الدكتورة بشاير الصانع لمجلة "هي": السوشيال ميديا اليوم هي العصب النابض والمسير لحياتنا لكنها سلاح ذو حدين

الدكتورة بشاير الصانع لـ"هي": السوشيال ميديا اليوم هي العصب النابض والمسير لحياتنا لكنها سلاح ذو حدين

30 مايو 2022

حوار: "سڤانا البدري"  Savanah Al Badri

تصوير: "مارك براون"  Mark Brown

تحمل الدكتورة بشاير الصانع دكتوراه في علم الاتصال والإعلام الرقمي بجامعة الكويت، وهي مستشارة ومدربة في التطوير الذاتي والإعلامي والتسويقي. وكانت من الطلبة المتفوقين علميا على مستوى الكويت، وقررت خوض عالم الإعلام الذي شكل نقلة نوعية في حياتها، وفضلته على دراسة الطب وهندسة الطيران. مجلةهيالتقتها في لندن لتحدثنا عن الصراع الدائر بين الآلية الإعلامية المكتوبة والرقمية، ولمن سترجح كفة البقاء؟ وهل سنشهد يوما اختفاء الإعلام المكتوب؟

وأيضا ستشاركنا رأيها في جيل الإعلام اليوم المسمى إعلام السوشيال ميديا؟ وهل هو إعلام هواة أم محترف؟ هل هو إعلام تقليدي أم يواكب العصر التفاعلي؟

الدكتورة بشاير الصانع لمجلة "هي": زمن المنع انتهى، ولكن يبقى عنصرا الرقابة والوعي أهم عوامل الاستفادة مما يقدم في ظل تخمة المعلومات في زمن الإعلام الرقمي

الدكتورة بشاير الصانع لمجلة "هي": زمن المنع انتهى، ولكن يبقى عنصرا الرقابة والوعي أهم عوامل الاستفادة مما يقدم في ظل تخمة المعلومات في زمن الإعلام الرقمي

 

بداية أخبرينا عن علم الاتصال، ما هو؟

هو علم يختص في دراسة وتحليل كل أشكال التواصل الإنساني، سواء الاتصال الذاتي أو الشخصي أو الجماهيري أو المؤسساتي.

 

الإعلام الرقمي اليوم، هو العصب النابض والمُسيّر لحياتنا، لكنه سلاح ذو حدين في الوقت ذاته، فكيف نوظفه إيجابيا دون إدمانه؟

تكمن الصعوبة، في وجود خوارزميات تحفز العقل البشري على إدمان الاستخدام عن طريق الاستثارة المستمرة والإشعارات والتفاعلية وفورية التعاطي وغيرها، لذلك يجب على الفرد أن يضبط أوقات الاستخدام، ويكون ملتزما بوعي ويحفظ وقته وطاقته وسلامه الداخلي بعيدا عما يقدمه الإعلام الرقمي من وهم التجربة وزيف المشاعر.

 

كيف تجدين حرية الإعلام الحديث اليوم؟ وهل نجح في تقديم الصورة المثلى وتحقيق الهدف؟

المنابر الحرة أصبحت اليوم متاحة للجميع، وسوق الأفكار الحرة يُطرح فيها الجيد والرديء، ويقع على المتلقي عبء تنقيح وفلترة ما يقدم له. زمن المنع انتهى، ولكن يبقى عنصرا الرقابة والوعي أهم عوامل الاستفادة مما يقدم في ظل تخمة المعلومات في زمن الإعلام الرقمي

 

ما أهم المشكلات التي تواجهها منظومة الإعلام في التعامل مع الحسابات الوهمية والإعلام المأجور؟

تمرير وترسيخ رسائل مباشرة، وأحيانا مبطنة تشعل الفتن، وتبث ثقافة الإحباط، وترسخ الفساد أسلوب حياة، وتعزز تدني الذوق العام وثقافة التسطيح والتفاهة والبذاءة معيارا للتعامل. إضافة إلى إحداث حالة فوضى فكرية وكلامية وأخلاقية وثقافية تسود المجتمع، وتؤثر في تشكيل وتوجيه الرأي العام

 

كيف تجدين استعداد الحكومات والمؤسسات للتعامل والتكيف مع التحول الرقمي الجديد؟

الكثير من الحكومات والمؤسسات الإعلامية اضطرت للتحول الرقمي شبه الكامل بسبب ظروف الجائحة. وهنا برزت أهمية هذا المجال، وضرورة تعزيزه بشكل مستمر لمواكبة الأحداث الطارئة، واستيعاب دخول العالم في حقبة تكنولوجية يجب الاعتراف بأهميتها وذكاء التحضير المسبق لها 

 

ما أهمية الرؤية الإعلامية في بناء وازدهار الدول؟

الرؤى الإعلامية تحدد لنا المسار المطلوب فيما يتعلق ببناء العلامة الوطنية، والحفاظ على سمعة الدولة داخليا وخارجيا، وتعزيز النواحي المجتمعية والاقتصادية التي تخدم المصالح العليا والمواطن. كما تسمح لنا بعمل خطط إعلامية ذكية ومتكاملة، في حالات الرخاء والطوارئ لتفعيل الاستجابة المناسبة، ومواجهة الحرب الإعلامية الناعمة وبناء ترسانة إعلامية تخدم الأهداف، إضافة إلى تفعيل القيادة بالقوة الناعمة والريادة العالمية.

