه المطابخلتحديد الأصناف الأكثر طلباً والعمل على تحضيرها مسبقاً، وكذلك الأوقات التي يتم فيها الطلب بكثرة فيما يُعرف بساعات الذروة، بحيث تكون طاقة العاملين منصبة خلال هذه الأوقات على تحضير وتوصيل الطلبات بشكل أسرع وأكثر فاعلية.
- تخفيف التحديات التي تواجه قطاع المطاعم التقليدية لجهة تحضير العديد من العلامات التجارية وتصميم كل واحدة وفقًا لطلب المستهلك.
- عدم الحاجة لوضع استثمارات ضخمة للبدء بمشروع المطبخ السحابي كما هي الحال مع المطابخ التقليدية، ما يتيح المجال لفرص توسع أكبر وأفضل وأكثر نجاحاً.
- مرونة في اختيار الموقع وتشكيل قائمة الطعام.
- قدرة أكبر على تجربة مفاهيم غذائية مختلفة.
نماذج أعمال المطابخ السحابية
إذا كنت عزيزتي القارئة ممن يفكرون بتجربة المطابخ السحابية في مشروع تجاري خاص بالطعام، نقدم لك بعض نماذج هذه المطابخ السحابية وهي ثلاث على النحو التالي:
- مطبخ سحابي هجين، بعلامة تجارية واحدة، ضمن مطبخ واحد ومع واجهة محل.
- مطبخ سحابي بعدة علامات تجارية، ضمن مطبخ واحد ودون واجهة محل.
- مطبخ سحابي مركزي مستقل، بعلامة تجارية واحدة، ضمن مطبخ واحد ودون واجهة محل.
مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار المعايير التالية قبل الإقدام على هذه الخطوة وافتتاح مطبخ سحابي:
- اختيار الموقع المناسب بهدف أن يكون على بعد كيلومترات من الجمهور المستهدف.
- امتلاك المعدات المناسبة للعمل من الواجهة الخلفية وليس الأمامية كما هو الحال مع المطابخ التقليدية. لذا عليك الاستثمار في شراء معدات مناسبة لهذا النوع من المطابخ.
- اختيار طاقم العمل المناسب القادر على تلبية طلبات الزبائن بجودة متناهية، خاصة الطباخين والطهاة الماهرين القادرين على تحضير ألذ الأطعمة بسرعة.
- توفير شراكة فعالة مع شركات توصيل الطعام، أو ابتكار تطبيق خاص بك مع موقع الكتروني يتضمن قائمة الطعام وكافة المعلومات التي تتيح للزبون طلب الأكل دون أية مشاكل.
- تغليف الأطعمة بطريقة تحفظ جودته وبقائه ساخناً أو بارداً حسب طبيعة الأطباق المطلوبة. إضافة لاتباع أعلى معايير التوضيب والتغليف لضمان سلامة الطعام.
- التسويق الجميل والمبتكر يساعد في جذب المزيد من الزبائن الجائعين الذين سيرغبون في تجربة واحد أو أكثر من الأطعمة اللذيذة التي يجب تسويقها بطرق مميزة وآخاذة. وذلك من خلال الاعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي، وتأسيس حضور قوي لمطبخك عبر الانترنت وغيره من وسائل التسويق والترويج.
في الختام، تُشكل المطابخ السحابية فرصةً ذهبية لمن يرغبون بتأسيس عملهم الخاص دون الحاجة لاستثمار الملايين في مطابخ ومطاعم تقليدية، بشرط الالتزام بجودة الطعام وسرعة التوصيل والتسويق الجيد.