خاص "هي": من التحدي إلى النجاح... رانيا حماد ورحلة تحقيق الذات: لم أعد أنتظر موافقة أحد لأجد أي نوع من الشعور بالقيمة الذاتية
دبي: سينتيا قطار Cynthia Kattar
رانيا حماد، مثال ملهم على القوة والإصرار. بعد فقدان ساقها، واجهت تحديات هائلة وأحكام المجتمع، لكنها استطاعت أن تتجاوزها لتصبح مصدر إلهام للكثيرين. من خلال تفاؤلها وشجاعتها، احتضنت نفسها الجديدة وقررت أن تعيش حياتها بكل فخر وثقة. من خلال مشاركتها تجاربها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أعادت تعريف معايير الجمال والموضة، مروجة للشمولية وتنوع الأجسام. رانيا تواصل التحدي وكسر الحواجز من خلال تأثيرها الإيجابي على متابعيها، مما يجعل قصتها قصة نجاح تستحق التأمل والاحتفاء
يحبك الناس لثقتك بنفسك وشفافيتك وصدقك. من أين تستمدّين هذه الثقة؟
في بداية هذا الفصل الجديد من حياتي بعد فقدان ساقي، لم يكن لدي أي تقدير للذات. ظننت أن الحياة قد انتهت، فكيف يمكنني أن أعيش وسط المجتمع من دون أن يحكم عليّ أحد؟ ومع مرور الوقت، شعرتُ بأنني أعيش من أجل الحصول على استحسان الناس. لم أكن أعيش حياتي، وكأن من يوجّهها ويمليها عليّ هم الآخرون. كان عليّ أن أكتشف طريقة لأعيش حياتي على أكمل وجه من دون أن أتأثر بالناس أو بنظرتهم إليّ. وأدركت أننا لا نحقق كامل إمكاناتنا، لأننا نعيش في خوف وخجل؛ عندها قررت أن أحتضن "أنا" الجديدة وأظهرها في كل مكان بكل فخر. فلم أعد أنتظر موافقة أحد لأجد أي نوع من الشعور بالقيمة الذاتية. إن قيمتي تنبع من داخلي، عبر إعطاء نفسي الحب والتعاطف، ومن خلال كوني حقيقية وصادقة مع نفسي. عندما تغيرت طريقة تفكيري، نشأت هوية أقوى. لم يعد كوني مبتورة الساق يجعلني أشعر بأنني أقل أو أضعف من أي إنسان، بل منحني ذلك في الواقع ميزة تختلف عن الآخرين.
أنت صاحبة صوت قوي مناصر للشمولية في عالم الموضة. كيف تصفين تطور صناعة الأزياء في السنوات القليلة الماضية، منذ تعرضك للحادث؟ وهل تعتقدين أن تغييرا حقيقيا يحدث؟
تتّجه صناعة الأزياء في الآونة الأخيرة نحو التنوع والشمولية. فقد شاهدنا في الحملات الإعلانية وعلى خشبات العروض عارضات أزياء ذوات احتياجات خاصة أو قامات ممتلئة. وأعتقد أن عالم الموضة هو السبيل الوحيد لتطبيع نظرة الناس إلى أشكال الأجسام المختلفة. التغيير يحدث بالتأكيد، وقد بدأ الناس يتقبلون الأقليات بسبب الاتجاه الذي يسير فيه مجال الموضة حاليا.
مع كل منشور تتشاركينه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحطّمين الحواجز وتعيدين تحديد معايير الموضة والجمال. ما الذي يبقيك مندفعة ومتحمّسة؟
ما يحرّكني ويدفعني هو رغبتي في ترك إرث شخصي ملهم. أريد حقا أن أحدث فرقا في حياة الناس. ويسعدني جدا أن أشعر بأنني ألهمت شخصا ما. ذلك يعطيني معنى ومغزى معيّنين لكل ما مررت به، فأفهم أن هذا الألم لم يذهب هباء، بل تحوّل إلى رسالة ودليل نجاة للآخرين.
هلا شاركتنا لحظة لا تنسى شعرت فيها بأنك بالفعل ألهمت شخصا ما؟
كانت هناك فتاة تبلغ من العمر 8 سنوات، واسمها أيضا "رانيا". كانت مبتورة الذراع، وحاولت مرات عدّة الوصول إلي، وحين استطعنا التواصل، وجدت إلهاما كبيرا وملأها الأمل بأن هناك أياما أفضل في الأفق.
بصفتك أمّا عزباء، كيف تحافظين على التوازن بين حياتك الشخصية والمهنية؟
الأمر صعب. أن تكوني أمّا وأبا في الوقت نفسه ليس بالمهمة السهلة. ينتابني شعور بالذنب، كلما كانت لدي رحلة سفر أو ساعات عمل طويلة. وأحاول قدر استطاعتي أن أكون منظّمة، وأن أدير وقتي بما يتناسب مع جدول ابني.
كيف دخلت عالم الملاكمة، وما أكثر شيء تحبّينه في هذه الرياضة؟
بدأتُ الملاكمة منذ عام ونصف. كنت بحاجة إلى متنفس في ذلك الوقت للتخلص من أي طاقة سلبية محبوسة في جسدي. وقد أحدثت فرقا كبيرا في شعوري الداخلي والخارجي. عندما أبدأ كل حصة، تتنشّط كل حواسي، وأشعر بأنني حاضرة جدا في اللحظة إلى درجة أنني لا أستطيع التفكير في أي شيء آخر.
ما الدور الذي تلعبه الرياضة في حياتك؟ وكيف أسهمت في تطورك الشخصي؟
أمارس الرياضة منذ صغري. بدأت بكرة السلة، ثم مارست الرماية لمدة خمس سنوات. وأعتقد أن الرياضة يجب أن تكون نشاطا منتظما للجميع، وليس لي وحدي، لما تتركه من أثر إيجابي في الجسم والعقل. منذ فقدان ساقي، أستهلك لأجل المشي طاقة أكثر بنسبة 200 في المئة من الشخص العادي، لذا أصبحت الرياضة ضرورة. يجب أن يكون الجزء الأوسط من جسمي وجسمي بأكمله أقوى حتى أمشي.
ما الممارسات أو العادات التي تساعدك على البقاء في حالة ذهنية إيجابية؟
أحاول التركيز على الجوانب التي تتكوّن منها هوياتنا: العقل والجسد والروح. للعقل، أخضع للعلاج النفسي من أجل حل أي صدمة سابقة نابعة من الماضي، ومساعدتي على التفكير بوضوح. بالنسبة للجسد، أمارس الملاكمة والرياضة، وأحرص على العناية الذاتية. أما الروح، فأهتم بها من خلال الصلاة والتواصل الروحي مع الله.
ما الذي تعملين عليه الآن؟ وما مشاريعك المستقبلية؟
أعمل على مشروعين مختلفين عزيزين جدا على قلبي. لا أستطيع الكشف عنهما الآن، ولكنني متشوقة جدا لإطلاقهما. أما خطتي للمستقبل، فهي أن أنمو أكثر ليس فقط في المنطقة، ولكن في مختلف أنحاء العالم.