 

من دراسة الطب وهندسة الطيران الى علم الاتصال والإعلام والتسويق.. حدثينا عن هذه النقلة النوعية بين هذه المجالات؟ وهل وجدت ذاتك في تخصصاتك الحالية؟

كنت منذ الصغر من المتفوقين علميا على مستوى الكويت، وبسبب الضغط المجتمعي السائد على المتفوق، وخاصة في مجال العلوم، فقد كانت الخيارات المتاحة هي الطب والهندسةوهي أمور أتميز وأتفوق فيها، لكنني لا أجد نفسي فيها بتاتا، وفي سنّ صغيرة حاولت مسايرة الضغوط العائلية والمجتمعية، لكن ذكائي العاطفي أنقذني، بضرورة اتباع شغفي، وهذا ما فعلت، وأنا اليوم ممتنة لهذه النقلة الشجاعة التي سمحت لي بأن أكون في هذه المجالات الحيوية التي أهواها، وتميزت فيها كذلك.

 

ما رأيك في جيل الإعلام اليوم المسمى إعلام السوشيال ميديا؟ وهل هو إعلام هواة أم محترف؟ وهل هو إعلام تقليدي أم يواكب العصر التفاعلي؟

بكل تأكيد هو نوع جديد من الإعلام، كما كان الحال من قبل مع ظهور الراديو والتلفاز وغيرهما.. الفارق هو انعدام مركزية الإنتاج الإعلامي، بحيث أصبح الجميع منتجا وصانعا للمحتوى، وليس فقط مستهلكا يتلقى المعلومة، بل أصبح هنا كحلقة مستمرة من التفاعلية يتغير معها المحتوى الإعلامي لحظيا، وما نراه من تفعيل للذكاء الاصطناعي في هذا المجال يزيد من أهمية وخطورة الإعلام الرقمي في حياتنا حاليا ومستقبلا.

 

ما شكل إعلام المستقبل؟

ذكي وتفاعلي لأقصى الحدود، بحيث يكون متغيرا لحظيا حسب مزاجك ونظراتك ومؤشراتك البيولوجية، واختياراتك المسبقة. وكلمات البحث التي تستخدمها والأغاني التي تستمع لها والمنتجات التي تتفحصها، حتى لو لم تشترها، وغيرها من القراءة الذكية لتفضيلاتنا، بحيث يتغير المحتوى المقدم لك لحظيا بناء على ما سبق.

  

الصراع الدائر بين الآلية الإعلامية المكتوبة والرقمية لمن سترجح كفة البقاء؟ وهل سنشهد يوما اختفاء الإعلام المكتوب؟

الإعلام المكتوب بدأ يأخذ مسار التجربة ونمط الحياة الذي نستمتع به مع فنجان القهوة، كما هو الحال مع ساعة المعصم، فنحن لم نعد نحتاجها لمعرفة الوقت، لكنها تبقى إكسسوارا يكمل تجربتنا الشخصية.

 

وسائل الإعلام الاجتماعي الجديد أو ما يسمى بالسوشيال ميديا، ما الهدف من رسالتها الإعلامية؟ وهل هدفها التواصل البحت أم هدفها الترويج الإعلامي؟

كان الهدف هو التواصل والتطور، ليضم تقديم الخبر وإنتاج المحتوى والتعارف والتسويق والبروباغندا وغيرها من الأمور. واللافت هو أنها توفر التواصل لنا، لكن في مقابله تحرمنا التواصل الشخصي والتفاعل الإنساني.

 

ومن الاتصال إلى التواصل، تصفين الاتصال مع ذواتنا بأنه الأساس؟ برأيك ما أهمية هذا التواصل؟

علم الاتصال يشمل الاتصال الذاتي، والذي يسمح لنا بفهم وتحليل كيفية تواصلنا مع ذواتنا بأفضل الطرق، وسبل تطويرها، بما في ذلك صقل الشخصية، وتحديد الأهداف، وتقديم الذات للآخرين والثقة بالنفس، والذكاء العاطفي، وغيرها من الأمور التي تحكم علاقاتنا بذواتنا والآخرين، سواء في إطار شخصي أو مهني.

 

ما التحديات التي واجهتك بصفتك امرأة في مجال الإعلام؟

بصفتي أكاديمية لم يكن اختياري هذا المجال تحديا، باستثناء كونه مجالا مشاعا يستهين به الكثيرون، وكما ذكرت لكوني من المتفوقين علميا، فقد رأى الكثيرون من الأقرباء أنني أستحق دخول مجال أهم، جهلا منهم بخطورة الإعلام وتأثيره في حياتنا، كما نرى اليوم جليا، وربما واجهت الكثير من السيدات صعوبات من نوع آخر لكون العمل الإعلامي المهني يفتقر للعنصر النسائي، وخاصة في ظل البيئة المحافظة التي نعيش بها. لكن مع سيادة هذا المجال واختراقه لجميع الحواجز المجتمعية، وإثبات المرأة لدورها الحيوي والفاضل في هذا المجال أصبح الأمر أسهل كثيرا

 

هل حققت المرأة اليوم طموحاتها وأثبتت دورها الريادي عربيا وعالميا؟

تاريخ قمع المرأة مجتمعيا طويل وحافل، لذلك أعتقد أن الصعوبات الناتجة عن البرمجة المجتمعية قدمت تحديات جمة ما زالت المرأة تحاول اجتيازها حتى في أكثر دول العالم تطورا.

 

هل حققت الدكتورة بشاير الصانع رسالتها في مجالها؟

رسالتي تتطور وتتوسع بتوسع الخبرة والعلم وتطور الأهداف على المستويين الشخصي والمهني، فمجالي يتعلق بمواضيع إنسانية تمس بشكل مباشر التطوير المستمر للذات وللعلاقات مع الآخرين ومع الجماهير على اختلافهم وفي بيئات العمل. لذلك أنا أتطور وأطوّر رسالتي باستمرار، وهذا ما أقدمه من خلال الاستشارات والدورات التدريبية